أمريكا هي أساس الجحيم الشرق أوسطي


جواد بشارة
الحوار المتمدن - العدد: 5638 - 2017 / 9 / 12 - 20:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

بعيداً عن نظرية المؤامرة : أمريكا هي أساس الجحيم الشرق أوسطي
إعداد وتحرير وترجمة د. جواد بشارة

منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وخلال فترة الحرب الباردة مع المعسكر الاشتراكي، كانت الولايات المتحدة الأمريكية تخوض حرباً شرسة بكل الوسائل، وساحة تلك الحرب هي منطقة الشرق الأوسط الغنية بالنفط، وهذه بديهية لكل محلل سياسي محايد وموضوعي يضع الأمور في نصابها الصحيح. فكافة الحروب التي دارت في هذه المنطقة سببها ومصدرها كان ومايزال هو الولايات المتحدة الأمريكية وهي بالتالي منبع الشرور والمآسي التي أصابت و ما تزال تصيب شعوب الشرق الأوسط وبضمنها العالمين العربي والإسلامي. لحسن الحظ هناك ما يعرف بحرية التعبير المقدسة في الغرب والتي بفضلها تكشف الأسرار وتظهر الحقائق وتنشر لكي يطلع عليها الرأي العام. لذا لم يعد ممنوعاً أـو محرماً على أحد الكشف عن الأدوار الحقيرة التي لعبتها أمريكا في خلق وتقوية وتعزيز ونشر الحركات الإسلاموية الجهادية المتطرفة والتكفيرية . وما أن اندلعت الثورة الإسلامية الخمينية في إيران وأطاحت بعرض الشاه الحليف الأكبر والأهم في المنطقة للولايات المتحدة الأمريكية بعد إسرائيل، وكذلك ، على وجه الدقة والتحديد، منذ أن دخلت القوات السوفيتية إلى أفغانستان لإنقاذ النظام الشيوعي الحاكم ومنعه من السقوط، بدأت الخطة الجهنمية الأمريكية في استغلال الدين الإسلامي لكبح واستئصال النفوذ السوفيتي في المنطقة بذريعة أنه فكر شيوعي إلحادي، وباشرت بالتعاون مع دول الناتو حلف شمال الأطلسي في خوض حرب استنزاف كان حطبها وقودها هو شعوب المنطقة. فقامت بدعم وتدريب وتسليح الحركات الجهادية الأفغانية المختلفة بالتعاون والتنسيق مع المخابرات الباكستانية ورفدتها بكتائب المتطوعين العرب والمسلمين فيما عرف لاحقاً بتنظيم القاعدة الإرهابي الدولي بزعامة ألإرهابي الشهير أسامة بن لادن وذراعه اليمين المصري أيمن الظواهري الذي ورث زعامة التنظيم الإرهابي بعد مقتل زعيمه في منطقة الحدود الباكستانية الأفغانية داخل الأراضي الباكستانية . وسبق لها أن كانت وراء الحرب الدامية بين العراق وغيران على مدى ثمان سنوات استنزفت فيها البلدين مادياً وبشرياً ثم استكملت دورها الدموي والإجرامي عندما خدعت حاكم العراق الأرعن المقبور صدام حسين وأوهمته بأنها لا تمانع في غزوه للكويت ثم قامت بشن حرب تحت راية التحالف الدولي وبتفويض أممي لكي تضربه وتطرده من الكويت وتفرض على الشعب العراقي حصاراً ظالماً دام لمدة عقد ونصف تقريباً أعاد الشعب العراقي نصف قرن إلى الوراء. ثم استكملت خطتها الجهنمية بغزو العراق سنة 2003 وإسقاط نظام الطاغية وتفتيت هذا البلد وإغراقه في الفوضى والدمار والتفكك ثم دعمت حليفاتها في حلف الناتو لإطاحة نظام القذافي في ليبيا ، ثم التفتت إلى سوريا وكانت تنوي إطاحة النظام البعثي الحاكم برئاسة بشار السد الذي خلف والده على الحكم عام 2000ن لكنها اصطدمت هذه المرة بالعقبة الروسية التي وقفت لها بالمرصاد. نشرت صحيفة الواشنطن بوست مؤخراً مقالاً تحدثت فيه عن نهاية الدعم الأمريكي للمعارضة