عزيزي الله – مواطن مجهول 19 (الخاتمة)


سامي الذيب
الحوار المتمدن - العدد: 5555 - 2017 / 6 / 18 - 15:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

سلسلة مقالات من كتاب: عزيزي الله: رحلتي من الإيمان الى الشك - مواطن مجهول، 52 صفحة
يمكن الحصول على النسخة الورقية من موقع أمازون https://goo.gl/W619cB
كما يمكن تحميل النسخة المجانية من موقعي http://wp.me/p1gLKx-hSc
.
الخاتمة
---------
عزيزي الله،
تابعت كتابات الفلاسفة والمنطقيين عنك باللغتين التي أجيدهما وقرأت عنك الكثير مما كتبه أتباعك وما خطّه مريديك وناكريك على السواء وسمعت الكثير من مثل هل تستطيع أن تصنع صخرة لا تستطيع حملها أو مكانا لا يسعك ويحويك حتى ضعف نظري وكلّ جسدي من كثرة المطالعة .. بحثت عنك في كتابات الكاتبين وفي أقوال المتحدثين وفي أشعار المتصوفين وفي أنّات المعذبين وفي آهات المحبين وتوصلت الى أن رغبة الإنسان في أن يكون الشيء حقيقي لا يجعل منه حقيقة سوى في عقل صاحبه، وأن الكثير لا يريد معرفة الحقيقة لأنه لا يريد لأوهامه أن تزول. الناس يخافون منك يا رب لكنهم يخافون من عدم وجودك أكثر .. هم يطأطؤون رؤوسهم لك خشية من كاميرات المراقبة التي سلّطتها عليهم ولا يريدون لها أن تنطفئ وإلا لتخيّلوا أنفسهم وقد تحولوا الى وحوش كاسرة. هو نوع بدائي من عملية الرصد والضبط يحكم تصرفاتهم حين غادروا كهوفهم لأول مرة ليستقروا في مستوطناتهم الأولى. أليس من يفعل الخير اليوم من دون تخويف أو انتظار مكافأة أكثر نبلا وإنسانية من أولئك الذين يستشعرون كاميرات المراقبة وهي ترصدهم في تحركاتهم وسكناتهم؟

عزيزي الله،
لست أدري عنك لكني سعدت بالحديث معك .. وللوقت الذي استقطعته من جدولك الإلهي المشغول والمليء بالمهام العظيمة لتمنحني أنا المخلوق الضعيف هذه الفرصة القصيرة لأردّ على كتابك الذي بعثت به لنا قبل أربعة عشر قرنا .. أرجو أن يكون هذا الشعور متبادلا، وأن لا ينقطع التواصل بيننا. لا أفهم ما تكون يا رب ولا يخيفني ذلك كما أنه لا يفرحني .. كنت أود أن أعرف عنك لكنك لم تمنحني تلك الفرصة ولم تزح اللثام عن وجودك. الشيء الأكيد الذي أعتقده من دون أدنى شك وريبة هو أن الديانات إنما هي من صنع البشر، لا دخل لك بها يا رب لا من قريب ولا من بعيد .. وكل الكتب التي يقال عنها سماوية هي أرضية ولا يمكن أن تكون الا من صنع البشر .. أما أنت فأمر آخر، لا أعرف ما تكون. أعرف أنك اله الفراغات والمتناقضات، اله المستضعفين والمعتذرين وشماعة يعلق عليها الناس مآلاتهم وأحلامهم ورغباتهم وفي النهاية أنت خامل، لم تتدخل يوما في مساعدة الخلق بل تركتهم يعانون من تعب الدنيا وهم يظنون بك ظن الخير.

قد أغير رأيي يوما عنك .. قد أؤمن بك أو لا أؤمن .. قد أصدق أن هناك قوى خفية خارج هذا العالم أو لا أصدق .. قد يتبين لي شيئا عنك لم أتبينه من قبل .. قد أفهم شيئا عن عالمنا يلقي الضوء على من تكون أو من لا تكون، لست أدري .. لكن الأكيد عندي أن الأديان ليست من عندك. إن نفيي لمبدأ أن الدين من عندك ورفضي لفكرة النبوة والوحي وأن هناك بشرا اصطفيتهم في زمن قديم ليتواصلوا معك لا يعني عدم الإيمان بك أو الكفر بوجودك .. فهناك من هو مؤمن قبل ظهور الأديان أصلا كما أن هناك من هو مؤمن اليوم وهو بلا دين. إنْ ظنّ أحدهم أن هناك الها فسيكون وإن ظنّ أن ليس هناك إلها فلن يكون، فنحن لا نرى العالم كما هو بل كما نحن، .. لكن ما دخلي أنا بذلك كله؟

هذا جزء من ما أردت قوله لك يا رب وهناك جزء آخر لم أقله لكنك تعرفه .. ألست تعلم ما تخفي الأنفس وما تضمر الصدور؟
.
بهذا المقال تنتهي سلسلة عزيزي الله
آمل ان تكونوا قد استمتعتم بقراءتها... وادعوكم للحصول على النسخة الورقية من موقع أمازون https://goo.gl/W619cB
أو تحميل النسخة المجانية من موقعي http://wp.me/p1gLKx-hSc
.
ادعموا حملة "الترشيح لنبي جديد"
https://goo.gl/X1GQUa
وحملة "انشاء جائزة نوبل للغباء"
https://goo.gl/lv4OqO
.
النبي د. سامي الذيب
مدير مركز القانون العربي والإسلامي http://www.sami-aldeeb.com
طبعتي العربية وترجمتي الفرنسية والإنكليزية للقرآن بالتسلسل التاريخي: https://goo.gl/72ya61
كتبي الاخرى بعدة لغات في http://goo.gl/cE1LSC
يمكنكم التبرع لدعم ابحاثي https://www.paypal.me/aldeeb