موقف الحزب الاشتراكى المصرى من الانتخابات الرئاسية عام 2018


محمد حسن خليل
الحوار المتمدن - العدد: 5803 - 2018 / 3 / 2 - 16:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

بناء على ما أثير خلال المناقشة حول موضوع الانتخابات الرئاسية فى مصر من تساؤل عدد كبير من المساهمين فى الحوار بشأن موقف الحزب الاشتراكى من الانتخابات الرئاسية، حتى لقد اتهمنى أحد المساهمين بالتقية (!) أبادر هنا بإعادة نشر نص بيانى الحزب الذين صدرا عنه بشأن تلك الانتخابات
البيان الأول
انتخابات الرئاسة ومستقبل مصر
تواجه مصر فى هذه الفترة تحديات وجودية أربعة تحدد مستقبلها:
• التحدى الأول هو خضوعها فى الفترة الأخيرة بالكامل لتوصيات صندوق النقد الدولى وتبعيتها لسياسات الليبرالية الجديدة المتوحشة وقيادات العالم الرأسمالى بالذات فى الولايات المتحدة الأمريكية بالذات فيما يخص الخصخصة وتخفيض سعرالصرف، وانحيازها المطلق إلى مصلحة الأغنياء والمستثمرين المصريين والعرب والأجانب وضد فقرائه مما نتج عنه زيادة الأغنياء غنى وزيادة الفقراء فقرا وتوحش الغلاء واستحالة معيشة أغلبية الجماهير وفقراء هذا الوطن.
• التحدى الثانى هو المؤامرة الإرهابية التى أداتها هو الإسلام المتطرف الذى يلقى الدعم الخفى من الولايات المتحدة الأمريكية لمنع هزيمته الساحقة فى المنطقة، والإخوان المسلمين الذين لا يقلون عنه فى الإرهاب والعداء للوطن رغم بعض الاختلافات فى الأساليب والذين يرتكنون إلى كل من قطر وتركيا. ورغم كسر شوكتهم بشدة منذ ثورة 30 يونيو وما تلاها من حرب عنيفة ضد الإرهاب إلا أن خطرهم مازال قائما، ويزداد هذه الفترة بعد هزيمتهم فى سوريا والعراق واتجاههم إلى ليبيا ومصر غير أفريقيا وجنوب شرق آسيا، وما زالت المعركة ضدهم عنيفة وترتكز حتى الأن إلى أجهزة الأمن وحدها –رغم بسالتها وشهدائها- ولم تتسع لتشمل تعبئة شعبنا المصرى بكامل قواه.
• التحدى الثالث هو التضييق المتزايد على الديمقراطية فى مصر واستعادة كامل أركان دولة مبارك فى سياساتها الاستبدادية كما فى سياساتها الاقتصادية، بل تتفوق عليها فى كل من سياسات التضييق على الحريات وسياسات الليبرالية الجديدة التى تزيد الفقراء فقرا كما تزيد الأغنياء غنى.
• التحدى الرابع هو المخططات الاستعمارية فى المنطقة التى تُجَمِّل كل من إسرائيل والولايات المتحدة بينما تشيطن إيران وتحاول جر المنطقة إلى حرب مقدسة ضد إيران "الشيعية" وحزب الله (القوة الجماهيرية الوحيدة التى هزمت إسرائيل مرتين)، وبمشاركة إسرائيل والغرب، والتى تتحمس لها دول عربية بشدة بينما لا يتم فضحها ومواجهتها بالشكل الواجب من باقى الدول.
وتحتاج مصر إلى برنامج وطنى لمواجهة تلك السياسات يرتكز على:
1. الدفاع عن حق جماهير شعبنا فى الحياه والعدالة الاجتماعية، بتحميل الأزمة الاقتصادية للطبقات القادرة من خلال ضرائب تصاعدية تصل على الأقل لما كانت عليه قبل عام 2005، وتغيير خريطة توزيع الدخل الفاسدة، وتحديد حد أدنى للأجور يسمح بحياة كريمة ويشمل كل القطاعات بما فيها الخاص، وحد أقصى للأجور فى الحكومة والقطاع العام وقطاع الأعمال العام لا يتجاوز عشرين ضعفا للحد الأدنى، ورفض الخصخصة بكافة أشكالها من بيع وطرح أسهم فى البورصة، والتبعية لسياسات الليبرالية الجديدة الخاصة بمؤسسات التمويل الدولية وعلى رأسها صندوق النقد الدولى، وإنصاف الفقراء بحد أدنى لائق للأجور ينطبق على القطاع الحكومى والخاص، وتعليم وصحة فى متناولهم وخدمات لائقة.
