إختراع الأحاديث وبداية تشريع الأديان الأرضية فى العصر الأموى


أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن - العدد: 5432 - 2017 / 2 / 14 - 23:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

إختراع الأحاديث وبداية تشريع الأديان الأرضية فى العصر الأموى
كتاب : لمحة تاريخيةعن نشأة وتطور أديان المسلمين الأرضية
الباب الأول : لمحة تاريخية عن نشأة وتطور أديان المحمديين الأرضية
الفصل الثالث : إكتمال التناقض بين الاسلام والمسلمين في الدولة الاموية
(41-132هـ) (661 -750)م
إختراع الأحاديث وبداية تشريع الأديان الأرضية فى العصر الأموى
مقدمة : من الفتوحات العربية نبعت كل الشرور:
1 ـ لا زلنا نعانى من شرورها حتى الآن إذ تحولت الى دين سُنّى أرضى له تشريعاته العدوانية التى تتناقض مع الاسلام فى قيم السلام والعدل والاحسان والحرية و تحريم البغى والظلم والعدوان . يكفى قوله جل و علا : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) النحل )
إحتاجت الفتوحات الى تشريع التكفير الغير لإستحلال الغزو والاحتلال والاستيطان وسفك الدماء وسلب الأموال بالجزية والخراج وهتك الأعراض بالسبى . وهذا كان تاريخ الفتوحات فى عصر الخلفاء القرشيين ( راشدين وأمويين وعباسيين وفاطميين ) وتابعهم غيرهم . ثم أصبح أبوابا فى كتب الفقه السنى وتشريعات دين السُنّة .
2 ـ تحريم قتال المُسالمين المخالفين فى الدين جعله رب العزة قاعدة تشريعية فى القتال فى سبيله جل وعلا ، قال جل وعلا : (لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) الممتحنة )، فالمخالف فى الملّة والاعتقاد والذى لم يعتد على الدولة الاسلامية يجب التعامل معه بالبرّ والقسط . ويحرم الاعتداء عليه لأن الله جل وعلا لا يحب المعتدين ، هذا هو تشريع القتال الدفاعى فى الاسلام : ( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) البقرة ).
3 ــ أبو بكر وخلفاؤه ومعهم قريش كفروا بهذه القاعدة التشريعية حين حكموا بتكفير الأمم الأخرى التى لم تعتد عليهم ، وبناء على هذا التكفير إستحلوا دماءهم وأعراضهم وأموالهم وإحتلوا بلادهم .
وإخترع أبو بكر حيلة ظريفة لم تكن معروفة فى عهد النبى محمد عليه السلام ولم يعرفها أعداؤه أيضا ، وهى أن يرسل جيشا مدججا بالسلاح ومعه إنذار بإجبار أهل البلد على قبول واحد من ثلاث : الاسلام ، دفع الجزية أو القتال .
أيضا كفر أبو بكر ومن معه من الصحابة بالقاعدة القرآنية:( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ )(256) البقرة)، وبقوله جل وعلا لرسوله : (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (99) يونس ) . إذ كيف تُجبر الناس على الدخول فى الاسلام ؟ وفى العصر العباسى تم تشريع هذا الإفك بحديث البخارى : ( أُمرتُ أن أُقاتل الناس حتى يقولوا .... ) .!
4 ـ سلاح التكفير هذا الذى إخترعته قريش بزعامة ابى بكر حقق للأعراب مرادهم فى السلب والنهب بتشريع دينى ، ولكن ما لبث سلاح التكفير هذا أن إرتد الى عنق قريش حين خرج عليها الأعراب ، وبدءوا بتكفير قريش وأئمتها ، وإستحلال دمائهم . قتلوا عثمان وعليا بعد تكفيرهما ، وتطرفوا الى تكفير كل من ليس منهم ، وبناء عليه إستحلال دمائهم وأموالهم ، وجعلوا لذلك شعارا هو ( لا حُكم إلا لله )، أو ( التحكيم ). واصبح يقال عن بعضهم أنه ( حكّم ) أى رفع لواء ( لا حكم إلا لله ) وبدأ يقتل الناس عشوائيا . بدأ هذا فى الفتنة الكبرى مع قتل عثمان والخروج على (على ) ثم توسع وإستشرى فى الدولة الأموية .
5 ـ ومن تكفير الآخر فى سبيل قتله وقتاله وإستحلال دمه وعرضه وماله تأسست كل الشرور فى تاريخ الخلفاء القرشيين، وتأسست الشريعة السنُية وأكثرها تطرفا هى الوهابية فى عصرنا .

