لينين, اللينينية, وديكتاتورية البروليتاريا!


طلال الربيعي
الحوار المتمدن - العدد: 5567 - 2017 / 6 / 30 - 23:37
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

كتب الاستاذ جاسم الحلوائي تعليقا على مقالتي
"-حذفتم- لينين فعلام تستشهدون به الآن؟"
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=563800
ولما كانت اجابتي طويلة بعض الشئ لا يستوعبها حجم التعليق, ارتأيت نشرها كمقال قابل للتوسيع والاضافة لاحقا.
-------------
تعليق السيد جاسم الحلوائي
التسلسل: 5 العدد: 729400 - استشهاد على غرار ولا تقربوأ الصلاة
2017 / 6 / 30 - 15:44
التحكم: الحوار المتمدن جاسم الحلوائي

-على الصعيد الأيديولوجي، لم تعد مرجعية الحزب الشيوعي العراقي وهويته الفكرية محصورة بالماركسية ـ اللينينية، فقد بات يسترشد (كما تشير وثائق المؤتمر الخامس، ص 100) بالماركسية، مستفيداً من سائر التراث الإنساني الاشتراكي و مستلهماً كل ما هو تقدمي في حضارة شعوب وادي الرافدين والرصيد النضالي لتاريخ شعبنا العراقي...الخ. وحذفت اللينينية-
صحيح أن هذا النص ورد في مقالي ولكن لا يجوز عدم ذكر التكملة لأن عبارة -وحذفت اللينينية- بداية فكرة وبعدها شرح وليست نهاية فكرة كما صورتها، وقد وردة التكملة على الشكل التالي: -وحذفت اللينينية، التي لم تكن موجودة في حياة لينين والتي أتى بها ستالين محولاً إياها إلى عقيدة جامدة. وبذلك تحرر الحزب من بعض استنتاجاتها التي لم تزكها الحياة-. وهذه التكملة تنسف ما سقته من ادعاءات باطلة حول موقف الشيوعيين من تراث لينين وليس اللينينية التي خلطت بينهما.
----------
اجابتي:
الاستاذ العزيز جاسم الحلوائي
بكل احترام, اختلف معك تماما. ان الموضوع ليس, كما تحاول تصويره, هو نتاج اقتباس غير كامل للنص من قبلي.
انت تقول:
"صحيح أن هذا النص ورد في مقالي ولكن لا يجوز عدم ذكر التكملة لأن عبارة -وحذفت اللينينية- بداية فكرة وبعدها شرح وليست نهاية فكرة كما صورتها، وقد وردة التكملة على الشكل التالي: -وحذفت اللينينية، التي لم تكن موجودة في حياة لينين والتي أتى بها ستالين محولاً إياها إلى عقيدة جامدة. وبذلك تحرر الحزب من بعض استنتاجاتها التي لم تزكها الحياة-. وهذه التكملة تنسف ما سقته من ادعاءات باطلة حول موقف الشيوعيين من تراث لينين وليس اللينينية التي خلطت بينهما"

