قطر العمالة


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 5661 - 2017 / 10 / 6 - 15:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

أنتم الآن لن تقولوا لي

إن قطر ليست عميلة، وهي منذ مولدها في خدمة أمريكا، فما خلعت أمريكا أبا حمد، جد تميم، ونصبت حمد، أبي تميم، إلا لتكون قطر نعلاً أبًا عن جد لحذاء أمريكا. القاعدة العسكرية المخابراتية الأمريكية في قطر اليوم أليست أقوى برهانًا على ذلك؟ عمالة النظام إذن من جوهره، قُلْ قطر تعنِ العمالة.

قطر جاهزة لكل شيء بأمر أمريكا

بنوك على وشك الإفلاس، شركات على وشك التصفية، نوادٍ على وشك الانهيار، هذا النائب أو ذاك، أو حتى الوزير، أو حتى الرئيس، تحت شرط أن تأخذ الإذن من أمريكا. قطر بأمر أمريكا فتحت أبوابها لإسرائيل، وأجرت التطبيع معها بدون أي مقابل سياسي. كان شيمون بيريس كل يومين في الدوحة، والفاشيون في الحكومة الإسرائيلية يرددون "قطر مربط خيلنا!" قطر بأمر أمريكا ضخت أموالها في بنوك فرنسا أيام الرئيس ساركوزي لتحول دون فقاعة مالية تذهب أمريكا في ستين داهية ضحيتها، وها هو تميم في زيارته الأخيرة لفرنسا منذ عدة أسابيع يعرض خدماته على ماكرو التي أهمها ملء كل الصناديق السوداء، إضافة إلى شراء المزيد من الأسلحة، فهل لسواد عيون القطريين قامت فرنسا بمناورات مشتركة مع تميم؟ قطر بأمر أمريكا وأمر إسرائيل مولت وتمول حماس التي تحاصر الغزيين، المجرمة حماس التي تحاصر الغزيين، وتذلهم في عيشهم، وتخنقهم بإيديولوجيا التغريب. وبأمر أمريكا أسست داعش، مع الحقيرين السعوديين طبعًا وغير السعوديين من نعال امريكا. وبأمر أمريكا أنفقت الأموال الطائلة على حركات الإسلاميين في العالم العربي والعالم، واستقبلتهم كلاجئين سياسيين على أرضها، أو كوعاظ٫أو كمرشدين ساسيين، وبأمر أمريكا، وبأمر أمريكا، وبأمر أمريكا...

لهذا عندما يتهم تحالف الشر

تحالف الإرهاب قطر بالإرهاب تحت عيون أضخم قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط وأكبر قاعدة مخابراتية أمريكية، حتى الغبي سيقول الجرة فيها وما فيها. أمريكا لا حاجة لها من أجل طرد تميم ورب تميم إلى تهمة منفضحة تهمة مضحكة كهذه، ومدافع أساطيلها تخترق نوافذ قصر تميم، وبالأساس لا حاجة لها إلى أية تهمة. وفوق هذا، الإرهاب القطري السياسي والإعلامي والاقتصادي أمريكا ربه، لا حاجة لها إلى دولها الحشرات دولها النعال لتنقلب على دولة حشرة دولة نعل مثلها. إذن وراء الأكمة ما وراءها!

بكل بساطة

أمريكا تريد إرسال رسائل إلى الصين والهند فوق وإلى روسيا وأوروبا تحت، تريد أن تقول لخصومها الاستراتيجيين، منطقة نفوذي تمتد من أفغانستان (حدود الهند والصين) إلى قطر وجزيرة العرب وباقي الشرق الأوسط (حدود روسيا وأوروبا)، وجود مصر في تحالف الشر ليس محض صدفة. لهذا، لم يكن هدف أمريكا، كما ظننا في البداية، تقطيع المنطقة، كان هدفها تلصيق المنطقة، وتمتين ركائز أنظمتها. للتوصل إلى ذلك، اخترعت أزمة قطر، وراحت تتلاعب ببيادقها، هذا التلاعب الذي لا بد أن يضي بخلط الأوراق جزءًا من التكتيكية الأمريكية لتمرير أهدافها.

