الإسلام السياسي متعدد الأشكال وواجهاته هي الأزهروالإخوان والقاعدة وداعش وولاية الفقيه 2


جواد بشارة
الحوار المتمدن - العدد: 5429 - 2017 / 2 / 11 - 13:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     


منذ أن ظهر الإسلام الحركي السياسي وهو يشكل عقدة وتحدي كبير للغرب والفكر الغربي وسياساته تجاه الإسلام والمسلمين . عندما تأسس تنظيم الإخوان المسلمين وأعلن أهدافه كان على رأسها تطبيق شريعة الإسلام على المجتمع الإسلامي وبث الرسالة إلى جميع أنحاء العالم ومواجهة الاستعمار البريطاني في مصر والاستعمار الغربي في العالم الإسلامي برمته ، أي إقحام الإسلام في السياسة وممارسة السياسة باسم الدين. ومن ثم تفرعت من هذا التنظيم أشكال ومسميات أخرى للإسلام السياسي الحركي الجهادي الذي لجأ إلى العنف والإرهاب في نشر آيديولوجيته وتطبيقها وفرضها بقوة السيف. وكل ذلك كان برعاية وحماية وتمويل العربية السعودية. فالحركة الوهابية تسعى لأن تكون هي القائدة والمتزعمة للعالم الإسلامي لذلك رسمت استراتيجية طويلة الأمد بدأت بتمويلها للمدارس الإسلامية في جميع أنحاء العالم لا سيما في الباكستان ومصر وأندونيسيا وماليزيا بل وحتى في أمريكا وأوربا وغيرها من البلدان كما ذكر سفير الولايات المتحدة الأمريكية ريشارد هولبروك لدى الأمم المتحدة، الذي كسر حاجز الصمت والتواطؤ الغربي حيال هذا الموضوع، ثم جاء الباحث الاستراتيجي الفرنسي بيير كونيسا الذي أكمل تحطيم جدار الصمت لينشر كتابه المعنون " دكتور سعود ومستر جهاد Dr. Saoud et Mr. Djihad" ، كناية عن الازدواجية في السياسة السعودية وموقفها من التطرف والجهاد الحركي الإرهابي ، وقال فيه أنه يدين الغرب وعلى وجه الخصوص السلطات الفرنسية التي لم تتجرأ على فتح هذا الملف الحساس والخطير ودراسة النظام الثيوقراطي القبلي القائم في المملكة العربية السعودية على نحو جدي وصارم ومسؤول لأنه هو الذي عمل على تصدير الوهابية وأفكارها السلفية المتشددة والتي تخرج منها الكثير من قادة الإرهاب اليوم وعلى رأسهم أسامة بن لادن وأتباعه وهم لا ينكرون أنهم الأصل والأساس للتفكير السلفي والأصولي الإسلامي المتعصب والمكفر للمدارس الفقهية الأخرى غير المدرسة الحنبلية لا سيما المذهب الشيعي. فالعالم الغربي جعل من السعودية شريكه التجاري الأول يشتري منها البترول ويبيع لها السلاح والبضائع الأخرى عبر صفقات تقدر بمئات المليارات من الدولارات على مدى عقود طويلة. ولقد شكل صدور هذا الكتاب إحراجاً للدبلوماسية الفرنسية مثلما فعل كتاب الصحافيين الشهيرين جورج مالبرونو وكريستيان شينو المعنون" " أمراؤنا الأعزاء جداً Nos Très Chers Emirs " فلقد ظهر جليا من خلال الكتابين وكتب أخرى في هذا المجال بأن السعودية شيطان مقنع ولا بد من إسقاط القناع عنه. وما داعش سوى مسخ مستنسخ عن هذا النظام وأفكار ونواياه مثلما كان تنظيم القاعدة قبله. لذلك اعتبرت الخارجية هذا الكاتب ، أي بيير كونيسا Pierr Conesa من الحاقدين على السعودية وإن أفكاره وطروحاته شخصية لا تمثل توجه الدولة الفرنسية رغم كونه أحد المحللين الاستراتيجيين الكبار في وزارة الدفاع الفرنسية وفي المخابرات الفرنسية . وهو يعتقد بأن " الدبلوماسية