إنتفاضة


عصام مخول
الحوار المتمدن - العدد: 5526 - 2017 / 5 / 20 - 12:14
المحور: القضية الفلسطينية     


صدر مؤخرا عن دار نوفمبر للنشر كتاب باللغة العبرية تحت العنوان اعلاه لمناسبة 50 عاما على احتلال العام 1967. ويشمل الكتاب تحليل 50 مصطلحا مأخوذة من 50 عاما. وشارك في تأليفه خمسون كتابا. أشرف على تحريره د. يشاي منوخين، ويفتتح الكتاب مقال عصام مخول تحت عنوان "الانتفاضة" ويحلل من خلاله تجربة الانتفاضة الفلسطينية الاولى وابعادها والنموذج الثوري الذي طرحته . وننشر هنا ترجمة للمقال.






في مجرى النضال البطولي الذي خاضه الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الاسرائيلي تحولت الكلمة العربية "إنتفاضة" الى مفهوم سياسي إنساني شامل. فأصبحت "الانتفاضة" بأصلها ولفظها العربي، مفهوماً عالمياً معتمَداً في كل اللغات المستعملة للتعبير عن مقاومة الشعب الفلسطيني المشروعة للاحتلال الاسرائيلي .
وبهذا تحولت "الانتفاضة" الى اسم علَم يحمل في طياته أكثر مما تعبر عنه اللغة ويتجاوز ما يعنيه الوصف: "انفجار غضب" . وأصبحت "الانتفاضة" تعبيراً يعكس حالة وواقعا جديداً ومركَباً، وثقافةً مقاومة، في مركزها رفض وتمرًد واسع على الضع القائم، ونضال شعبي شامل ومنظّم، واضح الهدف، تقوده لجان شعبية وقيادات ولدت في قلب النضال وفي ساحات المواجهة الشجاعة مع الاحتلال، من خلال الحفاظ على تعددية واسعة تشمل التيارات والمنظمات السياسية الوطنية الجاهزة للمواجهة كلها، ومن خلال تنسيق عميق وشراكة كفاحية حملت طابعا ديمقراطياً ملهِماً.
إن عظمة الانتفاضة الفلسطينية نبعت عن هذا التلازم بين انتشارها الواسع بين الناس، واتساعها للمشاركة الشعبية الشاملة من جهة، وبين التمسك باستراتيجية مشتركة، واضحة المعالم هدفها إنهاء الاحتلال والتحرر الوطني، من خلال جعل الاحتلال وبضمنه مشروع الاستيطان الكولونيالي، أمراً لا يحتمل، ليس للشعب الواقع تحت الاحتلال فحسب، وانما للدولة التي تمارس الاحتلال أيضا .
وبهذا المعنى ترسخت الانتفاضة تاريخياً بكونها نموذجاً لنضال شعبيٍ شاملٍ وعنيد، فلسطيني الملامح والقسمات، من أجل التحرر الوطني والانساني، تميز بشجاعة الجماهير الشعبية الفلسطينية التي خرجت عن بكرة أبيها لتنفض عنها نير الاحتلال وعاره، وتقاوم قمع الاحتلال، وجيشه الجبار المزود بأحدث الاسلحة وأكثرها تطوراً، والمستند في قهر الفلسطينيين الى قطعان المستوطنين المهووسين والمشبعين بالعنصرية والكراهية، إضافة إلى مجموعات اليمين الفاشي ممن نشأوا على مستنقع الاحتلال ودورهم لمنع انهاء الاحتلال وعرقلة أي حل سياسي.
وبهذا المعنى فإن الشعب الفلسطيني يكون قد قدّم للبشرية مفهوما للنضال التحرري، عماده وزن الجماهير الشعبية وإصرارها حين ابتكر مفهوم "الانتفاضة"، ويكون بذلك قد انضم الى قائمة مجيدة من الشعوب الذين أبدعوا نماذج متميزة من النضال الشعبي الواسع في معركة التحرر القومي والانساني.
نجحت الانتفاضة الفلسطينية الاولى (1987 – 1993) في صهر وعي الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال، مثلما نجحت في صهر وعي الشعب في اسرائيل التي تمارس الاحتلال، وفي وعي الشعوب عامة : بأنه ليس هناك احتلال متنور ولن يكون، ولا يوجد ولن يكون احتلال متواصل من دون مقاومة متواصلة للاحتلال، حتى وان غيرت هذه المقاومة صورتها وأشكالها.
لقد أعادت الانتفاضة الفلسطينية الى ذاكرة الشعوب والانسانية المتنورة ورسخت في أذهانها أن مقاومة الاحتلال هي حق مشروع يتمتع به الشعب الواقع تحت الاحتلال وهي واجبه الاول والأسمى. ورسّخت ميدانيا مفهوم المشاركة الشعبية الواسعة والوعي القاطع، بأن انتفاض شعب في وجه محتليه هو الرد الطبيعي الأكثر إنسانية على فظائع الاحتلال وعلى استراتيجيته القائمة على سياسة الرفض السياسي، والجمود السياسي، وسياسة النهب والعقوبات الجماعية وخلق الوقائع الاحتلالية والاستيطانية على الارض .
ورسّخت الانتفاضة الشعبية القناعة الحادة، بأن المحتل والشعب الواقع تحت الاحتلال، ذاك الذي يمارس القمع وضحية القمع، لا يمكن أبداً أن يقاسا بسلّم القيم ذاته ولا بالمقياس الأخلاقي نفسه . وبهذا المعنى فإن الشرعية الاخلاقية التي يقر بها القانون الدولي حول حق الشعب الواقع تحت الاحتلال في استعمال الوسائل الكفاحية المتاحة لديه كافةً، لمقاومة الاحتلال حتى إزالته، هذه الشرعية ليست قائمة ولا يمكن ان تكون قائمة تجاه القوة المحتلة التي تهدف الى قمع الشعب الواقع تحت الاحتلال وإخضاعه.
إن كل محاولة لخلق تماثل بين المحتل والشعب الواقع تحت الاحتلال تعني موضوعياً تأييد الاحتلال والتستر على جرائمه.
واضح أن الانتفاضة ضد الاحتلال هي مصلحة عليا للشعب الواقع تحت الاحتلال، وفي حالة الشعب الفلسطيني فإنها تحفظ الكرامة الانسانية والقومية للشعب الفلسطيني على المستويين الشخصي والجمعي. فهل يمكن احترام شعب يسلم بوجود الاحتلال والعقوبات الجماعية ويذعن لسياسة الإذلال والبطش والاضطهاد المتواصل لعشرات السنين؟
ولا يقل عن ذلك صحة، القول بأن الانتفاضة الشعبية الفلسطينية في وجه سياسة الرفض التي يمارسها الاحتلال الاسرائيلي، تخدم موضوعياً المصالح الجوهرية للشرائح الشعبية المضلَّلة والمنكفئة عن الفعل السياسي والمشاركة السياسية حتى بشأن ما يخص قضاياها هي في إسرائيل ذاتها، وتخدم الانتفاضة الفلسطينية موضوعياً قضية القوى السلامية والديمقراطية الحقيقية المتنورة فيها، وتساعدهم على الخروج من وحل الاحتلال والجمود السياسي والتحجّر الفكري، وبذلك تحفظهم من مخاطر التبهّم والتعفّن والعنصرية والتدهور الفاشي.




