كلمة بمناسبة توقيع كتابي الجديد -نقد النساء- قراءة في عابدات باخوس-


نايف سلوم
الحوار المتمدن - العدد: 5419 - 2017 / 2 / 1 - 21:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

كلمة بمناسبة توقيع كتابي الجديد "نقد النساء- قراءة في عابدات باخوس" في المركز الثقافي العربي بمدينة حمص
نايف سلّوم
نحن في غربة عن تراثنا خاصة الديني منه ؛ يلوح لنا هذا التراث كرسوم غابرة، (كتابة هيروغليفية ) أو صور غير مفهومة. وكتابنا "نقد النساء" يدخل في سياق تأويلنا و نقدنا للتراث الديني. والنص الديني في أصل تكوينه نص قابل للتأويل، أي هو صياغة عامة للوجود يمكن تخصيصها في كل زمن؛ فالقرآن -كما قال علي- حمّال أوجه. والنقد هنا خلاف "النسيء": فالنقد هو وضع الأمور في مكانها ووقتها (وضعها في نصابها) . والنقد هو دابة الأرض التي تشير إلى الفساد والموت ، جاء في سورة سبأ قوله: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تاكل منسأته)/ 14 . والنقد لا يكون إلا إذا كانت هناك طائفة من المعلومات متراكمة و متسلمة من الماضي وكانت هناك تجربة روحية خلقها الدين، فنقد الدين مدخل لكل نقد آخر (نقد الدولة ونقد المجتمع المدني) ، ولذلك عندما يظهر النقد يكون تحقيقا وتدقيقا للعلم كما وصل إلينا وللدين كما صُوِّر لنا. والنقد امتحان للعقل المعاصر وقدرته على غربلة ما تم تسلمه من الماضي، والنقد شك هدام من أجل البناء لاشك هدام من أجل الإفناء(نقد لانقض) حيث تخضع كل العقائد والتقاليد الموروثة لحكم العقل المعاصر. فكل نهوض يحتاج إلى تنوير. يقول المستشرق الألماني جوزف فان ايس: "لقد اختفى التفكير العقلاني حول الدين من العالم العربي والإسلامي منذ الف سنة، منذ انقراض المعتزلة". لايكتمل فهمنا للعصر الذي نعيشه إلا بهذا النقد وهذا التاويل خاصة وأن معظم الشعوب العربية والإسلامية تعيش وفق تعاليم الماضي وتوصياته بفعل تهميشها المعاصر!
إن أصل كلمة قوم العربية على سبيل المثال هو الكلمة الآرامية أقيم (Aqim) أو آدم ، يسوع قام تعني يسوع أيقظ آدم . و أقيم من قوم qum وهو الفعل "قام " أي انتصب . وقاما بالآرامية تعني الأول (بابا قاما: الباب الأول)، وأول البشر القائمين هو آدم (خُلق من الماء والطين؛ كما خلق عيسى من خمر وخبز؛ خمر، تعني ولادة روحية و ظهور، وخبز، تعني ولادة طينية). بعل القوم paʼel of qum تعني يعمّد ، "كسوأنون" صنم من خشب يكشط وينحّف ، إن وجود شكل صنم في معبد ما، هو ما يعطيه اسم "كسوأنون" . ففي مسكن إريختيوس في أثينا مقر إقامة كسوأنون أثينا كما في طيبا ، تحفظ غرفة (thalamos) ثيميلي في قصر قدموس ، صنم ديونيسوس ، وهذا الصنم يؤدي وظيفة إشارة تنصيب أو تسلُّم أسرار أو عماد . والعماد هو البرزخ أو السر أو نقطة التحول و الارتفاع من مقام النساء إلى مقام الرجال؛ من الحسي إلى المعنوي (الاسم قائم مقام المعنى، وتسلم الأسرار يتم وقت العماد). الظهورات الإلهية عند المانوية خمسة : إله الخليقة/ الأعظم 2- أم الحياة مع الرجل الأول 3- الروح الحية /الفارقليط 4- الرسول الثالث / ممثل الفارقليط 5- يسوع المشع/ هابيل زيوا . وهذا الخاموس مُنزّه عن الولادة الجسدية يدرك بالظهور؛ ظهور أعيان الأشياء عقلاً بالنفس. وعلينا أن نشير إلى أن مُرَبّع وتر المثلث القائم الزاوية المنسوب إلى بيثاغوراس(فيثاغورس) يساوي مجموع مُربّعي ضلعيه، حيث الضلع الأرضي ثلاثة والضلع السماوي أربعة والوَتْر خمسة. (والفجر، وليال عشر، والشفع والوَتْر)/ الفجر. والوَتْر: الفرد، والفرد مُكوّن من ثلاثة؛ شفعين ووتر؛ أو مقدمتين ونتيجة حسب قياس أرسطو. العماد يعني قيام هابيل زيوا (يسوع المتألق؛ المتألّه) بتعميد آدم أو تطهيره. هذا هو سلوك يسوع المتألق تجاه آدم. وهذا يشبه الختان أو الطهور في اليهودية، يقال عُذر الغلام إذا ختن . كل عصر يعيد إنتاج العصور السابقة وفق مقتضياته. سئل النبي: متى بعثت نبياً: قال وآدم بين الماء والطين. وهذا الديالكتيك يذكر بأفلوطين.