الدينية التبشرية تقبع في صلب الجينات الوراثية للنظام في المملكة العربية السعودية . فالقبائل السعودية قبائل بدوية منفصلة عن ركب الحضارة والتقدم والتمدن وهي تعتقد أن الزمن توقف عند فترة النبي محمد وكان التحالف بين الشيخ السلفي المتطرف والمتشدد محمد بن عبد الوهاب والأمير محمد بن سعود هو الذي أدى إلى تأسيس المملكة الوهابية السلفية المتطرفة التي أعطت شيكاً على بياض للحركة الوهابية في نشر الإسلام بالمال والسيف أي بشراء الذمم والجهاد. فعندما كانت السعودية فتية وضعيفة كان التبشير ونشر المذهب الوهابي محلي مقتصر على الجزيرة العربية وبعض البلدان القريبة في العالم العربي والإسلامي إلا أن اكتشاف النفط في السعودية سنة 1930 وتراكم العائدات النفطية ابتداءاً من عام 1973، أتاح للنظام الوهابي في المملكة توسيع وتصدير دبلوماسيته الدينية بكل الوسائل والسبل خاصة بعد الغزو السوفيتي لأفغانستان وقيام الثورة الخمينية الشيعية في إيران سنة 1979. فكل ملوك المملكة تخرجوا من المدارس القرآنية وليس من الجامعات الحديثة وكانوا متضامنين مع الإخوان المسلمين في محنتهم في مصر عبد الناصر وسوريا حافظ الأسد وكانت كوادر الإخوان المسلمين هي التي تقف على رأس الإدارات الحكومية السعودية في سنوات الخمسينات ولغاية تسعينات القرن الماضي. ولقد حدثت قطيعة بين آل سعود والإخوان عام 1991 عندما أدان الإخوان دعوة المملكة للأمريكيين لمحاربة صدام حسين وإخراجه من الكويت ورفضها لعرض بن لادن وتنظيم القاعدة بتشكيل كتائب جهادية لمحاربة صدام وإخراجه من الكويت والدفاع عن المملكة دون الحاجة للجوء إلى قوى أجنبية كافرة. ولقد سبق للنظام السعودي أن طلب من الغرب ومن فرنسا على وجه الخصوص التدخل لتحرير المسجد الكبير في مكة الذي احتله الراديكاليون سنة 1979 مما اضطر القوات الفرنسية الخاصة لإعلان إسلامها شكلياً كي يحق لها الدخول إلى باحة المسجد ومواجهة المحتلين بزعامة جهينة. ودفعت المملكة الكثير من الأموال للمؤسسة الدينية الوهابية لإرضائها وكسب موافقتها على هذا التدخل وإطلاق يدها في تدجين المجتمع السعودي وإخضاعه والهيمنة على جهاز التربية والتعليم السعودي المتخلف . ومما زاد حدة التقوقع السعودي في قمقم آيديولوجيته التكفيرية هو منازعة واعتراض نظام الملالي الإيراني ونظام ولاية الفقيه الخميني لزعامة السعودية للعالم الإسلامي وإدعائهم بأن الملك هو خادم الحرمين الشريفين، فهم غير مرغوب فيهم حتى داخل العالم السني فما بالك من قبل الشيعة الذين أعتبرهم الوهابيون كفار ومشركين وأصحاب بدع وهراطقة يحل قتلهم وبالتالي أعلن الخميني ونظامه أنه لا يحق للسعوديين الادعاء بإدارة الحرم المكي الشهير والسيطرة على الحج وهو أحد أركان الدين الإسلامي. تقبل الغرب النظام السعودي ونشاطه لأنه حليف تجاري مهم وحاجز قوي أمام المد القومي الناصري والبعثي والمد الاشتراكي والشيوعي اليساري في العالم الإسلامي وكان معيناً مهماً لهم على كافة الصعد في مواجهة الغزو السوفيتي لبلد إسلامي هو أفغانستان، ولقد أسست المملكة منظمة دولية لهذه الغاية وضعتها تحت تصرفها هي رابطة العالم الإسلامي العالمية كبديل للجامعة العربية عندما كانت هذه الأخيرة رهينة بيد القومية الناصرية