إيران فلنتحاور!


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 5697 - 2017 / 11 / 13 - 15:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

من الكياسة بمكان

أن تتحاور إيران معي، أو، على الأقل، أن تنظر بالطَّرْفِ إليَّ، فرُبَّ طَرْفٍ أفصحُ من لسان. للمفكرين هنا، في فرنسا، قَوامٌ رفيع الشأن، ينزلون منزلة "الآلهة" من نفوس الحكام، فيصغون إلى نصائحهم، وغالبًا ما يعملون بها. وكأنني بإيران لا تعرف إلى اليوم من أنا، ليس كشخص، ليس كمفكر، ليس كأديب، ليس كسياسي، ليس كصاحب حلم ورثته عن شهرزاد وابن المقفع وابن سينا، ولكن كصاحب مشروع للوجود، الوجود تحت معناه الفلسفي، والوجود الذي هو وجودنا على أرض واحدة عربًا وفرسًا. أنا لا أطلب منها دعوتي كوزير "مصدي" من قطر، لأنني لن أقابل خامنئي أو روحاني إلا بعد أن تقطف مؤسستي قوس قزح أولى ثمارها، وأنا لا أطلب منها اعتباري كرسول "سري" من أمريكا، لأنني لن أمارس أية لغة مزدوجة، بدأت كل شيء على المكشوف على أنترنت، وسأنهي كل شيء على المكشوف على أنترنت.

خير الأمور عاجلها كما يقال

لكن إيران تفضل استنزافها البطيء، فلا ترى كيف تحتضر رويدًا رويدًا، لا ترى كيف تحفر الأمم من حولها ضريحها، لا ترى ولية أمرها كيف تلعب "الغميضة" مع السعودية تحت جلبابها، لا تقرأ ما يُكتب عنها، لا تدرك كره الناس لها، لا تبالي بحب أهلها. إيران كالأعمى الذي فقد عصاه، وعصاه قوس قزح، كالمريض الذي رفض دواه، ودواه قوس قزح، كالكتاب الذي أغلقه الأمريكان، ومفتاحه قوس قزح. الاتفاق النووي حشرها في زاوية تخريبها وتخريب غيرها من بلدان المنطقة، أنا أحدس بنوده السرية، فهل فاتت الفرصة على إيران؟ هل إيران لا يمكنها رفع رأسها؟ فرنسا، وهي تحت الاحتلال النازي، رفعت رأسها بمشروع ديغول "فرنسا الحرة" من لندن، وإيران تحت الاحتلال الأمريكي، ترفع رأسها بمشروعي "قوس قزح" من لندن وباريس وواشنطن، فهل حكامها الذين تورطوا في كل مكان دفعتهم إليه أمريكا دفعًا من اليمن إلى لبنان لا يتحركون إلا بأمر أمريكا أم يبقى بعض أمرهم على أنفسهم؟

في السياسة لا شيء اسمه "نهائي"

يجب على إيران أن تتحرر من سطوة الأمريكان عليها بنفس طريقتهم معها: لسياستهم في المنطقة سهمان، باتجاههم وباتجاه السعودية. إيران، كذلك، على سياستها في المنطقة أن يكون لها سهمان، باتجاه الأمريكان وباتجاه قوس قزح كدولة بدون دولة. أمريكا لن تقدر على فعل شيء عندما تجد نفسها مدفوعة دفعًا من طرف حكام طهران وقد تبدلت الأدوار –الله ما أجمله!- إلى ما فيه بالفعل مصلحتها ومصلحة إيران ومصلحة باقي دول المنطقة. نعم، يجب على إيران أن تتحرر، يجب على إيران أن تتبدل، يجب على إيران أن تبدل نظرتها إلى الأشياء، فترى ما نرى، ويراها الناس بعين الصديق والشقيق لا الأثيم والشرير، يراها الناس بعين العصر، بعين الحداثة، بعين الحرية، بعين أخرى.