|
غلق |
|
خيارات وادوات |
مواضيع أخرى للكاتب-ة
بحث :مواضيع ذات صلة: فاطمة ناعوت |
-البدلةُ الزرقاءُ وسامٌ- … قالتِ الجميلةُ
اللهُ رحيمٌ. اللهُ عادلٌ. هذا لأنه "الله". بوسعه تعالى جلَّ شأنُه، أن يكون رحيمًا وعادلاً في آن واحد. أما نحن، بنو الإنسان ذوو القدرات المحدودة، فليس بوسعنا أن نكون رحماءَ وعادلين، في أمر واحد، وفي نفس اللحظة. بل إننا غيرُ قادرين حتى على تصوّر كيف تتّحد الرحمةُ مع العدل في أمرٍ واحد. الرحمةُ تنتقِصُ من العدل. والعدلُ ينقُضُ الرحمة. خذ هذا المثال: امرأةٌ سرقت رغيفَ خبزٍ لكي تُطعِمَ صغارَها الجوعى. هنا، على القاضي أن يكون إما عادلا فقط، أو رحيمًا فقط. إن حكمَ بالعدل، عاقبَ المرأةَ لأنها "سارقة”. وإن حكمَ بالرحمة، عفا عنها لأنها "أمّ”. لا احتمالَ ثالثٌ. ويُسمِي الفلاسفةُ هذا الاحتمالَ الثالث المستحيل: “الثالثَ المرفوع". لأنه مرفوعٌ من قائمة الاحتمالات، أو غيرُ موجود. المُتَهمُ إما "مُذنبٌ" وإما "بريء"، لا ثالثَ هناك. وهنا تظهرُ إشكاليةٌ عصيةٌ على الحلّ. إن كان القاضي رحيمًا وأطلق سراحَ سارقة الرغيف، عُيِّرَ المجتمعُ لأن قُضاتِه يُبرّئون اللصوص! وإن كان القاضي عادلاً وسجنها، عُيِّرَ المجتمعُ أيضًا لأن قُضاته يسجنون الأمهاتِ الفقيراتِ، ويُعرّضون أطفالَهن للتشرّد والموت جوعًا. تلك مأساةُ القُضاة. أما بالنسبة للمرأة فالأمرُ جَدٌّ مختلف. فإن أُطلِقَ سراحُها، فإنها "رحمةُ" الله قد تجلّت. وإن سُجنت فذلك "كرمُ" الله قد منحها شرفَ السجن لإطعامِها طفل جائع. هنا يكونُ السِّجنُ شرفًا، لأن التهمةُ، نبيلةٌ. أما المجرمُ الحقيقيُّ في القضية السابقة، فهو ذلك "البليدُ" “التافهُ" الذي قدّم بلاغًا في امرأة أخذت رغيفًا سوف يقتاتُ منه صغارٌ.
|
|
| ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد | نسخ - Copy | حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | اضافة موضوع جديد | اضافة خبر | | |||
| نسخة قابلة للطباعة | الحوار المتمدن | قواعد النشر | ابرز كتاب / كاتبات الحوار المتمدن | قواعد نظام التعليقات والتصويت في الحوار المتمدن | | غلق | ||
المواضيع المنشورة لا تمثل بالضرورة رأي الحوار المتمدن ، و إنما تمثل وجهة نظر كاتبيها. ولن يتحمل الحوار المتمدن اي تبعة قانونية من جراء نشرها |