2. برنامج للتنمية يرتكز إلى التنمية الاقتصادية ومحورها الزراعة والصناعة، والتنمية البشرية وفى القلب منها سياسات عادلة لتوفير التعليم والصحة للشعب بنوعية جيدة وفى متناوله، وتنمية مستدامة لا تعتمد على الموارد الريعية وعلى المراهنة على الاستثمارات الأجنبية والخاصة وحدها بل تعتمد أساسا على تعبئة مواردنا من أجل التنمية.
3. توسيع الحريات الديمقراطية كما جاء بالدستور، وإطلاق حرية الأحزاب بدلا من الحديث عن تقييدها ودمجها، وتطبيق حرية الاجتماع والإضراب والتظاهر السلميين كما جاء بالدستور، وتطبيق الحرية النقابية والحزبية والأهلية بالإخطار ودون قيود كما جاء بالدستور والاتفاقيات الدولية التى وقعت عليها مصر
4. رفض كل سياسات الأحلاف فى المنطقة مثل الحلف الصهيو-أمريكى الرجعى العربى بقيادة السعودية ضد إيران وفى إطاره ما يسمى بالحلف الإسلامى بقيادة السعودية.
5. مقاومة شعبية واسعة للإرهاب ورفض كل ما يساهم فى نشر أساسيات الفكر التكفيرى، وحل الأحزاب القائمة على أساس دينى وكل مشاكل مناهج التعليم الأزهرى التى تفتح أبوابا تعد أساسا للفكر التكفيرىّ، ورفض التصالح مع الإخوان المسلمين والدعوة لتنفيذ الأحكام الواجبة النفاذ ضدهم. وكذلك التصدى للبيئة الحاضنة للإرهاب بالعدالة الاجتماعية ونشر الفكر التنويرى الحر وتعبئة قوى الشعب ديمقراطيا ضد الإرهاب.
ولأن معركة الانتخابات الرئاسية تأتى فى هذا السياق فإن موقفنا من تأييد مرشح لانتخابات الرئاسة لابد وأن تأتى فى هذا السياق، وبالتالى سيقرر الحزب الاشتراكى تدعيمه لمرشح على أساس وجود مرشح يتبنى هذا البرنامج.
الحزب الإشتراكي المصري
القاهرة في 9 يناير 2017
البيان الثانى:
نرفض انتخابات الرئاسة ونقاطع إجراءاتها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تمثل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، فى كل الدول المتحضرة، عُرساً للديمقراطية والمشاركة الشعبية، حيث يتبارى الجميع، فى ظل نظام من الشفافية والنزاهة، لدفع الأحزاب والأشخاص، الذين يُقدمون رؤية مقنعة وبرامجَ واضحة لتحقق التغيير والتقدم المنشودين، إلى مراتب الصدارة ومراكز القيادة، وحتى يصل إلى مواقع المسئولية فى الدولة، الأجدر والأنسب!.
وفى مصر، تأتى الانتخابات الرئاسية الراهنة، فى ظل ظروف بالغة الحرج والتعقيد، فمن ناحية تئن الأغلبية الغالبة من أبناء شعبنا، تحت وطأة غلاءٍ قاسٍ لا يرحم، تضاعفت وتيرته فى أعقاب "تعويم "الجنيه، والاستجابة لشروط "صندوق النقد الدولى"، التى فرضت رفعاً جنونياً لأسعار جميع السلع والخدمات والطاقة والصحة والتعليم، فيما أعفت الطبقات والفئات الغنية و"المحظوظة" من تحمل أى نصيب فى تكاليف ما أسموه بـ "الإصلاح الاقتصادى"، فتفاقمت معاناة عشرات الملايين، ووصلت التفاوتات الاجتماعية والطبقية إلى مستويات بالغة الخطورة، تُنذر بأسوأ العواقب، فضلاً عن المخاطر التى تبدت جرّاء هذا النهج من إدارة الشأن العام، ونموذجٌ لها أزمة جزيرتى "تيران وصنافير"، والتخبط فى إدارة ملف "سد النهضة"، وما يترتب عليهما من تهديدات عميقة لمستقبل وأمن البلاد!.
