خاتمة كتاب ( لو تدبّر الغرب القرآن لتغير تاريخ العالم فى التقدم العلمى )


أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن - العدد: 5571 - 2017 / 7 / 4 - 00:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

أولا : القفزات فى تاريخ العلم بدأت بفكرة طارئة :
1 ـ ولد أرشميدس في جزيرة صقلية حوالي عام 287 قبل الميلاد. ودرس العلوم الفيزيائية والرياضيات في مدرسة كان قد أنشأها اقليدس من قبله ، وكان له العديد من الإنجازات والاختراعات التي يذكرها التاريخ منها: قاعدة أرشميدس والتي بني على أساسها نظرية الطفو. كان ملك سرقوسة قد كلف صائغه بأن يصوغ له تاجاً من الذهب الخالص. وشرع الصائغ يصنع التاج و انتهى منه و سلمه للملك. شك الملك في أمر الصائغ ظنا منه أنه قد غشّه، فأسند إلى أرشميدس أمر الكشف عن صحة التاج . وجد أرشميدس صعوبة في التحقق من الأمر إذ لم يكن من المعروف أيامه التحليل الكيميائي، كان في حوض الاستحمام العمومي و إذ به يلاحظ أن الماء يرفع رجله إلي أعلى كلما دفع رجليه إلى الأسفل و أن هناك قدرا من الماء يُزاح نتيجة لذلك .وجد الحل ، انطلق أرشميدس مسرعاً قائلا ( وجدتها .. وجدتها). وضع التاج في الماء بعد أن وزنه قبل ذلك، ووضع في نفس الإناء كتلة من الذهب الخالص لها نفس وزن الجسم الأول فلاحظ أرخميدس أن كتلة الماء المزاح في حالة الذهب تختلف عن كتلة الماء المزاح الناتج عن وزن الذهب الخالص، بسبب اختلاف دفع الماء على كتلة كل من الجسمين. هذه نظرية الطفو ، جاءت فكرة فى البدية .
2 ـ اسحاق نيوتن ( ت 1727 ) لفت نظرة تفاحة تسقط من شجرتها ـ هذا شىء عادى ، ولكن المفكر والعالم ينشغل بما يراه الآخرون عاديا . فكّر نيوتن فى الموضوع فإهتدى الى قانون الجاذبية .
3 ـ البرت اينشتاين : إنجاز أينشتاين الفكري اتى من فكرة خطرت له عام 1907، وصفها بأنها “أسعد فكرة في حياته”. كان يجلس في مكتبه ورأى من نافذته عمالا يعملون على سطح المبنى المقابل، خطرت له فكرة أن الأجسام خلال سقوطها تكون في حالة انعدام الوزن. أي أن انعدام الوزن مكافئ للسقوط الحر، كما هي الحال عند رواد الفضاء، فهم يتحركون تحت تأثير الجاذبية عند دورانهم حول الأرض. تمخّض عن هذه الفكرة أحد المبدأين الأساسيين في نظريته والمعروف بـ”مبدأ التكافؤ”-− المبدأ الآخر في نظريته هو مبدأ النسبية الذي استعمله أيضا في وضعه للنظرية النسبية الخاصة.
ثانيا ـ ماذا لو قرأ علماء النهضة الأوربية القرآن الكريم ، وتمعنوا فى آياته العلمية .
1 ـ إنتقلت معرف المسلمين الى اوربا عن طريق الاندلس وصقلية والولايات الايطالية التى كانت معبر التجارة العربية الى اوربا ، لذا كانت ايطاليا منشأ ما يعرف بالنهضة الأوربية ، تلك النهضة التى كانت فاصلا بين أوربا العصور الوسطى وأوربا الحديثة . هذا بالاضافة الى الحروب الصليبية والامارات الصليبية فى الشام وآسيا الصغرى . وخلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر، رحل العديد من الأوربيين إلى الشرق الأوسط لطلب العلم، أمثال دافنشى وقسطنطين الافريقى ، وصاروا روادا للنهضة الأوربية .
2 ـ فى العصر العباسى الأول ،عصر الازدهار العلمى ـ وقبل سيطرة الحنابلة السنيين ـ إزدهر نقل التراث اليونانى وغيره وترجمته للعربية ، وتأسست حركة علمية أعلامها الكندى والفارابى والفرغانى وابن سينا والرازى الطبيب والخوارزمى والبيرونى وجابر بن حيان وابن الهيثم والزهراوى والخازنى وابن معاذ الجيانى وجابر بن افلح و..وانتهت بابن رشد . بعد إنحسار تلك الحركة العلمية أصبح أولئك أعلاما فى أوربا بعد ترجمة أعمالهم من العربية الى اللاتينية وبقية اللغات الاوربية .
3 ـ أولئك الأعلام العرب لم يهتموا بالقرآن الكريم وما فيه من إشارات علمية ، إذا غلب عليهم فكرة أن القرآن معجز فى فصاحته فقط ، وولوا وجوههم الى التراث اليونانى ، ينقلونه ويطورونه ، وقد إتخذوا القرآن مهجورا . لذا لا نلوم علماء النهضة الأوربية وهم ينسجون على منوال علماء العرب ( بالمناسبة لم يكن معظمهم عربا ـ نقول عربا حسب اللسان وليس العنصر ) .
