إيران سلامًا


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 5638 - 2017 / 9 / 12 - 11:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

إيران لا ترى الأشياء كما نراها

فهل يعني ذلك ألا نرى إيران؟ ألا نمد يدنا إليها؟ ألا نعمل معها؟ ألا ندافع عن حقنا وحقها؟ ألا نتكلم لغتها المكتوبة بلغتنا؟ ألا نفكر في مستقبل أطفالها وأطفالنا؟ ألا نضع نُصْبَ عينينا تاريخها وتاريخنا؟ تاريخنا واحد مذ كان التاريخ، تاريخنا الصائب لا تاريخنا الكاذب، فالكاذب من تاريخنا صنعته السياسة لِتُبْعِدَنا، لتكون السياسة، والسياسة تكون بالمَبْعَدَة. لهذا، القادم من تاريخنا ستصنعه الحكمة لِتُقْرِبَنا، لتكون الحكمة، والحكمة تكون بالمَقْرَبَة.

بالنظام العلماني الذي سنؤسسه في السعودية

إيران هي الكاسبة الأولى، لأن فصل الدين عن الدولة يعني أول ما يعني تساوي المذاهب في العبادة مع اختلافها في الشعائر، والحال هذه لا حاجة للشيعة إلى السيطرة على السنة ليقودوا العالم الإسلامي، والعكس بالعكس، لا حاجة للسنة إلى السيطرة على الشيعة ليقودوا العالم الإسلامي. هذا الصراع زائف، صراع سياسي لا ديني، فالدين في دولة فاتيكان مكة والمدينة دين كل العباد على اختلاف مذاهبهم، مع الأخذ بعين الاعتبار الخصوصية التي يتمتع بها كل مذهب، خصوصية نحترمها، ونتركها تحافظ على نفسها بنفسها بكل حرية.

بالنظام العلماني الذي سنؤسسه في دول الخليج

إيران هي الكاسبة الأولى، لأن هذا النظام ينظر إلى إيران كدولة بنظامها لا كنظام بدولته، إذن شرعية الدولة الإسلامية من شرعية الوسط إضافة إلى شرعية الله.

بالنظام العلماني الذي سنؤسسه في دول الهلال الخصيب

إيران هي الكاسبة الأولى، لأننا في سوريا سنُبقي على نظام التوريث، ونحل المسألة السورية في خمس دقائق، عندما يتنازل الأب أسد للابن أسد، والباقي يقر الرأي عليه بحسب القول الشعبي "لا غالب ولا مغلوب". لأننا في العراق سنعمل على استقلال أماكن العبادة تحت علم مدني بدون "الله أكبر"، ما أضافه صدام حسين لغاية سياسية لا دينية، بينما غايتنا نحن إنسانية. لأننا في لبنان سنلغي الطائفية، فيهتدي حزب الله بكلام الله وباقي الأحزاب كل حزب بكلام ربه، وتكون هديتنا لهم جميعًا الإيديولوجيا في كفنها والأديان في معابدها، بما في ذلك الشيوعية، فالشيوعية دين كباقي الأديان. لأننا في الأردن وفلسطين وإسرائيل سنجعلهم متحدين في الألم ضد ألمهم، فيمكننا الإبقاء على القدس موحدة بمعابدها وإرادة المؤمنين لا السياسيين تحت علم بلديتها لا أعلام الأعداء، ويمكننا حل مشكلة اللاجئين من الطرفين بالتعويض والسكن والعمل بالفعل أينما أريد وبالاعتراف الفعلي لا بالأحلام، وكذلك يمكننا حل مشكلة المستوطنين بالجنسية المزدوجة لا بإضافة الأوجاع إلى الأوجاع.

بدعم إيران لمشروعنا ماديًا

نكون لها قنبلة سلمية تفوق قوتها ألف مرة قنبلتها النووية، فالعالم أجمع يريد نزع الأسلحة النووية، وطهران تريد اقتناء قنبلة نووية لن تفيدها في شيء اللهم سوى لهط الروس لأموالها، واستنزاف الغرب لقدراتها، فلا يكون لإيران دخولها في الحداثة ولا حتى من بابها الضيق. العصر عصر الطاقة المتجددة، والمفاعلات النووية تُغْلَق أو يُخَطَّط لإغلاقها، فهل ستكون إيران على شفا جرفٍ هاوٍ، ومن اليأس يومًا "عليّ وعلى أعدائي يا رب" تقول؟ إسرائيل التي تملك عشرات القنابل النووية لم تقل، لن تقول، وإلا كان فناؤها. إذن ما فائدة صنعها قنبلتك النووية، يا ابنة الفرس؟ فلنكن قنبلتك السلمية! قنبلة سلمية يمكنها تقويض العروش كلها، عروش الرؤساء قبل عروش الملوك، بينما إيران مهما فعلت وأيةً كانت لن يمكنها. قنبلة سلمية ترغم أمريكا (والغرب) على الرضوخ، ورضوخ أمريكا –بحسب مفهومنا- لا يعني شيئًا آخر غير معاملة مواطنينا معاملتها لمواطنيها، معاملة أحرار، معاملة متحضرين، معاملة بشر يستحقون الحياة، لنعاملها المعاملة الجديرة بالعملاق الاقتصادي، ولنعاملنا المعاملة الجديرة يالقنبلة السلمية، بقنبلة السلام، فننقذ إيران والعالم العربي وأمريكا والعالم.

شرطنا

ألا تتدخل إيران في شئوننا، أن تفتح كفها لنا عن دراية، فلا نستدر الأكف. حكامها أدرى الناس بعملنا للإنسان أيًا كان، أينما كان. وعندما نخدم الإنسان، نخدم إيران، الشعب الإيراني، نخدم العالم العربي، الشعوب العربية، نخدم العالم، شعوب العالم.