سوريا قادرة على دحر الإرهاب الأميركي


بدر الدين شنن
الحوار المتمدن - العدد: 5485 - 2017 / 4 / 8 - 14:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

لقد أضاف الرئيس الأميركي الجديد ، بعدوانه على سوريا ، دليلاً جديداً على أنه مضارب عقاري ، ومقامر ، بامتياز . وليس سياسياً ملتزماً بقيم أخلاقية وثوابت سياسية مبدئية ، وأضاف إلى قائمة الرؤساء الأميركيين المقامرين سياسياً .. مقامراً يفوقهم تسرعاً ومغارة . فيما المطلوب ، في الظروف الدولية المضطربة تحت ضربات وفوضى الإرهاب ، من رئيس دولة كبرى ، تتحمل موضوعياً مسؤولية انتهاج سياسة الاستقرار والسلم الدوليين ، وتوفر أوسع أشكال التعاون الدولي لدحر الإرهاب ، وإنقاذ الشعوب من تدميره وكوارثه ، وأن يكون هذا الرئيس ، أكثر رصانة ، وأكثر حرصاً على السلام ، وهو في انتهاجه سياسة دولية رزينة متوازنة ، قادر بوسائل أخرى سلمية وقانونية ، أن يؤمن مصالح الولايات المتحدة ، من خلال التعاون والاحترام المتبادل مع القوى الدولية الأخرى .

بدلالة أنه لم يطلب .. ولم ينتظر التحقيق في جريمة " خان شيخون البشعة " وتحديد المسؤولية فيها ، واللجوء للقوانين الدولية ، لتحديد المسؤولية الجرمية فيها .. وتحديد الإجراءات القانونية في محاسبة المسؤولين عنها . ما معناه كانت الجريمة تدبيراً تآ مرياً .. كانت كميناً حربياً .. قد ولد مخططها مسبقاً من قبل ، منظومة الإرهاب الدولي الإ مبر يا لية الرجعية ، لوقف تقدم الجيش العربي السوري في جبهات التصدي للإرهاب .. ووقف مسارات البحث عن حل سياسي للحرب المدمرة على سوريا .

وقد وجدها " ترامب " فرصة لاستخدامها في مغامرة ، قد يسترضي بها قيادة البنتاغون المتطرفة ، ويعيد اعتباره المهزوز ، أمام الجماهير الأميركية وغيرها .. تلك التي استنكرت ترشيحه للرئاسة الأميركية .. ثم شجبت فوزه بها .
وأسوة بالرؤساء السابقين الحمقى للولايات المتحدة ، مثل الرئيس هاري ترومان ، الذي استخدم السلاح النووي ، والحرب العالمية الثانية قد قاربت نهاياتها ، ضد مدن يابانية مسالمة ، ليبرهن على قدرته وبطشه ، إزاء الشعوب ما بعد أن تضع الحرب كامل أوزارها . ومثل الرئيسين " بوش الأب .. وبوش الابن " في تدميرها للعراق مرتين . ومثل الرئيس " باراك حسين أوباما " راعي " الربيع .. المريع .. العربي " الذي أوصلنا إلى كل مانحن عيه وخاصة ما نكابده من حروب وتدير جيوش الإرهاب الدولي .

ويتضح واقعياً ، أن كل ما يقوم به " ترامب " ينطلق دون ريب ، من عقلية المضارب ، المقامر ، الطائش ، ولمصلحة الأنا المتضخمة عنده .. قبل أي كان .. ولو أضر ذلك شعباً بكامله .. أو أمماً عديدة . وإلا ما معنى .. أنه في الوقت الذي أعلن فيه تصميمه على تحسين العلاقة مع روسيا .. ومع العالم من خلال اكتفاء الولايات المتحدة بذاتها وبمصالحها ضمن قوسها الوطني ، واستبعاده تمديد وجود " حلف الناتو " ، وأنه سيسحق " داعش .. والتطرف الإسلامي " في العالم .. يقوم بالهجوم على الجيش العربي السوري ، الجيش الأكثر صلابة وتصدياً " لداعش والإرهاب " . وينسق هجومه مع داعش والنصرة ، لتقوما باستثما ر الهجوم الأميركي على مواقع الجيش العربى السوري . وهذا ما حصل فعلاً . فيغضب روسيا ، ويستفز الرأي العام العربي . ويثير القلق لدى الكثيرين من الشرفاء في الرأي العام العالمي .

