بديل مشترك ضد الليبرالية الجديدة ولمواجهة اليمين المتطرف/ المؤتمر الخامس لحزب اليسار الأوربي: بناء التحالفات من اجل أوربا التضامن


رشيد غويلب
الحوار المتمدن - العدد: 5393 - 2017 / 1 / 5 - 02:24
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم     


في الفترة 16 - 18 كانون الأول 2016 ضيَّف حزب اليسار الألماني في العاصمة برلين المؤتمر الخامس لحزب اليسار الاوربي. وشددت الكثير من الكلمات التي اُلقيت في المؤتمر على ضرورة توثيق العمل المشترك بين قوى اليسار، ومقاومة سياسة التقشف القاسية، وتعزيز مواجهة صعود اليمين المتطرف.
وحيا بيرند ريكسنغر، الرئيس المشارك لحزب اليسار الألماني المضيف، قرابة 300 مندوب، بكلمة تناول فيها انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الامريكية. وحذر من ترامب والتشكيلة الحكومية التي سيقودها، والتي سوف لا تلتزم بوعودها الانتخابية وأبرزها ضمان فرص العمل. وان سياسات الليبرالية الجديدة في الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه واحدة من الأسباب الأساسية للأزمة الحالية وصعود اليمين الشعبوي. وانتقد ريكسنغر بشدة "التوجه لبناء جيش اوربي"، مؤكداً إن "على اليسار الاستمرار في النضال ضد العسكرة، وفي سبيل السلام في اوربا".
ودعا ريكسنغر القوى التقدمية الى العمل المشترك ضد سياسة التقشف التي ينفذها الاتحاد الأوربي، وفي مقدمتهم وزير المالية الألماني شويبله، وضد الدمار الذي تنتهجه الليبرالية الجديدة، وضد اليمين المتطرف. واعتبر ان على حزب اليسار الأوربي ان يقدم "قيمة ملموسة" لجميع الحركات، ويطور البديل المشترك معها.
وبعد دقيقة حداد بمناسبة وفاة زعيم الثورة الكوبية فيدل كاسترو، حيا المندوبون كلاوس ليدرر، وزير الثقافة في حكومة ولاية برلين عن حزب اليسار.
بعدها بدأت جلسات العمل فقدم بيير لوران، رئيس حزب اليسار الأوربي والسكرتير الوطني للحزب الشيوعي الفرنسي، تحليلا للتطورات الجارية في اوربا عرض فيه مضمون الوثيقة السياسية المقدمة الى المؤتمر، مؤكداً على ان سياسات الليبرالية الجديدة تعزز صعود اليمين المتطرف، وشدد على ضرورة مواجهته بالنضال المشترك لقوى اليسار مع الناس لطرح بدائل ملموسة.
واشار لوران الى ان سياسة التقشف التي يعمل على تصعيدها سياسيون مثل وزير المالية الألماني يجب ان تقاوم بقدر أشد من السابق، مع تصعيد التضامن مع السكان. ودعا الى النضال من أجل تحول بيئي، واستمرار النضال ضد اتفاقيات التجارة الحرة، قائلاً: "يجب ان نمنع توقيع هذه الاتفاقيات".
واضاف "بنضالنا فقط في جميع بلدان اوربا نستطيع فرض حقوقنا الديمقراطية، واذا اردنا اعادة تأسيس اوربا يجب علينا الاندفاع بقوة، واستخدام كل الممكنات السياسية، وابتكار وسائل سياسية جديدة، وخلق فضاءات نشاط جديدة، وتشكيل تحالفات جديدة تستوعب جميع الراغبين في التقدم. ويجب ان يكتسب النضال ضد الحرب ومن اجل السلام قيمة مركزية، ويجب ان تتحول اوربا الى فضاء للسلام والأمن. ان مواجهة الهروب من الحرب ومناطق الأزمات، واللجوء الى اوربا يمكن مواجهته بالقضاء على اسبابه".
وطالب لوران، وانطلاقاً من المؤتمر الخامس لحزب اليسار الأوربي، ببناء منتدى اوربي دائم، لا يضم الاحزاب الاشتراكية واليسارية والشيوعية فحشب، بل جميع القوى التقدمية، والنقابات، والحركات الاجتماعية، للعمل سويةً من اجل البديل لأوربا.
وعكست تقارير مجاميع عمل الحزب (المختصات) التي عملت بين مؤتمرين في مجالات مثل العمل والاقتصاد والتعليم والمرأة والبيئة والهجرة والقضايا الدولية، سعة عمل ونشاط الحزب.
