عيد الجلاء .. عيد المقاومة والتحرير


بدر الدين شنن
الحوار المتمدن - العدد: 5493 - 2017 / 4 / 16 - 13:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

غــداً .. السابع عشرة من نيسان .. هو عيد الجلاء في سوريا .. ويوم غد .. يعيدنا إلى زمن حرب المقاومة ، ضد الاحتلال الفرنسي .. التي بدأت .. في أواخر تموز 1920 .. بمعركة ميسلون .. بقيادة الشهيد البطل يوسف العظمة .. وتواصلت بعدها من خلال الثورات الشعبية في مختلف أرجاء الوطن .. بقيادة عظماء سوريا الخالدين " إبراهيم هنانو، وصالح العلي ، والشيخ محمد الأ شمر ، وسلطان باشا الأطرش " حتى تحقق طرد المحتلين من الوطن ، وسمي ذاك اليوم العظيم " عيد الجلاء " . وقد كرسه السوريون بعد الاستقلال ، عيداً سنوياً وطنياً .. تخليداً لذكرى الصمود ، والمقاومة ، والتضحيات .. والانتصار على الأجنبي المحتل . وتعبيراً عن الإجلال والاحترام ، لأكثر من خمسين ألف شهيد ، الذين قاتلوا الاحتلال ، بإمكانيات محدودة وأسلحة بسيطة .. ورفعوا رايات الوطن .. وكانوا دروع الحرية والكرامة الوطنية .
وببطولاتهم .. ودمائهم .. ثبتوا أبواب الحياة والبقاء مفتوحة .. أمام التاريخ .. للوطن .. ولملايينه الأبية الصامدة ..

ويحق للسوريين الاحتفال بعيد الجلاء هذا العام ، باعتزاز وافتخار أكثر من الأعوام الماضية . فهم على مدار سنوات ست متواصلة ، يخوضون الحرب الوطنية ، ويواجهون الاحتلالات الإرهابية ، المتخلفة ، المتوحشة ، التي استجلبت من عشرات البلدان العربية والغربية المستهترة بالسلام وحق الشعوب بتقرير المصير . وقد برهنت هذه الاحتلالات الإرهابية .. بسفكها للدماء .. وتدميرها الهمجي للعمران في سوريا ، بما فيه ، المدارس ، والمشافي ، ودور العبادة .. وممارساتها التكفير ، والتهجير .. أنها من أسوأ الاحتلالات التي مرت عبر التاريخ في سوريا وفي العالم .

والسوريون إذ يحتفلون هذا العام بعيد الجلاء ، وهم في غمرة المعارك الشرسة مع المحتلين ، فإنهم يقدمون المثال الأقوى للصمود ، وللمقاومة ، بوجه الاحتلال ، مشكلين ، فضلاً عن ذلك ، حواضن وجدران إسناد لجيشهم العربي السوري .. الذي يتقدم في مختلف معاركه مع الإرهاب .. واعداً بالتحرير .. وبعيد جلاء وطني تحرري آخر .

بيد أنه من اللافت ، أن يتزامن عيد الجلاء هذا العام ، مع تسلم " دونالد ترامب " غير المتوازن للرئاسة الأمريكية . ما سهل وعجل القرارات الأمريكية العدوانية التدميرية . وذلك في محاولة مسعورة ـ للتعويض عن خسائر وانهيارات الإرهابيين المسلحين ، وخاصة " داعش ، والنصرة ، والقاعدة " في معاركهم الأخيرة مع الجيش العربي السوري ، من خلال فبركة جريمة " خان شيخون الكيميائية " البشعة ، واتهام السلطات السورية بارتكابها ، لتسويغ توجيه ضربات عسكرية عدوانية للقوات السورية ، دعماً للمجموعات الإرهابية .