السورية المسلحة ووقف المساعدة العسكرية واللوجستيكية التي تقدمها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية السي آي أ للمتمردين المسلحين " المعتدلين" الذين كانوا يسعون لإطاحة نظام الأسد ، منذ اندلاع أحداث التمرد عام 2011 ، وخاصة إبان العام 2015 عندما قررت روسيا التدخل المباشر في سوريا لمنع تحقيق هذا السيناريو الفوضوي وهذا الوصف هو الذي استخدمه كاتب التقرير في صحيفة الواشنطن بوست دافيد إنياتوس David Ignatus والذي اعترف فيه أنه لم يعد بوسع الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها ، وبالذات فرنسا وبريطانيا ، تقديم بديل سياسي ديموقراطي معتدل و مقبول وصالح في مواجهة الحكومة السورية القائمة. كما اشار المحلل السياسي المتخصص بسوريا شارل ليستر Charles Lister إلى نهاية تلك الحرب السرية التي أعدتها ونسقت أطرها وحيثياتها المخابرات الأمريكية سي ىي أ حيث قامت بتشكيل قوة مقاتلة قوامها 45000 شخصاً لإنجاز تلك العملية وكانت تحمل إسم Timber Sycamore، منذ يناير كانون الثاني 2016. ولقد ذكر الأستاذ الجامعي المتخصص بالعلوم السياسية والاستراتيجية جوشوا لانديس Joshua Landis بأن أولئك المعارضون والمتمردون " المعتدلون modérés" الذين كانوا يتلقون العون والدعم والمساعدة والتسليح والتدريب من قبل المخابرات الأمريكية وحلفاؤها الغربيين والإقليميين ، كانوا في الواقع يقاتلون جنباً إل جنب، لغاية العام 2014، مع الميليشيات الإرهابية التي أصبحت فيما بعد تدعى بتنظيم الدولة الإسلامية " داعش" بعد مرور ستة أشهر عند إعلان أبوب بكر البغدادي نفسه خليفة للمسلمين وتأسيس دولة الخلافة الإسلامية وهو الأمر الذي أكده الخبير بالشؤون السورية فابريس بلانش Fabrice Balanche والذي ذكر أن هؤلاء المقاتلين المعتدلين لم يحاربوا داعش أو يتواجهوا معها عسكرياً إلا بعد عام 2014 وكانوا قبل ذلك يعملون يداً بيد مع هذه المنظمة الإجرامية . ومنذ أن قطعوا الاتصال والتنسيق مع داعش قاموا بمد الجسور مع نظيرتها الإرهابية وهي القاعدة في سوريا التي كانت تحمل جبهة النصرة لغاية تموز 2016، قبل أن تغير إسمها وتقطع شكلياً وإعلامياً فقط، صلاتها بتنظيم القاعدة الإرهابي الدولي الأم الذي كان يقوده بن لادن ويقوده اليوم ايمن الظواهري، وصارت تسمي نفسها الآن بهيئة أحرار الشام. لقد أشارت صحيفة النيويورك تايمز في أكتوبر الماضي 2016 ، إبان المعركة الفاصلة والنهائية لاستعادة مدينة حلب الشرقية ، كان هناك 11 تنظيماً مسلحاً من مجموع 20 تخوض هجوماً تؤيده وتسنده المخابرات المركزية الأمريكية CIA، واستلموا من الوكالة الأمريكية الشهيرة أسلحة متطورة كما ذكر شارل ليستر وهو باحث ومتخصص بسوريا من معهد الشرق الأوسط في واشنطن، وفي هذا السياق صرح ليستر وخبراء آخرون بأغلب أغلب التنظيمات المسلحة السورية المعارضة والمتمردة التي تؤيدها وتدعمها الولايات المتحدة الأمريكية في حلب كانت تقاتل داخل المدينة وتقصف القوات الحكومية السورية بأسلحة أمريكية متطورة وحديثة وكانوا يساندون وينسقون مع مقاتلي جبهة النصرة أي القاعدة العدو الأول للولايات المتحدة الأمريكية منذ الحادي عشر من أيلول 2001 وحوادث تدمير برجي التجارة العالمية التوأمين.والحال أن جميع التشكيلات المسلحة " المعتدلة" التي ترعاها وتدعمها وتسلحا وتمولها أمريكا وبعض الدول العربية والإسلامية، تعتمد في وجودها داخل سوريا ، إما على داعش أو على جبهة النصرة أي القاعدة في كل شيء في التنظيم والتخطيط والتنفيذ والقوة النارية كما اشارت إلى ذلك المحللة والخبيرة جنفييف كاساغراند Genevieve Casagrande المتخصصة بسوريا داخل معهد دراسات الحرب في واشنطن l’Institute for the Study of War à Washington. »