والليبية والبعثية العراقية والسورية واليسار العربي في الجزائر واليمن الجنوبية ولبنان . لقد فضحت وثائق ويكيليكس هذه العلاقة بين الوهابية السعودية والإسلام الحركي السياسي الجهادي الإرهابي من خلال نشر 60000 وثيقة دبلوماسية سعودية وأثبتت أن مشروعهم كوني يشمل العالم بأجمعه على الأرض والهدف منه هو نشر التوتاليتارية الشمولية الدينية ولقد جربت السعودية نجاعة دبلوماسيتها الدينية التبشيرية وسلاح البترودولار في المحيط الإسلامي القريب منها أولاً، في الباكستان وأفغانستان واليمن وفي دول البلقان والجمهوريات السوفياتية السابقة التي تحررت بعد انهيار الاتحاد السوفياتي لا سيما في الشيشان والكوسوفو وغيرها وأيضاً في الهند ودول أوروبا الشرقية ومنها امتد تأثيرها إلى الأقليات الإسلامية في الدول الأوربية الغربية وأمريكا، حيث مولت السعودي ودول الخليج المساجد والمدارس والجامعات الدينية والجمعيات الإسلامية والجمعيات الخيرية بما يقدر بسبعة مليار دولار سنوياً وكانت رابطة العالم الإسلامي العالمية هي الممول الرئيسي لتشييد المساجد في العالم وهي واجهة للمملكة العربية السعودية ورأسمالها يأتي أساساً من التمويل السعودي. كما استقبلت السعودية الطلاب الأجانب من كافة أنحاء العالم في جامعاتها الدينية وحقنهم بالأفكار والمباديء الوهابية السلفية المتطرفة من خلال منحهم البعثات والتكفل بمصاريف دراستهم عندها كما مولت الجامعات الإسلامية المعروفة كالأزهر وجامعة المنامة في البحرين حيث انتشر الطلاب المتخرجين منها لنشر السلفية والفكر الوهابي في كافة أنحاء العالم. لذلك نجد أن هناك العديد من المتطوعين السعوديين في صفوف المنظمات الإرهابية الدولية والعديد من الطلاب السابقين في الجامعات السعودية والإسلامية الممولة من السعودية . أما بخصوص الاختلاف الظاهر حالياً بين داعش والسعودية فهو ليس اختلافاً آيديولوجياً بل هو في الحقيقة تنافس على قيادة العالم الإسلامي السني فالسعودية تريد أن تثبت أنها هي المدافع الحقيقي عن العالم السني وليس دولة الخلافة المزعومة التي أعلنها أبو بكر البغدادي بنفسه ، ويمر ذلك من خلال تصعيد الخطاب العدائي تجاه إيران والشيعة للمزايدة مع الدولة الإسلامية في العراق والشام داعش. فالشباب السعودي الجهادي الإرهابي نشأ وترعرع مع المناهج التعليمية والتربوية السعودية التي زرقت العقيدة الجهادية المتطرفة في عقولهم منذ الصغر، وسوف يعود هؤلاء المقاتلين الإرهابيين السعوديين إلى بلدهم ويقومون بدحر العائلة المالكة المتهمة بالانحراف عن الدين والتحالف مع الكفار الغربيين لإقامة نظام ديني أكثر راديكالية وتطرفاً من النظام الملكي القائم في المملكة العربية السعودية حالياً. فالغرب لا يعي ولا يدرك خطورة التطورات القادمة إذا لم ينتصر ويبيد هذا التنظيم الإرهابي الخطير . ولا يمكننا أن ننسى خطاب الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما ، وزعيم العالم الحر كما يقال ، في أيلول 2014 عندما صرح " لا أريد أن أضع العربة قبل الثيران ، فنحن لا نمتلك بعد استراتيجية واضحة تجاه الدولة الإسلامية داعش". وكان ذلك في وقت تمكنت فيه داعش من احتلال مناطق واسعة وشاسعة من الأراضي العراقية والسورية .
