عقلنة مفهومي تصدير الثورة وتصدير الأمركة3


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 5718 - 2017 / 12 / 5 - 12:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

ختمت مقالي السابق بالجملة التالية: "الأمركة كنمط إنتاج تفرض "الأيرنة" كنمط إنتاج، ليس بالضرورة على شاكلتها، لكن من الضروري أن يكونا هنا، أن يرفد أحدهما الآخر، أن يتكاملا"، فكيف يتكامل هذان النمطان؟ كيف يرفد أحدهما الآخر؟ كيف يكونا هنا؟ لا بد لهما من ماكينة جبارة: قوس قزح. منذ أن بدأت أحكي عن قوس قزح إلى اليوم شهور طويلة مضت، نضجت خلالها في رأسي أفكار كثيرة حولها، أكثر موائمة لعصرنا، وللعصور القادمة، وأكثر فعالية، فهي ما أن تقوم حتى تقوم، نشاطاتها من نشاطات زمنها الذي لا ينفك عن التطور والتجدد.

مجموع أنظمة قوس قزح

يجب التفريق بين قوس قزح كمؤسسة خاصة وقوس قزح كمنفعة عامة. كمؤسسة خاصة يديرها مجلس خاص، وكمنفعة عامة يديرها مجلس عام. المجلس الخاص أنا على رأسه وأفراد أسرتي على شاكلة الأسرة الإيطالية "ميديسيز" في عصر النهضة، والمجلس العام على شاكلة كل المجالس العامة، يتشكل من عشرة أعضاء، يُنتخب رئيسٌ من بينهم، وهؤلاء الأعضاء العشرة، خمسة منهم يمثلون العواصم الخمس الفذة، طهران، الرياض، تل أبيب، القاهرة، الرباط، والخمسة الباقون يُختارون حسب كفاءاتهم العلمية بشكل دوري من ممثلينا (ممثلاتنا). سينبثق عن المجلسين، المجلس الخاص والمجلس العام، مجلس ثالث يجمعهما: المجلس المشترك. مجلس مخول بالبت في كافة المسائل التي تكلفه بها الجمعية العمومية. سيكون أعضاء الجمعية العمومية عند التأسيس ممثلينا (ممثلاتنا) في العالم، وبعد التأسيس بعض نواب في كل بلد من بلدان الشرق الأوسط، يتم انتخابهم حسبما جاء في ورقتي "الديمقراطية الجديدة". لن أنسى الإشارة إلى أن التعيين الفوقي التأسيسي لممثلينا (لممثلاتنا)، سيتحول إلى تعيين ديمقراطي دوري من لدن المجالس النيابية.

آلية عمل قوس قزح

لن تتعامل قوس قزح مع فدرالية أو كونفدرالية، كما كنت أقول في الماضي، بل ستحافظ كل دولة على استقلالها وخصوصيتها. ستتعامل قوس قزح مع مشاريع عامة تغطي كل الدول، فيكون الاتحاد ما بينها اتحادًا في المشروع الذي يشملها جميعًا، مع ترك حرية التصرف لكل دولة في الكيفية التي تنفذ بها هذا المشروع العام أو ذاك. أجد هذه الفكرة عبقرية جدًا، ومعاصرة جدًا، تتجاوز البيروقراطية التي يرزح تحت ثقلها الاتحاد الأوروبي، وأكثر من هذا، تحول دون صراع دائم بين سلطتين، سلطة الاتحاد الخارجية وسلطة الدولة الداخلية، كما أنها بذكاء حاد تترك المشاريع الخاصة بكل دولة شأنًا من شئونها الداخلية. المشاريع الجبارة من مهمات قوس قزح، هي من تنفذ قرارات الجمعية العمومية بخصوصها. تنفيذ يذهب باتجاهين، اتجاه المستثمرين في العالم، واتجاه الحكومات المحلية. لهذين الاتجاهين شرطان: المال والديمقراطية. المال نعرف من أين نأتي به، الديمقراطية ستكون، أول ما تكون، بقيام النظام العلماني في كل الدول العربية باستثناء إيران. لماذا أستثني إيران؟ لأن إيران سترى النجاح الذي نحرزه في العراق، فالسيستاني، أعلى مرجعية شيعية، لا يرى أي مانع هناك. وكذلك، عملاً بشعار قوس قزح الذي اقتبسته عن مؤسسة "ميديسيز": أَسْرِعْ ببطء! الاستثمار سيكون هو كذلك عامًا وخاصًا، هناك استثمارات خاصة "تخص" كل بلد، وهناك استثمارات عامة "يختص" بها كل بلد: تصدير التكنولوجيا في طهران إلى كل بلدان الشرق الأوسط، تصدير الرأسمال في الرياض إلى كل بلدان الشرق الأوسط، تصدير الصناعة في تل أبيب إلى كل بلدان الشرق الأوسط، تصدير الزراعة في القاهرة إلى كل بلدان الشرق الأوسط، تصدير الثقافة في الرباط إلى كل بلدان الشرق الأوسط. الكيفية ستشرف عليها دولتنا التي بدون دولة، لتكون كل هذه الانتاجات البنيوية التحتية كقدح الزند، فندشن بذلك جسرًا جديدًا خلاقًا كنظام إلى ما بعد مرتين الحداثة!

آلية عمل ممثلي قوس قزح

لسفرائنا (لسفيراتنا) في البلدان العربية مهمة كبرى، ألا وهي تأسيس النظام العلماني بالتعاون مع النظام القديم، وبانتظار كتابة قوس قزح لدستور عام للجميع، تضاف إليه البنود الخاصة بكل بلد، تشرف عليها لجنة قانونية يرأسها ممثلنا (ممثلتنا). من مهمة ممثلينا (ممثلاتنا) كذلك، تأسيس منظمات المجتمع المدني التي ستكون الأساس لانتخابات حرة بدون أي ضغط إيديولوجي أو أي تحريك إعلامي، كما جاء في ورقتي "الديمقراطية الجديدة"، وهذا لأول مرة في التاريخ الحديث. لسفرائنا (لسفيراتنا) في بلدان العالم مهمات عديدة إعلامية، استثمارية، اختراقية -أستعمل هذا المصطلح بمعناه الإيجابي- في اقتصادات البلدان التي هم فيها. بخصوص أمريكا والغرب، فتح حدودنا لهما، تحت كافة المعاني. أعني بذلك، بوضوح أكثر ما يكون عليه الوضوح، ألا نصبح كابوسًا للغرب ولأمريكا كالصين نموذجًا منافسًا لأمريكا وللغرب في عقر دارهما، بل أن نكون نموذجًا متكاملاً والنموذج الأمريكي والغربي، وهمنا، إن كان هناك استغلال، ولا بد أن يكون هناك استغلال ليكون هناك ازدهار، أقولها بعين المحلل الموضوعي وقد غدا الاستغلال شرًا لا بد منه! إن كان هناك استغلال، أن يكون استغلالاً أقل. كان نابليون يقول، وهو يحرق أوروبا بحروبه: أريد لأوروبا الازدهار! وأنا المتواضع المسالم السلمي الذي لا يؤذي نملة أقول: إذا ما كانت هناك حرب أشنها في الشرق الأوسط من أجل ازدهاره، فهي حرب ضد البؤس، حرب ضد التخلف، حرب ضد الجهل، من أجل مجد العالم.