في الذكرى العاشرة لوفاة د. حيدر عبد الشافي كم نحن بحاجة إلى قيمه وحكمته


محسن ابو رمضان
الحوار المتمدن - العدد: 5650 - 2017 / 9 / 25 - 17:06
المحور: القضية الفلسطينية     

في الذكرى العاشرة لوفاة د. حيدر عبد الشافي
كم نحن بحاجة إلى قيمه و حكمته

بقلم / محسن ابو رمضان

اعتدت بالذكرى السنوية لوفاة القائد الوطني الكبير د.حيدر عبد الشافي كتابة مقالة وفاءً له ولمسيرته ولمبادئه ، حيث تحي الشعوب ايامها الوطنية والاحزاب ايام انطلاقتها ، ونحن هنا نحي الذكرى العاشرة لوفاته احياءً لقيمه ومبادئه وثقافته و لنعاهده بان نسير على دربه ، درب التمسك بالحقوق والثوابت ، درب الوحدة الوطنية ، درب الشافية والاستقامة والنزاهة ، درب الديمقراطية واحترام التعددية ومبادئ حقوق الانسان ، درب العدالة الاجتماعية .

لقد تركزت شخصية د. حيدر في ثلاثة محاور رئيسية :-
المحور الوطني ، المحور الديمقراطي والحقوقي ، المحور الاجتماعي .

بالمحور الوطني :-
كان عنواناً للوحدة الوطنية فقد ساهم بتشكيل العديد من الجبهات الوطنية وابرزها الجبهة الوطنية المتحدة بعد احتلال عام 67 ، ولجنة التوجيه الوطني عام 77 ، والقيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة عام 87، كما ساهم في تأسيس العديد من التجمعات والاطر التي آمن بأنها من الممكن ان تساهم في تجميع طاقات شعبنا ومنها حركة البناء الديمقراطي والمبادرة الوطنية الفلسطينية ، ولكن في اطار ايمانه بان تكن تلك الحركات انوية لأوسع تجمع وطني وديمقراطي بعيداً عن الفئوية والعصبوية الحزبية الضيقة .
كان مدركاً لأهمية قانون الوحدة للشعوب التي تقع تحت الاحتلال وبأنها شرط الصمود والانتصار ، وربما من المرات القليلة التي بكى بها في حياته عندما سمع عن احداث الانقسام في عام 2007 وكان على فراش المرض .
ويذكر انه لم يكن سياسياً برغماتياً بل كان مبدأياً حاملاً لرسالة شعبه وهو ما عكسه في خطابه ومواقفه الرائعة في مؤتمر مدريد ومفاوضات واشنطن وعبر تمسكه الواضح بأهمية وقف الاستيطان بوصفه المعيق الرئيس لإمكانية اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وهو ما برز بعد ذلك بوضوح ، حيث تعلن حكومة الاحتلال يومياً عن بناء آلاف الوحدات الاستيطانية وقد ارتفع عدد المستوطنين بعد توقيع اتفاق اوسلو إلى حوالي 750 الف بعد ما كانوا حوالي 120 الف بالضفة الغربية .
المحور الديمقراطي والحقوقي : -
رأس اول مجلس تشريعي في عام 62 في فترة الإدارة المصرية وكان المجلس مكون من دائرتين واحدة يتم تعين الاعضاء بها والثانية يتم انتخابهم وقد كان د. حيدر من الدائرة المنتخبة ونال باقتدار وجدارة رئاسة هذا المجلس ، كما اصبح بعد ذلك عضواً بالمجلس الوطني الأول الذي عقد بالقدس عام 64 وعضواً باللجنة التنفيذية للمنظمة .
آمن بالديمقراطية وبأهمية تحقيق مشاركة المواطنين باختيار ممثليهم وبسبب مبدأيته فقد حصل على أعلى الاصوات بانتخابات المجلس التشريعي الاول الذي عقد عام 96 بعد تأسيس السلطة الوطنية .
كان يؤكد ان سيادة القانون والفصل بين السلطات واحترام الحريات وكرامة المواطنين تعتبر شرطاً لصمود شعبنا ومدخلاً هاماً باتجاه التحرر وتحقيق الاستقلال الوطني .
أمن بثقافة الاختلاف والتعددية والتسامح وتقبل الاخر وآمن بفلسفة المواطنة المتساوية والمتكافئة بين الناس .
ونتيجة لإيمانه بثقافة الديمقراطية وحقوق الانسان فقد اصبح مفوضاً عاماً للهيئة المستقلة لحقوق المواطن .
كما ساهم بفاعلية بتأسيس العديد من المنظمات الأهلية لقناعته بأنها أحد أدوات الصمود ومنها جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في قطاع غزة ، شبكة المنظمات الأهلية ، مركز الديمقراطية وحقوق العاملين ، اللجنة الوطنية لتأهيل المعاقين ، كما كان عضواً بالعديد من مجالس امناء لبعض المؤسسات الهامة ابرزها مستشفى المقاصد الخيرية ، جامعة بير زيت .
المحور الاجتماعي :-
كان مؤمناً بقضايا الجماهير ومنتصراً للفقراء والمهمشين منهم ، وكان بالعديد من المرات يعالجهم بالمجان ، وقد استحق بجدارة لقب طبيب الفقراء في ادراك عميق للمعنى الاجتماعي لمهنة الطب ، كما كان يكرس جهوده وعلاقاته لتوفير مقومات العيش الكريم لعائلات كاملة في غزة وفي فلسطين بصورة عامة .
إن احيائنا للذكرى العاشرة لوفاة د. حيدر عبد الشافي بات من باب الوفاء لهذا القائد العظيم وباتجاه إعادة انتاج قيم الوطنية والديمقراطية والاجتماعية ، ومن اجل تعليمها للأجيال القادمة على طريق انهاء الانقسام وتحقيق الوحدة ، وترتيب البيت الداخلي ونظام سياسي فلسطيني ديمقراطي تعددي مبنى على الشراكة وليس الاقصاء والهيمنة وذلك في مواجهة التحديات السياسية وخاصة تحديات الاحتلال والحصار والعدوان والاستيطان وبناء جدار الفصل العنصري ومنظومة الابارتهايد ، والتحديات الداخلية من اجل استعادة الديمقراطية المفقودة بسبب الانقسام واعادة بناؤه بطريقة انتخابية وديمقراطية ومن اجل نظام سياسي يحافظ على حقوق المواطنين وخاصة الفقراء منهم والمهمشين والضعفاء .

أننا بأمس الحاجة الى إعادة استلهام وانتاج قيمه النبيلة وحكمته الاصيلة في إدارة الامور وذلك من اجل صيانة مجتمعنا والمساهمة في بناؤه من اجل الصمود والتحرر والديمقراطية والعدالة الاجتماعية .
إذا كان د. حيدر عبد الشافي عنواناً للوحدة الوطنية فإن غيابه يجب ان يحفزنا على تشكيل تجمع من كل المخلصين الوطنيين لقضية شعبنا ، حيث بوحدتهم ممكن ان يشكلوا ذات المهام التي كان يقوم بها د. حيدر ويدعو لها وأهمها قضية تحقيق الوحدة الوطنية ، خاصة مع افتتاح آفاق جديدة للمصالحة وعبر الدور المشكور لجمهورية مصر العربية ، فنحن بحاجة إلى تشكيل جبهة لصيانة اتفاق المصالحة وذلك عبر عدم السماح بالعودة إلى الوراء والسير قدماً على طريق الوحدة وفق برنامج سياسي وعقد اجتماعي مبنى على الديمقراطية واحترام التعددية وثقافة المواطنة المتساوية والمتكافئة .