فداعش تبدو متينة التكوين والتركيب وموحدة القيادة لكنها في حقيقة الأمر هجينية وغير متجانسة وليست متماسكة كما تبدو لأول وهلة. فيلتف حول البغدادي أغلب السلفيين ومعظمهم من العراقيين وخاصة ضباط صدام حسين السابقين الذين تحولوا للنشاط الجهادي الإرهابي ويأتي بعدهم الحلقة السورية من القياديين، وهؤلاء هم الذين يحددون التوجهات العامة لداعش. ومن الأسماء المتداولة اليوم من العراقيين، أبو محمد الشمالي وإسمه الحقيقي طراد محمد الجربه، وهو المسؤول عن النشاط اللوجستيكي واستقطاب واحتضان المتطوعين الأجانب، وهناك كذلك عدنان إسماعيل نجم البلاوي الدليمي وهو رئيس المجلس العسكري السابق لداعش ، و نبيل صادق أبو صالح الجبوري والمعروف بأبو سياف العراقي المسؤول عن العمليات المالية والتمويلية المرتبطة بشحن وبيع وتصريف البترول الذي استولت عليه داعش. وموفق مصطفى محمد الكرموح والمعروف باسم أبو صالح العفري وهو أحد ممولي المجموعة ، وشاكر وهيب الفهداوي الدليمي وهو قريب من وزير الكهرباء العراقي الحالي، والمعروف باسم أبو وهيب وهو مسؤول داعش في إقليم الأنبار العراقي، وهناك ايضاً عبد الرحمن مصطفى القدولي المعروف باسم أبو علي الأنباري الذي كان لفترة وجيزة والي داعش في سوريا. أما من الجانب السوري هناك حاج بكر الذي حقق اختراق داعش ومجوعة البغدادي للعمق السوري والتمركز هناك وكذلك هناك أبو لقمان الذي يكنى أبو أيوب الأنصاري وعلي الحمود واسمه الحقيقي علي موسى الشواخ حاكم الرقة والسورية أحلام النصر التي تكتب أشعار حماسية تلهب المقاتلين وتحثهم على الجهاد والتضحية بالنفس والسوري أبو محمد العدناني الناطق الرسمي باسم داعش ومسؤول الدعاية والإعلام في هذا التنظيم الإرهابي ويعرف بوزير العمليات الإرهابية والتفجيرات الخارجية كما تصفه وسائل إعلام داعش. جل هؤلاء تشكلت لحمتهم وتعاونهم الإرهابي بعد عام 2003 وسنوات الاعتقال في سجن بوكا الأمريكي حيث تم إطلاق سراحهم فيما بعد بلا قيد أو شرط ومن بينهم أبو بكر البغدادي الذي فرض نفسه كزعيم أعلى للتنظيم والبعض منهم كان منخرطاً في العملي الجهادي الإرهابي الدولي حتى قبل عام 2003 ويصطفون اليوم إلى جانب العراقيين والسوريين في داعش مثل فيصل أحمد بن علي الظاهري وهو سعودي ويلعب دوراً مهماً في تهريب النفط الداعشي وتركي مبارك عبد الله أحمد ال بن علي وهو بحريني وأعلن نفسه مفتياً لداعش والنمساوي الجنسية محمد محمود أبو أسامة الغريب وهو زعيم المجموعة الإرهابية الناطقة بالألمانية والشيشاني الشهير بأبو عمر الشياشاني وغيرهم.
