منع الأحزاب


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 5473 - 2017 / 3 / 27 - 14:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

منع الأحزاب لماذا؟...
...لأن أدواتها الإيديولوجية كالماركسية والدينية والليبرالية تقف عاجزة اليوم أمام الثورة الرقمية التي تجتاح العالم والتي قسمت العالم بين منتجين ومستهلكين وليس بين طبقة وأخرى تتصارع فيما بينهما، فغيرت هذه الثورة التكنولوجية في مرحلتها الرقمية الحالية الإنسان وغيرت المجتمع بينما -ويا للمفارقة- تَغَيُّر المجتمع لم يغير طريقة الأحزاب في الحكم، التناوب في الغرب والاستبداد في الشرق. في حالة التناوب في الغرب الأحزاب هنا لإدارة أزمة رأس المال، فما يدعى باليسار وباليمين كالنبتة ذات الفلقتين، هما في جوهرهما واحد لأنهما من نفس "العجينة"، وهما في مظهرهما غير واحد لبعض التدابير والإجراءات الشعبية التي يتغطى اليسار بها. في حالة الاستبداد في الشرق الملك أو الرئيس هو الحزب، وباقي الأحزاب، إن وُجدت أم لا، فليست إلا دمى متحركة.

لهذا أجدني باحثًا...
...عن ممارسة سياسية جديدة لواقع اجتماعي جديد الأحزاب بأدواتها الإيديولوجية لا تؤثر فيه، لأن الواقع الاجتماعي الجديد تجاوز إلى الأبد هذه الأنماط القديمة في الحكم التي تنتمي إلى واقع اجتماعي قديم، ومع ذلك لم تزل تصر على تسلق عنق الواقع الاجتماعي الجديد، بينما تغمض الرأسمالية عينيها عنها طالما أنها في خدمتها، ومن بحثي واجدًا نمطًا جديدًا في الحكم محوره الإنسان، لا شيء غير الإنسان، لأن الإنسان اليوم هو القائم في قلب التطور التكنولوجي، كتقني بعد أن انتهى أن يكون عاملاً يبيع قواه العضلية، وكفاعل إنتاجي بعد أن انتهى أن يكون موضوعًا للاستغلال، على الأقل الاستغلال بصيغته المطلقة كما هو عليه في أدبيات الاشتراكيين الماديين والمثاليين على حد سواء، وصار هناك ما أدعوه "بالاستغلال المتفاوَض عليه" بعقد يرضي الطرفين العامل التقني ومالك التقنية. هذا ما يحصل في الغرب، وهذا ما سيحصل عندنا في الشرق مع تطبيق برامج التنوير والتجديد التي اقترحناها.

بناء على ذلك سنؤسس لنظام سياسي جديد...
...فنخلق ديمقراطية جديدة تتواءم مع الواقع الاجتماعي الجديد عمادها منظمات المجتمع المدني، ومفهوم المجتمع المدني مفهوم يشمل كل المنظمات وكل البنيات غير التجارية وغير الدَّوْلِيَّة (من دولة) ينتظم الناس فيها لتحقيق أهداف ومُثُل عليا مشتركة. لهذا بدلاً من المضي عند الانتخاب بأحزاب ترشح من يصوت الناس له وتتنافس فيما بينها، ناسٌ اللاوعيُ يسيرهم في واقع ثقافي متدنٍ تسيطر عليه وسائل الإعلام، وتنافسٌ بالتالي غيرُ شريف، بدلاً من المضي عند الانتخاب بهذه الأحزاب، تقوم منظمات المجتمع المدني بترشيح من ثلاثمائة إلى ألف منتخِب، فإذا كانت لدينا ألف منظمة، كان لدينا مليون منتخِب يمثلون كل ناس البلد، ومليون منتخِب وعيهم عالٍ بالنسبة لوعي غيرهم، ومن المليون منتخِب يكون المرشحون الذين يتم انتخاب أعضاء مجلس النواب منهم، وهؤلاء ينتخبون من أعضاء مجلس النواب رئيس الدولة، الذي يعين رئيسًا للحكومة، ولا يقوم بأي دور آخر في الحكم غير الضامن للدستور. إنه نظام مراتب المجتمع في أحسن صوره!

النظام السياسي الحر الوحيد في العالم...
... وللعالم، لأنه نظام كوني إنساني يتعدى الأحزاب والأقطار والأجناس ابن زمانه، شرطه شرط هذا الزمان، ومن شرطه حل كل الأحزاب، منعها، لكنه لا يمنع أفرادها من المشاركة في منظماته المدنية بصفتهم الفردية، بلا أي طموح شخصي، لأن طموح الواحد الوحيد هو بناء الوطن، وفي الحالة العربية منافسة الأمم في العلم والتقدم.

لهذا...
...أهلاً وسهلاً بكافة المشارب والأهواء، وخاصة بالإخوان المسلمين قبل الشيوعيين، بالمؤمنين قبل الملحدين، فالإلحاد كالإيمان إيديولوجيا، والإلحاد في هذه اللحظة المتطورة من تاريخ الحضارة الإنسانية كالإيمان ليس له أي معنى سياسي، ليس له أي معنى اجتماعي، ليس له أي معنى اقتصادي، الإيمان كما أفهم هو الإيمان بالعلم، لأن الإيمان بالعلم كفر بالجهل، ولأن الصفة الاقتصادية هي صفة الإنسان، الصفة الاجتماعية هي صفة الإنسان، الصفة السياسية هي صفة الإنسان.