بعد الحكم بمصرية الجزيرتين


حمدى عبد العزيز
الحوار المتمدن - العدد: 5405 - 2017 / 1 / 17 - 23:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

كمواطن مصري له حق إبداء الرأي في الشأن العام دون أي ادعي لشخصي أي صفة غير صفة المواطنة فإن قراءتي السياسية للحكم القضائي التاريخي الذي صدر اليوم الخامس عشر من يناير 2017 بخصوص جزيرتي تيران وصنافير ومايترتب عليه تتلخص في الآتي :

أولاً :
أعتقد أنه قد وجب توجيه التحية لهيئة المحكمة التي اصدرت ذلك الحكم التاريخي الذي سيأخذ مساحة متفردة تسطر بأحرف ذهبية في تاريخ الوطن وذلك ببطلان توقيع الحكومة المصرية علي اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة السعودية وتأكيده علي مصرية جزيرتي تيران وصنافير
وقد أثبتت هيئة المحكمة أن في مصر قضاء شريف منزه عن الخضوع للضغوط والأهواء والسلطان

وكذلك فإن هيئة الدفاع عن قضية مصرية الجزيرتين التي سهرت وناضلت من أجل أن تجمع كل هذه المستندات والأسانيد التي تثبت مصرية الجزيرتين تستحق التحية والشكر علي ذلك الجهد المارثوني البطولي الجبار

ثانياً :
اظن أنه من باب الحرص علي الاتساق السياسي أن البرلمان المصري قد مطالباً الآن بسحب الثقة من الحكومة وإقالتها وتقديمها للمحاسبة القانونية من جراء اعتدائها علي الدستور أولاً بتوقيع الإتفاقية بالمخالفة للمادة (151) وثانياً بإرسالها الاتفاقية للبرلمان مشفوعة بالتوصية بالموافقة عليها بالرغم من كون الإتفاقية منظورة أمام القضاء وصدر بشأنها أحكام ابتدائية (وقتها) يجعل توقيع الحكومة مشمولاً بالبطلان وهذا كان كفيلاً بوضع السلطتين التشريعية والقضائية في مواجهة بعضهما البعض ضاربة بذلك عرض الحائط بالمبدأ الدستوري بالفصل بين السلطات وإن كان هذا سيظل معلقاً بمدي اقتراب أو ابتعاد البرلمان المصري من الإتساق مع أصول العمل البرلماني وماتقتضيه الأمانة إزاء ذلك الحدث

ثالثاً:
أزعم أن كافة مؤسسات الدولة المصرية مطالبة باحترام أحكام القضاء في هذا الخصوص وتنفيذ الحكم
وهذا هو الطريق الوحيد لإثبات حسن النية
أما طريق المعاندة والمكابرة للإلتفاف حول الدستور والقانون لتمرير الإتفاق الذي شابه البطلان القانوني بذلك الحكم النهائي فإنه ربما سيسمح بتداول الكثير من علامات الإستفهام حول نوايا السلطة السياسية وقد يفسح المجال للتساؤل حول ماإذا كان الإصرار في هذه الحالة هو استجابة لرغبة محمومة لتوسيع كامب ديفيد لتشمل المملكة عبر باب تملكها لجزيرتي تيران وصنافير وتحقيقاً لإرادة وهابية سعودية تري استبدال التحالفات في المنطقة علي أساس استبدال الصراع العربي الإسرائيلي بصراع شرق أوسطي -إيراني تقف فيه الدولة الصهيونية موقف الحليف

رابعاً:
أزعم أنه لاأقل من مطالبة السيد رئيس الجمهورية بإعلان احترامه لهذا الحكم وكافة أحكام القضاء وللدستور وتقديم اعتذاره للشعب المصري عن سابق دعمه الغير مستتر للإتفاقية ودفاعه العلني عن سعودية الجزيرتين

خامساً :
أتمني أن ترتفع مؤسسات الدولة لمستوي المسئولية الوطنية وأن تجنب البلاد مغبة وضع شرعية الوضع السياسي القائم علي المحك في ظروف دولية وإقليمية وداخلية تجعل ذلك الأمر غير مأمون العواقب

سادساً :
اندهشت حزنت جداً في نفس الوقت لبعض المصريين الذين سارعوا بالتأكيد علي أن المملكة ستلجأ للتحكيم الدولي وأنها ستحصل علي الجزيرتين في اليوم التالي للتحكيم
لم أكن اتوقع أن يستبد العناد وتسيطر الرغبة المحمومة في المكايدة لتصل الأمور بالبعض إلي هذا المدي المدمر والغير مسئول

فأولاً من أين أتو بكل هذه الثقة في زعم ملكية السعودية للجزيرتين ولماذا لم يذهبوا للمحكمة حاملين مستندات براهانهم هذا بدلاً من أن يضعوا أنفسهم وحماسهم الشديد للموقف السعودي في ذلك الموقف المخزي؟

وثانياً تعجلوا ولم يعطوا انفسهم فرصة التقاط معلومة مفادها أن الذهاب للتحكيم يقتضي موافقة الدولتين معاً علي التحكيم وأن الحكومة المصرية لاتستطيع أن توافق علي الذهاب للتحكيم لأن ذلك سيعد خرقاً لحكم المحكمة وساعتها فإن شرعية من سيوافق علي هذا ستكون قد سقطت بفعل اسقاطه لحكم القضاء وللدستور

وثالثاً كيف يسمح مصري لنفسه أن يهدد مصريين باللجوء السعودي للتحكيم وكيف يسمح مصري لنفسه أن يبدو وكأنه يستحث المملكة علي الإسراع بالذهاب إلي التحكيم الدولي ؟