بات واضحاً وجلياً ومثبتاً بأن الـ CIA وحلفاؤها الدوليين والإقليميين ساندوا الجهاد الإسلاموي الإرهابي في سوريا وهناك عدة عناصر محيرة ومثيرة للريبة تم الكشف عنها في هذه العملية التي كانت سرية في البداية وباتت علنية فيما بعد. علماً بأن الولايات المتحدة الأمريكية تدعي أنها تحارب الإرهاب الدولي بكل مسمياته وعناوينه منذ 2001 لكنها في الحقيقة كانت تساعد وتدرب وتسلح عناصر إرهابية تقاتل في صفوف القاعدة داخل الأراضي السورية ولم يشكل لديها ذلك أي مشكلة أو تأنيب ضمير خاصة لدى القادة السياسيين والعسكريين والأمنيين الأمريكيين وحلفاؤهم الغربيين الذين يعرفون هذه الحقيقة . كانت الحكومة الأمريكية ، كما ذكر الخبير جوشوا لانديس، تعرف منذ عام 2012 أن كميات السلاح الضخمة التي تقدر بآلاف الأطنان، والتي سلمتها المخابرات الأمريكية الـ CIA، ومعها خمسة عشر جهازاً مخابراتياً حليفاً ، من تركيا إلى الأردن، مروراً بالسعودية وقطر والإمارات، كانت تصل إلى أيدي الجهاديين الإسلامويين التكفيريين الإرهابيين في تنظيمي داعش والنصرة كما كشفت عن ذلك صحيفة نيويورك تايمز في أكتوبر سنة 2012. وإن المستفيد الأول من شحنات الأسلحة الأمريكية والأوروبية المتطورة هو تنظيم القاعدة في سوريا أي جبهة النصرة وهو واقع الحال في كل مناطق القتال والجبهات السورية لا سيما في إدلب حيث سيطرت عليها كلياً جبهة النصرة التي باتت تعرف بهيئة تحرير الشام.
لقد تم تأكيد وإثبات هذا الإنحراف الخطير على يد الصحافي المخضرم والمتخصص بالشؤون العسكرية والتسليح غاريت بورتر Gareth Porter،في مقال حمل عنوان " كيف سلحت الولايات المتحدة الأمريكية الإرهابيين في سوريا Comment les États-Unis ont armé des terroristes en Syrie، وقال فيه إن هذا التدفق الهائل والمكثف للأسلحة بتنسيق وتخطيط وتنفيذ المخابرات المركزية الأمريكية سي آي أ باتجاه الأراضي السورية وكذلك إدخال 20000 مقاتل من المتطوعين الأجانب ومساعدتهم على التسلل إلى سوريا عبر الأراضي التركي بالأساس والأراضي الأردنية والعراقية أيضاً ، هو الذي حدد طبيعة هذه الحرب التدميرية على حد تعبير غاريت بوتير مستنداً في ذلك إلى معلومات تتعلق بشبكة لتهريب الأسلحة أعدتها المخابرات الأمريكية CIA، وحلفاؤها من مصادر مختلفة ، من البلقان وليبيا وكذلك شراء 15 ألف صاروخ تاو صنعت في الولايات المتحدة الأمريكية في مصانع رايثيون Raytheon من قبل العربية السعودية لصالح الجهاديين الإرهابيين في سوريا، وهي صواريخ مضادة للدبابات والدروع والتي أدخلت بكثافة وكميات كبيرة لزجها في هذه الحرب منذ سنة 2014مما تسبب في وقوع خسائر فادحة بين صفوف القوات السورية النظامية وكانت السبب الرئيسي للتدخل الروسي المباشر في الحرب منذ خريف 2015. كما أضاف غاريت بورتير في تقريره الموثق أن كميات السلاح النوعي الذي حقنته