ادوات وحدة الحركه العماليه الفلسطينيه ،هم غير ادوات التمزيق والانقسام ،المنتفعون من الانقسام متضررون من الوحده


محمود خليفه
الحوار المتمدن - العدد: 5573 - 2017 / 7 / 6 - 00:42
المحور: المجتمع المدني     

عانت الحركه العماليه الفلسطينية داخل الوطن ،في الضفة الفلسطينية ،وفي غزه كثيرا من التباينات البرنامجية التنظيمية والنقابية والسياسية والاجتماعية بسبب حداثة تكوينها بعد الاحتلال الذي وقع عام 1967.وبحكم الحالة التعددية السياسية والتنظيمية وما يترتب عليها من تباينات في المواقف وفي الرؤى واحيانا في السياسة والممارسة .تشكل في الضفة بما فيها القدس عددا من الاطر العماليه بجهود القوى والفصائل الرئيسية لمنظمة التحرير منذ منتصف السبعينيات .وتنافست في ميدان تنظيم العمال وضمهم الى النقابات الفرعية العديده التي تشكلت في مواقع العمل او السكن المختلفة واحيانا جرى تشكيل اكثر من نقابة فرعية للمهنة الواحدة او في مكان العمل الواحد واحيانا اكثر من مقر لاكثر من نقابة في ذات الموقع السكني في القرية او في المخيم وبذات الاسم العمالي النقابي ويجري التمييز بالتعارف بين الناس بتبعية هذه التشكيلة النقابية لهذا الاطار العمالي او ذاك او لهذا الاطار السياسي او غيره واحيانا باسم المسؤول النقابي المحلي او الاعلى مستوى .كما ترتب على حالة التنافس والفوضى المنظمة هذه درجة من تدني وتجاوز الاساليب النظامية والديمقراطية في العمل النقابي والتغاضي عن معايير واسس لازمه وضرورية للبناء النقابي الهيكلي الملائم والسليم والقابل للحياة العمالية والكفاحية النقابية الاجتماعية من اجل الدفاع عن المصالح العمالية وانتزاع حقوقهم ووقف الانتهاكات ضدهم .والنضالية من اجل الانخراط في النضال الوطني المحتدم ضد الاحتلال ومن اجل كنسه والاستقلال والتحرر.فتعددت النقابات الفرعية وتكرر وازدوج بعضها وتدنت معايير واسس بنائها وتشكيلها ووهنت هيئاتها الادارية واحيانا غابت الهيكلية وتحول بعض هذه الاطر والتشكيلات الى واجهات بلا مضامين نضاليه نقابية او اجتماعيه
استمر هذا الواقع العمالي الاقرب الى التشكيلات السياسية والحزبية منها الى التشكيلات النقابية .وترافق مع حملة واسعه من العدوانية الاحتلالية الاسرائيلية ضد العمال وضد نقاباتهم وتشكيلاتهم السياسية والنقابية واندفع الاحتلال بالاعتقال وبالابعاد وبالتجريم والتحريم على النقابات وعلى المنظمات العمالية .وبهذا تصلب عود الحركة العمالية في معمعان النضال الوطني والتحرري ومن اجل الاستقلال .كما ترافق هذا الوضع بسياسات واجراءات وتدابير احتلاليه اقتصاديه واجتماعيه ادت الى التحاق اعداد وجماهير غفيره بسوق العمل الاسرائيلي مما وسع وزاد في اعداد العاملين لدرجة المضاعفة ولاكثر من مره .وبدخول مرحلة الانتفاضة الكبرى لعبت الحركة العمالية وفي ظل واقعها هذا المتعدد والمنقسم وذي الطابع الساسي والحزبي الطاغي على الطابع النقابي الاجتماعي ،لعبت الدور القيادي البارز والهام في فعاليات ونشاطات الانتفاضة المختلفة ودفعت بالكثير من الشهداء ومن الجرحى والمعتقلين والمبعدين الى الواجهة الكفاحية .وتكرست وتبلورت اتحاداتها ونقاباتها الوطنيىة العامة والفرعية وبقيت متعددة ومتكررة ومزدوجة في كثير من الاحيان .وتبلور ثلاثة اتحادات عامه لنقابات عمال فلسطين في الضفه .الى جانب الاتحاد الرابع الذي كان بالاساس قبل الاحتلال 1967 والذي يضم عدد من النقابات العامه التابعة للاتحاد العام لنقابات عمال الاردن للعاملين في البناء والمصارف والبنوك وغيرها من النقابات والمهن .
