نهائى سلسلة مائة حجة تُفند وجود إله


سامى لبيب
الحوار المتمدن - العدد: 5565 - 2017 / 6 / 28 - 19:51
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع     

- مائة حجة تُفند وجود إله - حجة (96) إلى حجة (100) .
- خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم (67) .

هذا المقال يشهد ختام سلسلة مائة حجة تُفند وجود إله والتى إبتدأت بخمسون حجة تُفند وجود الإله , لأرى أن هناك المزيد لأكمل هنا المائة حجة ومازلت أرى أن هذه السلسلة تتحمل المزيد لتستحق التمديد إلى مائتان حجة تُفند وجود إله , ففكرة الإله فكره هشة مليئة بالثقوب فكلما تناولنا ثقباً تنطلق ثقوب أخرى وكأن التناقضات تتناسل .
الحجج التى قدمتها تعتمد على مفردات ومعطيات فكرة الإله ذاتها كما تم طرحها وفق الأديان , لأبرز تهافت وتناقض هذه المفردات مع بعضها وهشاشتها وعدم منطقيتها , أى أن فكرة الإله هى فكرة إنسانية تخيلية لم تتحرى الدقة والمنطق لذا جاءت مشبعة بالتناقض .

* حجة 96 : هل الله أزلى ؟ .
- القول بأن الله أزلى يعنى أن هناك زمن أزلى , فأزلية الإله تتحقق بأزلية الزمن , ولكن لا يستقيم منطقياً وجود أزليتان , أزلية الإله وأزلية الزمن , كما لا يمكن القول أن هناك أزلية تابعة أو تالية فى الترتيب فهذا لن يجعلها أزلية .
- أزلية الزمن يعنى أزلية المكان , فلا زمن بلا مكان وعليه لا يوجد شئ اسمه خلق للوجود .!
- العلم يقول بأن المادة أزلية من خلال قانون حفظ المادة والطاقة ليتصادم هذا العلم بأزلية الإله المُفترضة , فلا يوجد شئ إسمه أزليتان .

* حجة 97 : هل الله داخل أم خارج حدود الزمان والمكان ؟.
- الألوهية تعنى أن الإله خارج حدود الزمان والمكان فلو كان داخلها , فسيصير وحدة وجودية خاضعة للزمان والمكان والعوامل الفيزيائية مما يفقده ألوهيته, ولكن فرضية الله وفق أصحابها تؤكد أن الإله داخل حدود الزمان والمكان فقد وضع نفسه فيه وقيد نفسه به , فهو وضع ترتيباً للخلق وسيناريوهات للحياة ثم العقاب .. بمعنى أنه بدأ الخلق حسب ترتيب زمني يتمثل فى الأيام السته ثم جلس على عرشه وبدأ يراقب هذه المنظومة التي إخترعها وهاهو ينتظر أن تنتهي بيوم القيامة حسب الميثولوجيا الدينية ليبدأ مرحلة العقاب والثواب لذا هو ينتظر وهذا يعنى أنه خاضع لقانون الزمان .
كذا فرض الإله الصلوات والطقوس والعبادات في مواقيت معينة إذاً هو متتبع لهذه الأوقات والتي هي أيضا زمان , كما إن ترتيب نشر الديانات والكتب السماوية يرتبط بأحداث , ومن هنا فالإله متتبع لهذه الأوقات , ينتظر تقلب الأوقات ليبدأ فعل شيء ما وهذا يعنى أنه غير قادر حكماً أن يفعل الشيء إلا إذا جاء وقته .. وهذا يؤكد أنه ينتظر الزمان أى خاضع لحدود الزمان .
- عندما يقال ( يُدَبّرُ الأَمْر مِنَ السمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُم يَعْرُجُ إِلَيهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقدَارُهُ أَلْفَ سَنَة مِمّا تَعُدُّونَ ) السجدة الآية 5 . و( وَيَسْتَعجِلونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ ) الحج الآية 47 فهذا يعنى أن الله يعيش فى الزمن خاضعاً له فهو ذو وحدة زمنية مثلنا وإن إختلفت كمية هذا اليوم ليعادل ألف سنه أو خمسون ألف سنه , وعليه فالإله داخل الزمن كحالنا وينتظر المستقبل بما يحمله من يوم قيامة أى أن الإله وحدة داخل الوجود كحالنا .
-عندما يقال أن يوم الإله يعادل ألف سنه أو خمسون ألف سنه أو حتى مليون سنه من أيامنا فهذا يعنى ببساطة أن الإله خاضع للظروف المادية الفيزيائية كوحدة ضمن الوجود وإن كانت بمقاييس أكبر أى خاضع لوجود مادى مستقل عنه يقيس به يومه , فكما أن يومنا هو دوران الأرض حول نفسها وسنتنا دوران الأرض حول الشمس , فاليوم الإلهى هو دوران مادة ما كمجرة مثلا حول نفسها .. أى أن المجرة وجود مستقل عن الإله وليس مخلوق .