المخابرات الأمريكية في صلب الحرب السورية عبر حلفاؤها في هذا الصراع قد ساهم في تقوية فرع القاعدة السوري ، أي جبهة النصرة، والتنظيمات المقربة منها ممن يحارب قوات السد وهذا ما ساعد على بروز تنظيم الدولة الإسلامية داعش فيما بعد. يجدر بنا التذكير إلى أنه في الأصل كانت جبهة النصرة والدولة الإسلامية شيء واحد قبل الانشقاق والخلاف على النفوذ بينهما في ربيع 2013والذي أدى إلى مصادمات ومواجهات مسلحة دامية بين التنظيمين ، أي بين المقاتلين العراقيين وهم الأغلبية في تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والمقاتلين السوريين وهم الأغلبية في جبهة النصرة ، والحال أن العراقيين في تنظيم الدولة الإسلامية هم الذين أسسوا في صيف 2011 تنظيم جبهة النصرة على يد السوري محمد الجولاني الذي أعلن عن التنظيم رسمياً في يناير 2012، و بأمر وطلب من أبو بكر البغدادي نفسه قبل إعلان دولة الخلافة داعش في العراق والشام . فمحمد الجولاني كان مقاتلاً جهادياً إرهابياً في العراق وكان يدعي محاربة قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تحتل العراق، ولقد كلفه أبو بكر البغدادي بالتوجه إلى سوريا وتشكيل فصائل جهادية مقاتلة هناك لمحاربة نظام بشار السد بالتنسيق مع الدولة الإسلامية في العراق وبمباركة وتأييد تنظيم القاعدة الإرهابي الدولي بزعامة أيمن الظواهري. ولقد نشرت مجلة السياسة الخارجية مقالاً عن هذا الموضوع وتحدثت عن وساطات قام بها الظواهري بين التنظيمين قبل حصول القطيعة النهائية ، وكانت هناك كمية كبيرة من مقاتلي جبهة النصرة ممن رفضوا إتباع زعيمهم محمد الجولاني عن حصول الانشقاق علناً في نيسان 2013 بين الكيانين الإرهابيين وقدموا البيعة للخليفة أبو بكر البغدادي وكان عددهم يناهز الخمسة عشر ألف مقاتل من مجموع 20000 حسب تقديرات الباحث فابريس بلانش. ولقد نجحت الدولة الإسلامية في العراق والشام داعش من السيطرة على أغلب مواقع ومقرات وثكنات جبهة النصرة شمال سوريا ومعها بالطبع مخازن أسلحة وعتاد وذخيرة لأن الجولاني رفض الانصياع للبغدادي والانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام داعش تحت قيادة ابو بكر البغدادي سنة 2014. بعبارة أخرى إن تهريب الأسلحة والذخائر والعتاد الذي نظمته المخابرات الأمريكية لتجهيز المتمردين السوريين " المعتدلين" كان في واقع الأمر لصالح داعش والنصرة على نحو مباشر و غير مباشر وساهم في ترسيخ وتدعيم قوتيهما على حساب التنظيمات المسلحة الأخرى كالجيش الحر ولم يشر أحد إلى هذه الحقيقة المعروفة منذ عام 2012 إلا قلة من الإعلاميين الغربيين.
وتحت يافطة " المعارضين أو المتمردين المعتدلين" لعبت أمريكا دورها القذر في المنطقة لدعم ومساعدة وتسليح وتقوية الإرهابيين التكفيريين. ونفس الشيء فيما يتعلق برنامج التدريب والتأهيل العسكري لآلاف المقاتلين تحت إشراف الوكالة المخابراتية وحليفاتها مما دفع بعدد من خبراء القوات الخاصة الأمريكية والغربية إلى تدريب كميات كبيرة من الجهاديين الإرهابيين المنتمين فعلياً ولن بسرية تامة إلى جبهة النصرة أو إلى داعش، وظاهرياً إبى تنظيمات مستقلة معتدلة كما تدعي الوكالة الأمريكية وفق مصادر سرية لم تعلن عن نفسها وسربت الخبر في هيئة الـ SOCOM و الــ CIA، المتورطتان في هذه العملية.