توحدت هذه التشكيلات المتنافسة والمكافحة من اجل حقوق العمال والمناضلة من اجل الاستقلال وحرية الوطن ودحر الاحتلال وكنسه بعد حوارات متعدده وواسعه ومضنيه بين ممثلي هذه الاطر ومع مرجعياتها في العواصم المختلفه وما تمخض عن توقيع ما عرف باتفاق عمان التوحيدي .وما تضمنه من اشتراطات واستحقاقات وتشكيلات وهيكليات محدده .وكان هذا الاتفاق هو شهادة الميلاد الاولى لما عرف بالاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين وبامانته العامه ولجنته التنفيذية المتوافق عليه بين القوى الاربعه الرئيسية المشكلة له والمعروفة بالجبهتين الديمقراطية والشعبية وبحركة فتح وحزب الشعب وبمحاصصة المسؤوليات القيادية في النقابات الوطنية وبما يشبه التمثيل النسبي والحجوم حيث نص الاتفاق على مسؤولية كتلة الوحدة العمالية عن ثلاثة نقابات وطنيه وهي الزراعه والسياحه والبتروكيماويات كما حدد للاخرين ما يجب ان يتابعوا بناءه وتشكيله .واعتبر الاتفاق ان هذا التشكيل هو مؤقت ولحين اجراء انتخابات ديمقراطيه شامله ومن ادنى الى اعلى وخلال فترة زمنية محدده .للاسف لم تجر هذه الانتخابات ولم تمارس وبقي المؤقت دائما واستفحلت البيروقراطية وسياسات الهيمنة والتفرد والاسلبطة والاستحواذ..بديلا للدمقرطة وللمشاركة وللبناء الهيكلي وبقي الامين العام المعين بالتوافق الوطني امينا عاما ولا زال حتى اليوم ومنذ ربع قرن تقريبا
وترتب على الجديد السياسي الفلسطيني وما تمثل بقيام السلطة الفلسطينية واتفاقات اوسلو الانتقالية التي صارت دائمه بالامر الواقع .ظروفا جديده احاطت بالحركة العمالية والشعبية الفلسطينية كلها .فالانقسام على اوسلو وعلى ما ترتب عليه .والتباين والتعارض والخلافات السياسية والتنظيمية واشكال التنافس ونزعات الهيمنة والاستئثار بين ابناء التنظيم الواحد .وافتعال المشكلات والخلافات الذاتية والنزعات الجهوية بين داخل وخارج وبين عائد ومقيم وبروز نزعة استئثار بعض النقابيين للوظائف الحكومية العليا كوكيل وزارة مثلا وقائدا نقابيا .او برتبة عسكرية عالية جدا وقائدا عماليا في نفس الوقت ....عدا عن بروز العديد من المفاهيم الخاطئة والضارة عند بعض القيادات النقابية العاملة داخل الوطن .وخلل النظرة الى الحركه العمالية في الخارج وبلدان المهاجر في الشتات وما عبر عن نفسه بانكار وجود نصف المجتمع الفلسطيني في الخارج واعتبار الحركة العمالية هي الضفة وغزه وان الخارج يمكن ان يدار بدائرة ملحقة بالامانةالعامة للاتحاد العام لنقابات العمال في الداخل
لقد ادت التناقضات الذاتية بين القيادات النقابية العائدة من الخارج والتي استمرأت الوظيفة العامة الحكومية العليا الى جانب استحواذها بالسلبطة على الحركة العمالية بحكم الواقع السابق لقيام السلطة واوسلو.الى تعميق الانقسام وزيادة الشرذمة والى مزيد من الاضعاف ومن الغياب والتغييب للحركة العملية والى تضييع وتغييب برنامجها ودورها الكفاحي الاجتماعي والوطني .وزاد الانقسام وتعمق بدخول الهستدروت على خط اللعب على الخلافات الداخلية والتعارضات بين الافراد والاطراف والاطر وتعمق الانقسام بالخلاف على الاستقطاعات التي جباها الهستدروت من العاملين في السوق الاسرائيليه حيث استحوذ عليها احد الطرفين وحرم الطرف الثاني منها وامعن فيها فسادا وافسادا .وعبر الانقسام عن نفسه وتعمق بانفراد الطرفين العماليين المنقسمين بعلاقات عربية ودولية ذاتية تقوم على المصالح الذاتية والخاصه وعلى استجداء بعض الدعم المالي على حساب المصالح الوطنية والقومية وعلى حساب المبادئ والدور التاريخي للحركة العمالية الفلسطينية .لدرجة اسهام احد الطرفين العماليين الفلسطينيين بالمشاركة في انقسام الحركه العمالية العربية والانضمام الى الاتحاد العربي للعمال وعلى حساب الاتحاد الدولي والعضوية الفلسطينية التاريخية فيه
فنشا اتحادان على الانقسام وبنيا مصالحهما الفئوية والشخصية والخاصة على الشرذمة وحولا الحركة العمالية الى واجهة مفرغة وخاويه يختبئون خلفها
هؤلاء لا يمكن ان يكونوا اداة التوحيد للحركة العمالية فهم منتفعون من الانقسام على امتداد الربع قرن الماضي ....وهم متضررون من الوحدة لانها نقيض ممارساتهم وسلوكهم وبيروقراطيتهم والوحدة طريق مسائلتهم ومحاسبتهم وتقييم تجربتهم فلن يكونوا معها
محمود خليفه -نقابي
5-7-2017