الأنظمة العربية أو نظام أنظمة الإرهاب -نموذج الحسيمة والخليج-


محمد بوجنال
الحوار المتمدن - العدد: 5547 - 2017 / 6 / 10 - 21:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

الأنظمة العربية أو
نظام أنظمة الإرهاب
-نموذج الحسيمة والخليج-

الإرهاب ، بصدد مجتمعاتنا العربية ، هو مفهوم يوجد في التاريخ ووفق قاعدة جدلية الثابت والمتغير. ففي الإرهاب ما يوجب، وبالضرورة، تسميته كذلك والمتمثل في التعدي على الموارد الطبيعية والنبات والحيوان والإنسان؛ أما تصريف ذلك فيأخذ أشكالا متباينة تحددها بنية المجتمعات. ومن هنا يمكننا القول أن الإرهاب نظام مادي ومعنوي يمارس كل أشكال العنف على الكائنات الناطقة وغير الناطقة وفق قاعدة جدلية الثابت والمتغير كما يحددها التاريخ أو البنية المجتمعية في التاريخ؛ وبلغة أخرى ، فالإرهاب، بوحدته الجدلية، يكون بالقوة العسكرية وبالأشكال الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والدينية والأيديولوجية والثقافية.
انطلاقا من التحديد ذاك، نعتبر الأنظمة العربية أنظمة إرهابية إذ أنها ترفض غيرها من الآراء والتصورات والمواقف إزاء الكائنات الناطقة وغير الناطقة بعلة أن ذلك ملكية خاصة لها كنظام؛ ولا حق لغيرها بالتدخل في شأنها؛ أو قل أن أي تدخل لأية جهة تعتبره الأنظمة العربية إرهابا ضد مشروعيتها تقتضي المسئولية التصدي له وإقلاعه من جذوره.هكذا، أن نطالب أو نقترح عليها تصورات تختلف كليا أو جزئيا عن تصوراتها ومواقفها، فذاك إرهاب في نظرها تفرض المسئولية مواجهته؛ أما ما تفرضه هي، كأنظمة، فتعتبره ديمقراطية وعدالة واحتراما ودفاعا عن كرامة الشعوب تلك، في الوقت الذي نجده بمثابة أعلى مراتب الإرهاب الذي تمارسه حسب مدي الخطورة وتهديد الاستمرارية والمصالح؛ والمواجهة تلك يمكن أن تأخذ أسلوب القوة العسكرية والأمنية إذا تبين لها أنها تجاوز أو اقتراب من تحقيق ميزان القوي؛ أما غير ذلك فتمارسه يوميا بتوظيف مؤسساتها: فالتعليم السائد مثلا، كمؤسسة، هو أحد آليات ممارسة إرهابها يوميا على الأجيال والشباب، والدين كنص يتم تلقينه وتفسيره وأجرأته وفرضه على الشعوب وفق ما تقتضيه مصلحة الأنظمة تلك، والأخلاق ليست سوى فرض العبودية، وباقي المؤسسات ليست سوى الإرهاب الذي تمارسه الأنظمة العربية تلك والذي تعتبره عدالة ودموقراطية وإسلاما.
هكذا إذن، نرى أن الإرهاب في أعلى مراتبه هو إرهاب الأنظمة العربية المدعم بالقوة ، وأشكال إرهابية أخرى تليه من حيث التراتبية والمعتبرة بمثابة فروع للإرهاب المركزي والتي تغطي مختلف المجالات ؛ أو قل أنها تمارس الإرهاب على شعوبها بشرعنتها أدواتها الإرهابية من قوات مسلحة وأمن ومخابرات ومختلف باقي المؤسسات.
ويمكننا إعطاء مثال الريف (الحسيمة) بالمغرب حيث ممارسة النظام مجمل أشكال الإرهاب على حراك الساكنة التي طالبت بحقها المشروع في التنمية والكرامة الإنسانية وفك الحصار عنها ورفض ممارسة الوصاية والتدجين. وحادث الخطبة في المسجد دليل واضح على ممارسة النظام إرهابه حيث اعتباره الخطبة تلك خطبة الله يبلغها الخطيب لعباد الله في بيت الله، في الوقت الذي نجدها ليست سوى خطبة النظام لممارسة شكل من أشكال الإرهاب الديني، في بيت النظام، يبلغها الخطيب لعباد النظام. وعليه، فقد سارع النظام إلى ممارسة أساليب متتالية لقدرات مكونات بنية إرهابه التي منها بداية أسلوب الطرشان والمماطلة كأن ما يحدث هو حراك عابر؛ إلا أن صموده الغير المنتظر دفع بالنظام إلى تغيير الأسلوب مستدعيا غيره المتمثل في أسلوب ممارسة إرهاب التجييش بالطعن في شعارات الحراك للنيل من قدراته ومشروعيته لينتقل إلى أسلوب إرهابي آخر متمثل في توظيف