الفلسفة الكامنة وراء عدوان ترامب على القدس


محمد بوجنال
الحوار المتمدن - العدد: 5729 - 2017 / 12 / 16 - 12:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     



عدوان الرئيس الأمريكي ترامب على القدس هو إفراز لفلسفة مرجعياتها تتحدد في جماعته، جماعة " اليمين البديل " الذي تتحدد فلسفته في ثلاث نقط هي: القيم اليهودية/المسيحية، والرأسمالية، والقومية. على أساس أن الأولى هي القيم المتضمنة في الديانتين اليهودية والمسيحية الداعية إلى احترام إلى احترام الرجل أو العرق الأبيض أساس الحضارة بفعل تفوقه البيولوجي والديني على باقي الأعراق التي يجب أن تخضع له. ففي غياب هذه الأخلاق والقيم تتقهقر الحضارة عندما تصبح شأن "البرابرة "؛لذا،فالرأسمالية كأحد منطلقات هذه الفلسفة دون هذه القيم اليهودية/المسيحية تصبح نظاما فاسدا وظالما وهو ما يحمي بالضرورة وفي نفس الآن نقاء العنصر الثالث الذي هو القومية من المهاجرين والشعوب الأدنى في التسلسل الذي لا يؤمنون بقيم " الرجل أو العرق الأبيض" . إنها المنطلقات، تقول فلسفة "اليمين البديل" ، التي لا يمكن الفصل فيما بينها ؛منطلقات وحدها الكفيلة بتخليص القرن 21 من "البربرية" ؛ أو قل أنها منطلقات تحمل في ذاتها قيمة تفوق "الرجل الأبيض الأمريكي والإسرائيلي على باقي الأعراق. هذه المنطلقات تفرض على الرجل الأبيض التأسيس لكيانات سياسية على أساس عرقي. وترى فلسفة هذه الجماعة التي تؤطر الممارسات السياسية لترامب،في التجربة الإسرائيلية النموذج الذي يجب الاقتضاء به. وعليه، فالفلسفة تلك تحمل فكرة "مركزية الرجل الأبيض" كحقيقة بيولوجية يجب الدفاع عنها. بهكذا تصور، تري هذه الفلسفة أن انتشار التعددية والمساواة والديموقراطية هو تهديد لحضارة الرجل الأبيض الأمريكي والإسرائيلي؛ ومن ذلك ترى أن شعوب العالم مرتبة تسلسليا وفق قاعدة النقاء البيولوجي والديني حيث يوجد على رأس هذا التسلسل " الرجل الأبيض" وهو التسلسل الذي انطلاقا منه يجب أن تبنى الحقوق التي يجب أن يتمتع بها البشر.
ما سبق جعل الفلسفة تلك تدعو إلى تأسيس "دولة عرقية" للبيض تبدأ بالعمل على تقوية مجتمعات العرق الأبيض في الولايات المتحدة الأمريكية. وفي نظرها وبالتالي في نظر ترامب، تقترب الصهيونية من تحقيق النجاح في ذلك كحماية وحفظ للعرق اليهودي في إسرائيل؛ وما على البيض إلا محاكاة ما قامت وتقوم بإنجازه إسرائيل حاليا. ومن هنا دعوة ترامب إلى أحقية إسرائيل كرجل أبيض في تأسيس دولتها وعاصمتها القدس. لذا، فدعوته نقل السفارة الأمريكية من تيل أبيب إلى القدس هو الموقف الذي يقول عنه ترامب أنه " الشيء الصحيح الذي ينبغي فعله" وهو أحد خطوات أجندته، في انتظار الآتي الذي يطمح إلى تصفية القضية الفلسطينية ؛ فهل ستهزم فلسفة ترامب العنصرية فلسفة الانتفاضة المناضلة؟