تهاني وانتقادات مريرة الى رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي


بهاءالدين نوري
الحوار المتمدن - العدد: 5733 - 2017 / 12 / 20 - 14:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

تهاني وانتقادات مريرة الى رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي

يطيب لي أن اقدم لكم ولشعب العراق التهاني الحارة بمناسبة الانتصار على عصابات داعش وتطهير البلاد منها ، وابارك للقوات المسلحة وللبيشمركة دحر هذه الزمرالمتوحشة ، التى استغلت في 2014 السياسة الطائفية الهوجاء لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي لتستولي على قسم كبير من العراق .
لقد الحقت هزيمة ساحفة بداعش عسكريا وتحرر المواطنون في المناطق المحتلة من الجحيم الداعشي . لكن مصيبة داعش لم تكن فقط عسكرية ولم تنته ، بل كانت مشكلة فكرية وخلفت وراءها مشكلة سياسية و اقتصادية . ومن المؤكد انه وقفت وراءها ، كما وقفت سابقا وراء القاعدة ، دول لتمولها وتسلحها . ولاضمان لعدم قيام تلك الدول أو غيرها ببعث الحياة فيها غدا ، مادامت هناك بيئة خصبة لها في معظم البلدان الاسلامية بسبب شيوع الفساد المالي _ الاداري وتذمر الشباب من الفقر واليطالة وتصرفات الحكام وانعدام الديمقراطية . ونماذج هذا النوع من الحكام شوهدوا في امثال صدام حسين و حسني مبارك و بن علي و القذافي و بشارالاسد و علي عبدالله صالح و نوري المالكي و حكام اقليم كردستان .
هناك سبب آخر لخلق مايشبه القاعدة و داعش ، واثارة لون من الحروب بهدف تنشيط سوق الاسلحة و بيع ماتكدس لدى كبار المنتجين منها وراء الارباح الطائلة .
افرحت العراقيين ، ياحيدرالعبادي ، عند ما اعلنت لهم بان الحرب التالية ، بعد داعش ، ستشن ضد الفساد المالي ، الذي نهب من ثروات الشعب مئات المليارات من الدولارات ، والبلاد اليوم في امس الحاحة الى المال لاعادة بناء ماخربته حرب داعش . وستخيب آمال الناس فيك اذالم تقرن اعمالك باقوالك .
ان خير اجراء لضمان معالجة الفساد ، المالي والاداري ، هو اشاعة الديمقراطية في العراق كله . فقي ظل الديمقراطية يتمكن الشعب من شد الخناق على الفساد وفي ظلها يكبح جماح التهور الطائفي الذي قد يمزق صفوف مكونات العراقيين حتى من أبناء القومية الواحدة .
ان الاخوة السنة من العرب تعذبوا اكثرا الجميع على أيدي الغزاة الدواعش المتخلفين حتى عن المغول لما قبل الف سنة . وينبغي اعطاء الاولوية الى اعادة بناء مادمرته عصابات داعش والدعم المادي - المعنوي للنازحين بسبب الغزوالداعشي ، كما ينبغي ان تتخذ الاجراءات القانونية بحق نوري المالكي الذي يتحمل القسط الاكبر من مسؤولية احتلال الموصل في 2014 .
و من حق السنة ان تكون لهم فيدرالية و تشمل كافة المناطق ذات الاغلبية العربية في محافظات الموصل و الانبار و صلاح الدين و كركوك .
اسمح لي ، أيها السيد العبادي ، لاسهب قليلا حول شؤون الاقليم . لا اخفي عنك بأن هذا الشعب يوجه اليك العتاب والنقد الشديد بسبب موقفك اللاابالي منه . واشير ادناه الى احداث هامة بالنسبة للاقليم و في سني عهدك برئاسة الوزارة :
