خمسون عاماً على حرب حزيران


بدر الدين شنن
الحوار المتمدن - العدد: 5541 - 2017 / 6 / 4 - 16:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

عندما يحضر الخامس من حزيران 1967 ، تحضر معه أصداؤه وارتداداته الوطنية والقومية ، مصحوبة بحيثياته ، وبأهم وقائعه ونتائجه حاملة أوجهاً عدة . إنه اليوم الذي أشعل فيه الكيان الإسرائيلي الحرب ، على ثلاث دول عربية ، بتزامن متعمد ، وهي سوريا ومصر والأردن . وهي دول على خلاف في سياساتها الداخلية والخارجية ، ومعروفة حالة التنابذ القائمة فيما بينها . إلاّ أن الكيان الإسرائيلي ، بعدوانيته ، ومطامعه ، ومخططاته ، ذات الصلة الوثيقة بالمصالح الإمبريالية ، هو قد دفعها إلى الحرب ، في خندق واحد ومصير واحد . . بمعنى ، أن للكيان الإسرائيلي الفاشي التوسعي ، في الدول الثلاث ، هدف واحد تتوزع فيها تفاصيله .

وللتوضيح أكثر ، ينبغي ألا تنسى ، ولا يجوز أن تنسى ، حقيقة أن الحركة الصهيونية العالمية ، والدول الرأسمالية الاستعمارية العريقة ، هي التي أقامت الكيان الإسرائيلي ،في فلسطين العربية ، حين كانت فلسطين تحت الانتداب البريطاني وبعده . وذلك خدمة للمصالح " القومية " اليهودية " في الشتات ، والمصالح الاستعمارية ، في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى . وجرى وضع حدود لهذا الكيان ، تقع ما بين النيل والفرات . وهذا يفسر وجود الأردن في جحيم حرب حزيران 1967 ، فيما كانت هذه الحرب تستهدف سوريا ، ثم انجذبت إليها مصر دعماً لسوريا

ومن منطلق إسرائيلي توسعي ، وبالتنسيق " اللوجستي " مع الدول الغربية ، هاجم الكيان الإسرائيلي ، صباح الخامس من حزيران 1967 مصر وسوريا والأردن . وكانت عينه إبان الهجوم ، على قناة السويس في مصر ، وعلى الجولان ، والجغرافياـ السياسية السورية ، وعلى النظام السوري اليساري المعادي للغرب المطلوب غربياً ـ ورجعياً عربياً ،إسقاطه ، كما أن عينه على امتداد حدوده الطويلة مع الأردن ، والضفة الغربية ، والقدس ، وقطاع غزة .

وعند حضور الخامس من حزيران 1967 ، يستقبله السوريون الوطنيون ، استقبالاً مهيباً .. لا حزناً .. ولا فرحاً .. وإنما لإعادة قراءة صفحات" حرب الأيام الستة اللعينة " وإضاءة نهاياتها المريرة ، وربطها بمجملها بالسيرورة التاريخية للوجود السوري ، وذلك منذ نشوئه قبل آلاف عدة من السنين .. عبر لحظاته المصيرية .. من زمن إلى زمن .. ومن عهد إلى عهد .. حتى اللحظة الراهنة .
ولحسم وجهات النظر المتباينة ، حول مجمل الحرب ، وعلاقة الخارج المتواطئ مع المعتدين ، يتم اللجوء عند الغيارى على وحدة الصف الوطني ، إلى حيثيات ، وخلفيات ، ومفاعيل الحرب العدوانية . ما يؤدي إلى تفكيك المسائل المركبة ، في الوقائع ، والأصداء والتأويلات . وهذا النمط من حركة الوعي السياسي ، هومن أسس للسوريين أهمية التمسك بالوجود السوري ، في كل المحن والحروب والاجتياحات الهمجية .

إن طبيعة ونوعية ثقافة حب البقاء الوجودي ، هي التي صنعت ، وأعطت السوريين .. الصلابة .. والصمود .. والقدرة على التجدد .. وعلى تفاعلاتهم مع الحضارات .. التي مرت بهم .. وتعاملهم معها .. عنفاً .. أو تبادلاً .. فأخذوا منها .. وأعطوها .
ولذا , إن سوريا ، عند الضرورة ، تقاتل بسيفها .. وعقلها .. وذكائها .. وعبر ملاحمها .

ويأتي الخامس من حزيران هذا العام .. وسوريا تخوض للعام السابع حربها الدفاعية الوطنية ، ضد الإرهاب الدولي ..حرباً من نوع مختلف .إذ تضم الغزاة الهمج القادمين من كل بقاع الأرض . وتضم الغزاة " الفاتحين " المستعبدين ، أحفاد الفاتحين السابقين ، وتضم المغامرين الجدد ، بألوان ، ورايات غريبة ، تسوغ لهم القتل والخيانة .
وربما يخوض السورين ، بعد وقت قصير حرب وجود ، بكامل أبعادها ومعانيها .. أرضاً .. وشعباً .. مباشرة مع قمة قادة وتجار الحروب العدوانية ، بمشاركة مباشرة من التحالف الأمريكي الدولي ، وحلف الناتو ، تهرول معهم وخلفهم حثا لات المرتزقة المتوحشة , ما يستدعي ملاقاة استحقاقات قاسية لمواجهتها .

إن الحرب العدوانية الإرهابية الدولية على سوريا المتصاعدة ، قد تجاوزت كل معايير الحروب الكبرى ، التي عرفها السوريون عبر تاريخهم المزدحم بالجيوش الغازية . وتغدو حرب حزيران قابلة للاحتواء .. بمفاهيمها وأهدافها . لكن هذ الحرب الإرهابية " العالمية " بأطماعها وأحقادها .. وتوحشها ، هي تكاد تكون عصية على الاحتواء .. بمعنى دحرها .

ومع ذلك .. إن حرب حزيران 1967 ، أعطت السوريين درساً أساسياً ، هو الضامن الرئيس للانتصار ، في أي حرب أخرى .. وهو ,, إن اتحدتم .. وقاتلتم متحدين .. كنتم .. وإن تفرقتم لن تكونوا شيئاً .

ورغم تفاؤل عتاة الصهاينة .. بانتصاراتهم في حروبهم .. على خلفية أساطيرهم المزيفة .. ودعم القوى الاستعمارية .. فإن " خامس من زيران آخر عربي .. معاكس بنتائجه وأصدائه على الوجود الصهيوني لن يتأخر كثيراً " وستعود فلسطين جزءاً من الجسد السوري .. والقبلة الأولى في الوطن العربي .

الإجلال والاحترام مدى التاريخ .. لشهداء حرب حزيران 1967 العرب ، في مصر وسوريا والأردن .. ولأخوتهم شهداء التصدي لحرب الإرهاب الدولي ، التي تفتك بالكيان السوري .. والإنسان السوري .