هل يمكن الحديث عن نقابات يسارية، وأخرى يمينية، وأخرى لا يمينية، ولا يسارية؟.....19


محمد الحنفي
الحوار المتمدن - العدد: 5763 - 2018 / 1 / 20 - 19:13
المحور: الحركة العمالية والنقابية     

ضرورة المواجهة الشاملة لما عليه النقابة والعمل النقابي من أجل تصحيح المسار:.....1

ونحن عندما ننتقد مظاهر التحريف في النقابة، والعمل النقابي، فإننا لا نسعى إلى التشهير بالقيادات النقابية، أو بالمسؤولين النقابيين، مهما كانت النقابة التي ينتمون إليها، بقدر ما نسعى إلى إبراز الظواهر التحريفية، مهما كانت النقابة التي تسود فيها تلك الظواهر.

وممارسة القيادات النقابية، والمسؤولين النقابيين التحريفيين، البارزة في الميدان، في أكثر من نقابة، هي التي تفرض ضرورة الوقوف على التحريف، وعلى الممارسات التحريفية.

فكل أشكال التحريف اللا مبدئية، والتي لا تحترم فيها المبادئ النقابية، يهدف إلى الوصول إلى الإقرار بضرورة المراجعة الشاملة للنقابة، وللعمل النقابي، على مستوى الهيكلة، وعلى مستوى الملفات المطلبية، وعلى مستوى البرامج النضالية، وعلى مستوى المواقف، والقرارات النقابية، القابلة للأجرأة، حتى يتأتى إشراك القواعد النقابية، صاحبة الشأن الأول، والأخير، في التقرير، والتنفيذ، على جميع المستويات النقابية.

والغاية من المراجعة الشاملة للنقابة، والعمل النقابي، هي العودة بها إلى المسار الصحيح، الذي نعرفه، والذي قدم من أجله الشهداء أرواحهم، حتى تبقى النقابة منتجة للعمل النقابي المبدئي، وفي إطار احترام المبادئ النقابية، كما هي متعارف عليها، لصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، لا لصالح القيادات النقابية، التي صارت تحتكر كل شيء، وصارت تتحكم في كل مفاصل النقابة، والعمل النقابي، ولا تريد تصريف غير وجهة نظرها، في الهيكلة التنظيمية، وفي الملفات المطلبية، وفي البرامج النضالية، وفي المواقف، والقرارات القابلة للأجرأة، حتى لا تخرج النقابة عن خدمة مصالح الحيتان النقابية، أو ما يمكن تسميته، على نهج بنكيران، بسلاحف، وعفاريت النقابة، التي تلتهم كل شيء، وترعب كل النقابيين، حتى لا يتجرأوا على جعل النقابة في خدمة مصالحهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

والمسار التقدمي الذي يفترض في القيادة النقابية، وفي المسؤولين النقابيين، أن يعملوا على تحقيقه لصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، حتى لا يصيروا متميزين عنهم، هو الذي يراعى فيه:

1 ـ أن يكون العمل النقابي مبدئيا في الفكر، وفي الممارسة النقابية، والحرص على عدم التلاعب في مبدئيته، حتى لا يستحضر في ممارسته، إلا خدمة مصالح المستهدفين بالنقابة، والعمل النقابي، حتى لا يتم الجنوح بالنقابة، وبالعمل النقابي، في اتجاه خدمة مصالح القيادة النقابية، ومصالح المسؤولين النقابيين: المحليين، والإقليميين، والجهويين، والوطنيين؛ لأن مشاكل هؤلاء جميعا، من جملة مشاكل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، حتى لا يصيروا متميزين، عنهم، بالامتيازات التي تقدم إليهم، والتي تجعلهم مفضلين على المستهدفين بالنقابة، وبالعمل النقابي، حتى نعطي للمبدئية مضمونها الحقيقي.

2 ـ أن يتحول احترام المبادئ النقابية، من مستوى الشعار، إلى مستوى الممارسة اليومية، التي تصير جزءا من سلوك القيادة النقابية، والمسؤولين النقابيين، في مستوياتهم المختلفة، كما هي جزء من ممارسة، وسلوك القواعد النقابية، في أن تتحول إلى جزء من من سلوك، وممارسة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من أجل قطع الطريق أمام إمكانية لجوء القيادة النقابية، والمسؤولين النقابيين، إلى دوس المبادئ النقابية، وتربية العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين على ذلك، لتصير النقابة بدون مبادئ، ويصر العمل النقابي في خدمة القيادة النقابية، والمسؤولين النقابيين، الذين تتشكل منهم النخة النقابية.

