جووووووول


حمدى عبد العزيز
الحوار المتمدن - العدد: 5425 - 2017 / 2 / 7 - 13:50
المحور: عالم الرياضة     

أنا جزء من من التكوين الشعبي المصري وأفرح حين يفرح الناس وخاصة فقراء المدن والريف ومتوسطي الحال واتمني ان يكون هناك دائماً مايسرهم ويبهجهم بشرط ألا يكون ذلك وهماً وزيفاً من صنع بعض كهنة السلطان ومريديه

وكنت ككل المصريين اتمني فوز المنتخب المصري لكرة القدم علي منتخب الكاميرون في المباراة النهائية التي جرت أمس بين فريقي مصر والكاميرون ، وكنت أتهيأ لممارسة البهجة مع أهلي وأقراني ورفاقي وجيراني وأصدقائي وكل من يدعوني لمشاركته البهجة

لكن الفوز ببطولة الأمم والعودة بكأسها من الجابون لم يحدث
وهذا أمر يمكن تفهمه
علي ضوء حقائق أهمها

1 -أننا هزمنا في مباراة رياضية ولم نهزم في معركة وطنية لاقدر الله
والرياضة في رأيي هي ضمن ماتكون إضافة للتريض وإكساب الإنسان قدرات ومهارات بدنية وذهنية هي أيضاً نوع من التدريب الإنساني علي التعامل مع المكسب وقبول الخسارة في سياق أخلاقي نبيل

2 - اننا لم نظلم في هذه البطولة وكذلك لم يخذلنا فريقنا وقد أدي في حدود قدراته ومهاراته المتوفرة له
ونحن كنا نعرف من البداية أن فريقنا لم يكن مرشحاً للفوز بالبطولة
وقد وضح من خلال مجريات البطولة أن فريقنا لم يكن أفضل فريق بينما كانت أفضل فرق البطولة هي بالترتيب ( بوركينا فاسو) - (السنغال) - (الكاميرون)
وهي فرق سيكون لها شأن إذا مالعبت في كأس العالم 2018 والتي اتمني أن يكون الفريق المصري ضمن المشاركين فيها وهذا وارد جداً باعتباره أقوي فرق مجموعته وباعتباره واحد من أفضل خمس فرق في القارة الآن (ولكن يقع بعد الثلاث فرق التي ذكرت)

3- ان فريق الكاميرون فاز عن استحقاق والفريق المصري اجتهد ولكنه كان مجهداً لمحدودية اللاعبين المشاركين طوال البطولة وتعدد الإصابات لعناصر الفريق الأساسية

الفريق الكاميروني كان أفضل فنياً وأقوي بدنياً وأنا من المعجبين بأداء الكاميرون منذ جيل ميلا ومفيدا والحارس سنجو ومكاناكي واستيفان تاتاو والشقيقان كانا وأوماما بك وجيرمي وكذلك شهيد الرياضة الكاميرونية اللاعب مارك فيفيان فوي الذي توفي في أرض الملعب بإحدي مباريات كأس القارات التي وصلت الكاميرون لنهايتها وخسرت النهائي أمام فريق فرنسا ثم آخرين لاتسعفني الذاكرة بأسمائهم

وفي مباراتهم الشهيرة مع فريق انجلترا عام 1990 في كأس العالم بإيطاليا كانوا في قمة الإبداع والمتعة والفن الرفيع وكانوا أقرب إلي الفوز لولا عامل الحظ الخبرة الذي وقف إلي جوار فريق انجلترا الذي كان مدربها يفكر في الربع ساعة الأخير من المباراة في حجز تذاكر العودة إلي انجلترا وفي حزم حقائبه بعد الخروج من دور الثمانية

والأداء الكاميروني أداء تمتزج فيه القوة البدنية السلسة المرنة بالجمال الكروي والأداء الخططي والذكاء الكروي
وهاهو قد عاد
وهذا بالإضافة لتألق كل من بوركينا فاسو والسنغال ومصر مكسب كبير للقارة الإفريقية التي تعرضت لأكبر نهب استعماري في التاريخ وأكبر استنزاف لمواردها الطبيعية والبشرية ولازالت حتي الآن

4 - علينا ألا نحبط هذا الجيل من اللاعبين وهم يستحقون الإشادة علي الأداء المشرف في هذه البطولة وعلينا مساندتهم في مسيرتهم للتأهل لتصفيات كأس العالم 2018 في روسيا

