عن الزلزال السياسي


التيتي الحبيب
الحوار المتمدن - العدد: 5760 - 2018 / 1 / 17 - 01:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

دخل مفهوم الزلزال السياسي الى الخطاب الرسمي لما استعمله الملك في احدى خطبه لما وصل حراك الريف الى اوجه في الصمود. جاء التلويح المبهم بالزلزال السياسي لما اصبح النظام وجها لوجه مع الشارع وتبخرت كل وسائطه ولم يتبقى من الحواجز الوقائية اي شيء. اطلق وعد الزلزال السياسي من اجل خلق الانتظارات لدى المحتجين وتحويل الانتباه الى الجهة التي سيعلن عن تحميلها المسؤولية وإنزال عقاب شبيه بالزلزال. كان الغموض مقصودا وبدأت حملة تسويق له وكيف وأين سيضرب. هكذا بادر المخزن في القيام بحملة هو من يقودها وهو من يتحكم فيها فكانت فترة تمخض، وجاء الوضع وضرب الزلزال جهة معينة في الحكومة همت حزب التقدم والاشتراكية وبضعة موظفين سامين.في الحقيقة يتضح اليوم ان الزلزال ما هو إلا استكمال لأجندة مرسومة من قبل لسياسات المخزن وهي استعمال الاحزاب في لحظات الحرج والضغط الشعبي كاكباش تضحية. وهو احد قوانين لعبة الاصلاح من داخل المؤسسات المخزنية.
ما يؤكد هذا الكلام هو القبول الذليل للتهمة ولقرار التنحية والتعامل الايجابي معه من طرف اجهزة حزب التقدم والاشتراكية.
بعد انتفاضة العطش في زاكورة وفاجعة موت 15 كادحة بالصويرة، حدث زلزال آخر كان من ضحاياه وال وعمال وقياد اي مجموعة من موظفي وزارة الداخلية.استغرب الكثيرون لطريقة الاعلان عن هذه الاجراءات العادية والروتينية في ادارة معينة.لأنهم لم يفهموا ان النظام في حاجة ماسة لعملية تنفيس وفي ذات الوقت اعطاء الانطباع انه يتفاعل مع المطالب الملحة للجماهير الكادحة.لأول مرة يتم الاعلان عن تلك الاجراءات العقابية في بلاغ للديوان الملكي وتفسر بأنها ترجمة “لغضبة” ملكية ضربت مجموعة من المتقاعسين والمتهاونين المخلين بمسؤولياتهم.
اذا كان النظام يحاول التنفيس عن الغضب الشعبي ويلقي بالمسؤولية على بعض موظفيه وخدامه فإننا نرى ان هذه الاجراءات ما كان لها ان تحدث في غياب هذا الحراك الشعبي المتنامي.انها اجراءات فرضها الزخم النضالي ولذلك لا بد من اعتبارها انتصارات جزئية ومؤقتة. انها دليل على سدادة نهج النضال والتحرك في الشارع والفضاء العام، وعلى سدادة هذا الاختيار وإفلاس اختيار اصحاب الاصلاح من داخل المؤسسات المنتخبة المفلسة.انظروا الى الكم الهائل من الاسئلة الشفوية وردود الوزراء التافهة حولها انها لم تحقق اي شيء.وحدها الارادة الحازمة للجماهير المنتفضة وقواها المناضلة هي القادرة على فرض ارادتها وإرغام النظام على التراجع. انها احدى لحظات تغيير موازين القوة لصالح الجماهير الكادحة فلا يجب الاستهانة بها، كما يجب تفويت فرصة توظيفها من طرف النظام واحزابه، وإظهار ان واجب ربط المسؤولية بالمحاسبة قد تم وانتهى الامر.انها فقط بداية مسلسل طويل وشاق يتطلب حشد المزيد من القوى والرفع المستمر من سقف المطالب اننا لا زلنا في بداية الطريق.