إختراع الأحاديث هو البداية فى تأسيس الديانات الأرضية فى الدولة الأموية

1 ـ إحتاج هذا الصراع السياسى الى مسوغ شرعى . ولأنه يستحيل العثور على مسوغ شرعى من القرآن فكان المخرج فى التمسح بالقضاء والقدر ( وسنعرض لاحقا بالتفصيل ) وتأليف أحاديث منسوبة للنبى محمدعليه السلام. ونشط فى هذا المجال بعض الصحابة مثل أبى هريرة ، وبعض التابعين مثل الأوزاعى . وقد اعتبرت تلك الأحاديث وحيا الاهيا أو دينا . بالتمسح بالقضاء والقدر وبالكذب على رسول الله أنشأ الأمويون دينا أرضيا جديدا ، وواجههم خصومهم بأديان أرضية مناوئة مسلحة بالأحاديث والروايات ، بل وأنشأ الشيعة لهم عقائد سبقوا بها ظهور الدولة الأموية.
2 ــ بهذا تحول الصراع السياسى الحربى فى العصر الأموى الى صراع بين أديان أرضية.
وبرز هذا فى الفتنة الكبرى الثانية بعد مأساة كربلاء ومقتل الحسين ( 61 : 73 )،إذ إنهارت الدولة الأموية وزعم عبد الله بن الزبير الخلافة وسيطر على معظم الأقاليم ، ثم أعاد مروان بن الحكم وابنه عبد الملك تأسيسها وقتل ابن الزبير عام 73. فى خضم هذه الفوضى ظهر المختار بن عبيد الثقفى ، وهو مغامر بدأ خادما للدولة الأموية ثم أغرته الفوضى بعد مقتل الحسين ، فرفع راية الانتقام للحسين وجمع حوله الشيعة وإنضم الى ابن الزبير ثم إنشق عنه وفى النهاية قتله مصعب بن الزبير عام 67 . الذى يهمنا هنا أن هذا المغامر الأفاق بدأ بإرهاصات دين أرضى بخرافات زعمها وصدّقها الناس وتابعوه مؤمنين بها ، وقاتلوا معه تحت شعارها ، وتتمثل فى ( كرسى ) كان المختار يستنصر به هو جنوده ، ومنها إطلاق لقب المهدى على ( محمد بن على بن أبى طالب )( ابن الحنفية ). و الزعم بأن جبريل والملائكة معه، وهو زعم ردّده أساطين الأديان الأرضية فى التصوف والسنة والتشيع . بالاضافة الى ذلك : إخترع المختار عبارة :( شرطة الله ): وهذا يشبه ما يقال فى عصرنا عن أحد الأحزاب الشيعية:( حزب الله ).
كما برز المختار الثقفى فى إستعمال الأحاديث المصنوعة ، تقول الرواية فى تاريخ المنتظم ج 6 عام 66 : ( قال المختار لرجل من أصحاب الحديث‏:‏ ضع لي حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم أني كائن بعده خليفة....، وهذه عشرة آلاف درهم وخلعة ومركوب وخادم. فقال الرجل‏:‏ أما عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا، ولكن اختر من شئت من الصحابة واحطط من الثمن ما شئت.! قال‏:‏ عن النبي أأكد قال‏:‏ والعذاب عليه أشد‏.‏ ). ورفض ابن عمار بن ياسر أن يضع حديثا يرويه عن أبيه ، فقتله المختار ، تقول الرواية : ( وقتل المختار محمد بن عمار بن ياسر ظلما لأنه سأله أن يحدث عن أبيه بحديث كذب فلم يفعل فقتله ).
وكما كان المختار يصنع أحاديث تؤيده فإن خصومه وضعوا أحاديث تجعله كذابا . ومنها زعمهم ان النبى قال : ‏‏(‏إن في ثقيف كذاباً ومبيراً‏)‏‏)، وقد جاء فى ( صحيح مسلم ) ، وفسروا المبير بأنه الحجاج بن يوسف الثقفى ، والكذاب هو المختار الثقفى. ‏ومعلوم انه عليه السلام لا يعلم الغيب وليس له أن يتكلم فيه.
