هل يمكن الحديث عن نقابات يسارية، وأخرى يمينية، وأخرى لا يمينية، ولا يسارية؟.....6


محمد الحنفي
الحوار المتمدن - العدد: 5654 - 2017 / 9 / 29 - 15:38
المحور: الحركة العمالية والنقابية     

هيمنة النقابة رهينة باحترام المبادئ النقابية:.....1

إن هيمنة النقابة، أي نقابة، والعمل النقابي، أي عمل نقابي، ليس رهينا بإرادة المسؤولين النقابيين، الذين قد يكونون صادقين، فعلا، في انتمائهم، وفي أدائهم النقابي، وفي احترامهم لمبادئ النقابة، وفي خوض النضالات المطلبية، لصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ومرتبطين بهم ارتباطا عضويا، متحملين من أجلهم كافة التضحيات المادية، والمعنوية، وقد يكونون انتهازيين، لا يسعون إلا للعمل على تحقيق تطلعاتهم الطبقية، على حساب إنتاج عمل نقابي سليم، وعلى حساب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وعلى حساب الصدق في الانتماء النقابي، وعلى حساب القيام بالأداء النقابي السليم، وعلى حساب احترام المبادئ النقابية، وعلى حساب الإخلاص في خوض النضالات المطلبية، وعلى حساب الاستعداد لكافة التضحيات المادية، والمعنوية؛ لأن الانتهازيين النقابيين، المرضى بتحقيق تطلعاتهم الطبقية، لا يمكن أن يتخلوا عن انتهازيتهم.

فالانتهازية التي تعتبر مرضا عضالا، يصعب التخلص منه، وغالبا ما يصاب به القياديون النقابيون، الذين يستغلون مسؤولياتهم، لنسج علاقات مشبوهة، مع الجهات المختلفة، من أجل ممارسة الابتزاز عليها، ومن أجل التوسط لديها، لقضاء المصالح الخاصة بزبناء المسؤول النقابي، ولأخذ التوجيه منها، في شروط معينة، وللعمل على حل مشاكل النقابيين، أو أصحاب الملفات النقابية، إذا ما دعت الضرورة إلى ذلك، في إطار العمل على إرضاء الإدارة. بالإضافة إلى أن المسؤول النقابي المتفرغ، لا يقوم بالمداومة، لينصرف إلى خدمة مصالحه الخاصة، في حالة تفرغه للعمل النقابي، ليصير تفرغه مجرد ريع مخزني، كباقي أشكال الريع، التي يتمتع بها أصحاب الامتيازات في المجتمع. وهو ما يعني: أن المسؤول النقابي بهذه الصفات، والممارسات التي ذكرناها، لا يمكن ان يكونوا أوفياء للنقابة، وللعمل النقابي السليم، ولا يمكن أن يسعوا، أبدا إلى فرض هيمنة النقابة، والعمل النقابي، بمفهومهما الصحيح، في المجتمع، وفي صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين؛ لأنه لا يمكن الجمع بين المتناقضين: فإما أن يكون المسؤولون النقابيون منتمين لنقابة مبدئية، محكومة باحترام المبادئ، ومنتجين للعمل النقابي المبدئي، الذي تحترم في إنتاجه المبادئ النقابية، وإما أن يعملوا على بناء النقابة التحريفية، التي لا يمكن أن تعبر عن مبدئية النقابة، ولا تحترم فيها المبادئ، والتي تكون محكومة بعلاقات المحسوبية، والزبونية، والإرشاء، والارتشاء، محليا، وإقليميا، وجهويا، ووطنيا. وهو ما يجعل النقابة، والعمل النقابي، يعرفان نزيفا لا محدودا، على جميع المستويات، ويصير المسؤولون النقابيون، الذين ينتهزون كل الفرص الممكنة، وغير الممكنة، لتحقيق تطلعاتهم الطبقية، على حساب البناء النقابي المبدئي، الذي تحترم في إطاره المبادئ النقابية، وعلى حساب إنتاج عمل نقابي مبدئي، لصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

ومن أجل أن تصير الهيمنة للنقابة، والعمل النقابي، في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، لا بد أن يحرص المسؤولون النقابيون على أن تكون النقابة، والعمل النقابي، مبدئيين، لا وجود فيهما لأية شبهة، توحي باستغلال النقابة، والعمل النقابي، لصالح المسؤولين النقابيين، وأن يحرصوا على احترام المبادئ النقابية، حتى لا تصير النقابة تحريفية.

فالحرص على اعتبار النقابة مبدئية، يجب أن تراعى فيه: أن النقابة لا تستغل من قبل المسؤولين النقابيين، لتحقيق التطلعات الطبقية، ويجب أن يتم ذلك، من منطلق: أن المشاكل التي يعاني منها المسؤولون النقابيون، هي جزء من المشاكل العامة، والخاصة، للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، والتي تعمل النقابة على إيجاد حلول جذرية لها، في إطار المعالجة اليومية للملفات المطلبية العامة، والملفات المطلبية الخاصة، التي تتجدد باستمرار.

