الاستقطاب الحاد بشان الاستقلال حدد نتائجها / كتالونيا .. أنصار الاستقلال يحافظون على الأكثرية


رشيد غويلب
الحوار المتمدن - العدد: 5738 - 2017 / 12 / 25 - 01:13
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم     

أظهرت نتائج الانتخابات التي شهدتها ولاية كتالونيا الاسبانية في 21 كانون الأول الحالي فشل سياسة حكومة اليمين المحافظ في مدريد. وحققت قوى معسكر الاستقلال زيادة في الأصوات قدرها 100 الف صوت وقد ادت المشاركة الواسعة في التصويت، والتي بلغت 81,95 في المائة، إلى عدم انعكاس هذه الزيادة في عدد مقاعد الاستقلاليين في البرلمان الجديد، التي فقدت مقعدين، مقارنة بتركيبة البرلمان السابق.
ويتكون معسكر الاستقلال من ثلاث قوى هي: قائمة رئيس الوزراء المقال كارليس ويغديمونت "معا من اجل كتالونيا" JxCAT ،التي حصلت على 34 مقعدا، وشددت في حملتها الانتخابية على إعادة الشرعية الى حكومة الولاية المنحلة. وقائمة "اليسار الجمهوري الكتالوني" ERC ، التي حصلت على 32 مقعدا، والقوة الثالثة هي قائمة "مرشحي جبهة الشعب"، والتي حصلت على عكس التوقعات على 4 مقاعد فقط، مقابل 10 في البرلمان السابق. وقد ربطت القائمة في حملتها الانتخابية بين الاستقلال وتحقيق التحولات الاجتماعية.
وبهذا حصلت هذه القوى مجتمعة على 70 مقعدا من مجموع مقاعد برلمان الولاية البالغ 135 مقعدا.
الحزب الاشتراكي الاسباني المعارض، استطاع اشغال مقعد اضافي، ولكنه بقي بعيدا عن هدفه في تصدر القوى المشاركة في الانتخابات.
حزب الشعب اليميني المحافظ، حزب رئيس الوزراء الاسباني راخوي، الذي تبنى سياسة قمعية ضد القوى المطالبة بالاستقلال مني بخسارة كبيرة، محتفظا بـ3 مقاعد فقط، وبخسارة قدرها 8 مقاعد.
اليمين الليبرالي يتصدر اللوحة الانتخابية

استطاع حزب "المواطنين" اليميني الليبرالي إن يحتل المرتبة الأولى حاصلا على 37 مقعدا، بزيادة قدرها 12 مقعد مقارنة بالدورة البرلمانية السابقة. وشكل بذلك القطب الموازي لقوى معسكر الاستقلال. واستطاع الحزب إن يحقق نتائج متميزة في مدن الولاية المهمة، بما في ذلك العاصمة برشلونه.

الاستقطاب الحاد اضر بقوى اليسار الجذري

نتائج الانتخابات عبرت عن انقسام مجتمعي حاد، بشأن الموقف من استقلال الولاية. ووجدت قوى اليسار الجذري في اسبانيا، والتي تضم حزب بودوموس ، واليسار الاسباني المتحد، الذي يشكل الحزب الشيوعي الاسباني قوته الأساسية، ومجموعات وشخصيات يسارية اخرى، وجدت نفسها محاصرة بين طرفي الاستقطاب. وكانت الحملة الانتخابية للقائمة المشتركة لهذه القوى تقوم على رفض تطرف المعسكرين، وأساليب القمع التي مارستها الحكومة المركزية ضد الاستقلاليين. ودعت إلى اعتماد الحوار والوسائل الديمقراطية المتاحة لتجاوز هذا الصراع الضاري، واضعة البرنامج الاقتصادي الاجتماعي في مركز اهتمامها. ويبدو إن هذه الاستراتيجية، رغم اعتمادها تحليلا عميقا قائما على الاهتمام بمصالح اوسع الأوساط الاجتماعية، لم تحقق في اجواء الاستقطاب الحاد أهدافها.
لقد حصلت قائمة قوى اليسار الجذري على 8 مقاعد 7 منها في العاصمة وبخسارة 3 مقاعد مقارنة بالانتخابات السابقة، وبهذا تلاشت آمال تشكيل "اكثرية جديدة"، تضم اضافة إلى قوى اليسار ، اليسار الجمهوري الكتالوني والحزب الاشتراكي، تشكل حكومة تعتمد برنامجا اجتماعيا تقدميا، يلغي سياسة تقليص المكتسبات الاجتماعية.
وأكد مرشحو القائمة الرئيسين أن اليمين بتنوع أطيافه قد حصل في المطاف الأخير على الأكثرية، وهو امر بحاجة إلى دراسة جدية، ووضع البدائل القائمة على تجميع القوى التقدمية، وان حقيقة توزع اليسار الجمهور، والاشتراكيين على طرفي الاستقطاب قد فتح الطريق امام اليمين. وشدد المرشحون اليساريون على إن تجميع قوى اليسار في قائمة واحدة قد تأخر جدا، نتيجة تردد قوى في بودوموس في كتالونيا في الموافقة على الالتحاق بالتحالف، وهو امر تم حسمه بواسطة استفتاء عام لأعضاء التنظيم.

ما طبيعة التطورات اللاحقة؟

رئيس الوزراء الاسباني اليميني راخوي استبق نتائج الانتخابات بتمديد تطبيق المادة 155 من الدستور التي تضع الولاية تحت سلطة الحكومة المركزية، وهدد بإلغاء حكومة الولاية المقبلة. وشدد رئيس الوزراء على إن الاستقلاليين يدركون ما تعنيه المادة 155، وان اسبانيا امة واحدة. لم تكرر قوائم "معا من اجل اسبانيا"، و"اليسار الجمهوري الكتالوني" في حملتها الانتخابية موضوعة اعلان الاستقلال من طرف واحد، الا انه من الواضح إن هذه القوى لم تتخل عن مطالبتها بالاستقلال. وطالب ممثلو اليسار الجمهوري الكتالوني رئيس الحكومة المركزية بطاولة حوار تأخذ بنظر الاعتبار ما افرزته نتائج الانتخابات. وباركت مارتا ريفيرا مرشحة اليسار الجمهوري، قائمة قوى اليسار الجذري على ما حققته من نتائج، معبرة عن قناعتها بقدرة الجانبين على إيجاد إمكانية للعمل المشترك، وان حزبها يضع العدالة الاجتماعية في مركز اهتمامه. إن معسكر الاستقلاليين بحاجة ماسة إلى مقاعد طرفه الثالث "مرشحي جبهة الشعب"، ولكن الأخير أعلن خلال الحملة الانتخابية انه سوف لن يدعم اية حكومة في الولاية تتراجع عن التمرد على الحكومة المركزية، ولا تعمل على بناء الجمهورية الكتالونية.