إلى أين يسير النظام السياسي الطائفي الفاشل والكارثي؟


كاظم حبيب
الحوار المتمدن - العدد: 5773 - 2018 / 1 / 31 - 11:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

مرَّ ما يقرب من عقد ونصف العقد على تسليم قوى الاحتلال الأجنبي حكم العراق بأيدي القوى والأحزاب الإسلامية السياسة الطائفية بهدف إشاعة الصراع الطائفي والديني وعدم الاستقرار بالبلاد. وهذا ما حدث فعلاً لخدمة أهداف الولايات المتحدة بالمنطقة، التي استفادت منها إيران أولاً وقبل كل الآخرين. وكانت أعوام الحكم السياسي الطائفي والمحاصصة الطائفية وما تزال مليئة بالصراعات والمرارات والفساد والإرهاب، أعوام عجاف جلبت معها الموت والخراب والدمار وتعميق التمزق الذي أحدثه نظام الخيانة والعنصرية والحروب، نظام البعث وصدام حسين، أعوام سيادة الهويات الفرعية القاتلة وطرد وسحق سحق هوية المواطنة العراقية المشتركة والموحدة والمتساوية، أعوام تميزت بالنهب والسلب لأموال الشعب والنفط الخام من جانب حكامه وأعوانهم الذين يدعون دوماً الإسلام دينهم، ولكن الشعب نادى بصوت عالٍ ومسموع في جميع ارجاء العالم "باسم الدين باكونة الحرامية"، :وباسم الله هتكونة الشلاتية"!! وواحد من أبرز هؤلاء الحكام الذين مرغوا كرامة الوطن والمواطن بالتراب، إذ حقق معجزة عندما تحدث صادقاً وبصراحة تامة ولأول مرة في كل حياته السياسية حين قال، في مقابلة تلفزيونية نقلت على الهواء مباشرة بعد إزاحته عنوة من رئاسة السلطة التنفيذية في صيف عام 2014 وبعد اجتياح الموصل/ ما يلي:
"وفي الحقيقة، المتصدين من السياسيين، والشعب يعلم، وأنا أعتقد، بإن كل الطبقة السياسية، وأنا منهم، ينبغي ألاّ يكون لها دور في رسم خريطة العملية السياسية في العراق.. لأنهم فشلوا فشلاً ذريعاً، [وأنت منهم سأل الصحفي]، نعم، وأنا منهم، ينبغي أن يبرز جيل آخر بخلفية الوعي لما حصل وبخلفية الأخطاء التي ارتكبوها...". ولكن هل ابتعد هذا الرجل عن السياسة وترك الحياة السياسية لجيل آخر لرسم خارطة لعملية سياسية جديدة، أم ما يزال يعمل بكل السبل المشروعة وغير المشروعة من أجل تكريس الطائفية السياسية في الحكم وتكريس وجود ودور المليشيات الطائفية المسلحة في التا-ثير المباشر على مجرى الانتخابات القادمة. لم يتحدث نوري الملكي في تلك المقابلة عن أخطاءه الفعلية، عن ذلك الخطأ البشع مثلاً حين صرخ بشراسة في مدينة كربلاء بـ "أن الذين قتلوا الحسين ما زالوا موجودين ولم ينتهوا بعد، المعركة لا زالت مستمرة بين أنصار الحسين وأنصار يزيد، ..." وكان القصد من ذلك نشر المزيد من الكراهية والعداء لأهل السنة، الذين لا دخل لهم بقتل الحسين قبل أكثر 1400 سنة، ولكنه يريد أن يوحي للشيعة بذلك! وقد برهن في هذه الخطبة الرعناء عن طائفيته اللعينة بامتياز، وكان وراء الكثير والكثير من الكوارث التي حلت بالعراق خلال هذه الأعوام، وما حصل من قتل ودمار وفساد وإرهاب بالبلاد. فهل يمكن أن ينسى الشعب العراقي هذا الرجل الذي بث الفرقة والعداء في صفوف الشعب العراقي وساعد على تكريس النفوذ الأجنبي الإيراني بالبلاد في فترة حكمه وحتى الآن، والذي تم في فترة حكمه أيضاً وبسبب سياساته الجهنمية المريضة احتلال مدنية الموصل التي استبيحت، وكذلك استباحة بقية مناطق محافظة نينوى ومناطق أخرى من العراق من قبل عصابات داعش المجرمة. لا يمكن أن تكون ذاكرة الشعب العراقي هكذا قصيرة بحيث ينسى كل ما حصل له، ويسمح لهذا المستبد بأمره، ومعه طبقته السياسية الرثة، أن تُنتخب ثانية لتجلس على مقاعد مجلس النواب وتحكم البلاد بذات السياسات التي دمرت العراق وتسببت باستشهاد مئات الآلاف من أبناء وبنات الشعب العراقي، واستباحة وسبي واعتصاب النساء والأطفال وبيعهم في سوق النخاسة الإسلامي، باعتبارهم سبايا حرب ضد الكفار!!! لقد استفادت من وجود هذا الحاكم وعموم النظام الطائفي حيتان كثيرة اعتنت على حساب الشعب وموارده وكرستهم خلال الفترة المنصرمة بالحكم، وهو يعمل على استمرار وجودهم، ولهذا انبرى أحدهم وأكثرهم إمعةً ليقول للعراقيات والعراقيين في لقاء تلفزيوني إن مات فرعونهم "فسيستنسخونه ثانية، وبالنص "اذا مات المالكي نستنسخ خلاياه ونأتي بمالكي اخر يلاحقكم ..."، باستخدام نفس الطريقة التي تم فيها استنساخ النعجة دوللي في العام 1996، واستنساخ الصين لقردين لأول مرة في العالم في العام 2017/2018!!