وقد بدأ " ترامب " لعبته القذرة ، باستدعاء مجلس الأمن الدولي " في 5 أبريل " ليستصدر منه قراراً يحمل السلطات السورية مسؤولية جريمة " خان شيخون " ليبرر عدوانه المقرر والمخطط له مسبقاً على سوريا . ولما فشل مجلس الأمن باستخدام الفيتو الروسي ، بتلبية ما توخاه " ترامب " . قامت المدمرات البحرية الأمريكية في البحر المتوسط ، بأمر من " ترامب ط بتجاوز فاضح للمواثيق والقوانين الدولية ، بتو جيه عدوانها الصاروخي ، على مطار " الشعيرات " العسكري .
--
لقد فشل العدوان الأمريكي على مطار شعيرات العسكري ، إن في إيقاع تدمير ساحق لبنى ومؤسسات المطار وآلياته القتالية ، أو في توجيه ضربة معنوية وسياسية ، للجيش العربي السوري والدولة السورية .

وحيث أن حرب الإرهاب الدولي على سوريا ، هي على أبواب الاندحار .. ما يهدد المشروع الأميركي بالهيمنة على العالم . بمعنى أنه آن أوان تحجيم تجديد ، آليات ومسارات هذه الحرب ، وأولها ، التدرج في إنهاء الحرب بالوكالة . فإن " ترامب " فضلاً عن إرساله آلاف الجنود الأمريكيين بوقاحة فوق الأراضي السورية للقتال فيها . قام بعد فشل عدوانه على مطار " شعيرات " بالأسلحة الصاروخية ، التي باتت ، بالمقارنة مع متطلبات الحرب السورية القائمة ، والحروب العدوانية الأمريكية الأوسع ، القادمة في بلدان أخرى ، لفرض هيمنتها على العالم ، باتت لا تحقق التدمير المطلوب ، فإ نه كشف عمداً عن سلاح هائل ، سمي " أم القنابل " .
وقد اعترفت القيادة العسكرية الأمريكية ، أن القوة التدميرية لهذه القنبلة ( جي بي يو ، زنتها 9، 13 طن ) ، تخترق أقوى التحصينات للمنشآت النووية وغيرها تحت الأرض . وهي قوة تدميرية أقل من فنبلة نووية . وقد تم تجريبها في أفغانستان . والواضح أن " ترامب " لم يكن يرمي من الكشف عن " أم القنابل " للإعلان عن افتتاح سباق تسلح تدميري دولي جديد ، إضافة للسلاح الفضائي ، وحسب ، وإنما رمى إلى وضع حلفاء سوريا وخاصة روسيا ، والقوى الدولية بعامة ، أمام أوضاع محرجة ومقلقة ، وهي .. إما مواجهة استحقاقات سباق التسلح والإنفاق الباهظ عليه ، وإما القبول بالهيمنة الأمريكية ، القادرة على مجاراة ، أوالتفوق المطلق لوجستياً ومالياً على غيرها . ومن طرف آخر أكثر وضوحاً ، هو إعلان " ترامب الحرب بلا معايير على من يستعصي على طاعته وتنفيذ إملاءاته .

صحيح أن " ترامب " قد عبر عن ارتفاع منسوب التوتر ، والشعور بالقوة والتحدي ، إلاّ أنه، عبر دون رغبة منه عن ، خوفه من قدرات الجيش العربي السوري وحلفائه في الحرب على الإرهاب الدولي ، وعن أن لديه شعور ضمني ، أنه غير قادر على اجتياح العالم بالجرائم المفبركة.. وبالسلاح ، الذي بات تقليدياً ، لتوفره المماثل ، وربما أقوى منه ، لدى دول كبرى أخرى .

إننا إذ نحي بطولات .. ونجل ونكرم شهداء حرب تحرير سوريا من الاحتلال الفرنسي .. و صانعي عيد الجلاء المكرس في 17 نيسان .. نحي .. ونجل .. ونكرم بطولات وشهداء الجيش العربي السوري .. وكافة المقاومين لغزاة الإرهاب الدولي .. الذين يصنعون التحرير .. وعيد الجلاء الجديد .. رغم " ترامب " وشركائه .. وعملائه .. في يوم قريب .. قريب .