3 ـ أن تحترم في النقابة، وفي العمل النقابي، الضوابط التنظيمية، التي تتم المصادقة عليها في الأجهزة التقريرية، حتى تصير النقابة هي القوانين، والضوابط التنظيمية، والقوانين، والضوابط التنظيمية هي النقابة؛ لأن احتراما يقف وراء تجاوز المشاكل المنفرزة عن تحكم القيادة النقابية، والمسؤولين النقابيين، في المسار النقابي.

وهذا التحكم في المسار النقابي، هو، في حد ذاته، مرض عضال، لا يمكن أن يكون إلا وسيلة لإبقاء النقابة في خدمة القيادة النقابية، وفي خدمة المسؤولين النقابيين، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، من منطلق كون النقابة بيروقراطية، أو تابعة، أو حزبية، أو مجرد إطار للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين. وهو ما يجب التصدي له، ومحاربته، باعتباره فسادا نقابيا، من قبل القواعد النقابية، المخلصة في انتمائها إلى النقابة، وفي الحرص على مبدئيته، واحترام مبادئها، وفي الحرص على تفعيل الضوابط النقابية، كما هي منصوص عليها في القوانين النقابية، من أجل وضع حد للتحكم في النقابة، وفي العمل النقابي، ومن أجل أن تصير النقابة في خدمة المستهدفين بها.

4 ـ الحرص على إشراك القواعد النقابية، في كل ما يهم النقابة، من بناء التنظيم، إلى خوض النضالات المطلبية؛ لأن القواعد النقابية، هي النقابة، والنقابة، هي القواعد النقابية.

والسيادة عندما تصير للقواعد النقابية، تصير النقابة مبدئية، وتصير إطارا لاحترام المبادئ النقابية، وفي خدمة مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

وعندما تصير السيادة للقيادة النقابية وللمسؤولين النقابيين، تصير النقابة لا مبدئية، وغير محترمة للمبادئ النقابية، وفي خدمة مصالح القيادة، ومصالح المسؤولين النقابيين، في مستوياتهم المختلفة، ومن يصطلح على تسميتهم بالنخبة النقابية.

وعلى القواعد النقابية التي يجب أن تحرص على مبدئية النقابة، وعلى احترام المبادئ النقابية، وأن تفرض سيادتها، التي لا تكون مدعومة من قبل المستهدفين بالنقابة، والعمل النقابي، من أجل قطع الطريق أمام صيرورتها، في خدمة مصالح النخبة النقابية، حسب تدرجها من الأعلى، إلى الأسفل، وحرصا منها على استمرار النقابة، والعمل النقابي، واستماتتهما في خدمة المستهدفين بالنقابة، وبالعمل النقابي.

5 ـ الحرص على استمرارية تفعيل النقابة، والعمل النقابي، دون انقطاع، ودون توقف، مما يحول المقرات النقابية على المستوى الوطني، إلى خلايا نحل، تتحرك باستمرار، ولا تتوقف أبدا، من أجل توسيع التنظيم، وتعميق النقاش، في مختلف التنظيمات النقابية، مما يؤدي بالضرورة، إلى تطور التنظيم، وتطور الأداء النقابي، ونسج علاقات مع كل القطاعات، التي يفترض فيها الوعي بأهمية الانتظام في النقابة، وأهمية المساهمة في الأداء النقابي، على جميع المستويات التنظيمية، وأهمية المشاركة الفعلية، والواسعة في النضالات المطلبية، وفي بناء البرنامج النضالي، والالتزام بتنفيذه على أرض الواقع، وأهمية المساهمة في اتخاذ القرارات النضالية، وتنفيذها على أرض الواقع، وأهمية المساهمة في التكوين النقابي، والمعرفي، في أفق امتلاك الوعي النقابي الصحيح، الذي يعتبر مصدرا لامتلاك الوعي بالأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية الخاصة، والعامة، في أفق امتلاك الوعي بالذات، الذي يؤهل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في النضال من أجل تحقيق الديمقراطية، التي هي المبتدأ، والمنتهى، في أفق حفظ الكرامة الإنسانية، التي هي الغاية القصوى من النقابة، والعمل النقابي.

فكون العمل النقابي مبدئيا، في الفكر، وفي الممارسة، وأن يتحول احترام المبادئ النقابية من مستوى الشعار، إلى مستوى الممارسة في العمل النقابي، اليومي، وأن تحترم في النقابة، وفي العمل النقابي اليومي، الضوابط التنظيمية، كما هي في القوانين النقابية المعتمدة في البناء التنظيمي، وأن يتم الحرص على إشراك القواعد النقابية، كما يتم الحرص على استمرار تفعيل النقابة، والعمل النقابي، دون انقطاع، ودون توقف، حتى تصير النقابة، والعمل النقابي، في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، باعتبارهم مستهدفين، وباعتبارهم أصحاب الحق في تحسين أوضاعهم المادية، والمعنوية، كما تسعى النقابة إلى ذلك.