حول موقف مصر الرسمية من الإعتداء الأمريكي علي سوريا


حمدى عبد العزيز
الحوار المتمدن - العدد: 5486 - 2017 / 4 / 9 - 21:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

الموقف الرسمي المصري من العدوان الأمريكي كان موقفاً ركيكاً يتساقط منه عرق التحرج وتحاشي أغضاب الحبيب الأمريكي ترامب الذي عادت الولايات المتحدة بفضله كحاملةً ل99 % من أوراق اللعبة طبقاً لعقيدة الأنظمة العربية التي تفضل دائماً الإنخراط الوظيفي في الإستراتيجية الأمريكية الكونية وإذا ما كان هناك خلاف قد جري فإن السبب قد زال بزوال السئ أوباما والسيئة كلينتون وسقوط الرهان الأمريكي علي الإخوان المسلمين في مصر (وذلك مرحلياً مع الإحتفاظ بهم علي سبيل الإحتياط لأداء ما وظيفي قد تقتضيه الظروف)

والموقف المصري الرسمي لايرتقي إلي الموقف المصري الشعبي المساند للشعب السوري والمستنكر للإعتداء الأمريكي المخالف للأعراف الدولية علي سوريا كما أنه لم يسم الأشياء والأفعال بأسمائها ، عندما لجأ لإصدار بيان تتصدرته عبارة (نتابع بقلق تطورات الأحداث في سوريا) وهي العبارة التي تعني مقدماً أننا لسنا أمام حادث اعتداء سافر قامت به دولة علي أراضي دولة عضو في الأمم المتحدة(دعك من كونها دولة عربية شقيقة يرتبط سلامة وجودها بأمننا القومي) دون إذن أو سند شرعي من القانون الدولي كما حدث بالضبط في 2004 أيام الإعتداء علي العراق الشقيق واجتياحه واستباحته واحتلال أراضيه بحجة وجود "أسلحة الدمار الشامل"

وواصل البيان التحدث بلغة مراوغة تبتعد عن الإقتراب مما قد يفهم منه رفض للعدوان الأمريكي علي الدولة السورية ثم أتي البيان بالخلاصة بأن طالب الدولتان أمريكا وروسيا (للتحرك الفعال) علي اساس الشرعية الدولية!!!

لم يشر البيان - لأول مرة منذ المواقف المصرية السابقة من المسألة السورية - إلي سلامة الأراضي والدولة السورية ولا مراعاة القانون الدولي أو الموقف من الشرعية الدولية ولا الدعوة للكف عن التدخلات الأجنبية في الصراع الدائر في سوريا

فقط علي استحياء تجد عبارة " أهمية تجنيب سوريا ومنطقة الشرق الأوسط مخاطر تصعيد الأزمة حفاظا علي سلامة شعوبها، وترى ضرورة سرعة العمل على إنهاء الصراع العسكري في سوريا حفاظا على أرواح الشعب السوري الشقيق ومقدراته، وذلك من خلال التزام كافة الأطراف السورية بالوقف الفوري لإطلاق النار، والعودة الي مائدة المفاوضات .... الخ "

هكذا كما لو أن إعتداءً أمريكياً لم يحدث ولم تسقط من جرائه ضحايا سوريين
بل والبيان علي هذا النحو يبدو كإبراء مجاني في منتهي الغرابة لذمة الأمريكان من الوضع في سوريا فهو يدعو (الأطراف السورية) إلي الوقف الفوري لإطلاق النار !!!

كذلك فهو في تقديري موقف في جوهره يشكل تراجعاً عن مواقف سابقةً كانت تدعو لضرورة الحفاظ علي الجيش السوري ووحدة أراضي الدولة السورية وهو أيضاً يبدو كما لو كان يشكل دعوة ضمنية للدولتين إلي البدء في تقاسم النفوذ وهو ماسيؤدي عملياً إلي ضرب وحدة الدولة السورية بمعني وحدة الأرض ووحدةالشعب وماسيستتبعه ذلك من ضياع حقوق الشعب السوري في أراضي المتاخمة الأقليمية لتركيا وللدولة الصهيونية بما في ذلك ضياع منطقة الجولان نهائياً في إطار إعادة صياغة سايكس - بيكو الجديدة والتي ستكون روسيا الجديدة (ماتحت الإمبريالية) طرفاً أساسيا فيها هذه المرة بحكم مواقعها الجديدة في سوريا بعد أن كانت قد انسحبت منها بعد الثورة البلشفية وهو ماأدي إلي تغييرها من (سايكس - بيكو - سيزانوف) إلي (سايكس -بيكو)
سيجري ذلك بحيث سيسمح فقط للروس بما وصلوا إليه في سوريا دون التمدد إلي مناطق أخري في البحر المتوسط (المياه الدافئة التي كانت المسعي التاريخي للأمبراطوريات الروسية)

مياه كثيرة جرت تحت السطح وانحيازات كثيرة قد حسمت ، وحسمت معها رؤي ومواقف إقليمية ودولية أو بمعني أدق قد تمت عملية إعادة إنتاجها تنعكس عنها (أو تتمفصل) المواقف المصرية والعربية الجديدة القديمة قدم اكتشاف أن 99% من أوراق اللعبة في يد أمريكا والذي تجدد علي يد الرئيس المصري الذي اكتشف أن 100 % من أوراق اللعبة في يد أمريكا في إحدي مرات ترحمه علي السادات

مياه كثيرة تتحرك نحو مشروع الشرق الأوسط الجديد ستكشف عنها المواقف المصرية الرسمية القادمة عندما تبدأ الماكينات والمطابخ الإستراتيجية عملها فوق السطح نحو إنجاز ماأسماه عنه الرئيس المصري ب"صفقة القرن" في الشرق الأوسط

حمدى عبد العزيز
9 ابريل 2017