3 ـ وفى هذه الفتنة الثانية جاءت رواية فى المنتظم(ج 6 عام 93 ) أن ( عمر بن عبد العزيز ) فى ولايته على المدينة ضرب خبيب بن عبد الله بن الزبير بن العوام خمسين سوطًا‏.‏وقيل‏:‏ مائة سوط ، تنفيذا لأمر الخليفة الوليد بن عبد الملك ، وصب على رأس قربة ماء بارد في يوم شات ووقفه على باب المسجد فمكث يومًا ومات‏. وكان السبب أن خبيبًا حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏"‏ إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلًا اتخذوا عباد الله خولًا ومال الله دولًا ‏"‏‏.هو حديث مكّار جبّار يطعن فى الخلفاء الأمويين من ذرية مروان بن الحكم بن أبى العاص .‏
إختراع الأحاديث مع أو ضد الأمويين :
1 ـ وجد الأمويون من يخدمهم فى دينهم الأرضى يسوغ لهم الظلم ، كان منهم القضاة والقصاصون الذين احترفوا اختراع القصص للدعاية للأمويين، وكان القصص وظيفة رسمية عالية الشأن فى العصر الأموى، أشهر أولئك العلماء كان الأوزاعى الذى عاش فى الدولتين الأموية والعباسية وخدمهما معا، وهو الذى أفتى للخليفة هشام بقتل غيلان الدمشقى زعيم القدرية.
2 ــ لم يكن أولئك العلماء خدما للسلطة يبررون ظلمها فقط بل على عاتق بعضهم تقع جريمة إفساد بعض الخلفاء. وقد كان الأمير الأموى الشاب يزيد بن عبد الملك مهتما بالجلوس مع العلماء ومستعدا لتعلم الورع ، وقد تأثر بالعدل الذى أشاعه سلفه الخليفة عمر بن عبد العزيز، ولما تولى الخلافة بعده عزم أن يسير سياسته فى العدل ومنع الظلم ، فلم يتركه آله الأمويون يسير بعدل عمر بن عبد العزيز أكثر من أربعين يوما، إذ بعثوا له ( بأربعين شيخاً فشهدوا له أنه ما على الخلفاء من حساب ولا عذاب‏.‏)( تاريخ ابن كثير ‏ج/ص‏:‏ 9/259‏)‏، وطالما أنه ما على الخليفة من حساب ولا عذاب فليظلم ما شاء له الشيطان من ظلم.وبهذه الفرية اصبح يزيد بن عبد الملك فاسقا ماجنا .

3 ـ وراجت الأحاديث كميدان للصراع السياسى برعاية القطبين اليهوديين اللذين أسلما وغررا بالمسلمين .هما رفيقان من يهود اليمن قاد كل منهما معسكرا من المسلمين يواجه به المعسكر الآخر. انهما كعب الاحبار المنحاز للامويين ورفيقه عبد لله بن سبأ الذي بدأ التشيع المعادى للأمويين، وكلاهما وضع تأويلات دينية للمعسكر الذي ينتمي اليه عن طريق وضع الأحاديث ونسبتها للنبى محمد بعد موته .
4 ــ وقد زعم كعب الاحبار علم الغيب الالهى وبأنه يقرأ التوراة والكتب السماوية السابقة التي لا يعرفها سواه ،وكان يحظى بالتصديق. واستغل علاقته بالصحابي ابي هريرة الذي كان يوالي الامويين ،وعن طريقهما نشطت الدعاية للامويين ووضعت احاديث في فضل معاوية وآله. واستخدم الأمويون وظيفة القصص او من يقوم بالوعظ بعد الصلاة ويستخدم وعظه فى الدعاية للامويين ،وكان ابو هريرة الصحابى يروى أحاديث نبوية عن كعب ـ الذى لم ير النبى اذ أسلم فى عهد عمر ـ وكان كعب وأبوهريرة معا من اهم مصادر هذا الوعظ، ثم كان الاوزاعي في نهاية الدولة الاموية من اهم اعلام الدعاية الاموية فى جانبى القصص وتأليف الأحاديث النبوية.
5 ــ من الناحية الأخرى اخترع المعارضون احاديث تطعن في الأمويين وتؤلب عليهم وتفضح مجون خلفائهم. فعن الخليفة الماجن الوليد بن يزيد صنعوا أحاديث تزعم أن النبى محمدا قال ( .. ليكونن في هذه الأمة رجل يقال له‏:‏ الوليد، لهو أشد فساداً لهذه الأمة من فرعون لقومه‏)‏‏‏‏.‏ (سيكون في هذه الأمة فرعون يقال له‏:‏ الوليد‏)‏‏)‏‏.‏‏(‏‏(‏لا يزال هذا الأمر قائماً بالقسط حتى يثلمه رجل من بني أمية). وقدكتبت هذه الأحاديث وراج أمرها فيما بعد فى العصر العباسى.وقد جمعها ابن كثير فى تاريخه فى حديثه عن الوليد بن يزيد.
