أبو تريكة والتأسلم السياسي


حمدى عبد العزيز
الحوار المتمدن - العدد: 5410 - 2017 / 1 / 23 - 14:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     


أنا مشجع أهلاوي منذ طفولتي..
وأحببت الأداء الكروي للكابتن محمد أبو تريكه عندما كان لاعباً في النادي الأهلي والمنتخب المصري وربما قبل ذلك عندما كان لاعباً في نادي الترسانة
بل أعتقد أنه من أهم اللاعبين في تاريخ النادي الأهلي وفي تاريخ الكرة المصرية

لكنه حين اختار انحيازه السياسي إلي جانب قوي التأسلم السياسي الفاشية فقد اختار بنفسه أن تبهت صورته كنجم محبوب وأن تظل شائبة إخوانيته عالقة بتاريخه وبكل حديث عنه

ولإن الإنحياز للإخوان المسلمين بل لأي من قوي التأسلم السياسي هو انحياز لجماعات ذات تاريخ وسجل حافل بجرائم العنف والإرهاب والقتل والتكفير منذ أن ظهرت عصابات السلفية الوهابية في نجد عام 1912 وحتي مانشهده اليوم من جرائم بشعة تقشعر لها الأبدان والضمائر علي يد تلك العصابات في دول المشرق العربي أو في مغربه مروراً بجرائم التأسلم السياسي في مصر منذ ثلاثينيات القرن الماضي وحتي تاريخ اليوم
، وتأسيساً علي ذلك فإن الإنتماء لأي من هذه الجماعات أو العصابات - من وجهة نظري علي الأقل - لايمكن أن التعامل معه كأي انتماء لموقف سياسي أو فكري يندرج تحت بند حرية الرأي والعقيدة

وانحيازه هذا لاشك فيه
بدءاً من إعلانه تأييد مرشح جماعة الإخوان المسلمين للرئاسة انتهاءً بتورطه المثبت قانوناً في الدعم المالي والعلاقات المالية مع عصابات وجماعات التأسلم السياسي الفاشية

وتحت تأثير العاطفة التي تشكلت عبر الإعجاب بالموهبة والإبداع الكروي لأبوتريكة حينما كان لاعباً في النادي الأهلي ومنتخب مصر (وهو مالايمكن لمتابعي وعشاق كرة القدم نكرانه) تحت تأثير تلك العاطفة يحاول الكثيرون منا محاولة إيجاد المبررات للدفاع عن ابو تريكة وربما اتفهم ذلك عند حسني النوايا ممن تهيمن عليهم وتستبد بهم عواطفهم ونوازعهم الوجدانية نحو نجم كان ينتزع منهم التصفيق وتأوهات الإعجاب وربما صرخاته

لكن هذا مردود عليه
فأحكام القضاء المتكررة تجاه النشاط المالي لأبو تريكة تقظع ولاشك بتورطه وإدانته والعقل يقتضي أن نحترم احكام القضاء طالما احترمناه في احكام أخري عديدة ولاينبغي أن ننتقي من احكام القضاء مايعجبنا وأن نلقي بما لايعجبنا من النوافذ ..
كذلك فإننا حين نؤمن بدولة القانون ونحكمه كأساس لترسيخ دولة المواطنة فانه ينبغي ألا يكون هناك أحد فوق القانون حتي ولو كان لاعب كرة معتزل كانت له صولاته وجولاته في عالم كرة القدم

ولكن بقي أن أهمس في اذن الجميع بسؤال غاب عن البعض منا وهو أنه من الممكن أن تكون مسألة انتماء ابو تريكة لهذا الفكر التكفيري قد تمت في سن مبكرة من صباه كلاعب كرة (وربما تمثل هذا في الكثير من حوادث مثل عدم مصافحة السيدات في بعض المحافل الكروية)، وهذا يمكن تفهمه في إطار استهداف جماعة الإخوان المسلمون للنادي الأهلي منذ تسعينيات القرن الماضي ونجاحهم في تجنيد العديد من مدربي وإداري ولاعبي النادي الأهلي في عملية منظمة أتت ببعض النتائج المعروفة للجميع أبرزها وقوف نجوم كرة مثل هادي خشبة ومجدي طلبة ومحمد ابوتريكه وغيرهم كفيالق دعاية رياضية في حملة الإخوان المسلمين للرئاسة عام 2012

والسؤال هو أنه من 2012 وحتي تاريخه مرت الكثير من الأحداث التي كشفت بجلاء لجميع الذين ربما كانوا من المخدوعين من جماعات التأسلم السياسي أو المغرر بهم
كشفت لهم مدي فاشية وجرم وإرهاب وعنصرية هذه العصابات وضربهم بالمصالح القومية للأوطان عرض الحائط
ألم يكن حرياً بكل مخدوع أو مغرر به أو كل من تورط بالإنتماء لهذا الفكر وتشجيعه بأن يعلن :

أولاً : أن رابظ الوطنية هو الرابط الأساسي لأفراد الأمة المصرية ومكوناتها ويعلو فوق أي رابط أو اعتبار آخر

ثنانياً : الإعلان الصريح عن الرفض القاطع التام لمختلف أفكار الحاكمية الدينية وان المرجعية الوحيدة للحكم هي للشعب وأن القيم الوحيدة التي يمكن تأسيس نظام الحكم علي أساسها هي قيم المدنية والمواطنة وحرية الفكر والعقيدة وعدم التمييز علي أي أساس من الدين أو الجنس أو العرق أو اللون أو المكانة الإجتماعية وأن تقام الدساتير والقوانين علي أساس هذه القيم بحيث يكون جميع المواطنين سواء في المواطنة والمراكز القانونية

ثالثاً : الإقرار بأن التيارات والجماعات التي قامت علي أساس ألحاكمية وأوهام الخلافة وتأسيس دول علي أسس دينية واستبعدت رابط الوطنية واستعدت المدنية والتحضر الإنساني وعوامل الرقي والتقدم قد أجرمت في حق الشعوب والأمم وأن كافة مابذلت مما ادعته جهاداً وقتالاً في سبيل الدين إنما هو إلا جرائم وإرهاب للناس وأفعال يجب تجريمها والعمل علي القضاء عليها وطي صفحتها تماماً من التاريخ الإنساني
وإن كل من ارتكب أو يرتكب عملاً علي طريق هذه الجرائم أو شارك أو دعم أو مازال بأي شكل من الأشكال أوحرض أو يحرض عليه تستوجب محاكمته ووقوعه تحت طائلة العقاب القانوني
فهل أعلن أبو تريكة يوماً ما ذلك؟

حمدى عبد العزيز
20 يناير 2017