في ذكرى تأسيس حزب الشعب الفلسطيني المراجعة النقدية المطلوبة


محسن ابو رمضان
الحوار المتمدن - العدد: 5785 - 2018 / 2 / 12 - 16:16
المحور: القضية الفلسطينية     

تمر في هذه الأيام الذكرى 36 لإعادة تأسيس حزب الشعب الفلسطيني ،وتعتبر مناسبة تأسيس وانطلاقة الأحزاب والفصائل محطة مهمة على طريق المراجعة والتقييم بهدف استخلاص النتائج والدروس والعبر والوقوف على الفجوات والثغرات بهدف ترميمها وتعزيز الايجابيات والانجازات من اجل تطويرها .
لقد تميز الحزب بعلاقته الوثيقة مع الجماهير وانتشاره بين العمال والمزارعين والطلبة والنساء والشباب والمثقفين في ظل إيمانه بالعمل الجماهيري ، وبأهمية تأطير وتنظيم هذه الجماهير بفئاتها الاجتماعية المختلفة بوصفها أداة التعبير والتغير والقادرة على النهوض بالحراك الشعبي لمواجهة التحديات المفروضة من قبل الاحتلال .
كان للحزب في سبعينات وثمانينات القرن الماضي حضوراً متميزاً على المستوى النقابي والجماهيري وقد انعكس ذلك في نتائج الانتخابات التي كانت تتم بالنقابات والمؤسسات والجامعات والهيئات المختلفة والتي كانت تفرز تمثيلاً واضحاً للحزب .
جاءت الانتفاضة الشعبية الكبرى لتتطابق مع برنامج الحزب من حيث المشاركة الشعبية الواسعة بالانتفاضة وبعدها الديمقراطي الواسع ومضمونها التحرري الرامي للتخلص من الاحتلال وتحقيق أهداف شعبنا بالحرية والاستقلال ، لذلك كان طبيعياً ان يكون دور الحزب متميزاً في هذه الانتفاضة التي أعادت الاعتبار للقضية الوطنية لشعبنا وساهمت في استنهاض هويته الوطنية الجامعة والتي توجت بوثيقة الاستقلال الصادرة عن دورة المجلس الوطني الذي عقد بالجزائر في 15/11/1988 .
كانت وثيقة الاستقلال تعكس المضمون التحرري والعمق الديمقراطي للنضال الوطني الفلسطيني والتي كانت تنسجم تماماً مع الرؤية السياسية للحزب المستندة للواقعية السياسية وبالارتكاز إلى الشرعية الدولية والقانون الدولي الانساني .
جرت تحولات على مسيرة الحزب ساهمت باضعافه وتراجع نفوذه وحضوره السياسي والمجتمعي وإذا كان انهيار الاتحاد السوفيتي وتفككه احد اهم العوامل التي عملت على اضعاف مسيرة الحركة التقدمية العالمية وقد انعكس ذلك على الحالة العربية والفلسطينية فإن هناك عوامل ذاتية ساهمت هي الاخرى بتراجع هذا الدور .
وبالوقت الذي اعتبر به دخول الحزب للجنة التنفيذية للمنظمة والاعتراف به فصيلاً من فصائلها خطوة ايجابية تثميناً لدوره وتقديراً لتضحياته ومسيرته ، فإنه في نفس الوقت لم يتم الانتباه إلى حالة التماهي مع الشريحة القيادية المتنفذة للمنظمة ، بحيث عمل هذا على ازاحة الدور المعارض الذي كان يتميز به الحزب في سبعينات وثمانينات القرن الماضي ، حيث تراجعت الأصوات والأدوار المعارضة التي كان يعرضها الحزب على المجتمع الفلسطيني بهدف تصويب المسار وتصحيح المسيرة .
من جهةٍ أخرى فإن عدم اتخاذ الحزب لموقف واضح المعالم بمعارضة اتفاق أوسلو فقد عمل هذا الاعتبار على تعزيز حالة التراجع بالدور النقدي والمعارض وصولاً للمشاركة ببنية السلطة الأمر الذي جعل الحزب جزءً من التركيبة الإدارية لها ، وبما يترتب على ذلك تحمله جزءً من هذه المسؤولية حتى لو كان بسيطاً بما يتعلق بسوء الأداء الإداري والمالي لها.
استمر الحزب في تراجعه منذ المشاركة بالسلطة حتى الآن ، حيث غابت الرؤية النقدية على المستويات السياسية والحقوقية والاجتماعية والتنموية ، الأمر الذي افقد الحزب احد مبرراته بوصفه معبراً عن مصالح وتطلعات المضطهدين والمهمشين والضعفاء والفقراء .
إن نظرة سريعة على واقع الحزب راهناً كما تعكسها استطلاعات الرأي ونتائج تواجده بالمؤسسات والنقابات والجامعات والبلديات والهيئات المختلفة نجد ان وضعه لا يستقيم مع المسيرة الكفاحية الطويلة التي قدمها منذ بداية القرن الماضي إلى الآن والتي كانت حافلة بالتضحية والعطاء والمثابرة بحكم التصاقه الكامل بالجماهير وتعبيره المستمر عن مصالحهم وتطلعاتهم .
في ذكرى التأسيس بات مطلوباً إجراء هذه المراجعة التقيمية والنقدية الجادة من اجل إعادة الاعتبار للحزب حتى يتمكن من تبوء موقعه الطبيعي والطليعي بالحركة الوطنية الفلسطينية .
انتهى