الختان: ختن الغلام الذي يعذر، وهو موضع القطع من الذَّكر. والكلمة الأخرى؛ الخَتَن: الصهر؛ هو الذي يتزوج في القوم. وعليّ خَتَنَ محمد صهره وملازمه، جاء في سورة الفرقان: "هو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهرا" / 54 واعتذر عِذْرة من ذنبه فعذرته: أي قطعته عن ذنبه بالعِذار. والعذار قطع الغُرْلة، قال: إنكم بأجمعكم لم تشاهدوا الحقيقة ، فلعلكم قلّدتم من لم يجب تقليده ، أو قبلتم خبراً لم يقطع العذر. والغَرِل: المسترخي الخَلْق ، والعذار طعام يُدعى إليه لحادث سرور(المسارّة وتسلُّم التلميذ الأسرار ). ومائدة الطعام تعني تقديم العلم. وغُرْلة قضيب الذكر (قُلْفته أو غُلفته)هي بمنزلة غلافه الطرفي " (كُفْره أو كَڤَرَه) يقول رابي أليعازر بن عزريا : بغيضة تلك الغُرلة التي يأثم بها الأشرار" . و"الغُلف" هم الأغيار من غير بني إسرائيل. أغلف: كأنه وضع في غلاف ، فهو شديد الظلمة والخفاء ؛ يقال: الليل أغلف. يقول رابي إسماعيل: عظيم ذلك الختان الذي قُطع عليه ثلاثة عشر عهداً". و يقول رابي يهوذا هنّاسي: "عظيم ذلك الختان لأنه مع كل الوصايا التي أدّاها ابونا إبراهيم ، فإنه لم يدع كاملاً إلا بعد أن اختتن .. وعظيم ذلك الختان ، لأنه لولا الختان ما خلق القدوس (تعالى) هذا العالم " وكل هذه الاقتطاعات و الاقتطافات من المشنا (المثنا) والمثنا تعني "النص الثاني" في اليهودية بعد التوراة كالحديث النبوي بعد القرآن. والتلمود قسمان منهما المشناة او المثناة التي تضم المباحث الستة ، والآخر هو (الجمارا*) التي تضم الاجتهادات الفقهية والمناقشات التي دارت حول المشنا. كتب المشنا بالعبرية الكلاسيكية وكتب الجمارا بالآرامية . واكتمل في القرن الخامس الميلادي. والجَمْرة: كل قبيلٍ(جمع قبيلة) انضمّوا وحاربوا غيرهم ولم يحالفوا سواهم ، ورمي الجَمَرَات في الحج فعل طقسي حتى لايفرّقهم إبليس ويشتت ريحهم (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم..) الأنفال/46
قوم: جماعة ناس وربما استخدم في غيرهم (جماعة الطير)
قام إذا انتصب قيام حتم: هي حياة الانسان الأولى التي تشتمل على الحس والحركة والقوم إلى الغذاء كما يقول أبو حيان التوحيدي في "رسالة الحياة"، طفولة البشرية أو ظهور النوع الإنساني وانتصابه ومعاشه، قرابة الدم والأبوة الطينية. هي النشأة الأولى.
