نعم... التمرُ مازال في يد الأقباط


فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن - العدد: 5557 - 2017 / 6 / 20 - 21:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     


عزيزي القارئ، أنا مدينةٌ لك بإجابة عن السؤال الذي طرحته في زاويتي الأسبوعية هنا، الأحد الماضي، بجريدة اليوم السابع: “هل مازال التمرُ في يد الأقباط؟" في ذلك المقال، تذكّرتُ بفخر شيئًا عظيمًا يميّزُ مصرَ عن سائر بلاد العالمين. شباب المسيحيين يقفون على نواصي الطرقات وقت آذان المغرب، يقدمون التمرَ وكؤوس الماء البارد لأشقائهم الصائمين الذين فاجأهم آذانُ المغرب خارج بيوتهم. فليس أشهى من تمرة تقدمها لي يدٌ مسيحية لأكسر صيامي، وليس أصفى من كأس ماء بارد يشفي ظمأي تحمله يدٌ مصرية تتقن درس المحبة المطلقة. وختمتُ مقالي/ سؤالي، بوخزة قلق موجعة وجِلة، من أن تكون الإجابة بالنفي، قائلة إن توقّف الشبابُ المسيحيُّ عن تقديم التمر والماء لأشقائهم صائمي رمضان، فلن أجرؤ على عتابهم، لكنني أراهنُ على تحضّرهم ورقيهم الذي أعرفه حقّ المعرفة، وواثقةٌ من أنهم لن يسمحوا أن يفرّطوا في تلك النعمة الكبرى التي خصّهم الله بها ونتعلمها منهم كل يوم: المحبة والسلام والغفران. فهم يعرفون كيف يغفرون للذين يسيئون إليهم قبل أن يطلبوا الغفران من الله. فيقولون في صلواتهم: “اغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضًا للمذنبين إلينا.” ورجوتهم أن يستمروا في غفرانهم للمذنبين إليهم حتى يستمر درسُ المحبة موصولا، وأن يحافطوا على "التمرة" في أكفّهم الطيبة. بعد المقال، توالت الإجاباتُ على سؤالي من مسلمين ومسيحيين شرفاء. لهذا أبرُّ بوعدي اليوم وأطرح الإجابة، لا من لساني أنا، بل من ألسن المصريين الطيبين.
قالت أمل إبراهيم: “مساؤك خير وبركة ومحبة يا أستاذة فاطمة. حبيت أؤكد لك أن التمر مازال في أيدينا لإخواتنا المسلمين ووجبات "إفطار صائم" الصادرة من مجموعة خدمات الكنائس مازالت تُوّزع في الشوارع كل يوم طيلة شهر رمضان الكريم. كل سنة وحضرتك وكل اسرتك طيبة وبخير وفي محبة وسلام. مازلنا نحبكم صدقيني وسنظل.”
وقالت ماريان عريان: احنا مستمرين في توزيع التمر والمياه والوجبات ماتقلقيش مافيش حاجة هتمنعنا عن محبتكم ولا حتي السيف. كل سنة وكلكم طيبيين ياست الكل.”
كما نشرت صفحة"مصر العظمى" علي فيس بوك خبرًا عن قيام كنيسة الميدان بإقامة "مائدة رحمن" ضخمة للصائمين في شهر رمضان، وذكر الخبر أن شباب المسيحيين يقومون بتوزيع التمر علي الصائمين المسلمين في السيارات كالمعتاد كل عام، ويأتي هذا ردًّا قويًّا على أي محاولات لإثارة الفتن في مصر، ودحضًا لمحاولات الوقيعة بين المسلمين والمسيحيين في وطننا الحبيب مصر.
وعلّق "بسام عيسى" على مقالي قائلا: “أستاذه ناعوت الطيبة بقلبها وحبها للغير والأهل والأصالة. احنا بنحبكم جدا جدا وصدقيني ان كتبت مش هاكفي كلام عن العشرة الطيبة. احنا المسيحيين بننتظر قدوم رمضان علشان نتلم كلنا مع بعض ف اول يوم رمضان وأصدقائي المسلمين مش بيفطروا اليوم ده غير بوجودي معاهم. بجد بنحبكم لأننا أهل وعِشره وأخوه في وطن واحد ولأن الله محبة والمحبة لا تسقط أبدًا.”
وقالت "أم مادونا" من أسوان: لا تقلقي. التمر في أيدين كل المصريين كل يوم بتزيد المحبة في قلوبنا يا أستاذة فاطمة."
وقال "أحمد عباس": “قال تعالي: "وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ. ووصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين قال "إذا دخلتم مصر فاستوصوا بالأقباط خيرًا فإن لهم ذمة ورحمًا.”
وقال "فاي رزق": “شكرًا يا أستاذه فاطمة... لأنك بترجعي لي الإحساس الجميل بتاع زمان اللي اتربينا عليه، ومش هانفرط فيه أبدًا.”
وقالت "ناريمان محمود": “المسيحي هو هو لا يتغير ولا يتراجع عن الواجب والأصول. أصله لا يقصر في تعاليم دينه ويمنح السلام والمحبة لأعدائه. يصلي لعدوه فما بالك بالمحبة؟! لا تقلقي.”
وقال "حميد مجيد حسكلي": “أيها المصريون الطيبون، حاربوا داعش لأجل مستقبلكم ومستقبل أطفالكم حتى لا تكون فتنة تحرق الأخضر واليابس وحتى لا تكونوا مثل العراق وسوريا وليبيا واليمن. احذروا من الفتنة الطائفية. اللهم ارحمنا برحمتك الواسعة واهدنا إلى سبيل الرشاد.”
وقال "عبده نصيف": مهما كانت هذه الأحداث موجعة ومؤلمة فهي أحداث عابرة وستُمحي بمرور الوقت بينما المحبة وفعل الخير فهما من الُمسلّمات. عشتِ وعاش المصريون جميعًا في محبة وسلام.”
كنت مرتعبة من فكرة غياب تلك النعمة عن سماء بلادي. لكن تلك الإجابات الجميلة، ومئات غيرها تشبهها، جعلتني أتيقّن من أننا لن نفرّط في كنزنا الأكبر. وأن التمرَ لا يزال، وسوف يبقى أبدًا، في يد أقباط مصر، الذين سيبقون أبد الدهر "المخزون الاستراتيجي للمحبة في مصر الطيبة”.