اعداء الشعوب ..... اعداء الأوطان


صادق إطيمش
الحوار المتمدن - العدد: 5658 - 2017 / 10 / 3 - 16:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

اعداء الشعوب ..... اعداء الأوطان
الأوضاع غير الطبيعية التي يمر بها وطننا العراق منذ عقود كثيرة من تاريخه الحديث وانتقاله من ازمة الى اخرى اشد وطأة من سابقتها ، فسحت مجالات واسعة وفتحت ابواباً مشرعة امام مجموعات كبيرة من الإنتهازيين واللصوص المحملين بكل تفاهات التخلف الفكري والإنحطاط الخُلقي والسقوط الإجتماعي لأن يمارسوا دور السياسيين المتحكمين بمصير شعبنا ووطننا ، بحيث تفاقمت إلى حد اليأس القاتل ،الأزمات التي توالت على رؤوسنا من خلال ممارساتهم هذه ، التي طالما ربطها سياسيو الصدفة هؤلاء بالدين الذين تنكروا هم انفسهم لثوابته التي يدعون اليها على اساس تمثيلها للعدالة الإجتماعية ونصرة المظلومين وإغاثة المعوزين .

لقد جاءت الأحداث الأخيرة في كوردستان الجنوبية ، والتي كانت بدورها نتيجة للسياسات الخاطئة والسطحية التي مارسها قادة الإقليم ، الذين تعاونوا لأكثر من اربعة عشر عاماً مع غلاة الرجعية الشوفينية العراقية المتمثلة باحزاب الإسلام السياسي وكل من ساند هذه الأحزاب المتخلفة في تبني سياسة المحاصصات المذهبية والإنتماءات العشائرية والنعراف القومية الشوفينية والإصطفافات المناطقية ، جاءت هذه الأحداث لا لتحقيق اماني الشعب الكوردي ، كما يدعي ممارسوها ، بل لفتح هوة واسعة من الصراع بين القوى الوطنية العراقية التي كان المؤمل منها ان تتكاتف لإنهاء السياسة العرجاء التي تمارسها الأحزاب الحاكمة في المركز والإقليم منذ سقوط دكتاتورية البعثفاشية المقيتة وحتى يومنا هذا.

إن الداعيين للصراع بين القوى الوطنية العراقية بالحجج التي يوردونها وكأنها تمثل الدفاع عن اهداف قومية عربية كانت او كوردية او تركمانية او لإنقاذ توجهات دينية مذهبية ، لا يتورعون من استغلال اية فرصة لنهش الشعوب التي يتحدثون باسمها وإذلالها وإفقارها حفاظاً على ما لديهم من سلطات سياسية قمعية وموارد اقتصادية هائلة سرقوها من خيرات المناطق التي يتحكمون بها منذ سنين طوال.

وهذا ما نراه متحققاً بالإجراءات الشوفينية الساذجة والمهينة التي فرضتها الأحزاب الحاكمة في بغداد على اقليم كوردستان والتي ادت، وستؤدي وإلى امد طويل ، إلى النيل من المواطنين سكنة الإقليم وليس من سياسيي الإقليم والمتسلطين على موارده الإقتصادية والناهبين لخيراته. إذ ان هؤلاء قد امنوا مستقبلهم ومستقبل اولادهم واحفادهم ولعقود طويلة من الزمن بما اسحوذوا عليه من موارد اقتصادية وعقارات داخل وخارج الوطن وحسابات مصرفية لا تنضب.

إن معاناة الإنسان البسيط وذوي الدخل المحدود من الإجراءات الإقتصادية المفروضة على الشعب في الإقليم سوف لن تساهم في حل الإشكالات الناجمة عن سياسة التخلف الفكري والتوجه العنصري والتخندق المذهبي التي مارسها سياسو المركز والإقليم على حد سواء، بل بالعكس فإن مثل هذه السياسات الهوجاء سوف لن تزيد إلا الفرص المؤاتية لكل القوى المعادية للشعوب بكل قومياتها ولكل الأوطان التي يجسد هذا المواطن البسيط صفة المواطنة في البقع المشتتة التي يعيش عليها من اية قومية كان ولأي دين انتمى.
وعلى هذا الأساس يصبح لزاماً على كل عراقي ينتمي حقاً إلى هذا الوطن ويجسد روح المواطنة فيه ان يقف بالضد من كل الإجراءات التعسفية التي يمارسها ساسة العراق المتخلفون تجاه الشعب العراقي برمته شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً. إن على هؤلاء الساسة المعادون لتطلعات الشعب العراقي اينما كانوا، والذين مارسوا بحقه شتى وسائل اللصوصية والإبتزاز والذين لم يكفوا عن اضطهاده ونهب خيراته باسم الدين تارة وباسم القومية تارة اخرى ، عليهم ان يعوا يوماً ما بانهم قد فشلوا فشلاً تجاوز كل مقاييس التقييم المحلي والإقليمي والعالمي واصبحوا قمامة لا مكان يليق بها غير الطبقات السفلى من مزبلة التاريخ .
الدكتور صادق إطيمش