قام: قيام عزم (التعميد)؛ المسيح قام يقيناً (بالحق قام). الأبوة الروحية. عيسى ينقد آدم ويؤّله فيجعله معاصره. في هذا الديالكتيك: الآخر يصبح أولاً! ففي فقرة مشهورة من كتاب "كليلة ودمنة" وتتلخص هذه النادرة في أن ابن المقفع ظل يستعمل عشية اليوم السابق لإعلان إسلامه زمزمة المجوس أثناء طعام العشاء ، وحينما سأله عيسى بن علي : أتزمزم وأنت على عزم الإسلام ؟ فقال: كرهت ان أبيت على غير دين ". وعزم الإسلام تعني عقيدة الإسلام؛ او دين الإسلام . هي النشأة الآخرة.
قوم تطلق على الرجال من دون النساء؛ جاء في سورة الحجرات: (لايسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولانساء من نساء عسى ان يكُنّ خيراً منهُنّ )/ 11 جاء هذا القول بمناسبة سخرية بعض القائمين الجدد في الإسلام من قوم نصارى.
النسء والنسيء: التأخير عن الوقت المقدر. الوقت المقدر ظهر في مناسبتين في تاريخ التجربة المحمدية الفذة: الأولى؛ نِّكاح خديجة بمحمد ، والثانية؛ إشهار محمد لدعوته ، مبتدئاً بكلمة "إقرأ" وقرأت الريح هبّت لوقتها وضدها نسأت. قالوا: "لولا أخرتنا إلى أجل قريب" النساء/77 فقال: " إنما النسيء زيادة في الكفر يُضل به الذين كفروا" التوبة/37 . ونسأت المراة نَسِئاً: تأخر حيضها عن وقته فرجِئ أنها حبلى ، و نسأت ضد قرأت. وهي امرأة نَسءْ لا نسيء.
"عابدات باخوس" نص مسرحي كتبه يوروبيديس ثالث شعراء العصر الذهبي الإتيكي الذي عاصمته أثينا والذي يشمل اسخيلوس وسوفوكليس. ويوريبيديس صديق أنكساجوراس (أنكساغورس)، وهذا الأخير هو من ادخل الفلسفة إلى أثينا لأول مرة. وعابدات باخوس هي آخر تراجيديا كتبها يوريبيديس وتعتبر من أكثر مسرحياته غموضاً وعمقاً . للمسرحية تسعة أشخاص: 1- ديونوسوس: إله الخمر والمروج الخضراء، يسميه اللاتين/ الرومان باخوس، ويسميه السوريون أدونيس(السيد الإلهي)، وهو أيضاً رمز الحيوية المتدفقة في الإنسان 2- الكورس: يتكون من نسوة آسيويات حضرنُّ من منطقة لوديا بمصاحبة الإله ديونوسوس وهو في صورته البشرية 3- تيريسياس: عراف مسنُّ اعمى، يتمتع بمكانة وشهرة عالية بين أهل طيبة 4- كادموس (قدموس): والد ثيميلي التي أنجبت الإله ديونوسوس لزيوس الكريتي 5- بنثيوس الحاكم الشاب ابن أجافي شقيقة ثيميلي، وحفيد قدموس أيضا، وابن خالة ديونوسوس و ابن إخيون سليل الجرجونات (الجرجونات الثلاث) ميدوسا وأختيها سيثينو وايوريال . في الأصل كانت الاخوات الثلاث جميلات وكن يعملن ككاهنات في معبد أثينا , حتى أقام بوسيدون علاقة مع إحداهنّ وهي ميدوسا فغضبت أثينا وحولتْهنّ الى مسوخ حيث تحول شعرهن إلي أفاعٍ وجعلت كل من ينظر اليهن يتحول الى حجر. أشهرهن ميدوسا و هي التى قتلها برسيوس، حين خدعها وجعلها تنظر الى انعكاسها فى الدرع البرّاق الذى كانت قد اهدته إياه اثينا 6- تابع: أحد من كلّفهم بنثيوس بالقبض على ديونوسوس 7- الرسول الأول: يأتي من جبل كِثيرون طائعا ليروي ما رآه هناك 8- الرسول الثاني : يرافق بنثيوس إلى جبل كِثيرون، ثم يعود ليروي ما حدث لبنثيوس هناك 9- أجافي: والدة بنثيوس، وابنة قدموس.