بقي السيد مسعود البارزاني على كرسي الرئاسة منذ 2015 بصورة لاقانونية وعطل برلمان الاقليم بقرار فردي لمدة عامين + منذ 2014 قطعت وزارة السيد نيجيروان برزاني ونائبه السيد قوباد الطالباني رواتب كافة موظفي الاقليم . وطوال اكثر من الاعوام الثلاثة المنصرمة ظلت هذه الرواتب بين الدفع جزئيا ، أو عدم دفع أي شئ ، علما أن الرواتب وحد ها كانت مصدر الاعالة لهؤلاء الموظفين + أضرب عن الدوام جميع اساتذة الجامعات الحكومية والمدرسون والمعلمون عن الدراسة في العام الماضي قرابة ثلاثة اشهر طلبا برواتبهم ، وحرم الطلاب من دروسهم + تسلط بضعة مسؤولين على فايل النفط انتاجا و بيعا و حسابات و وظفوا شخصا باسم وزير الثروات الطبيعية ولم يكن له علاقة بمجلس الوزراء ولم يسمحوا للبرلمان ولوزراة المالية بمعرفة شيء عن النفط + مرالشتاء الماضي ونحن في الشتاء الجديد ، تحت البرد القارص ، ولم تقدم حكومة الاقليم حتى برميلا واحدا من النفط لكل عائلة ، علما بأن انتاج النفط يزيد عن 600 ألف برميل يوميا ، فيما يقل تقديم الطاقة الكهربائية عن 12 ساعة يوميا ، بعد 26 سنة من تحرير الاقليم ، والمولدات الاهلية غالية الكلفة ولايمكنها توفير الطاقة للتدفئة + عاقبتم الشعب الكردي على ذنب ( استفتاء ) ارتكبه غيره ، حكامه . فالناس الابرياء عوقبوا بشدة في المناطق المتنازع عليها في كركوك وسائر المناطق المتنازع عليها + كنتم تعلمون جيدا أن فؤاد معصوم اتى من بغداد الى الاقليم واجتمع في بلدة دوكان يوم 14 / 10 / 2017 بزعماء الاحزاب الثلاثة المنظمين للاستفتاء ، بضمنهم مسعود البرزاني ، وقرروا بالاجماع انسحاب البيشمركة من المناطق المتنازع عليها لتجنب الاقتتال مع الجيش والانسحاب من جبهات القتال . وكان عليكم ، يا رئيس الحكومة ، ان تقدروا هذا الاجراء الصحيح وتبادروا فورا الى اقامة ادارة مشتركة لتلك المناطق واستبعاد ميلشيا الحشد الشعبي من القوات العسكرية التي تدخل المناطق المتنازع عليها ، وانت تعلم ان المادة 140 باقية في الدستور وتكون سببا لنشوب القتال اذا تنصلت بغداد من تطبيقها . الم يكن ما ذكرت ذريعة لمعاقبة الشعب الكردي عن ذنب ارتكبه غيره ؟ ان مجئ الحشد الشعبي الى مدن الاقليم هو السبب لصدامات دموية حدثت ولبيوت كردية نهبت واحرقت ولعشرات الالوف شردت ولما يذكر الكرد بأيام صدام من ظهور الطائرات فوق القرى الكردية و قصف القرويين ...الخ ... واذا لم تسرعوا الى سحب وحدات الحشد اشعبي فانني اخشي ان تفلت الامور من السيطرة وتقع كارثة تجديد القتال لأن الحشد تتعامل مع اي جماعة كردية أو عربية غير شيعية تعامله مع الاعداء + أوجه سؤالالكم ، أيها السيد العبادي ، وانت تريد المعاملة وفق الدستور : هل من الدستور في شئ ان يبقى الحاكم على كرسيه 26 عاما ويصر على البقاء ويورث اولاده كرسي الحكم ، ونحن في عصر الانترنيت ؟
أوردت أعلاه نماذج ونتفا من المحن والمشاكل المريرة ، التي عاش فيها الاقليم ، وأسألكم مالذي قدمتموه ، ايها السيد العبادي ، لمساعدة هذا الشعب المغلوب على أمره ، وأنت المسؤول الاعلى ؟ الم تفتحوا شرخا كبيرا في العلاقات العربية – الكردية ، الواهنة اصلا بسبب الحرب الاهلية طوال عشرات السنين الماضية ؟
كان بمستطاعك القيام بعمل مفيد ، يا حيدرالعبادي ، فيما لو قمت كرئيس للحكومة ، بدعوة شخصيات سياسية حزبية ومستقلة ، قبل الاستفتاء للمداولة في الوضع ، ولو نظمت عقد اجتماع مشترك بين البرلمانين المركزي والاقليمي للتبا حث في وضع الاقليم . والحل الآن هو في الاجراءات التالية : ( عقب المظاهرات العارمة في الاقليم في اليومين الاخيرين ) :
1- اقالة حكومة الاقليم و تشكيل حكومة موقتة تكنوقراطية تشرف على اجراء انتخابات برلمانية نزيهة لتطبيع الوضع في الاقليم .
2- دفع رواتب الموظفين في الاقليم قبل رأس السنة .
3- الجلوس مع المسؤولين الجدد من الحكومة المؤقتة لبحث المشاكل مع الاقليم حتى تنبثق الوزارة من البرلمان الجديد .