إيران والشرق الأوسط الحديث الخاتمة


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 5788 - 2018 / 2 / 15 - 18:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

ورقاتي السابقة من أجل تغيير الإنسان والعالم كتبتها بحسب فيورباخ وكيف يرى في الدفة الثانية من قوله: "لقد اكتفى الفلاسفة بتفسير العالم بشتى الطرق غير ان الأهم هو العمل على تغييره".

أكثر ما تنطبق الدفة الأولى من قول فيورباخ على المحللين السياسيين الذين هم كمن يطحن الماء، فيخدمون غالبًا من حيث لا يشاؤون أطراف اللعبة السياسية، ويجعلون من أنفسهم أقلامًا دون مقابل.

في المسألة الشرق الأوسطية لم أتراجع قيد أنملة، وهم تراجعوا أميالاً، وفي المسألة الإيرانية لم أتخل عن الجوهري لا بقليل ولا بكثير، وهم تخلوا عن الجوهري وغبر الجوهري، فالقليل لديهم في الكثير لا يَجْمَع.

الإنهاء لديهم أسهل حل، وفي المسألة الشرق الأوسطية أسهل حل هو الإنهاء على النظامين الإيراني والسعودي، يقولون إنهاء، ولا يقولون كيف الإنهاء، بينما العمل مع شيوعيي الدين ثوري، في السياق الذي رسمته، والعمل مع دراكولات الدين كارثي، في نفس السياق الذي رسمته، فيكون التقدم مع الإيرانيين، ويكون التقهقر مع السعوديين. هذا لا يعني أنني مع الإنهاء على هؤلاء الأخيرين، كل ما أريده تبديل النظام الوهابي بنظام علماني، تلعب فيه الأسرة المالكة دور الضامن للدستور وللحريات دور الحامي.

لكل فعل ثوري أداة ثورية، قوس قزح، نبهت إليها الحكام الإيرانيين، لينبهوا الرأي العام، بعد أن غرر المحللون السياسيون بالرأي العام، في حديثِ معظمِهِم، عن إيران "بعبعًا"، أو في تدبيج بعضهم –وهم الحمقى منهم الذين لا يرون الأشياء، كما تنطق الأشياء، بمستقبل زاهر لكل الأطراف، إسرائيل أولها- أو في تدبيج بعضِهِم إذن بعضَ أوراقٍ عما يدعونه "مقاومة"، مفردة آه! ما أسهلها، بينما المقاومة، كما أرى، مفردة آه! ما أصعبها، تتجسد في العواصم الخمس الفذة، في التحديث، وفي مؤسسة التحديث.

أمريكا (والغرب) تمثل لديهم الإمبريالية، كمفردة ميتافيزيقية عابرة للقارات والعصور، وبأقلامهم يحولونها إلى أداة لقمعنا وتيئيسنا وحرماننا من الدور الوجودي الذي نريد أن نلعبه في بناء الشرق الأوسط وأمريكا (والغرب) والعالم. أمريكا (والغرب) لديهم عدوة، ولدي شريكة، بل وأكثر، أمريكا لدي فضاء حضاري نذوب فيه، تكنولوجيا، ومال، وصناعة، وزراعة، وثقافة. الناحية الإنسانية، هي هذه التي لأمريكا، لا الناحية الإمبريالية، وهي –أي الناحية الإنسانية- من أعظم النواحي وأبسطها في الديمقراطية الجديدة، كما أرى في ورقتي عنها. وبهذا الخصوص، أنا لا أقصي روسيا، وغير روسيا، أنا لا أقصي أحدًا، لا ولا حتى الهنود، اعتمادًا مني على استراتيجية مواقع الاستثمار لا استراتيجية مواقع النفوذ.

أخيرًا،

ليعبر الأشقاء عن سلامة نواياهم، وعما ينوونه لشعوب الشرق الأوسط من خير، فهم في أعين هذه الشعوب "مطبوعون على الشر"، أقترح عليهم ترجمة هذا الملف الإيراني إلى الفارسية، فيقومون ببادرة جميلة، تعبر عن أصالتهم، ويكون ملفي الثمين بمثابة أداة عمل وتنوير للإيرانيين، بل وأكثر، يكون بمثابة عقد حضاري بين إيران والمنطقة والعالم.