وكان طبيعياً، مع هذه الخيارات، والتى عكست انحيازات ثابتة لا تردد فيها، ضد مصالح عشرات الملايين من الفقراء ومحدودى الدخل وشرائح من الطبقة الوسطى والمنتجين، فى بلادنا، أن تحيط الطبقة الحاكمة، إجراءاتها الاقتصادية المعادية، بسياجٍ من التضييق المستمر يُحاصر المجال العام، ويُشدد الخناق على حريات العمل السياسى والنقابى، وعلى كافة أشكال الحركة الجماهيرية، أو الحركة السياسية وسط المجتمع والناس، وعلى حقوق التعبير والتنظيم السلميين، ويشن حملةً مستمرةً، لاهوادة فيها، بواسطة إعلام واقع بالكامل "تحت السيطرة"، لتشويه كل أصحاب الفكر والمواقف المخالفة، الأمر الذى ضاعف من هشاشة الوضع، فى ظل شعار "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ضد الإرهاب"، وهو قولة حق يراد بها باطل، لا تُميز، التمييز الواجب، بين النشاط الإرهابى المعادى، وبين النشاط السياسى السلمى، لأحزاب وقوى وشخصيات وطنية، وقفت ضد حكم "الإخوان"، ورفضت العنف والتكفير والتخريب، ونشاطها ضرورى لحشد المجتمع وتنظيم صفوفه، وللاصطفاف بجانب الدولة ضد محاولات تقويض استقرارها، بواسطة قوى إرهابية وعميلة، بعضها، رغم أنف الدستور، يسمح النظام بتمثيلها (الشرعى) فى البرلمان!.
وكان طبيعياً، والحال على ما أشرنا إليه، وبعد أن تم تفريغ العمل العام من أصوله، وحصار وإضعاف كافة مكوناته الأساسية، من أحزاب وهيئات مجتمع مدنى، ونقابات، واتحادات طُلابية وفلاحية، ودور للمثقفين والمفكرين، ... إلخ، أن تأتى لحظة الاستحقاقات الرئاسية، والوضع على ماهو عليه من عبثية وتخبط ، وبما يُسيئ إلى مصر بمكانتها وتاريخها، وإلى موقع الرئاسة السامى، برفعته ومقامه، حيث تحولت القضية من البحث عن أفضل السبل لتوسيع مجال المشاركة الشعبية الفاعلة فى هذه اللحظة الفارقة، إلى إراقة وجه النظام السياسى المصرى برمَّته، من إجل إيجاد "مُحللٍ" أو "كومبارس"، يُنقذ الانتخابات، والوضع، من صورتهما المهينة الحاضرة!.
وتأسيساً على كل ماتقدم، وأشرنا إليه باختصار، يرى"الحزب الاشتراكى المصرى" أن الظروف غير مهيأة للمشاركة فى مباراة انتخابية حقيقية، تأتى بالأصلح والأنسب إلى موقع الرئاسة، أياً كان اسمه وموقعه، ولذا فهو يقاطع إجراءاتها، ويرفض أن يكون طرفاً فيها، بعد أن تحول الأمر، بفعل فاعل، ووفق سياسات حمقاء وممنهجة، من عملية انتخابية، إلى استفتاء على مرشح واحد، ومن حثٍ للجماهير على المشاركة الإيجابية فى اختيار مصيرها، إلى تسول أصواتها، حتى لاينكشف انفضاضها من حول صندوق الانتخابات، فى عودة غير حميدة لتقاليد وصور من "التفويض"، عزلت الجماهير والقوى الاجتماعية والمنظمات السياسية والشعبية عن أداء دورها المفترض، وقادت البلاد، مراراً، من مأزقٍ إلى كارثة!.
القاهرة فى: الأربعاء 31 يناير 2016