وحضر المؤتمر قرابة 100 وفد اجنبي، كان بينهم الحزب الشيوعي العراقي الذي مثله في المؤتمر الرفيق سلم علي، عضو اللجنة المركزية ومسؤول لجنة العلاقات الخارجية. والى جانب زوار المؤتمر اليوميين، شارك وفد اتحاد النقابات العمالية الاتحادي، وممثل حركة "اتاك" المضادة للعولمة، ومؤسسة روزا لوكسمبورغ، والحزب الشيوعي الألماني، وجمعية اليسار الماركسي،
تقارير من بلدان اوربا والعالم
أول الضيوف الأمميين تحدث كيميتوشي موريارا من الحزب الشيوعي الياباني، الذي يعد احد أكبر الأحزاب الشيوعية في العالم ، وتبلغ عضويته 400 الف. اشار الرفيق الياباني الى ان حزبه يعمل اكثر من اي وقت مضى مع الحركات الاجتماعية، وقد ادى هذا الى مشاركة الجبهة المتحدة في انتخابات المناطق، واستطاعت الجبهة ايصال ممثليها الى برلمانات سبع مناطق من اصل احدى عشرة منطقة، الى جانب وجود الحزب في البرلمان الوطني. وحاليا يناضل الشيوعيون في سبيل فرض اليابان قرارا في الأمم المتحدة يمنع استخدام السلاح النووي، وتمنى على حزب اليسار الأوربي دعم هذه الجهود، لتحقيق خطوة مشتركة على طريق عالم خال من الأسلحة النووية.
وشهد اليوم كذلك الاستماع الى مساهمات من فنزويلا وكولومبيا التي تناولت أوضاع البلدين وظروف النضال فيهما. ونقل خوان فالديس تحيات الحزب الشيوعي الكوبي وتضامنه إلى المؤتمر وأكد "ستبقى الثورة الكوبية اشتراكية وأممية". وسيستمر العمل من اجل تطوير رفاه الشعب، والنضال ضد اضطهاد جميع الشعوب". وقدم الشكر باسم الشعب الكوبي للمشاركة الواسعة في تأبين فيدل كاسترو. وبعد الظهر كانت هناك فعالية مشتركة من شبكتي "نعم لكوبا" و"التضامن مع كوبا" ضد سياسة الحصار التي تتبعها الولايات المتحدة ضد كوبا.
وحلل ميركو ميسنر المتحدث الاتحادي باسم الحزب الشيوعي النمساوي الانتخابات الرئاسية في النمسا وصعود اليمين، الذي لا ينحصر في النمسا. وقال انه "بعد جولة الانتخابات الثالثة، أصبح واضحا ان مرشح اليمين المتطرف لم بصل الى مبتغاه في ان يصبح رئيسا للجمهورية. وتنفست أوربا الصعداء، بما في ذلك ليبراليو الطبقة الوسطى، وبضمنها الاجتماعيون الديمقراطيون، الذين ساعدوا، كما هو حال الديماغوجيون الاجتماعيون في خلق المساحة التي يحتاجها اليمين المتطرف". وحذر ميسنر من التفسير الخاطئ لهذه النتيجة: "ان هناك فهمين خاطئين يجب عدم الوقوع فيهما:
1 - هزيمة مرشح اليمين المتطرف، والقومية الألمانية نوبرت هوفر شكلت صفعة له، ولكن ليس لحزبه الذي حصل على قرابة نصف الأصوات الصحيحة، وهذا يعني إن الكثير من الاجتماعيين الديمقراطيين والناخبين البرجوازيين قد صوتوا لصالحه.
2 - ان التصويت لنوبرت هوفر ليس صدفة، ولو إجريت الانتخابات اليوم لما استطاع الحزب الاجتماعي الديمقراطي وحزب الشعب اليميني الحصول على الأكثرية. وان حزب الحرية اليميني المتطرف هو اليوم اقوى الأحزاب". وطالب ميسنر حزب اليسار الأوربي القيام بنشاطات فاعلة: " لقد حللنا الوضع من جميع جوانبه، وحددنا قائمة هائلة من المطالب، واقترحنا المئات من الخطوات في سبيل أوربا اجتماعية. و في النهاية علينا البدء بخطوة ". وكان ميسنر واضحا في تحديد الهدف من هذا النشاط: " إن مشكلتنا لا تكمن في إقناع الناس بان الوضع سيئ جداً. ان مشكلتنا تكمن في إثبات ان المقاومة الاجتماعية ممكنة".