يلاحظ في داخل اللجنة التنفيذية القيادية لداعش هناك كتيبة عسكرية محترفة من ضباط الجيش العراقي السابق من القوات الخاصة المقربة من صدام حسين وأداته القمعية الضاربة ومعهم قيادات محترفة في جهاز المخابرات وكلهم قيادات كبيرة في حزب البعث الصدامي الحاكم في العراق قبل السقوط سنة 2003 وكانوا يعملون ضد النشاط الإسلاموي في السنوات الأولى لحكم صدام قبل إعلان هذا الأخير الحملة الإيمانية، وكانوا ذو توجهات علمانية إلا أن الأمريكيين أهملوهم وحلوا الجيش العراقي واعتبروهم أعداء وصاروا يطاردوهم فوجدوا أنفسهم في الشارع بلا مصدر معيشة ويصل تعدادهم بالآلاف وشعروا بالمهانة والعزل والخطر يحاصرهم فلجأوا إلى التشكيلات الإسلاموية التي كان يقودها تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين بقيادة أبو مصعب الزرقاوي. ولقد استغل هؤلاء الشعور بالظلم والعزل والاستبعاد لدى المكون السني العراقي الذي فقد الحظوة والسلطة والامتيازات التي كان يتمتع بها في زمن البعث الصدامي عندما تم استبادلهم على هرم السلطة بالمكون الشيعي الأكثر عددياً والذي كان يعاني بدوره من العزل والاستبعاد والاضطهاد والقمع والمطاردة في زمن صدام حسين. لكن خطأ واشنطن كان تعميق الاستقطاب والتناحر الطائفي بدل المصالحة الوطنية الحقيقية، وفرض نظام المحاصصة الطائفية في العراق، الذي قاد إلى الكارثة الحالية التي نلمس آثارها وما سببته من دمار وخراب وفساد وانهيار للعراق كدولة ونظام بديل لنظام الطاغية السابق، مما أتاح الفرصة لتغلغل إيران وتحكمها بالوضع السياسي الداخلي العراقي والتلاعب بالزعامات والكتل السياسية حسب قربها أو بعده وحسب موالاتها وولائها لإيران وشكلت العديد من الميليشيات الشيعية ومولتها وسلحتها لتشكل بها قوة ميدانية ضاربة ومتحكمة بآلية القرار السياسي العراقي مما زاد من خوف وقلق وإحباط السنة ولجوئهم لقوة مسلحة معادلة هي القاعدة وداعش فيما بعد. فأمريكا لا تريد حقاً نشر الديموقراطية التي لايفهما ولا يريدها أحد في بلدان الشرق الأوسط بل كان هدفها هو إشاعة الفوضى الخلاقة مهما كانت الخسائر المادية والبشرية المترتبة على ذلك فيما يسمى بالشرق الأوسط الجديد. وهذا ما يفسر لجوء الكثير من كوادر صدام لا سيما المجرمة منها والملوثة أيديها بدماء العراقيين، إلى صفوف الإرهابيين المناوئين للعملية السياسة البديلة في العراق. فليس مستغرباً أن تجد أمثال أياد حميد خلف الجميلي أحد قادة المؤسسة الأمنية لداعش وهو أحد ضباط المخابرات الصدامية الكبار من مواليد الفلوجة ، و وليد جاسم العلواني المكنى بأبو أحمد العلواني وهو ضابط كبير في جيش صدام حسين وأصبح حالياً أحد أعضاء اللجنة العسكرية في داعش وعدنان لطيف أحمد السويداني الدليمي وهو ضابط كبير في استخبارات القوة الجوية العراقية وكان معتقلاً في سجن بوكا الأمريكي في العراق والتحق بالتمرد المسلح منذ عام 2003 وأصبح رئيس المجلس العسكري لداعش سنة 2013 لغاية 2014. ومن ضباط صدام حسين الكبار فاضل أحمد عبد الله الحيالي المعروف بأبو مسلم التركماني وهو