أنظمة علمانية


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 5597 - 2017 / 7 / 31 - 21:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

أولاً

تصريح يوسف العتيبة، سفير الإمارات في واشنطن، وفي واشنطن، حول ما تريده بلاده والسعودية ومصر والأردن والبحرين من "حكومات علمانية مستقرة ومزدهرة في الشرق الأوسط"، ليس ابن صدفة، فالنظام العلماني، وليس الحكومة العلمانية، هو ما نطالب بإقامته منذ سنوات عديدة، مما يدل بوضوح على استجابة البيت الأبيض لنا بعد فشل مشروع كوندليزا رايس "الشرق الأوسط الجديد" وفوضاه غير الخلاقة، ومما يدل بوضوحين اثنين لا بوضوح واحد على دفع الإمارات والسعودية ومصر والأردن والبحرين خاصة السعودية إلى قبول رؤيتنا لمستقبل شرق أوسط علماني، يقول السفير الإماراتي خلال عشر سنوات، للمناورة لا غير، فنحن نقول الآن وفي الحال.

ثانيًا

يجب أن تفهم السعودية ومصر والأردن والبحرين والإمارات ما فهمته واشنطن أننا لا نريد حكومات علمانية على شاكلة الحكومات في الأردن أو في مصر أو في سوريا، حكومات لا تعرف العلمانية إلا بالاسم، تتعامل والعلمانية على اعتبار أنها حكومة المجتمع، لا واجبًا من واجبات النظام. نحن نريد أنظمة علمانية، الدين فيها ليس قضيتها، الدين فيها مسألة شخصية، أمر خاص، اختيار فردي، وسفير الإمارات عندما يقول "حكومة علمانية" يحاول عبثًا إخفاء ما ترمي إليه هذه الأنظمة، إقرار السلام الديني في ميدانها الكبير الذي هو المجتمع، والذي خسرت فيه حربها السياسية، ليستقر لها الأمر إلى الأبد كأنظمة قمعية، لا كأنظمة علمانية، وهكذا يتحول مبدأ العلمانية عندها من النظام إلى الحكومة، تحت قراءة مزيفة لمفهوم العلمانية.

ثالثًا

مبدأ العلمانية يقول بإبطال النظام القديم، وإنهاء امتيازات رجال الدين، وتوكيد القيم الكونية التي في مقدمتها حرية المعتقد والمساواة في الحقوق. يكون التعليم فيه على أساس أخلاقي ومدني لا ديني، وكذلك رجال التعليم، والبرامج. ويكون تحرير الدولة المتمثلة بالنظام الجديد من قيودها الدينية وروابطها بالمساجد والكنائس، وخلق معايير سياسية واجتماعية جديدة عمادها العمومية، التي هي مذهب لا يعترف بأية سلطة إلا بالقبول العام، لا بالفردية أو الذرية، رافدها الأساسي الحداثة، لا الشريعة يا سعودية وخاصة لا الوهابية، ونحن بهذا المبدأ نقدم للشعب السيادة لا للحاكم، وتكون للشعب السيد عن طريق منظمات المجتمع المدني مهمة إعادة تحديد الأسس السياسية والاجتماعية المتمثلة بالسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وتنظيم الدولة بمركباتها وممثليها البرلمانيين والسياسيين، التعليم، الحياة المدنية، الحقوق، الأخلاق، إلى آخره، وذلك بمعزل عن كل عقيدة دينية.

رابعًا

هذا يعني أن لا مكان هناك والنظام العلماني للنظام القديم، وأن السفير ابن أبي عتيبة كل ما كان يرمي إليه من وراء تصريحه يوم أمس في واشنطن هو إطلاق بالون تجارب يكون بداية النهاية للأنظمة التي ذكرها، خاصة وهي تجتمع في الوقت نفسه ضد قطر، وكل هذه الكوميديا الهزلية التي تريد أمريكا من ورائها التخلص من حكام قطر ومن الحكام الذين هم ضد قطر، فالسعودية الوهابية أكثر إرهابًا ومصر السيسية والمملكة الهاشمية وكل هذه البلدان الباطونات التي هي دول الإمارات ودولة البحرين.

خامسًا

هذا لا يعني أننا نطالب البيت الأبيض بطردها في الحال، قاعدته العسكرية في قطر هل هي عاجزة عن تنفيذ ذلك بخمس ثوان؟ فهو ربها لو قامت أو قعدت ولو آمنت أو ألحدت، لكننا على استعداد للدخول في مفاوضات معه ومعها اليوم قبل الغد، هكذا نؤسس جميعًا لشرق أوسط جديد بالفعل، ولزمن مزدهر تكون فيه فائدة للجميع.