* حجة 98 : هل الله جميل يحب الجمال ؟ .
مقولة الله جميل يحب الجمال هل هى وصف الإنسان له أم ان الله جميل وبعث ليخبرنا بهذا الأمر ؟!.
لو كان الإنسان هو من يصف الله لعدم توقعه أن يكون الله قبيح أو يحب القبح , فهنا يكون الانسان يصف بلا إدراك ولا وعى سوى أنه يريد ان يُعظم ويجل إلهه فلنا أن نقول من أين علم أن الله جميل ؟!..وما تقييم الإنسان للجمال للحكم على الله .؟!
أما لو قلنا ان الله هو جميل بذاته وأرسل للبشر هذه المعلومة ليعرفوا ذاته فلنا أن نسأل كيف يكون جميلاً بدون أن يكون هناك قبح يُبرز الجمال أو هو جميل بالنسبة لمن ؟ حيث أنه يتواجد منفرداً وحيداً ًبدون وجود آلهة تشاركه المنافسة على الجمال والتقييم ؟!..ثم تبرز نقطة أخرى عن مغزى الجمال بالنسبة لله وكيف يرى الأشياء جميلة طالما أن الجمال هو إستحسان أشياء لتفى حاجة ذاتية ونفسية فهل الله تحت الحاجة والتأثر بها ..أى هل لديه إنطباعات على الأشياء فيهبها الحسن لما تحققه له من إحتياج وينزع عنها الجمال لما تثيره من ضيق .!

* حجة 99 : هل الله لديه مشاعر ؟ .
حسب الميثولوجيا الدينية فالله لديه مشاعر فهو يغضب وينتقم ويفرح ويكره ويندم بل يسب ويلعن , لنتوقف عند حالة الإله المنفعل المتفاعل وعلاقتها بالكمال والمعرفة والتفكير .. المشاعر تنال من فكرة الكمال والمطلق فهي ردود أفعال تنتج عن أحداث غير متوقعة كحزن, غضب, فرح, حب, رضى , فكيف يمكن لإله مطلق القدرة أى لا حدود لإمكانياته وفى نفس الوقت عالم بكل شيء فلديه علم الماضي والحاضر والمستقبل أن يغضب وينتقم ويرضى الخ . فغضبه مثلاً سيكون غير محدود لينال من رضاه فهو مازال غاضباً حتى الآن ولن يتوقف حتى إلى الأبد , أما كون الغضب يتوقف فيعنى أنه ذو مشاعر إنسانية ذات إنتهاء لتتغلب مشاعر أخرى عليه .. الغضب أيضا سينال من معرفته وقدرته , فالحدث الذى أثار غضبه لم يكن يعلم به لينفعل ويتولد لديه غضب فليس من المعقول أنه يعلم منذ الأزل الحدث الذى يُجلب الغضب ليغضب من الأزل أو يأتى بعد ذلك فيغضب إلا إذا كان ممثلاً أو مجنوناً .!

* حجة 100 : هل يقدر الإله أن يتحسن ويتطور ؟ .
وفقا لفرضية أن الإله قادر على كل شئ لذا يمكنه أن يتطور , ولكنه لن يقدر على فعل هذا فكماله يمنعه من التطور فالكمال يعني وصوله لأفضل حال .. أو يمكن أن يكون قادراً بلا حدود فيستطيع أن يتغير ويتطور وحينها لن يكون إله كاملاً فهو ناقص أو فى سبيله للكمال .!

* حجة 101 إضافية : هل الله مطلق القدرة ومطلق المعرفة فى آن واحد ؟ .
- من أحشاء فرضيتى مطلق القدرة ومطلق المعرفة يكمن التناقض والإشكالية والإستحالة , فمطلق المعرفة يعلم كل ما كان وما سيكون بكل التفاصيل الدقيقة , ومطلق القدرة تجعله يفعل كل مايريد فلا يحوله أى شئ , ولكن إذا إستطاع ان يغير ويبدل بحكم أنه كلى القدرة فهو هنا ليس كلى المعرفة .. وإذا حقق دوماً معرفته كما قدرها فهو ليس كلى القدرة والحرية علاوة على أنه سيرسى قواعد الجبرية .. إطلاق القدرات لا تتحقق فى كيان شخصانى .
نقطة إضافية : تخيل أنك تعلم كل شئ ماكان وماسيكون وأن معرفتك كاملة غير منتقصة ولا جاهلة فتدرك كل اللحظات المستقبلية التى ستواجهها بكل دقة لتتحقق بحذافيرها كبروجرام فى برنامج .. هل تعتقد بأن هذا له معنى أم هو الموت والعبث بعينه .. هناك من يتصورون أن كائنات هكذا تكون رائعة !.

* سؤال أخير : هل الله يعرف ذاته ؟! .
بمعنى هل يدرك أنه واحد أحد صمد قدير كامل كريم ألخ من هذه الصفات والقدرات ؟ سؤال قد يبدو غريباً , فالمعرفة والإدراك لا تتأتى إلا من التنوع والإختلاف والتباين فنحن ندرك الواحد لوجود رقم2,3,4 والكامل لا يتواجد إلا بوجود الناقص , والكريم لا يتواجد إلا بوجود البخيل ألخ .. فلنفكر فيها .

دمتم بخير وإنتظرونا فى مائة حجة أخرى تفند وجود إله .
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته" – أمل الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .