حلمي النمنم -الكاتب- ... حلمي النمنم -الوزير-


حمدى عبد العزيز
الحوار المتمدن - العدد: 5514 - 2017 / 5 / 7 - 00:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

قرأت في عدد اليوم لجريدة المصري اليوم مقالة جيدة للسيد حلمي النمنم بعنوان "ليست حركة تحرر وطني" وبغض النظر عن موضوع المقال الذي اتفق فيه حرفياً وموضوعياً مع " الكاتب " حلمي النمنم وأراه مقالاً جيداً وكاشفاً

لكنني أثناء قراءتي لختام المقال الذي حمل عبارة عظيمة القيمة أعجبتني كثيراً لكنها دفعتني - بعد أن انتهيت من قراءة المقال - إلي التفكير في أمر الكاتب حلمي النمنم وعلاقته بحلمي النمنم الوزير ومدي اتساقهما وانصهارهما في شخصية واحدة

يقول "الكاتب" حلمي النمنم في الفقرة الختامية من مقاله :

(( الفعل الوطني ليس برطانة لفظية يطلقها أحدهم ، ولا جوقة إعلامية وإخراج سينمائي
ولكن بالفعل والخطوات العملية علي الأرض وبين الناس))

ورغم أن هذه العبارة قد سيقت في سياق موضوع آخر هو موضوع حركات التحرر الوطني إلا أنني أتوقف أمام أن يكتب الكاتب " الإنسان " عبارات حاكمة للأمور تشكل قناعات تكوينية ترسخ في ضميره الإنساني الذي يقوده ويحكم دوافعه ونوازعه في كل حالاته سواء وهو كاتب أو وهو باحث أو وهو في موقع الوزير بحيث ليكتشف المتابع لأي شخصية تحمل تلك القناعات وتمر بتجارب وسياقات كتلك أنها تتغير حينما تجلس علي كرسى المسئولية أو تتراجع عزيمتها عندما يوضع جوهرها أمام تحديات فعلية واختبارات كاشفة

فكرت هل كان حلمي النمنم "الكاتب" وهو يكتب تلك يفكر في أن بينه وبينها مسافة تساوي المسافة بين مكتبه كوزير في وزارة الثقافة ومكتبه الخاص الذي اعتاد أن يكتب فيه في بيته؟

هل من سبيل أن يناقش حلمي نمنم "الكاتب" ما أنجزه حلمي نمنم "الوزير" في وزارة تمتلك عصباً رئيسياً لعملية التنوير إذا ما أحيي وتحرك علي أسس ديمقراطية شعبية ليفتح آفاق المشاركة الشعبية في الإستنارة وتحديث الثقافة المصرية بسياقاتها الدينية والتراثية عبر إتاحة الفرصة الحقيقية لطاقات الإبداع العقلاني المنتشرة في أنحاء مصر والتي يحملها كتاب ومثقفون عضويون دونما وضع وصاية إدارية بيروقراطية عليها ودونما وضع أنشطة هيئات الوزارة تحت رقابة أجهزة لاعلاقة لها بالثقافة والإبداع ؟

ربما يسرع البعض دفاعاً عن حلمي النمنم الوزير قائلاً ماذا يفعل الرجل وهو محاط بتعقيدات بيروقراطية وإمكانات محدودة؟
والإجابة بسيطة وهي
إن لم يستطع كان عليه مصارحة الناس والإعتذار عن الإستمرار في موقعه أو الإستقالة لإن غير ذلك يعني فقط أنه جزء من سياق سلطوي لايري الواقع إلا بعين الحفاظ علي السلطة التي تكتسب مواقعها بكونها تعبر أصدق التعبيرات عن التحالف الطبقي المهيمن اجتماعياً منذ سبعينيات القرن الماضي

لنصبح نحن - مع كامل احترامنا له كإنسان - أمام شخصين هما حلمي النمنم " الكاتب " الذي يخوض معارك التنوير كنشاط فكري وكنزق ثقافي لإكتساب قيمة ثقافية وفكرية بين أوساط النخب
ومن ناحية أخري أمام حلمي النمنم الوزير في وزارة سياسات التكيف الهيكلي وتنفيذ برامج صندوق النقد الدولي التي تزيد من إفقار الشرائح الإجتماعية والوسطي وتعمق من أزمات المجتمع وبالتالي هو عضو من أعضاء سلطة تنتج محفزات التطرف والإرهاب الديني وفي نفس الوقت تواجه مظاهره مواجهة أمنية تقتصر علي استخدام السلاح فقط دون السماح بالمواجهة المجتمعية الشاملة التي تلعب فيها أجهزة وزارة الثقافة دوراً كبيراً بما تمتلكه من إمكانات هائلة يكفي أن نذكر منها قصور وبيوت الثقافة وقاعات المكتبات العامة المنتشرة في أرجاء الوطن

_________________
حمدى عبد العزيز
3 مايو 2017