عقيد سابق في المخابرات العسكرية العراقية وفي القوات الخاصة العراقية وكان معتقلاً في بوكا أيضاً والتحق بالبغدادي فوراً بعد إطلاق سراحه غير المشروط وتكفل بمهمة تأطير حكام الأقاليم والولايات الخاضعة لداعش وشكل حكومة الظل الشبحية لداعش حتى قبل اجتياحها للموصل وإعلان دولة الخلافة فيها. وهناك المواطن الطاجاكستاني غلمورود خاليموف وكان يعمل سابقاً لدى الأجهزة الغربية الأمريكية المحاربة للإرهاب وعلى إطلاع واسع بالطرق والمناهج والتكنيك أو التقنيات والتكتيكات التي تنتهجها المؤسسات الاستخباراتية الغربية وقواتها الخاصة حيال الإرهاب الدولي وكان في الحقيقة عميلاً متسللاً يعمل لصالح داعش مخترقاً أعلى الأجهزة المعدة لمكافحة الإرهاب ولقد اختفى بعد أن شعر بقرب اكتشاف أمره وظهر بين صفوف داعش سنة 2015 في شريط فيديو دعائي لداعش. ولهذا وأمثاله وهم كثيرون دور كبير في نجاح مهمة داعش وترسيخ أقدامها في منطقة الشرق الأوسط وبث خلاياها النشطة والنائمة في جميع أنحاء العالم. ويقف على قمة الهرم الداعش ما يسمى مجلس الشورى الذي يرأسه أبو بكر البغدادي نفسه. فهو الخليفة والقائد الأعلى لدولة داعش الإسلامية ويمتلك القرار النهائي الحاسم يعد مناقشة أي موضوع من قبل مجلس الشورى الذي تستعرض فيه جميع وجهات النظر والآراء. بعض الكوادر الصدامية السابقة اعتنقت الفكر السلفي وبعضها الآخر يتعاون ولكن ليس عن قناعة بل لتطابق المصالح بينهم وبين داعش. وهم يمتلكون الخبرة في التعامل مع كافة فئات المجتمع خاصة لدى المكون السني المحبط فنجحوا في تشكيل الخلايا وكسب المتطوعين واختراق المؤسسات الحكومية لا سيما الجيش والشرطة والمخابرات والأحزاب السياسية الشيعية والسنية على السواء وتعاملوا معهم بطريقة الترهيب والترغيب وشراء الذمم أو التهديد بقتل الأهل والقارب والأبناء في حالة عدم التعاون. كما نظموا قاعدة بيانات محكمة عن كل شخص يختارونه للتعاون معهم طوعاً أو قسراً ووضعوا له الإسم والكنية ومكان وتاريخ الولادة والموت المحتمل ومعلومات عن عائلته وأهله وأمه وأبوه وأخوته وأخواته وزوجته وأولاده وأقاربه وأصدقائه وزمرة دمه ومستوى دراسته وتعليمه ومهنته وخبرته المهنية وهواياته ووضعه المالي والاقتصادي ومدى معرفته بأمور الدين والفقه والشريعة وعلى ضوء ذلك يتم فرز الأعضاء إلى مقاتلين وانتحاريين وإداريين الخ.. عند إعلان داعش لتأسيس الدولة على رقعة جغرافية معينة ومحددة ومعلومة، ومنحها واقع جغرافي، كانوا يعرفون أنهم سيواجهون غضب الغرب وروسيا والأنظمة الموالية لهم في المنطقة وأن هناك تحالف دولي سيتشكل لمحاربتهم وهم مستعدون لذلك ويعرفون أنهم سيخسرون أهم قلاعهم في الموصل والرقة وغيرها إن آجلاً أم عاجلاً والعودة للعمل السري تحت الأرض فهذا السيناريو سيزيدهم عزماً وتجربة وهالة قدسية في نظر الكثير من الأتباع الحاليين ومن الأجيال القادمة حيث قاموا بتخزين الكثير من الأموال والأسلحة استعداداً لمرحلة ما بعد الاكتساح الغربي لمعاقلهم بانتظار العودة من جديد عندما تكون الظروف الدولية مواتية. يتبع