يسار مؤثر
وعبّر البرتو غارثون القيادي الشيوعي والمنسق العام لليسار الأسباني المتحد عن سعادته بالنجاحات التي حققها تحالف قوى اليسار الانتخابي، قائلاً: " لقد نجحنا في خلق إطار لوحدة اليسار، وتشكيل الحكومات في عدد من مدن البلاد الكبيرة، ونحن نمثل قرابة ربع الناخبين في اسبانيا" . وذكر بأن نسبة البطالة لا تزال في صفوف الشبيبة قرابة 50 في المائة، ويجري يوميا إخلاء 320 منزلا قسرا، والكثير من الناس لا يملكون المال اللازم لتأمين الطاقة الكهربائية والتدفئة. واختتم غارثون مساهمته بمطالبة عاجلة: "يجب إن لا نحول أنفسنا إلى يسار مؤسسات بيروقراطي، نرجسي، بل يجب إن نكون يسارا جذريا، يهتم بجذور المشاكل، ويتحدث دوما لغة يفهمها الناس. وعندما لا تفهم قواعدنا لغتنا، فنحن المعنيون بهذه المشكلة وليس القواعد. وعندما لا ننجز المهام الملقاة على عاتقنا، ستملأ لوبان (زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا) وأمثالها الفراغات التي نتركها، وعندما نكون ناجحين، نستطيع تأشير الطريق إلى عالم أكثر عدلاً، والذي يعني الاشتراكية".
وبعد ظهر نفس اليوم شكر ألكسيس تسيبراس، نائب رئيس حزب اليسار الأوربي ورئيس وزراء اليونان، حزب اليسار الأوربي على تضامنه الكبير مع حزب "سيريزا" واليونان، في مواجهة الابتزاز الذي تتعرض إليه اليونان من اللجنة الثلاثية (صندوق النقد الدولي، البنك المركزي الأوربي، والمفوضية الأوربية). وأكد تسيبراس، إن اليونان لا تزال تناضل ضد سياسة التقشف وان "الدائنين وصندوق النقد الدولي يجب إن يفهموا أن الوضع الاستثنائي في سوق العمل اليوناني لا يمكن إن يستمر بنفس الطريقة. إن على الدائنين إن لا ينسوا أن الشعب اليوناني قدم ما يكفي من التضحيات. والآن جاء دورهم للإيفاء بالتزاماتهم". وأضاف: "ان منطق التقشف الذي دمّر اليونان هو في النهاية منطق لإضعاف الشريك الأوربي، الذي يمثل دعامة السلام في المنطقة، ويلعب دورا مهما في التعامل مع اللاجئين، والذين يجب إن يكون التعامل معهم وفق القانون الدولي". وفي مواجهة اليمين المتطرف قال تسيبراس: "عندما تعود عجلة التاريخ إلى الخلف، فنحن المعنيون بدفعها مجدداً إلى الأمام".
ماريسا ماتياس من حزب كتلة اليسار البرتغالي، التي يدعم حزبها إلى جانب الشيوعيين والخضر حكومة أقلية اشتراكية، وصفت بوضوح الوضع الصعب في البرتغال، والإحباط المحلي من الاتحاد الأوروبي. وقالت "أود إن أكون صادقة تماما. إن المناقشة بشأن عضوية الاتحاد الأوربي تمثل بالتأكيد قضية مركزية في المؤتمر. ولكن ما لا يمكن تحمله، هو وضعنا الأداة الوحيدة التي نملكها على المستوى الأوربي، اقصد حزب اليسار الأوربي، موضع تساؤل أثناء المناقشات". وبخصوص مصاعب علاقة حزبها مع الحكومة البرتغالية، قالت ماتياس: "من حيث المبدأ، المبادئ من دون سلطة لا تعني شيئاً، ولكن السلطة من دون مبادئ لا تعني شيئا بالنسبة للناس أيضا الناس الذين يثقون بنا، وينتظرون المساعدة منا".
