الطلاق بالخلع حق شرعى للمرأة


مصطفى راشد
الحوار المتمدن - العدد: 5747 - 2018 / 1 / 4 - 12:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

--------------------------------------------------
ورد لنا سؤال عبر موقعنا على النت من السيدة - ماجدة منصور من استراليا تقول فية هل الطلاق بالخلع بإرادة منفردة من المرأة مباح شرعاً وكيف يتم ذلك ؟
للإجابة على هذا السؤال نقول :-
بدايةً بتوفيقً من الله وإرشاده وسعياً للحق ورضوانه وطلبا للدعم من رسله وأحبائه ، نصلى ونسلم على كليم الله موسى عليه السلام ، وكل المحبة لكلمة الله المسيح له المجد فى الأعالى ، وكل السلام والتسليم على نبى الإسلام محمد ابن عبد الله --، ايضا نصلى ونسلم على سائر أنبياء الله لانفرق بين أحدً منهم ------------------------------ اما بعد
والخُلع مدلول شرعي يعني إزالة ملك النِّكاح؛ أي: الطلاق، سواء كان من الزوجة أو مِن وليِّها أو ممَّن يَنوب عنها، ومعناه أن تُخالع المرأة زوجها وتُطلَّق منه في مقابل عِوَض تدفعه لتفتدي نفسها به، كرد قيمة المهر وقد يكون هذا العِوَض في شكل نقدي أو عيني.
ومن عدالة الشريعة الإسلامية أنها أعطَت للرجل حقَّ الطلاق، وفي مُقابل ذلك فإنها جعَلت الخُلع حقًّا للمرأة، وهو الافتداء إذا ما كرهت المرأة زوجَها وخافت ألا تُوفِّيه حقه، وفي هذا المقام قال الله - سبحانه وتعالى -: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ﴾ [البقرة: 229]. والمقصود هنا من الآية هو إن ظن واحد منهما بنفسه ألا يُقيم حقوق النكاح لصاحبه حسبما يجب عليه لكراهية ما للطرف الآخر ، فلا حرج على المرأة أن تفتدي نفسها، ولا على الزوج أن يأخذ الفِداء.
والحكمة من مشروعية الخلع هى أنه لما جعَل الله - سبحانه وتعالى - الطلاق في يدِ الرجل، يستطيع أن يلجأ إليه كعلاج أخير يتخلَّص به من زواج رأى أنه لم يؤدِّ الغرضَ المقصود منه، فإنه في نفس الوقت أعطى المرأة هذا الحق في أن تتخلَّص من زواجها إذا رأت أنه لم يؤدِّ الغرض المقصود منه، وذلك بالخُلع؛ لتكون الحياة الزوجية فيه قائمة على الحرية في بدئها، وعلى الحرية في استمرارها كذلك؛ فإنه من غير المعقول، بل ولا من العدل أن تشعر امرأة بالنفور الحقيقي من زوجها لأي سبب من الأسباب ، ثم تُرغَم على المعيشة معه؛ لأن حياة زوجية بهذا الشكل لا خير فيها، سواء للزوجين أو للمُجتمع؛ لأن الزوجة أذا أحسَّت بأنَّ زوجها مفروض عليها إلى الأبد مع كراهيتها له ونُفورها منه، فإنها قد تَقتله أو تَقتُل نفسها، أو تخرج عن دينها، أو تزلُّ إلى طريق الغَواية والانحِراف فيكون الخلع العلاج لعدم الوقوع فى معاصى أكبر .
فلقد جعل الإسلام للمرأة مخرجًا إن أريد بها الضرر من الزوج ، وهي لا تقبل هذا الضررولا تستطيع العيش معه ، فيأتي الحق ويُشرِّع ويقول: "ما داما قد خافا ألا يُقيما حدود الله"، فللمرأة أن تفتدي نفسها بشيء من المال، شريطة ألا يزيد عن المَهر.
والخلع يعتبر طلاق بائن لا يستطيع الزوج فيه مراجعة زوجته بفترة العدة إلا بموافقتها -- ومن هنا فإن الخلعَ يعتبر طلاقًا، لكنه مُيِّز عن غيره في أنه طلاق نظير مال تُقدِّمه الزوجة لزوجها، وقد أباحت الشريعة الإسلامية للمرأة أن تقدم مالاً تَفتدي به نفسها، وأباحت للرجل قبوله في نظير الطلاق، عندما يَخافان ألا يقوما بحقوق الزوجية، وألا تَكون بينهما عشرة زوجية يرتضيها الشرع .
وحكم الخلع هو نفس حكم الطلاق، فهو مُباح ولكنه مَبغوض، وقد نهى الشارع عنه إذا كان لغير سبب غير رغبة الزوجة في فراق هذا وتزوَّج ذاك، وهو ما يُعرف بالتذوق؛ ولذلك قال النبي – ( ص )-: ((أيما امرأة اختلعت من زوجها بغير نشوز، فعليها لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، المُختلعات هنَّ المنافقات))
والطلاق بالخلع يمكن أن يكون إتفاقا بين الزوجين بعقد إتفاق بينمهما وإذا رفض الزوج يحق للقاضى أو المؤسسة الشرعية تحرير وعقد هذا الخلع رغماً عن إرادة الزوج .
هذا وعلى الله قصدُ السبيل وإبتغاءِ رِضَاه
الشيخ د مصطفى راشد عالم أزهرى ورئيس الإتحاد العالمى لعلماء الإسلام من أجل السلام ومفتى استراليا ونيوزيلاندا وعضو نقابة المحامين وإتحاد الكُتاب الأفريقى الأسيوى ورئيس منظمة الضمير العالمى لحقوق الإنسان ت م وفيبر وواتساب وايمو 0061452227517
E - [email protected]