**الانتفاضة وقوى السلام في إسرائيل


في وقت كان فيه الشعب الفلسطيني منغمس بكل مكوناته في الانتفاضة الاولى، وكانت الجماهير الشعبية مندمجة كل من موقعه في نضال وطني تحرري تاريخي، انعكس زخم هذا النضال على الساحة الاسرائيلية ايضا، فتجاوبت حركة السلام في اسرائيل وتفاعلت مع ما يحدث فلسطينيا. وبات واضحاً، أن هناك تأثير وتفاعل متبادل بين نهوض نضال الشعب الفلسطيني من أجل تحرره القومي واستقلاله وسيادته، وبين نهوض حركة ديمقراطية حقيقية سلامية في إسرائيل تناضل لإزالة الاحتلال ووضع حد للصراع الاسرائيلي الفلسطيني، وتستطيع أن تميز التناقض الصارخ بين ادعاء الديمقراطية والمساواة وحقوق الانسان في إسرائيل ذاتها، وبين استمرار مشروع الاستيطان والاحتلال وعسكرة الحياة في اسرائيل وفي المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967.
لقد ثبت مرة تلو أخرى، أن ضمان حياة طبيعية في إسرائيل، مرهون بضمان حياة طبيعية للشعب الفلسطيني . وأن حرية الشعب في إسرائيل ورفاهيته واستقلاله الحقيقي لن تتحقق ولن تكون في متناول اليد، من دون أن يمارس الشعب الفلسطيني حريته ورفاهيته واستقلاله الوطني . وكان كارل ماركس قد وضع مقولته الخالدة : "إن شعبا يستعبد شعباً آخر، لن يكون شعباً حراً" .
ليس هناك شك في أن نهوض حركة سلام شجاعة في اسرائيل، تناضل ضد سياسة الاحتلال ستكون سنداً هاماً لا يجوز التقليل من وزنه لدعم معركة الشعب الفلسطيني للتحرر والاستقلال الوطني. وفي المدى نفسه علينا أن نعي أن انتفاضة شعبية فلسطينية شجاعة وعادلة ضد الاحتلال الاسرائيلي، هي في نهاية المطاف سند حيوي بما لا يقاس لمعركة قوى السلام والديمقراطية الحقيقية، التي تبحث عن نظام اجتماعي وديمقراطي بديل داخل اسرائيل نفسها. وهي تشكل موضوعيا سنداً هاماً للقوى المعنية ببديل تقدمي في إسرائيل، يحرر المجتمع الاسرائيلي نفسه من اليأس، ومن انعكاسات الاحتلال المتواصل عليه، ومن عمليات التبهّم داخل المجتمع الاسرائيلي، وتقليص الحريات الديمقراطية، ومطاردة منظمات حقوق الانسان، وسياسة المؤسسة المتطرفة لكسر اولئك الذين يجرؤون على "كسر حاجز الصمت".
ويجب أن نقول لقوى السلام والديمقراطية الحقيقية في اسرائيل بملء الفم : في مواجهة احتلال القوى الفاشية المنفلتة للحيِّز الديمقراطي في اسرائيل، ومقابل هجمة التشريع المعادية للديمقراطية والتربية الرسمية على ترسيخ الكراهية والعنصرية والوعي الزائف في المجتمع الاسرائيلي، فإن انتفاضة شعبية فلسطينية هي قوة محَرِّرَة من الاحتلال وآثاره على الشعب الفلسطيني أولا وعلى الشعب في إسرائيل ثانياً.




**الانتفاضة وبعدها الاجتماعي والطبقي


تميزت الانتفاضة الفلسطينية الاولى ببعدها الطبقي التقدمي الواضح . ووقع معظم عبء الانتفاضة على أكتاف الطبقة العاملة الفلسطينية، والنقابات العمالية وجمهور العاملين الفلسطينيين عامة، والى جانبهم جمهور الطلبة الجامعيين وطلبة المدارس، والمثقفين الثوريين، إضافة الى مجمل القوى الوطنية الفاعلة على ساحة الشعب الفلسطيني.
كان من شأن الانتفاضة الشعبية، التي ألقى الشعب الفلسطيني من خلالها بكامل ثقله في المعركة للتحرر من الاحتلال، أن تغير قواعد اللعبة الاجتماعية أيضا، وتغير توازن القوى الاجتماعي بما فيه موقع المرأة ومكانتها في المعادلات الاجتماعية داخل المجتمع الفلسطيني. في الانتفاضة لم يعد هناك نضال يخوضه الرجال وحدهم وسط دور مراقب ثانوي تقوم به المرأة من بعيد، تبكي فيه شهداء الشعب الفلسطيني، وانما مواجهة مباشرة فيها للمرأة دور عميق وفاعل.
لم يعد طابع النضال ينحصر في "مجموعات من الابطال" والشهداء يناضلون ويستشهدون نيابة عن المجتمع الفلسطيني وبديلا عنه، وانما برز شعب كامل يلقي بثقله كاملا في النضال ضد الاحتلال : شيباً وشباناً، أطفالاً وتلامذ مدارس، أمهات وآباء. إن شيئاً ما في الانتفاضة الشعبية أحدث تغييرا ثورياً تحررياً، ليس في تعامل الشعب الفلسطيني مع الاحتلال فقط، وانما في تعامله مع نفسه أيضاً. وأحدث تغييراً ثورياً تحررياً في القيم وسلم الاولويات الاجتماعية، ساعد في معافاة منظومة العلاقات الاجتماعية وتطهيرها من العديد من أمراضها المزمنة.
وبرز بشكل خاص التغبر الذي طرأ على مكانة المرأة الفلسطينية وموقعها من النضال التحرري . ففي إطار مشاركتها الفاعلة والمركزية في الانتفاضة الشعبية للقضاء على أكبال الاحتلال وإزالتها عن نفسها وعن شعبها كله، نجحت المرأة الفلسطينية بموازاة ذلك في إزالة الاكبال الاجتماعية القديمة والرجعية عن أيديها هي. وبات من الطبيعي أن يقوم كل بدورها أو بدوره في الانتفاضة من موقعه وبحسب إمكانياته. فمن لم يخرج للتظاهر والصدام والمقاومة بالحجر وبناء المتاريس لعرقلة قمع قوات الاحتلال، فقد ساعد في إعداد وفي إدارة اقتصاد الانتفاضة ومقومات صمود الناس، وفي إعداد وإدارة أماكن الاختفاء للمطلوبين، وتوزيع الغذاء وتنظيم حملات الاغاثة، وإدارة المعركة السياسية والتعبوية، وبناء الأسس المادية لصمود شعب يناضل في ظروف الحصار والتجويع والعقاب الجماعي . لقد ترافق ذلك مع نشوء منظومة جديدة من العلاقات الثورية داخل هذا النضال.
وما أن أخذ الطابع الشعبي للنضال الفلسطيني في مواجهة الاحتلال بالتراجع، حتى أخذت تتراجع منظومة القيم الثورية التقدمية، وأخذت تحتل مكانها المؤسسة الدينية والاجتماعية والسياسية المحافظة، القمعية والرجعية، التي تتغذى من التيارات اليمينية الأصولية والرجعية التي تغمر بلدان المنطقة . وفي المقابل فإنه مع تراجع الطابع الشعبي للانتفاضة الفلسطينية، اضمحل حضور وتأثير حركة سلام حقيقية واسعة في اسرائيل وتراجع النضال داخل اسرائيل لإنهاء الاحتلال.