6 ــ والشيعة نسبوا أحاديث تطعن فى معاوية وآله ورفاقه ، ومنها حديث مضحك يقول إن معاوية دخل على النبى محمد يحمل إبنه يزيد فقال النبى مشيرا اليه : رجل من أهل الجنة يحمل رجلا من أهل النار !!. ومعلوم أن النبى محمدا لم يكن له أن يتكلم فى الغيب وما سيحدث فى المستقبل، ومعلوم أيضا أن معاوية قد تزوج ميسون بنت بحدل الكلبية وأنجب منها يزيد أثناء ولايته على دمشق، أى بعد وفاة النبى محمد بثلاثة عقود.
7 ــ ومبكرا ، بدأت السبئية ـ اتباع عبد الله بن سبأ ـ بتأليه عليّ بن أبى طالب وزعم انه لم يقتل وانه سيرجع يوم القيامة ليملأ الارض عدلا ،ثم ظهرت الكيسانية تقول بأمامة محمد بن علي ابن ابي طالب (ابن الحنفية )وتؤله الأئمة ،والكيسانية هم الذين انشأوا الدولة العباسية فيما بعد .واسفرت دعاوي الشيعة في العصر الاموي عن شيوع فكرة المهدي المنتظر، وبداية تأسيس المذهب الشيعي الذي اكتملت ملامحه في العصر العباسي .
8 ـ الخوارج كانوا ضحية حرب الأحاديث ، إذ توالى إختراع الأحاديث التى تهاجمهم ، وقد جمعها الملطى فى العصر العباسى فى كتابه ( التنبيه والرد ). منها حديث أبى هريرة المشهور :( يخرج فى آخر الزمان يقرأون القرآن فاتحته الى خاتمته لا يجاوز حناجرهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية . )، وروى أيضا منسوبا لأبى سعيد الخدرى . هذا بالاضافة الى حديث ( ذو الثدية ) المشهور والذى ما لبث أن أدخلوه فى التاريخ لعلى بن أبى طالب فى التأريخ لمعركة النهروان تحت عنوان (.ذكر مقتل ذي الثدية) يروى ابن الأثير : ( قد روى جماعة أن علياً كان يحدث أصحابه قبل ظهور الخوارج أن قوماً يخرجون يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، علامتهم رجل مخدج اليد، سمعوا ذلك منه مراراً، فلما خرج أهل النهروان سار بهم إليهم علي وكان منه معهم ما كان، فلما فرغ أمر أصحابه أن يلتمسوا المخدج، فالتمسوه، فقال بعضهم: ما نجده، حتى قال بعضهم: ما هو فيهم، وهو يقول: والله إنه لفيهم، والله ما كذبت ولا كذبت! ثم إنه جاءه رجل فبشره فقال: يا أمير المؤمنين قد وجدناه. وقيل: بل خرج علي في طلبه قبل أن يبشره الرجل ومعه سليم بن ثمامة الحنفي والريان بن صبرة فوجده في حفرة على شاطىء النهر في خمسين قتيلاًن فلما استخرجه نظر إلى عضده فإذا لحم مجتمع كثدي المرأة وحلمة عليها شعرات سود فغذا مدت امتدت حتى تحاذي يده الطولى ثم تترك فتعود إلى منكبيه. فلما رآه قال: الله أكبر ما كذبت ولا كذبت، لولا أن تنكلوا عن العمل لأخبرتكم بما قص الله على لسان نبيه، صلى الله عليه وسلم، لمن قاتلهم مستبصراً في قتالهم عارفاً للحق الذي نحن عليه.). نعيد التذكير والتأكيد أن النبى محمدا عليه السلام لم يكن يعلم الغيب .
والخوارج أو البدو الثوريون المتدينون لم يبرزوا فى ميدان تأليف الأحاديث ، لأنهم كانوا يفكرون بسيوفهم ولكونهم أعرابا أجلافا فلم تكن لهم خلفية ثقافية تؤهلهم لهذا المكر الثقافى أو تلك الحرب الفكرية . إستعاضوا عن هذا بأن كانوا أول من بدأ ــ عمليا ــ بمزج الدين بالثورة الدموية واستحلال دم الأبرياء من المسلمين بعد تكفيرهم. وهو تشريع قاموا بتطبيقه بسيوفهم بلا رحمة فى العصر الأموى. الا انهم بمجىء العصر العباسي كانوا قد استهلكتهم الثورات المتكررة علي الامويين وخلافاتهم المتكررة الداخلية فتضاءلت ثوراتهم بمرور الزمن مع ضعف شأن الأعراب عموما فى العصر العباسى . وعلى سنتهم سار أعراب الجزيرة العربية فى حركاتهم الثورية التدميرية من حركات الزنج والقرامطة الى الوهابية فى عصرنا ، وكلها نبتت من منطقة نجد وتوسعت فيما حولها .