لقد كشف العدوان الأميركي على مطار الشعيرات شرقي حمص ، مدى غباء " ترامب " وأظهره أنه أقل بكثير من مستوى رئيس . وأقل من مستوى زعيم حزب سياسي ، يتمتع بالمسؤولية الوطنية والإنسانية . وكشف أنه تابع ساذج لمركز القرار الأميركي، وخاصة العسكري والأمني . وكشف خطورة الممارسات الأميركية الخارجية في عهد " ترامب " إن بالنسبة لفرض النفوذ .. والقرار السياسي .. الأميركي على العالم ، أو بالنسبة لاحتكار مصادر كل أنواع الطاقة ، والتحكم بالاقتصاد العالمي .

ومن أسف أن الأنظمة العربية .. بالتحالف .. أو التنسيق مع إسرائيل وتركيا ، هي على استعداد ، ومؤهلة بحكم رجعيتها وتخلفها .. لأداء الدور المالي والعسكري ، المطلوب منها من قبل السيد الأميركي . ما يعني أن الهجوم الأميركي على سوريا مرحب به من قبلها ، دون أن تعي أن الهجوم الأميركي على مطار شعيرات لا يخص سوريا وحدها ، ولن يكون الأول والأخير .. بل هو جرى ضمن مخطط أميركي كامل ومتواصل .. قد طالها هي أيضاً لتجذير وتكريس دونيتها واستباحتها .. وهو محاولة لزعزعة مكانة روسيا وحلفاءها مجموعة " دول بريكس " في إعادة رسم خريطة القطبية الدولية .

والسؤال الآن هو :
متى سينضم الرئيس الأميركي " دونالند ترامب " بعد عدوانه الذرائعي الكاذب على سوريا ، إلى الرؤساء النادمين على قيامهم بالعدوان " الذرائعي الظالم الكاذب " على الشعوب .؟ . مثال :
= طوني بلير .. رئيس وزراء بريطانيا الأسبق .. اعترف بعد خروجه من الحكم .. أن اشتراك بريطانيا في الحرب العدوانية الكاذبة على العراق .. كان خطأ كبيراً
= وزير خارجية أميركا الأسبق " كولن بأول " اعترف أنه كذب على مجلس الأمن الدولي والرأي العام بوجود أسلحة دمار شامل في العراق ، وقد استخدم كذبه الموثق زوراً للعدوان على العراق 2003 .
= لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني تقرر ، أن التدخل العسكري البريطاني بأمر من كاميرون في ليبيا 2011 . استند إلى معلومات خاطئة وعجل بانهيار ليبيا .
= برلسكوني .. الرئيس الإيطالي السابق يقول .. إن ليبيا لم تشهد ثورة . إن بريطانيا وفرنسا هما اللتان فبركتا هذه الثورة ، لتبرير تدخلها والاستيلاء على النفط والغاز . والشعب الليبي كان يعيش معيشة جيدة .
= الرئيس الأميركي أوباما يعترف بخطأ التدخل في ليبيا ويقول " إن أكبر خطأ ارتكبته في حياتي كان التدخل في ليبيا " .

إن سوريا التي برهنت خلال تصديها البطولي ست سنوات لهجوم جيوش الإرهاب الدولي ، وكانت قادرة على الدفاع عن نفسها وكرامتها وسيادتها .. ستبرهن لهولاكو أميركا " ترامب ".. أنها صادمدة ، وقوية ، وقادرة ، بوحدتها الوطنية .. ووحدة الجيش والشعب ، والتعاون والتحالف مع القوى الصديقة المعادية للإمبريالية والعدوان ، على أن تدحر الإرهاب الأميركي ، وتبقى متقدمة على طريق الانتصار .