لا بد إذن من سيناريو

السعودية والإمارات والبحرين ومصر من ناحية، قطر وإيران وتركيا من ناحية. لاحظوا أن منطقة النفود الجغرافية السياسية الأمريكية المتمثلة بهذه البلدان مرسومة على أكمل وجه! لكن ما لا يلاحظه المرء تقارب إيران من أمريكا عن طريق قطر، أمريكا التي صواريخها في القاعدة العسكرية القطرية تصيب طهران بثوان. إيران في قطر تؤدي خدمة لأمريكا، وتؤدي خدمة للسعودية، فهي تغطي السعودية وحلفاءها في اتهام قطر، في نفس الوقت الذي تؤكد فيه لواشنطن أنها جزء لا يتجزأ من منظقة نفوذها، فهل إيران مجنونة لتغامر بدعم قطر إلا إذا كان هناك ضوء أخضر من أمريكا؟ تركيا الحلف الأطلسي الشيء نفسه لكن بأمر أمريكي، حلف أطلسي يا رب الأرباب! لتقديم خدمة لأمريكا، لتبرير التدخل الإيراني "الشيعي" بتدخل تركي "سني"، لتوهم أمريكا بالتوازن. كل هذا طبعًا ليس مجانًا، كل هذا بمقابل. صفقة الغاز بسعر زهيد لخمس سنين التي وقعت عليها تركيا مع قطر، والتفاهم الضمني الإيراني الأمريكي على الكثير من الملفات العالقة بين البلدين والتي أهمها المفاعل النووي. إضافة إلى أهم الأهم بالنسبة لكل أطراف اللعبة: تثبيت أقدامها في الأرض كأنظمة. بعد القلاقل، سيقول الناس بخصوصها "ليس هناك أفضل مما كان!"، فتنتهي الزعزعة، ويكون الاستقرار، استقرار يتطلب بالطبع الهدوء في كل مكان من منطقة النفوذ الجيوسياسي الأمريكي، والذي شرطه الإنهاء على داعش، وباقي البؤر الملتهبة، وهذا ما يجري.

إذن قطر استُخدمت على أحسن وجه

كنظام عميل، كنظام نعل في الحذاء الأمريكي، ونجح الأمريكان في تبديل صورته من نظام عميل طوال عمره إلى نظام وطني والشعار الممجوج "عدو عدوي صديقي" أو "عدو عدوي حليفي"! نظام عميل منذ مولده صار عدوًا للسعودية أخته الكبرى في العمالة، وصار له مؤيدوه، في داخل بلده وفي خارج بلده. في خارج بلده، الأمر عابر، فالناس سيفتحون أعينهم على الحقيقة، وهم يفتحونها بهذا المقال. في داخل بلده، الأمر غير عابر، فالنظام يغطي عمالته بملء الجيوب وملء البطون. الفلوس بالمليارات، قليلها على البلاد كثيرها. وفي الواقع، كثيرها في البنوك السويسرية. لهذا يقولون وهم لا يدرون آه! ما أحلى قطر، وحلاوة قطر مرارة، من غيض فائضها حلاوتها. طعم بؤسها حلو، هذا كل ما هنالك. الباقي، تخلف في تخلف. قل لي أين الكاتب؟ أين المثقف؟ أين العالِم؟ الدواب كُتَّاب في قطر ومثقفون وعلماء! لأن نظام كهذا يقمع الناس في بطونهم وجيوبهم لن تجد عقولهم وإن بحثت عنها فوق السرير أو تحته، عقولهم بيعت للشيخ تميم، عفوًا، لتميم المجد! كلها له عميلة، فكيف العميل لغيره يجعل من كل شعبه عميلاً له؟ بفضل الهندسة الاجتماعية النازية عى الطريقة القطرية. قطر العمالة، شيء واحد استطاعت إنتاجه في القرن الحادي والعشرين، أن تكون ذات أهلية تاريخيًا كي تُلقى في مزبلة التاريخ.