التراجيديا يمكن أن تعيد نفسها كتراجيديا
وأيد والتر بير، منسق شبكة "تحول" للبحوث التابعة لحزب اليسار الأوربي، ما طرحه بيير لوران، واكد على" ان الاجواء السياسية قد تغيرت في أوربا بوضوح ، وتزداد أهمية التشكيك في منطقة اليورو. وهذا يشمل اليسار ايضا. ان خيبة الأمل من الاتحاد الأوربي فيها بعض العلاج، ولكن ليس عندما نقع نحن في النقيض". ونظرا للأزمة الحالية، والتغيرات المناخية، وعدم المساواة في العالم، والتهديد بالحرب، والعوائق التي تحول دون المساواة بين الجنسين أو تحديات التغير التكنولوجي لايمكن التقدم مع مثل هذا الموقف سنتيمترا واحدا، كما يرى بير. "بعد فشل الاتحاد الأوربي سوف لن تكون اوربا اكثر سلاماً، او اكثر عدلاً، ستظل كما هي الآن امبريالية". وبيّن بوضوح الى اين تسير الامبريالية المقترنة بالقومية والفاشية، قائلاً: "مريح هو القرار المسبق في ان التاريخ لا يمكن أن يعيد نفسه. وينبغي علينا حتى التشكيك بكارل ماركس الذي وعدنا بأن التراجيديا تعيد نفسها في التاريخ كمهزلة. لا، التراجيديا يمكن ان تكرر نفسها كتراجيديا". وفي اليوم الثاني قدم المندوبون مداخلاتهم، فكانت هناك تقارير من بين بلدان أخرى من بيلاروسيا، بلجيكا، الدنمارك، ألمانيا، استونيا، فنلندا، فرنسا، اليونان، ايرلندا، ايطاليا، لوكسمبورغ، النمسا، البرتغال، السويد، سويسرا، سلوفينيا، اسبانيا، وجمهورية التشيك وتركيا وهنغاريا. وتحدث المندوبون عن نضالات احزابهم ضد التقشف والعنصرية، وتصاعد اليمين المتطرف، وسياسة الحرب والعسكرة. وعكست المساهمات المشتركات والفوارق بين البلدان المختلفة. وتم عكس تجارب ايجابية واخرى سلبية، يمكن التعلم منها والتوصل الى استنتاجات. وعكست المداخلات مراجعات نقدية للعمل السابق. واتفق الجميع على ضرورة تصعيد الجهود للوصول الى تحالفات واسعة، مثل القيام بفعاليات اكثر لتنشيط فكرة العصيان المدني.
الانتخابات والقرارات الصادرة عن المؤتمر
أقر المؤتمر ورقة الاستراتيجية الجديدة للحزب، والتغيرات في نظامه الداخلي. وبعد مناقشة طويلة وتقديم الكثير من المقترحات، بما فيها شعار المؤتمر الرئيس، حصلت الوثيقة السياسية المقدمة إلى المؤتمر على 81 في المائة من اصوات الناخبين، مقابل 10 في المائة ضدها، وتحفظ 9 في المائة. وهي نتيجة اكثر من جيدة بالنسبة لحزب بهذه التعددية التنظيمية والفكرية.
وفي يوم الأحد تمت مناقشة العديد من المقترحات وإقرارها، مثل قرار بتنظيم قافلة اوربية بشأن حقوق المرأة، والذي سبق وان توافق عليه الاحزاب الاعضاء في حزب اليسار الأوربي، وحصل على تأييد كبير. وكذلك قرار التضامن مع حزب الشعوب الديمقراطية في تركيا والذي حمل عنوان "اوقفوا اردوغان! الحرية لجميع المعتقلين!". وكان علي اتلان، عضو برلمان ولاية راين نورد فيسفالن الألمانية عن حزب اليسار سابقا، وعضو البرلمان التركي عن حزب الشعوب الديمقراطي حاليا، قد نقل إلى المؤتمر رغبة رفاقه في تركيا في الحصول على دعمٍ لنضالهم. وقال ان اضطهاد واعتقال مئات الآلاف من المواطنين في تركيا، وقمع حرية الصحافة، هي من عناصر النظام الشمولي الذي سوف لن يتوقف قبل قيام دكتاتورية مكشوفة. وأضاف انه لهذا السبب يجب ممارسة الضغط من جميع انحاء اوربا على اردوغان والحكومة التركية، وان سياسة اردوغان لا تعيق السلام في تركيا فحسب، بل تمثل خطرا لعموم منطقة الشرق الأوسط.