ديونوسوس رب الانفعال العاطفي و ردود الفعل التلقائية، ، إنه الطبيعة المنفلتة من ضبط العقل وتوجيهه وإرشاده. إنه رياح الأهواء والشهوات والعواطف. أما أبوللون فيمثل شخص النظام/ العقل أو شخص الروح العلمي الذي ظهر به سقراط لأول مرة وأشاد به حين قال: اعرف نفسك! الروح الأبولونيّ هو روح الانسجام (الاستواء) ، بينما الروح الديونوسي هو روح الاختلاط والفوضى . فضيلة الاعتدال تسود الروح الأبولوني ، بينما يسود الكبْر والزهو والقحة والتهور الروح الديونوسي . الصراع بين اللحظتين الديونوسية والأبولونية هو في أساس التراجيديا. والمأساة أن تكون أيضاً في إضافة العمل الفردي إلى عمل الجوقة أو الكورس. إنها الأنا (الأنية) في مأساتها وطغيانها وظنها أنها هي الحق أو في عزلتها ووحدتها مع الحق ضد نظام ظالم جائر. قال لسّن: إن الطابع المميز للعربي هو سيادة الإرادة فيه على ملكتي النفس الأخريين وهما العاطفة والعقل.
الحَميّة (الغضب) والشهوة هما من جنس الشيء الخارج عن الاستواء والترتيب؛ ترتيب واستواء القوة الفكرية التي مقامها الاستواء أي الشيء الذي لا اختلاف فيه، جاء في سورة المُلْك/3 :(فارجع البصر هل ترى من فطور)، أي هل ترى من تفاوت . وضد الاستواء هي الأهواء التي فيها اضطراب؛ هذا الاضطراب وعدم التناسب والتفاوت هو المرض والقلق واليأس على درب الحقيقة . إنه وجود سلبي. جاء في سورة النساء: "لاتخذن من عبادك نصيبا مفروضا، ولأُضلّنهم ولأُمنينهم ولامرنّهم فليُبَتِكنّ آذان الأنعام ولامُرنّهم فليغيرن خلق الله.. ومن يتخذ الشيطان ولياً فقد خسر خسراناً مبيناً "
يُغيّرن خلق الله، أي يغيرن صورة الحق. ويقعْن في التحير والخسران. والبتك الشق، كأنه أراد تبحير أهل "الجاهلية" آذان أنعامهم (عامتهم) وشقّهم إيّاها ، أي تحييرهم بعد سماعهم الحق. والتبحير من البحر (يم). خمسون في العدد يقابلها حرف نون العربي وهي إشارة إلى مغاضبة ذي النون (يونس، يونان) وتحيّره في ذهابه إلى قومه في نِينوى . النجم هذا الزائر الليلي يهدي من في البحر . استعارة البحر تشير إلى التبحير والتحير والعجز عن التوجه، واستعارة النار تشير إلى النفخ والولادة الروحية ؛ فنفخنا فيها من روحنا (نفخا في درع مريم أو قميصها). الدرع شيء من اللباس، ودرع المرأة قميصها مذكر. وقمص: لبْس شيء والانشيام به . تقمّصه إذا لبسه. ثم يستعار ذلك في كل شيء دخل فيه الانسان.. يقال تقمّص الإمارة وتقمص الولاية . تدخله روح الولاية وتظهر على صورته الفردية أي تزيله. و يقال قمص البحر السفينة إذا حركها بالموج.
ديونوسوس إله طراقي من شمال بلغاريا أو طراقيا ، وطقوسه ليلية، والطارق الذي يمشي ليلاً . إن الطقوس المرتبطة بعبادته هي في أساس ظهور كل من التراجيديا والكوميديا.
لم يكن المسرح الإغريقي في الأساس سوى قداس ديونوسوس ؛ أي تاليف موسيقي درامي لموضوع ديني , انشودة الجدي ، اللحن الواضح جداً في طفولة إله يعيش مختبئاً في اليمن العربي السعيد على شكل جدي, والجدي الذي تُعرف به القبلة هو جدي بنات نعش الصغرى (وهن ثلاثة بنات (لا ثلاث) وجدي). ونلاحظ أن ديونوسوس هو طفولة إله, مثله كمثل عيسى طفل آسيوي. عهد جديد في طفولته. فطروادة بيرجاما أو فروجيا تقع شمال غرب الأناضول , وهي السرة (أم- فالوس) التي تمفصل بين آسيا وأوروبا ؛ وأوروبا هي طروادة الجديدة (روما) التي بناها إنياس ابن بيرياموس ملك طروادة الآسيوية. فالعصر الأيوني(اليوناني) آسيوي والعصر الدوري جرماني والعصر الإتيكي حيث أثينا عاصمته عبارة عن خليط من العصرين الأيوني والدوري(آسيوي- جرماني/ قديم).