طبعاً لن يكون حظ المستر كوبر السئ له بالمرصاد إذا توفقنا ووصلنا إلي كأس العالم لأننا وهذا بنسبة 90 % علي الأقل لن نصل إلي المباراة النهائية وإن وصلنا فسيكون سوء طالع المستر كوبر في المباريات النهائية هو أبهج وأهنأ سوء طالع في الدنيا
بل سيكون هو وسوء طالعه (وش السعد) علينا طبعاً (لو) تحقق ذلك الوصول والمدهش المستغرب هو أن نجعل الغيبيات دائماً سبباً يعفي كسلنا العقلي للتنقيب والبحث عن الأسباب والعلل الحقيقية التي تكمن وراء الحدث وظواهره

ولكي نكون واقعيين
فلنتمني وصول مصر أولاً لكأس العالم
وهذا وارد

5 - باختصار لم ننهزم ولم ننتصر
فالهزيمة الحقيقية هي انكسار إرادة الشعب المصري
والنصر الحقيقي هو في تحقق أمانينا في تأمين العيش الكريم للمصريين وفي التحقق الكامل لاستقلال الإرادة الوطنية وتحقيق نجاحات حقيقية في التعليم والثقافة والبحث العلمي واقتصاد حقيقي ينزع نحو تحقيق تراكم ثروي يضمن تحقق فعلي أفضل للعدالة الإجتماعية وتطور حقيقي ملموس في حياة المصريين وصحتهم وفي مستوي تمدنهم وتحضرهم وإسهامهم في مسيرة الحضارة الإنسانية

6 - كذلك فإنه شئ جميل وبهيج أن نحتفي بإنجازات فرق القدم وانتصاراتها وأن يشيع ذلك جو من البهجة ومعانقة الإنتماء الوطني والإعتزاز به

ولكن علينا أن نتذكر أن هذه الإنجازات تتم بمهارة وقوة أداء اللاعبين وبذكاء وبراعة وإبداع مدربيهم وطواقم العمل الفني والطبي والتأهيلي المساعدة وكذا بمنظومات الأندية التي تقدم هذه المواهب ثم تأتي بعد ذلك المنظومة الإدارية للعبة ومدي اقترابها من الإدارة العلمية للعملية الرياضية

والأمر يقف عند حدود ذلك ولاينبغي أن يتخطاه للإشادة بالسيد مدير الأمن (علي طريقة الراحل الراحل كابتن محمد لطيف) ثم السيد رئيس الجمهورية راعي الرياضة والرياضيين (علي طريقة النجم عادل أمام في فيلمه الشهير "مرجان احمد مرجان)

ولاينبغي توظيف النتائج الرياضية سياسياً فيصبح فوز المنتخب انتصاراً للحاكم كنتيجة لحكمته وفلاح النظام ورشادة الحكم (علي طريقة مجموعات المولاة والمهللين الدائمين للنظام" أي نظام ") وحسن إدارته والعكس فالهزيمة دليل فشل النظام واتباعه لخطوات الشيطان (علي طريقة الإخوان وحلفائهم)
وأن اللاعب الذي لم يوفق في مباراة أو اضاع فرصاً تهديفية هو لاعب لايتمتع بالروح الوطنية والعكس فاللاعب الذي يحرز الأهداف هو هرم رابع لمصر

كذلك لاينبغي توظيف نتائج الفرق دينياً كأن نعتبر انتصار فريق رياضي هو فتح مبين من عند الله أو أن نبتهل لله أن ينصرنا علي الفريق الآخر كما لو كان الله جل جلاله سيدرب الفريق وسيصنع الهدف وقد يتدخل مثلاً - حاشي لله - ليجعل الحكم يحتسب لنا ضربة جزاء أو يلقي بالعمي المؤقت علي حارس مرمي الفريق الآخر الذي نريد له أن ينهزم ليتحقق نصر الله وفتحه المبين أو نتغني بفوز لاعبينا المؤمنين (الساجدين) وعلي اعتبار أن لاعبي الفريق الآخر من تاركي الصلاة أو الكفار أعداء الدين

لاينبغي أن نخلط الدين بالرياضة بهذا الشكل وأن تختفي ظواهر صلاة الشكر لهزيمة فريق ما لأنه فريق فريق النظام المستبد أو فريق دولة الكفر

أكتب هذا مع إقراري بأنني لاأصلح لدور الناقد الكروي وأنني لاأفهم في كرة القدم أكثر ممايفهمه أولئك الجالسين في المقاهي والذين تعلوا صيحاتهم البهيجة عندما يقفون منتفخي الأوداج بعيون مفعمة بالفرح الجنوني وبأكف تصفق وقبضات تتطوح في الهواء وأبدان تتقافز وتتراقص بأقدام تدبدب علي أرضيات المقاهي
صارخين
جووووووول