فكثير من المرتزقة الذين جندتهم وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIAن أخفوا انتماءاتهم الحقيقية أو ميولهم الحقيقية وتعاطفهم الحقيقي مع التنظيمات الإرهابية الدولية كداعش والقاعدة أو النصرة، فكانت عملية اختيار المتطوعين متحللة وسهلة للغاية وبدون تدقيقات أولية صارمة لمهم فقط هو تأمين واجهة مقبولة تحت تسمية " المقاتلين المعتدلين"
ففي الحقيقة كانت العملية برمتها لهذه العملية تسير وفق ديناميكية مبرمجة تتلخص في أن تتم عملية افشراف والتنظيم والتنسيق من قبل الـ CIA، وخمسة عشر جهاز مخابرات حليف تابعة لفرنسا وبريطانيا وغسرائيل وتركيا والعربية السعودية وقطر تتكفل كلها بالتمويل والتجهيز والتسليح والتدريب والتسلل وتوفير الدعم اللوجيستي انطلاقاً من الأراضي التركية والأردين المحاذية لسوريا وتصب كلها في صالح الجماعات المسلحة الجهادية الرئيسية الكبرى ألا وهي داعش وجبهة النصرة والفتات منها يذهب للجيش الحر. وبتعبير آخر أكثر صراحة ومباشرة، على لسان سم هيلر Sam Heller، إن المعلن هو أن عمليات الدعم والتسليح الأمريكي كانت تحصل بإسم دعم وتقوية تسليح الجيش السوري الحر المنشق عن الجيش السوري النظامي (l’“Armée syrienne libre ASL),والحال أن هذا الأخير كان يستخدم كجسر ومعبر لوصول الأسلحة لتشكيلات مسلحة إسلاموية تكفيرية جهادية وإرهابية قوية مثل فرع القاعدة في سوريا جبهة النصرة ونظيره تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام " داعش" لم تكن هذه الانحرافات دائماً مقصودة وإن كانت دائماً مبررة بانتظام ، لأنها كانت تتم أحياناً عن طريق تجار سلام مشهورين ومعروفين في تجارة الأسلحة في السوق السوداء من أمثال شق شق Cheg Cheg، الذي أشرف على تهريب الأسلحة بواسطة القبائل البدوية والتي تم تسريبها أو سرقتها من قواعد خزن أسلحة تابعة للـ CIA، ونقلها إلى قواعد ومعسكرات سرية في الأراضي التركية والأردنية من خلال هذا المهرب المحترف الذي عمل كوسيط بين مهربي السلاح والمنظمات الإرهابية ، وقد قتل هذا المهرب في غارة جوية أصابت سيارته الشخصية في سوريا، كما كشفت عن ذلك الجريدة الإماراتية The National.ae، التي ذكرت عملية نقل الأسلحة التابعة للمخابرات الأمريكية وحليفاتها إلى داعش على نحو غير متعمد ورغم إرادتها عبر شبكة شق شق ، ولكن تحقيقاً معمقاً نشرته صحيفة يم م الأحد الفرنسية JDD بأنه لا يوجد أدنى شك بأن مخابرات دول الخليج ، وعلى رأسها المخابرات السعودية، قد سلحت عن عمد تنظيم داعش في سوريا وفي العراق أيضاً عبر خط تجهيز بالأسلحة يمر عبر البلقان والشرق الأوسط أعدته بإحكام المخابرات الأمريكية إبتداءاً من يناير 2012. ولقد أعرب سفير أمريكا السابق في سوريا روبرت فورد Robert S. Ford قناعته بتورط وكالة المخابرات الأمريكية في هذه المناورات والتي فوضت تلك الشبكات التهريبية المتعاونة مع المخابرات الأمريكية والأوروبية والخليجية على تهريب السلحة وإيصالها لداعش والنصرة ولقد ذكر روبرت فورد ذلك في مقال نشره في صحيفة نيويورك تايمز وقال إن الأسلحة كانت تصل إلى جبهة النصرة ومن ثم تستفاد منها داعش قبل حصول الانفصال أو تصادرها داعش بعد دحر جبهة النصرة واحتلال مناطقها ومعسكراتها. ولا توجد أكثر من هذه الصراحة والمباشرة فمن فمك أدينك كما يقول المثل العربي فالكل مسئول عن هذا الوضع لمأساوي أمريكا وأوروبا وحلف الناتو ودول الخليج .