كم أتمنى على أبناء وبنات العراق من كل القوميات أن يتذكروا دوماً قادة الأحزاب السياسية الإسلامية الطائفية التي مرغت كرامة الإنسان العراقي بالتراب وأفقرته بفسادها ونهبها، وقتل بناته وأبناءه بسياساتها الطائفية المقيتة والتي سمحت بالقتل على الهوية...الخ. كم أتمنى أن يستعيد الشعب العراقي روحه الثورية الطاهرة التي رفضت الحكام الأوباش وتصدت لهم عبر تاريخ العراق الطويل، فروحه النقدية ورفضه للضيم والظلم لا بد لها أن تتجدد وترفض الأوضاع المزرية الراهنة ومن تسبب بها ومن يحاول إدامتها. فالقوى الطائفية الحاكمة ما تزال تريد أن تجعل من الانتخابات القادمة مجالاً لعودة الوجوه الكالحة أو المماثلة إلى مجلس النواب مرة أخرى لتماس ذات السياسات الكريهة، من خلال طريقة احتساب الأصوات وعدم حيادية مفوضية الانتخابات القائمة على المحاصصة الطائفية، وامتلاك الأموال والحكم والدعاية الدينية ودعم دول الجوار للأحزاب والعناصر الطائفية المريضة فكرياً وسياساً واجتماعياً. فهل سيخذلهم الشعب العراقي، هذا ما يرجوه ويسعى إليه الناس الشرفاء بالعراق، هذا ما يسع إليه المدنيون والديمقراطيون والعلمانيون الأوفياء لفصل الدين عن الدولة والسياسة، والفصل بين السلطات الثلاث واستقلال القضاء والإعلام الرسمي، ورفض القوانين الجائرة بما في ذلك محاولة فرض قانون الأحوال الشخصية الجعفري الذي يريد اغتصاب القاصرات من عمر تسع سنوات، بل وكذلك "المفاخذة“ مع من هن في عمر الرضاعة، إنها شريعة الشاذين جنسياً المصابين بـ "“paedophiles، وهي مأساة مريعة للمجتمع العراقي الذي عمل بقيم ومعايير حضارية بعيدة كل البعد عن السقوط بمثل هذه الأمراض النفسية وهذا الشذوذ الجنسي، فتباً لكم من مرضى نفسيين، إذ لا يكون مكانكم إلا في دار المجانين وسجون المختلين عقلياً!! اقرأوا ما يقوله ولي الفقيه الخميني ويلتزم بها من جاء من بعده، الخامنئي ومن لف لفهما بالعراق مثل اليعقوبي وحزب الفضيلة:
يقول روح الله الخميني في كتاب "تحرير الوسيلة ما يلي:
"مسألة 12- لا يجوز وطء الزوجة قبل إكمال تسع سنين، دواماً كان النكاح أو منقطعاً، وأما سائر الاستمتاعات كاللمس بشهوة والضم والتفخيذ فلا بأس بها حتى مع الرضيعة، ..."(الإمام الخميني، تحرير الوسيلة، توزيع سفارة الجمهورية العربية الإسلامية بدمشق، ص221). فهل تريدون انتخاب مثل هذه الوحوش الكاسرة والفاسدة إلى عضوية مجلس النواب. إن مكانهم في الدول المتحضرة هو السجن أو دور المعتلين جنسياً!
إن من واجب المجتمع أن يدفع بالنظام الطائفي بالعراق، نظام المحاصة الطائفية المخل والمعتم، وكل النظم المماثلة في مزبلة التاريخ لأنها لا تنسجم مع العصر الحديث ولا مع حاجات وطموحات الإنسان والمجتمع ولا مع القيم الإنسانية العامة والشاملة، إنه المكان الوحيد الذي يستحقه النظام السياسي الطائفي. إن الجواب اللائق عن السؤال الوارد في عنوان هذا المقال، ...إلى أين، هو إلى مزبلة التاريخ وغير مأسوف عليه!!!