كلا يا عزيزي. انت قلت بنفسك محو او حذف "اللينينية" ولم تقل محو الستالينية, علما ان الستالينية لم تكن ضمن المنهج الفكري للحزب الشيوعي العراقي, رسميا او كنص. انك تتعمد, او تعمدت, مساواة اللينينية بالستالينية من اجل محو اللينينية وليس محو الستالينية. وكان يمكنك القول مثلا "ينبغي العودة الى اللينينية الحقة وليس بصيغتها الستالينية", ولكنك لم تفعل ذلك. وحسب منطقك نفسك اذا اتبعناه الى نهايته, يجب ان نفهم الامور بالشكل التالي: اذا كان ستالين اساء تطبيق او تفسير لينين فانه ولا بد من حقنا ان نزعم انه اساء تفسير وتطبيق ماركس ايضا, اللهم الا اذا اعتقدت انتَ العكس بان ستالين قد فهم وطبق ماركس بشكل صحيح وهذا يبدو انك لا تعتقده, واذا كانت ماركسية ستالين, حالها حال لينينيته خاطئة هي الاخرى, لذا حىسب منطقك للتذكير من جديد, ينبغي الدعوة الى محو ماركس ايضا وليس لينين فقط, وبالتالي كان عليك ايضا ان تدعو الحزب الى التخلي عن الماركسية, ولكنك لم تفعل, رغم ان منطقك نفسه كان قد حتم عليك ذلك بالضرورة, ولكنك فضلت ان لا تكون وفيا لمنطقك لاعتبارات براغماتية, لانك, كما الكل, تعلم ان كل حزب شيوعي ينبغي ان يعلن اعتناقه للماركسية حتى لو كان ذلك امرا صوريا او شكليا.
علما انك نفسك تقول في مكان آخر:
"واضاف الرفيق الحلوائي ان من الخطأ الفصل بين القضية الوطنية والديمقراطية ، فلا تستطيع حماية الوطنية بدون الديمقراطية . وعما طرح حول “الماركسية” و”الماركسية اللينينية” اوضح الرفيق اعجاب الشيوعيين بالماركسية اللينينية المفرط قائلا "كنا لينينيين اكثر مما كنا ماركسيين”. (وارجو التركيز على كلمة "لينينيين", التي يحاول الآن السيد الحلوائي التملص منها كتعبير او كمضمون, فقد كان بامكانه ان يقول ستالينيين اذا كان هذا ما عناه بالفعل, ولكنه لم يقل!)
"جاسم الحلوائي يقدم "دراسات جديدة حول مسيرة الشيوعيين النضالية"
http://www.iraqicp.com/index.php/sections/objekt/41164-2016-03-31-14-57-49

وللاسف ان السيد الحلوائي يجانب الصواب في اكثر من مجال, فهو يقول في مكان آخر في معرض تبريره التخلي عن اللينينية (بسبب اعتقاده الخاطئ لربما ان لينين او ستالين هما اللذان اوجدا مصطلح ديكتاتورية البروليتاريا):
"على صعيد التمثيل الاجتماعي-الطبقي يرى المؤلف (الحلوائي) ان الحزب تبنى مصطلح العمال والفلاحين وشغيلة اليد والفكر، الى جانب التخلي عن مصطلح ديكتاتورية البروليتاريا كما فعلت اغلب الاحزاب الشيوعية"، موضحا ان الحديث عن الديكتاتورية مرتبط بالحديث عن العنف ، لذلك توجه الحزب الى تبني نهجا سلميا بعيدا عن الجملة الثورية."
"جاسم الحلوائي يقدم "دراسات جديدة حول مسيرة الشيوعيين النضالية"
كما في الرابط اعلاه.

ان كلام الاستاذ الحلوائي للأسف خاطئ من الفه الى يائه. ولا يبدو ان السيد الحلوائي حتى على دراية بالمفاهيم الاساسية للماركسية. ان ديكتاتورية البروليتاريا لا علاقة لها بالعنف بتاتا, وان زعم البعض العكس كان على السيد الحلوائي ان يصلح مفاهيمهم الخاطئة, لا ان يعتنقها هو الآخر ومن ثم يتفق معهم بالتخلي عن ديكتاتورية البروليتاريا. لقد اشار كلا من ماركس وانجلز الى كومونة باريس التي لم تعمر طويلا نوعا كنوع من ديكتاتورية البروليتاريا. ان كومونة بارس فشلت لاسباب منها عدم استخدامها العنف الثوري ضد خصومها, ولكن هذا لم يمنع خصومها من استخدام احط واحقر الاساليب العنفية في كبح الكومونة.
ان الاستاذ الحلوائي يقلب الامور رأسا على عقب عندما يتفق مع القائلين ان ديكتاتورية البروليتاريا مرتبطة بالعنف. وتبريره الآخر بان احزاب شيوعية اخرى قد تخلت عنها لهذا السبب لا يجعل مقولته صحيحة بتاتا, نظريا اوتاريخيا!