**نضال النخب نيابة عن الجماهير الشعبية أوصل الى الباب الموصود!


وفي مقابل رؤية النضال الشعبي المثيرة التي توقفنا عندها هنا، فإن النخب والقيادات في الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني - المحتل والواقع تحت الاحتلال - قد أفزعتها عظمة الانتفاضة الشعبية وزخمها، وأفزعها زخم كفاح الجماهير الشعبية الفلسطينية المنظمة كل منها لأسبابها.
إن النتيجة الأساسية التي تحققت منذ اتفاقات أوسلو قد تمثلت في إخراج وزن الجماهير الشعبية الفلسطينية خارج دائرة النضال، وخارج قدرة التأثير على الفعل السياسي والاجتماعي .
لقد كان من اقترح تحويل المفاوضات الى "أسلوب حياة" باعتبار المفاوضات بديلا عن النضال الشعبي. وكان من طرح "المقاومة" عبر إطلاق الصواريخ من غزة من الجهة الأخرى بتأثيرها المتواضع، بديلا للمقاومة الشعبية، وبديلا عن المشاركة الشعبية في الصراع.
وفي كلتا الحالتين نجح هؤلاء وأولئك في تغييب ثقل جماهير الشعب الفلسطيني وتحييد وزنها من معادلات الصراع والابقاء على الخلل الصارخ فيها .
وفي إسرائيل تجاوزت حكومة التطرف ورأس المال الكبير والمستوطنين برئاسة نتنياهو، كل القيم والأعراف عندما أقدمت بعد خمسين عاما على احتلالها، على دعوة الجمهور اليهودي في اسرائيل الى حمل السلاح والخروج الى الشوارع و"تحييد" (بمعنى تصفية) الشباب والشابات الفلسطينيين المشتبه بأنهم يضمرون نوايا لتنفيذ عمليات طعن وخصوصا في مدينة القدس . وتعاملت حكومة المتطرفين في اسرائيل بتسامح فاضح وبالتستر على عمليات إعدام الفلسطينيين في الشوارع والساحات من دون محاكمة وتبريرها والدفاع عنها على انها "بطولات" حتى عندما كانوا الفسطيني مصابا في النزع الاخير.
وأخطر ما في هذه الممارسة هو قيام الدولة "بالانسحاب" من مسؤويتها الرسمية في المجال الامني على خلفية فشلها في ضمان الامن الشخصي والعام في شوارع المدن ووضع هذه المسؤولية الخطيرة في أيدي الرعاع الهائج والمحرَّض في ساحات المدن. ويأتي انسحاب الدولة من مسؤولياتها الأمنية بعد أن سبق وانسحبت من مسؤولياتها في المجال الاجتماعي، ونقلت المسؤولية عن مجالات اجتماعية حساسة بشكل خاص الى أيدي جمعيات ومنظمات فردية يعنيها عادة الربح المادي وليس الرفاه.
وبهذا المعنى تكون حكومة نتنياهو قد نجحت في نقل مقاومة الشعب الفلسطيني المشروعة للاحتلال ونقمته على سياسات الاحتلال، من المجال السياسي الى سكة الصدام الدامي بين اليهود والعرب لمجرد كونهم يهود وعربا، وبين الفلسطينيين والاسرائيليين لمجرد كونهم كذلك في ظل حالة من اليأس العميق الذي يطغي على ابناء الشعبين.
وبهذا المعنى فإن دماء الفلسطينيين التي تسفك، ودماء الاسرائيليين التي تسفك تتحمل مسؤوليتها حكومة الرفض والتطرف والاحتلال في اسرائيل وتشكل وصمة عار على جبينها.
ومقابل كل الذين يدفعون الى استبعاد ثقل الجماهير الشعبية الفلسطينية، ومعها قوى السلام والديمقراطية في اسرائيل خارج معادلات الصراع والحل، وبعيداً عن دائرة التأثير ومقاومة الاحتلال، سيكون على كل واحدة وواحد منا أن يساهم شخصياً في تحويل العام ال-50 للاحتلال الى عام لتعبئة الجماهير الفلسطينية وتعبئة قوى السلام والديمقراطية وحفوق الانسان في اسرائيل وفي العالم لإنهاء الاحتلال. 50 عاماً كفى!