ومن كلمة الجدي اليونانية (تراجوس) ركبت كلمة تراجيديا(تراجوديا) ؛ أي أغنية الجدي. وكان المحتفلون في الريف بقطف العنب (الذي ديونوسوس إلهه) يسيرون في موكب صاخب عابث ماجن (كوموس) متنكرين في أزياء يتدلى منها ما يشبه عضو الذكورة (فالوس) رمز الخصب الذي كان ديونوسوس هو ربه . وكانوا يتبادلون النكت الفكاهية الساخرة أو الفاحشة البذيئة ومن اسم هذا الموكب جاء اسم كوميديا.
مثل مقام النساء كمثل مقام التلميذ. التلميذ قائم مقام النساء. ففي حديث علي قال: "إذا بلغ النساء نَصَّ الحَقاق فالعَصَبَةُ أولى "
نَصّ: يدل على رفع وارتفاع وانتهاء في الشيء
قال أبو عبيد في شرح حديث علي : إذا بلغ النساء الإدراك وبلوغ العقل. والحقاق أن تقول هذا القول: انا أحقُّ ويقول أولئك : نحنُ أحقُّ. ومن قال نَصُّ الحقائق أراد جمع الحقيقة. وهذا معناه تقديم الأبوة الروحية على الأبوة الطينية.
العَصَبة: الجماعة ، والعُصْبة: لا أقل من عشرة رجال. وثوب محقق: محكم النسج (مثنى وثلاث ورباع تسعة وقائد العُصْبة عشرة كاملة) ، قائد العشرة أو يد الرب اليمنى، ويقال: حقاً لا أفعل، في اليمين.
الحِقّة من أولاد الإبل: الذي بلغ عامه الرابع فاستحق أن يحمل عليه (يعمّد ويعتمد عليه)؛ والحِقّة الصلابة والقوة والإحكام. والحاقّة: القيامة (وقت العمل أو بدء تكملة العلم بالعمل)
حققتُ الأمر وأحققته: إذا كنت على يقين منه. العَصَبة: قرابة الرجل لأبيه وبني عمه. وعلي ابن عمّ محمد. والعمائم الجماعات واحدها عمّ. والعمم: التمام والاستواء.
عصب به: إذا طاف به ولزمه (استدار حول الشيء واستكفّ به) فقد عصِب به. ومنه الطواف حول الكعبة.
قال الخليل: العَصَبة: هم الذين يرثون الرجل عن كلالة من غير والد ولا ولد (ووالد وما ولد؛ هي أبوة روحية؛ علي وارثه ووصيّه )؛ وكل من لم تكن فريضة مسماة فهي عَصَبَة ومنها اشتقت العصبية (القيام بالنوافل؛ معناه التشدد للمعتقد والتعصب له) [قارن العصبية عند ابن خلدون وقيام الدول]
نحن في العام 533 قبل الميلاد ، حين وصول الأخمينيين الفرس إلى عرش بابل، ونزول بثاغوراس (فيثاغورث) إليها قادماً من مصر. والأراضي بين الفرات والنيل تحت ظل حكمهم . يرث الاسكندر ذلك بعد نزوله على شاطئ طروادة (بيرجاما او فروجيا شمال غرب الأناضول) سنة 334 قبل الميلاد ، حيث الأراضي نفسها تنتقل إلى حكم اليونان (الإغريق) بعد مرور قرنين. لقد آن الأوان لكي نبين لماذا مرّ هذا العبور دون اصطدام ، ولماذا كانت الثقافة واللغة والسياسة والإدارة الإغريقية آسيوية أو سامية حسب تعبير شلوتسر 1781م في كتابه : "في تاريخ الأمم الغابرة". لقد كانت تربية معظم الفلاسفة الإغريق أيونية لادورية أي آسيوية لا جرمانية، و كان الاسكندر هو الشخصية الهيللنية الوحيدة التي ذكرها القرآن الكريم وأشاد بها "ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا". الكهف/ 83 . وبعد ما يقارب الألف عام تم عبور جيوش الإمبراطورية الإسلامية في الأراضي نفسها دون اصطدام