الوسطاء وكذا المسئولين البرلمانيين والجهويين والإقليميين والمحليين؛ وفشل الأساليب تلك فرض على الحكومة استبدالها بما هو أنجع في نظرها ، من مكونات بنية الإرهاب المحدد في النزول إلى الميدان الذي لم يفلح بدوره في فرض إرهاب النظام، ليستدعي ، متغيرة أعلى من متغيرات إرهاب النظام المتمثلة في اعتقال النشطاء النشيطين بالحراك وتقديمهم للعدالة التي هي مستوى من مستويات إرهاب النظام في انتظار ما تخفيه بنية الإرهاب من أشكال تصعيدية. لا شك أن أساليب التمويه التي تلاها التهديد، فالتدخلات الأمنية بين الفينة والأخري، فالدعوة للحوار من داخل قواعد إرهاب النظام مع اعتماد أسلوب الإقصاء كمناورة، فالاعتقالات والتعرض للمحاكمات حاليا هو ما ميز ويميز إرهاب النظام الذي يعتمد أساسا ، كما سبق القول، منهجية جدلية الثابت والمتغير في مفهوم الإرهاب وذلك بحثا عن الأسلوب الناجع لفرض الذات لأن هزيمته هي ، وبالكاد، هزيمة النظام. ويمكننا إضافة مناطق أخرى عانت وتعاني في صمت من ممارسة إرهاب النظام عليها بفعل التدجين الذي تتعرض له على الدوام والذي رضيت وترضى به باعتبارها إياه قدر إلهي يمتحن الله به إيمانها ؛ مناطق من قبيل عبدة واحمر والشياظمة وغيرها، حيث أن نسبة مهمة من الساكنة هناك لا تتمكن من توفير وجبة العشاء لأبنائها لشدة فقرها الذي هو إرهاب يمارسه النظام عليها مستثمرا خاصة عامل الدين، فأشكال الإرهاب الأخرى كلما تطلب الوضع ذلك.
ويمكننا إعطاء مثال آخر متمثل في ما يحدث راهنا بين أنظمة منطقة الخليج العربي حيث أن الأنظمة تلك صرحت ، وبشكل واضح، أن أي موقف يهدد استقرارها ومصالحها، فهو إرهاب؛ أو بلغة أكثر دقة: كل من يهدد إرهابها يجب تدميره أو بلغة بوش الابن: كل من ليس معنا فهو ضدنا؛ وهكذا أسست الأنظمة الخليجية تلك ، ودربت وكونت ومولت واحتضنت المجموعات الإرهابية كالقاعدة وداعش والنصرة وغيرها لتدمير النظام الأفغاني والعراقي والليبي والسوري واليمني ليبقى الرأي العام العربي منشغلا بما سموه " بالجماعات الإرهابية " لتلافي اكتشافه أنها ليست سوى صنيعة إرهاب أعلى هو إرهاب الأنظمة العربية. وقد أنفضح الأمر أكثر عندما تحالفت السعودية والإمارات والبحرين ومصر ضد قطر؛ فالطرفين مارسا وما زالا يمارسان الإرهاب من خلال الجماعات المتطرفة في المنطقة.إلا أنه عندما تناقضت المصالح بين تلك الأنظمة، تم اللجوء، هذه المرة، بشكل علاني، إلى اتهام بعضهما البعض بممارسة الإرهاب : فالتحالف الجديد : السعودية والإمارات والبحرين ومصر يتهمان ٌطر بممارسة الإرهاب عليهم، وفي الطرف الآخر ، قطر التي تتهم بدورها هذا التحالف بممارسة الإرهاب عليها؛ لنخلص نحن ونقول أن كليهما يستخدم ويمارس الإرهاب.
وعموما، فالأنظمة العربية هي نظام أنظمة الإرهاب التي حاصرت وتحاصر شعوبها المستسلمة والقابلة بالعيش داخل سجن تنظمه وتدبره الأنظمة تلك معتمدة أساليبها الإرهابية كممارسة القوة : التدخل العسكري والأمني ، وتدجين العقول بالإرهاب المؤدب: التعليم، الأخلاق، والإرهاب الميتافيزيقي: الدين والخطب بالمساجد. هذا هو الإرهاب الحقيقي الذي يقتضي العقل والمنطق السليم مواجهته لا فقط أشكاله ومظاهره التي تخفي حقيقته؛ وكلما تم تجفيف ينابيع إرهاب نظام الأنظمة العربية، كلما تم تجفيف، وباللزوم، ينابيع إرهاب الجماعات المتطرفة ؛ وفي هذه الحالة سينتهي تاريخ ليبدأ تاريخ آخر في عالمنا العربي. إلا أن ذلك يوجب توفر شروط الحدث ذاك الذي أهمه تحالف النخبة الطليعية، القوى التي يتوفر فيها عنصر التكوين والتجربة، والمفعمة بالأمل، وذات القدرة والمثابرة على تجاوز نخب الكيلو التي صنفها رولان بارث في خانة " الأحياء/الأموات ".