قصيدة قَبلَ مُضي الْوَقت


مصطفى راشد
الحوار المتمدن - العدد: 5464 - 2017 / 3 / 18 - 08:39
المحور: الادب والفن     

أَيْنَ أَنْتِ حَبيِبَتي
بَحَثْتُ عَنْكِ فِى كُل الأمصارِوالدّرُوبِ
وَعِشْتُ من أجلكِ كُلّ المحن والحُروبِ
صَاَبِراً مُحّتَمِلاً دَؤُوب
سَألْتُ الْحَجَرَ والشَجَرَ وَالْقمرَ والْجُنُود
سَألْتُ عَنكِ كُلّ عَابِدٍ وَمَعْبُودِ
سَألْتُ كُلٌ الْعُشَاقِ وَبَائَعيِ الْهَدَايَا وَالْوُرّود
عن حَبِيبَتي سرُ الْحَيَاةِ وَكُلٌ الوَجُود
رَمزَ الْخُلود وَأجمَل منْ كُلّ الْورّود
أَيْنَ أَنْتِ حَبيِبَتي
مازلتُ أذكرُ لُقْياكِ سَاعَة الْغُروُبِ
لَوْ تَعْلَمِى حَبيبَتي كَمْ أَنَا فِى عِشقُكِ أذوبُ
وَلَهفىِ عَلَيِكىِ شَوقً وَناَرً بلا دخانٍ أو لهيب
يَانَبّضُ قَلْبىِ وَدَمُ شُرياَنىِ وَالْوَرِيد
يَاكُلَ عَطْرِى وَفَرَحيِ وَعُمّرِي الْمَديِد
أَيْنَ أَنْتِ حَبيبَتي
لَماَ تترُكيِنيِ عَلِيِلاً بِلاَ طَبيِب
وَأَناَ أحتاجُ لِشهدِ ثَغرَكِ كَى أَطْيّب
فَهَل نَدَاءُ شَوقيِ لَهُ منْ مُجيب
فَيَجَدُ بَعضاً من دفئكِ المَرمَرِ العَجِيبِ
أَشّتَاقُ لِدفءِ أَنْفَاسِك وَعَسَلَكِ اَلَلهيِبِ
فَأَنتِ الْعُمر وأنتِ الحَبيب والطَبيِب
أنتِ كُلَ القَدِيم وَالْجَديد
باللهِ عَليكِ لَمّا الْفُراقُ والْمَغيب وَالْقَلب الْحَديِد
أيْنَ أَنتِ حَبيِبتَي
لَقدْ أهلَكَنى البَحثُ والإرهاقُ الشَدِيد
وَسَكَنَ الْحُزْنُ قَلْبيِ وَبَيتي الذْى كانَ سَعيِد
منذُ زَمنٍ بَعيِد
أَعيشُ بَلاَ حَيَاة
أرى الأبيضُ أسودَ
والحلوُ مراً
ردى لى روحى ياكل الحياة
أَيْنَ أنْتِ حَبيِبَتي
ونارُ الشوقِ تَحرقُني
وَبُعدك عَنى يَهلِكُنى
فَهْل أَنْتِ قَاتلتي أم مُنقَذَتي
أم لألاَمي تَسعَديِنَ وتَبتَسمى
أَيْنَ أَنْتِ حَبيبَتي
بربكِ أجيبيني
لما تَقتُليني
ألَستُ حَبيبَكِ الْقَديم
الْذى أرتويتى منهُ الحُبُ والشهد الرَضِيب
وألبستُكِ كُلّ الْغاَلى الثَمين قبل كُلّ الْحَريم
لما لا تَذكُريني وأنا لَذكرَاكِ مُقيمُ
كم عَشتُ أحتويكِي وتحتوينى
كم عَشتُ أحتملكِ وتَحتَمِليِني
وتَمنَحِيني حُباً وَعَشقاً وَحَنيِنا
والأنَ بَعدَ فَقرِى وَكَبَرِى تَهجُرِيني
أَيْنَ أَنْتِ حَبيبَتي
لما تتركينى للضياع
بَعدَ أنْ كُنتِ لى كُلّ الأمن والمتاعِ
وَتَركتيني إنساناً على المشاعِ
وصراعُ مُقتَسماتُ قَلبيِ فِى نزاعِ
رَغمَ أن قَلبي لايُشترى ولا يباع
وَلاَ يَعرِفَ الْكِذبَ وَالْغَدرَ وَالْخِدَاع
بل طَيب مُسَالم لا يَسْتَحقُ الْوَدَاع
أَيْنَ أَنْتِ حَبيبَتي
ياسرُ حُبي وألمى وَلَوعَتي
ياجَرحَ عُمرى وَصَدمتي
إن غيابكِ قد عَمقَ وَحدتي
وزادَ منْ غُربتي
وَ أصبحتُ جسداً بلا روحٍ
فَهل تَعُودىِ ياَروُحي
لتَشفيَ كُلّ جَرّوُحي
بِرَبَّك أجِيبِينِي
فأنتِ لى العنبَ والتمرَ والنهرَ والنهدَ والتينِ
أنْتِ رَشفةَ ماءٍ تُحييني
وَحُبكِ فى الرمضاءِ يُظَللُني وَيَرويِني
فَأينَ أنْتِ حَبيبَتي لَتُحيَّني
أستَحلِفُكِ بأسم قَلبي الذى بسببكِ يَستَعديني
أن تَعُودِى وَلاَ تترُكيني
لقد أسرتيه فأصبح بلا عقلٍ أو دينِ
حتى أصبح يرى المر تمراً وتينَ
وكُل النساء من بعدكِ شياطينَ عابثينَ فاسدينَ
وأنت الملاكَ الوحيدَ فى العالمينَ
فهل تَعُودى وترحميني
قَبلَ مُضَىيِ الْوَقت فَتَقبُريِني
نداء د مصطفى راشد