يذكر! لقد جرى هذا العبور ضمن مجال ما يسمى بالحضارة العربية وسميت عربية لأن مراحلها المختلفة ختمت بالحضارة العربية/ الإسلامية ، ولهذه الحضارة العربية في مراحلها المختلفة تربة وهذه التربة واسعة : فهي تُحد من الشمال بمنطقة تسودها مدينة الرُّها ، ومن الجنوب بسوريا وفلسطين ومصر وفيها تسود مدينة الإسكندرية ومن الشرق تحد بنهر سيحون أي تشمل إيران كلها ، وفي أقصى الجنوب نجد بلاد العرب ، وفي اقصى الشمال الغربي من هذه التربة مدينة بيزنطة . فهذه التربة بوجه عام تلك المنطقة التي صبغها الاسكندر بالصبغة الهيللينية والتي ارتقت مدنها الرئيسية وهي الإسكندرية وانطاكيا والرّها وإفسوس وبيزنطة والمدائن في الوقت الذي كانت فيه مدن الغرب تعاني دور الفناء والاضمحلال ؛ فقد أصبحت هذه المدن مدناً عالمية امتلأت بالكاتدرائيات والأسواق والمباني الضخمة. أما في الزمان فقد بدأت عام 700 ق. م وتجدد هذا الظهور سنة 300 ق.م وامتد ربيعها حتى 600 ميلادية . حينئذ كان لابد لهذه الروح أن تبلغ أوجها وأن تحقق كل ما فيها من ممكنات فيأتي دين يسود الأديان كلها ، وياتي شعب سياسي يغزو هذه المناطق ويعقد لها لواء واحد فكان هذا الشعب هو الشعب العربي ، وكان هذا الدين هو الإسلام فتكونت بهداية هذا الدين وبفضل طبيعة هذا الشعب الحضارة الإسلامية التي هي ذروة الحضارة العربية. وظهرت العربية كقاهرة للغات الشرق الأدنى.
اما عن أسلوبي في التأليف فهو أسلوب صعب غير مألوف يحتاج إلى ألفة ومؤالفة ، حيث يعتمد على تقنية التجاور ، فإذا ما ظهرت على سبيل المثال استعارة البحر وبجوارها مسألة التحيير والتحير فهذا يعني أن استعارة البحر هذه تحيل إلى التحيير والتحير. وما إن تتجاور استعارة النار و النفخ مع الولادة الروحية حتى نفهم أن استعارة النار تشير إلى النفخ وسر الولادة الروحية . وهنا تظهر في هذه التجاورات استشهادات بآيات قرآنية يتوجب فهم معنى الآية بناء على هذه المجاورة. ولهذه الأسباب يلاحظ القارئ كثرة الالتفات في العبارة والتحول وتنوع الاقتباسات . وكل ذلك من باب إرادة التجاور وإحداث إضاءات متبادلة بين عبارات بعضها حديث والآخر قديم .
وكثيراً ما يقال لي إن كتابك صعب ، كيف نقرأه؟ وأقول: الكتاب السهل بالمعنى الدارج ليس بكتاب . الكتاب الفعّال هو الكتاب الذي يشكل تحدياً للقارئ . الكتاب السهل كتاب بسيط السرد يستهلكه القارئ كما يستهلك السجاير . وأنا لا ادعوا إلى صعوبة السرد وغموض المعنى ، ولكن أدعو إلى كتاب يتحدى القارئ ويقوده إلى تغيير عاداته في التفكير وإلى أن يتعلم شيءً جديداً مدهشاً غير مألوف، وقد يكون غريباً. فليست العبرة في أن تتلقى نتائج علم فحسب بل العبرة في أن تتعلم كيف تنتج علماً. وهذه سمة الكتاب الجيد. إن الغرض الكبير لكتابي هذا هو الكشف عن المضارعة بين مسألة "التلمذة " و مسألة "النساء" بحيث تظهر للقارئ الفطن القطبة المخفية بين المسألتين. وقد حاولت الاعتماد في ذلك على مسرحية "عابدات باخوس" الدينية ليوريبيديس.