وفي حالة عدم اعتبار النقابة مبدئية، فإن المسؤولين النقابيين، يوظفونها في الاتجاه الذي يريدون، لممارسة الابتزاز على ذوي الملفات الخاصة، وعلى الإدارة، ومن أجل تحقيق التطلعات الطبقية، التي تعتبر مرضا عضالا، لا يصاب به المسؤولون النقابيون، الذين يفضلون انتهاز الفرصة، لتحمل مسؤولية النقابة، من أجل استغلال تلك المسؤولية النقابية، لتحقيق تطلعاتهم الطبقية، على حساب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

ولذلك، فالتصدي للا مبدئية النقابة، يصبح من واجب جميع النقابيين، المنخرطين في نقابة معينة، يستغلها المسؤولون النقابيون، لخدمة مصالحهم الخاصة، حتى لا يسجل التاريخ سلبيتهم، وحتى لا تصبح النقابة سوقا للنخاسة، في مشاكل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين ويتبرجز على أساس ذلك المسؤولون النقابيون.

وبالنسبة للحرص على احترام المبادئ النقابية، فإنه يسير في اتجاه تفعيل مبادئ الديمقراطية، والتقدمية، والجماهيرية، والاستقلالية، والوحدوية، لتحصين النقابة من كل أشكال التحريف، التي تقود إلى جعل النقابة في خدمة البيروقراطية، أو القيادة التابعة لحزب معين، أو القيادة الحزبية، أو القيادة العاملة على توظيف الإطار النقابي لتأسيس حزب معين، أو في خدمة القيادة الرجعية، أو في خدمة نخبة معينة، أو في خدمة التمزق النقابي، في نهاية المطاف.

فاحترام الديمقراطية، يعني في عمق الممارسة النقابية، الحرص على بناء الإطار النقابي على أسس ديمقراطية سليمة، وفي إيجاد هياكله المختلفة، بإشراك جميع النقابيين، ,في بناء الملفات المطلبيية، وفي وضع البرامج النقابية، وفي تنفيذ تلك البرامج، وفي اتخاذ القرارات النضالية، وفي أجرأة تلك القرارات، على أرض الواقع، مهما كانت التضحية، التي يقدمها النقابيون بصفة عامة، ويقدمها المسؤولون النقابيون بصفة خاصة.

ومن احترام الديمقراطية، قيام المسؤولين النقابيين، بجعل النقابة في خدمة النضال الديمقراطي العام في المجتمع، وفي خدمة الديمقراطية الداخلية للتنظيم النقابي، تعبيرا عن احترام مبدأ الديمقراطية، المعتمدة في النقابة، التي تحترم مبادئها.

فجعل النقابة في خدمة النضال الديمقراطي العام، يقتضي من المسؤولين النقابيين، الانخراط في إطار الجبهة الوطنية للنضال من أجل الديمقراطية، وأن تضع برامجها على أساس تحقيق مضامين الديمقراطية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وأن تعمل على دعم، ومساندة كل الإطارات، التي تناضل من أجل الديمقراطية، حتى يتأتى للنقابة أن تناضل، من أجل تحقيق الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وأن ترتبط بالنضال الديمقراطي، وبالحركة الديمقراطية، الساعية إلى تحقيق الديمقراطية في المجتمع.

والعمل على تفعيل الديمقراطية الداخلية للنقابة، يقتضي الإشراك الفعلي للقواعد النقابية، في اختيار الأجهزة النقابية، وفي وضع البرامج النقابية، وفي اتخاذ القرارات النضالية، وفي تنفيذ تلك القرارات، حتى يحصل تكامل تام، بين القيادة، والقواعد النقابية، على أساس احترام الديمقراطية الداخلية، التي تعتبر شرطا لقيام تنظيم نقابي سليم، ولإنتاج عمل نقابي فاعل في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وفي حياتهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، في أفق تحسين أوضاعهم المادية، والمعنوية.

وكذلك نجد أن احترام التقدمية، وحرص المسؤولين النقابيين، على توعية العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بأوضاعهم المادية، والمعنوية، وبضرورة انتمائهم إلى النقابة التي تدافع عن مصالحهم، وبضرورة المشاركة الفعالة في بناء التنظيم النقابي المبدئي، الذي تحترم في إطاره المبادئ: هيكلة، وبرنامجا، ومواقف، وقرارات نضالية، من أجل الارتقاء بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين ماديا، ومعنويا؛ لأن مفهوم تقدمية النقابة، مختلف عن مفهوم تقدمية الحزب، وعن مفهوم تقدمية الدولة، خاصة، وأن تقدمية النقابة، تتجسد فيما عليه العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من حرص على امتلاك الوعي بأوضاعهم المادية، والمعنوية، وبما يمارس عليهم من استغلال مادي، ومعنوي، وبالأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وبالنضال من أجل تحسين أوضاعهم المادية، والمعنوية، في إطار مواجهة الاستغلال الهمجي المعولم، والانخراط في الإطارات التي تخوض الصراع، ضد الطبقة الحاكمة، وباقي المستغلين، وسائر المستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي، في أفق تغيير الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، لصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

والنقابة التي لا تجسد هذا المفهوم التقدمي، الذي يسعى إلى الارتقاء بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، إلى درجة امتلاك وعيهم الطبقي، لا يمكن أن تكون تقدمية، ما دامت لا تراهن إلا على المحسوبية، والزبونية، والإرشاء، والارتشاء.