4 ـ من هنا ظلت إشارات القرآن العلمية حتى إنتبه لها حاليا بعض العلماء العرب ، حين إكتشفوا أن بعض منجزات الغرب العلمية سبقت إشارات لها فى القرآن الكريم . صارت ( موضة ) أن يكتب بعضهم فى ( الإعجاز العلمى فى القرآن ) وبعضهم فى ( الاعجاز العلمى فى القرآن والسّنّة ) . وهم جميعا لا يقرأون القرآن بمصطلحاته وبمفاهيمه ، علاوة على تأثرهم بالدين السنى ورجوعهم اليه فى فهم مصطلحات القرآن ، بل بعضهم يضع عقله فى قدميه حين ينقل روايات السنة يحاول ربطها بالاعجاز العلمى . ونحن فى منهجنا نخالف ذلك ، نفهم القرآن الكريم من داخله وبمصطلحاته ، ونحاول إكتشاف آياته العلمية ، نُنبّه اليها مؤكدين أن المتخصصين فى العلم الحديث هم الأقدر على إدراك الإعجاز القرآنى العلمى ، سواء ما أدركه الغرب أو الذى لم يدركه بعد .
5 ــ قراءتنا للقرآن بمصطلحاته تؤدى الى إكتشاف إشارات علمية لم يصل اليها الغرب ، وحل لمشاكل علمية لا يزال علماء الغرب يختلفون فيها ، مثل وجود حيوات غيرنا فى هذا الكون .
6 ـ الله جل وعلا وهو الأعلم بما خلق أخبر بوجود حيوات ـ ليس فى الكواكب والنجوم والمجرات المادية ـ ولكن فى عوالم البرزخ . وهو جل وعلا رب العالمين . الله جل وعلا ذكر عوالم البرزخ ، ومنها الملائكة التى تسبح بحمد ربها ، قال جل وعلا : ( وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (49) يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (50) النحل ) .ومن بعض الآيات نعرف أنه فى البرزخ يوجد ليل ونهار، يقول جل وعلا : ( وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ (19) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ (20) الانبياء )، ( فَإِنْ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ (38) فصلت ). وفى برزخ آخر يتعذب فيه فرعون وآله يوجد الليل والنهار أو الغدو والعشى ، يقول جل وعلا عنهم : ( النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46) غافر) .
أخيرا : أحلام يقظة مشروعة ومأمولة
1 ـ نعود الى ما بدأنا به هذا المقال عن القفزات فى تاريخ العلم من أرشميدس الى إينشتاين ، ونحن بحاجة الى قفزة هائلة يتغير بها مسار العلم وتتفتح به آفاق مجهولة ، وسبق الوعد بها فى القرآن الكريم عن الفضاء الخارجى بالنسبة لنا أو الفضاء الداخلى فى أنفسنا ، قال جل وعلا : (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) فصلت) .
2 ـ نفترض أن أحد علماء الغرب قرأ القرآن الكريم بمفاهيمه مثلنا ، وأدرك عبثية وجود حيوات فى هذا الكون المادى من كواكب ونجوم ومجرات ، وأن الأرض تأتى تالية للسماوات ، وأنه لهما برازخ ،وأن العلم بدأ يطرق باب البرزخ الأرضى الأول بما بعد الأوتار الفائقة ، وبالتالى فإن الأجدى ليس تضييع الوقت فى البحث عن حيوات فى الكواكب والنجوم والمجرات ، أو فى الوصول اليها ، بل الأجدى هو الوصول الى البرزخ عبر القوى المشتركة للبرازخ والتى تتخللنا . صحيح أن هذه العوالم التى تتخللنا لا نراها بأعيينا محدودة الرؤية ، ولأن هذه المخلوقات بسرعات تنقّلها الرهيبة والتى تتعدى ما نعرف من سرعات لا يمكن أن تكون فى مجالنا البصرى ، ولكن هذا لا يمنع من إستغلال موجات وقوى البرزخ فى النفاذ داخل البرازخ الأرضية . إذ أنه ممنوع علينا وعلى الجن النفاذ فى برازخ السماوات ، ممنوع أن تنفتح أمامنا أقطار السماوات والأرض بلا حدود .
3 ـ بإكتشاف الكهرباء وغيرها من طاقات كوكبنا الأرضى ، نستمر فى أحلام اليقظة ونتذكر الطاقات التى سخرها الله جل وعلا فى السماوات والأرض فى قوله جل وعلا :( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13) الجاثية )، ونتصور أننا بإكتشاف هذه الطاقات نستطيع طى الزمان وطى المكان ، وتنفتح امامنا عوالم مجهولة نبحر فيها ، فى إطار المسموح والمُتاح لنا .
3 ـ هذا هو الهدف من هذا الكتاب .
والله جل وعلا هو المستعان .
أحمد صبحى منصور
فيرجينيا 3 يولية 2017 .