فضلا عن ذلك, ان مصطلح ديكتاتورية البروليتاريا لا علافة له لا بلينين ولا بستالين, بل بماركس. ففي رسالة ماركس الى الثوري الماركسي Joseph Weydemeyer يشير ماركس بكل وضوع الى ديكتاتورية البروليتاريا ومعناها
Long before me, bourgeois historians had described the historical development of this struggle between the classes, as had bourgeois economists their economic anatomy. My own contribution was (1) to show that the existence of classes is merely bound up with certain historical phases in the development of production------------- (2) that the class struggle necessarily leads to the dictatorship of the proletariat------------- [and] (3) that this dictatorship, itself, constitutes no more than a transition to the abolition of all classes and to a classless society
Letter from Marx to Joseph Weydemeyer dated March 5, 1852 in Karl Marx & Frederick Engels, Collected Works Vol. 39 (International Publishers: New York, 1983 pp. 62–65.
وكما نعلم ان ماركس اقتبس عبارة ديكتاتورية البروليتاريا هو بدوره من Joseph Weydemeyer

وكما انه يبدو ان الاستاذ الحلوائي قد التبست عليه الامور بشكل لا يصدق. فديكتاتورية البروليتاريا هي مرحلة مؤقتة بين الرأسمالية والشيوعية. ونحن لا نحتاج حتى الى ذكر ان العراق لا يمر الآن في مرحلة الانتقال من الرأسمالية الى الشيوعية. اذن ان قراءة الاستاذ الحلوائي اما تفسير خاطيء بالمرة لواقع العراق الحالي او للماركسية نفسها او لكلاهما.

ولكن بعيدا عن السيد الحلوائي, فالحزب الشيوعي العراقي نفسه يقول في "النظام الداخلي للحزب الشيوعي العراقي":
المادة (4) واجبات عضو الحزب
2. ان يسعى إلى تطوير مداركه باكتساب المعارف الماركسية، وان يحرص على الارتقاء بثقافته العامة، واغناء معرفته بتاريخ الحزب والطبقة العاملة والحركات الوطنية والديمقراطية في العراق والعالم.
المادة (11) المنظمات المحلية
تنظم التثقيف بالفكر الماركسي وبرنامج الحزب ونظامه الداخلي، وتعمل على رفع مستوى الوعي السياسي لاعضاء الحزب، وتهتم باعداد وتربية الكادر المحلي.
http://www.iraqicp.com/index.php/party/progra,m-regulation/52999-2016-12-28-19-01-24#a
والتوجيهات الى الاعضاء والمنظمات تخلوا من اي ذكر للينينية او لتعاليم لينين.
.....................
كما اوضحت اعلاه اني لم اجتزأ كلام السيد الحلوائي وفهمته بالشكل الصحيح وكما هو مذكور في النص فقط. وان كان ذلك لا يدخل في صلب الموضوع, ولكن اذا رأى السيد الحلوائي نفسه ملزما بتوجيه النصح باقتباسه هذه الآية القرانية, فكان الاوجب توجيه نصحه الى المسلمين الذين يعتقدون ان السكر واحتساء الخمرة محرم في الاسلام. لكن الآية القرآنية لا تحرم ابدا شرب الخمرة لانها لو حرمته لفعلت ذلك دوما طوال الوقت وليس فقط عند اقتراب الصلاة او في حالة سكر. اي ان المسلم يستطيع احتساء الخمرة والسكر في كل الحالات, الا في حالة اقترابه الصلاة, حيث يستطيع احتساء الخمرة بدون ان يسكر! واذا كان المسلم الذي يحتسي الخمرة يفسر الآية لصالحه, فالمنطق معه. فالله كان غامضا في تعبيره ولكنه كان يمكن له ان يكون دقيقا. وعدم اختياره الدقة قد يستطيع احدنا تفسيره بمعنى ان الله لم يرد تحريم الخمرة (او السكرعدا في حالة الصلاة وهذا سيكون امرا مفهوما).

ان السيد الحلوائي نهج نهج الله في عدم دقته, وذلك عندما رفض السيد الحلوائي الدقة فاشار الى الستالينية كلينينية!