قمر الجزائر مقدمة الرواية


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 5711 - 2017 / 11 / 27 - 10:53
المحور: الادب والفن     

روايتي هذه الثانية بعد رواية الكناري، أنهيت كتابتها يوم الأحد 29 أفريل 1968 في الجزائر، وأعدت كتابتها للمرة الثانية عام 1980 في باريس، دون أن تجد ناشرًا، لكبح دور النشر جِماح الأهواء، وعلى الخصوص عندما يتعلق الأمر بجرأة المواضيع واستفزاز الخطاب. اضطرتني أحداث أكتوبر 1988 إلى إعادة كتابتها للمرة الثالثة، فلم تعد تجربتي لستينات القرن الماضي التي أمضيتها في الجزائر، وإنما تجربة الجزائر البلد والشعب والتاريخ. من هذه الناحية، جئت بشخصيات تاريخية جعلتها تعيش فاجعة الجزائر، لترفض، وتدين، وتشكك، عن طريق إخزاء الأدعياء، أو التساؤل عن كل تلك التضحيات، وذلك لأجل إعادة النظر إلى كل شيء، واستنهاض الهمم ضد الحزب الواحد الحزب الواعد والحزب المتوعد، ضد الانتهازية البيروقراطية العجرفة، الاحتقار جلد الذات الاسترجال، الأمية العالمة البشاعة الأنيقة الهداية الضالة، وضد شتى الآفات المتأصلة جذورها في المجتمع الجزائري خاصة والمجتمع العربي عامة... مع الشعب الجزائري الحبيب والجزائر الحبيبة، كيف لا وحبي للجزائر مثل حبي لفلسطين مثل حبي لفرنسا؟ وثلاث بنات لي نصفهن جزائري؟ ضد إرهاب السياسة إرهاب الجنس إرهاب الدين، بينما الأديان التوحيدية الثلاثة، الإسلام والمسيحية واليهودية، هي في كوداتها، أديان عدل وعمل، أكثر ما عبرت عنهما شخصية أبي رابح، الشيخ المناضل.

عندما طَبَعَت دار الكرمل الرواية في عمان طبعة أولى عام 1990، وَوَزَّعْتُ منها على الصحافة الجزائرية بضع نسخ لا تتجاوز عدد أصابع اليد، قامت الدنيا ولم تقعد: هناك من اعتبرها رواية "مشاغبة"، وهناك من اعتبرني كاتبًا "يداهن" الغرب سعيًا وراء جائزة نوبل، هناك من طالب سعدي ياسيف بمحاكمتي، وهناك من دعا جهاز الأمن إلى طردي، ومن بين هؤلاء الأخيرين قياديو "الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، الذين دافعت عنهم بعد إلغاء الانتخابات، وحافزي الديمقراطية.

في الطبعة الثانية عند دار الكرمل دومًا عام 1994، أخذت بعين الاعتبار كافة الآراء التي أبداها طلابي وزملائي في الجامعة الأردنية، وكل أملي إرضاء ذوق القارئ المسئول من الناحيتين الجمالية والفكرية. لكني في الطبعة الفرنسية عام 2003، عملت من النص العربي مِصراعًا أول يمثل "الزمن الاشتراكي"، وكتبت بالفرنسية مِصراعًا ثانيًا يمثل "الحرب الأهلية": إنها الكتابة الحقيقية الغير الرسمية –لهذا هي حقيقية- للتاريخ الجزائري، إنه الكذب الصادق كما أدعوه، فهذه رواية، وليست دراسة.

العنوان الأول كان "المواطئ المحرمة"، عنوان أحبه كثيرًا، لهذا جعلته تاج إحدى مسرحياتي الشعرية، بينما "القمر الهاتك" عنوان النص العربي، و"الجزائر... كان يمكنها أن تكون الجنة" عنوان النص الفرنسي، فأخذت القمر من "القمر الهاتك" والجزائر من "الجزائر... كان يمكنها أن تكون الجنة"، وأطلقت على هذا النص المطابق للنص الفرنسي اسم "قمر الجزائر".