واتخذ المؤتمر مجموعة من القرارات المهمة الأخرى، منها: دعم اليسار الفرنسي واليسار الألماني في الانتخابات العامة التي ستجري في البلدين على التوالي في ربيع وخريف 2017. وقرار يدعو إلى إنهاء الحرب في سوريا. وقرار بتخفيض الموازنات العسكرية، ورفض مطالبات الناتو بزيادتها. وآخر لتعزيز الحركة المعادية للفاشية، وتعزيز حركة السلام العالمية وبالاخص عناصر حركة مكافحة النزعة العسكرية. وقرار لدعم اليونسكو في جهودها الرامية إلى خلق ثقافة السلام من خلال توظيف إمكانات قطاعات التعليم والثقافة والرياضة.
واصدر المؤتمر قراراً للتضامن مع نضال الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة. وشدد الحزب على تضامنه مع كل من الفلسطينيين وقوى السلام واليسار التقدمي في إسرائيل، التي تناضل أيضا من أجل وضع حد للصراع وإقامة فلسطين حرة مستقلة. وقرار آخر للتضامن مع شعب الصحراء الغربية لنيل حقوقه.
وكان المندوبون قد انتخبوا في نهاية اليوم الثاني للمؤتمر رئاسة حزب اليسار الأوربي الجديدة. ولم يرشح بيير لوران نفسه لمنصب الرئيس لأن النظام الداخلي لا يسمح بأكثر من دورتين انتخابيتين متتاليتين (6 سنوات)، بل رشح لوران نفسه لموقع أحد نواب الرئيس الأربعة. وكان الثلاثة الآخرون هم: مايتي مولا (الحزب الشيوعي الأسباني) و بابلو فريرو (الحزب الشيوعي الإيطالي - اعادة التأسيس) ومارغريتا مليفا (حزب اليسار البلغاري). وانتخب المؤتمر غريغور غيزي رئيساً جديدا لحزب اليسار الأوربي، وهو شخصية يسارية ألمانية معروفة، كان يشغل موقع رئيس الكتلة البرلمانية لحزب اليسار الألماني. وكان اول رئيس مشارك لحزب اليسار الالماني بعد مؤتمر التأسيس في صيف 2007 .
وأقر المؤتمر برنامج عمل ونشاط ركز على: دعم الاحتجاجات ضد قمة مجموعة الـ20 في هامبورغ الألمانية في تموز 2017، وتعزيز العمل ضد عمليات الإتجار بالنساء، بتشكيل لجنة عمل خاصة بذلك، والتعاون مع كتلة اليسار في البرلمان الأوربي من اجل تطوير المطالب المتعلقة بقطاع التعليم والشبيبة. وحسم التصويت طريقة انتخاب الرئيس ونوابه التي جرت في المؤتمرين الثالث والرابع على أساس الترشيح الفردي، فقد تم في هذا المؤتمر الانتخاب على أساس القائمة الواحدة. وقد حصلت طريقة الانتخاب هذه على 49,7 في المائة، مقابل 47,6 في المائة ضدها، أي انها كانت موضع خلاف بين المندوبين. وبعد اجراء الانتخابات على أساس القائمة الواحدة، حصلت القائمة على 67,6 في المائة، مقابل 24,5 ضدها، وتحفظ 8 في المائة.
وفي كلمته امام المؤتمر شكررئيس الحزب الجديد سلفه، بيير لوران، للجهود الجيدة التي بذلها، والتي بامكانه الاستمرار على اساسها. وتناول الملفات التي يجب تعزيز موقف حزب اليسار الأوربي بشأنها، مثل عسكرة اوربا، الأزمة البيئية، وطبعا التحديات المرتبطة بكارثة الظلم الاجتماعي والمساواة، والعمل على كسب اعضاء جدد (احزاب) للعمل في حزب اليسار الأوربي. وفي آخر ايام المؤتمر اقر المندوبون الاسماء المقترحة لعضوية اللجنة التنفيذية للحزب، وكذلك انتخاب برغيتا بيرثاوزوز من حزب العمل السويسري مسؤولة لمالية الحزب. وأقر المؤتمر عضوية الأحزاب الجديدة التي انتمت اليه وهي "اوربا اخرى" (ايطاليا) و "حركة التغيير" (النمسا) ،"وحدة اليسار" (بريطانيا)، "سوية" (فرنسا)، "اليسار المتحد" (سلوفينيا). وبهذا يبلغ مجموع الأحزاب المنضوية داخل الحزب بصفة عضو او مراقب 40 حزبا.
وفي الساعات التي سبقت افتتاح أعمال المؤتمر، عقد اجتماع شبكة نساء حزب اليسار الأوربي، افتتحته النائبة توغبا هيستر بكلمة تحية ضمنتها نداءً عاجلاً للتضامن مع حزب الشعوب الديمقراطي في تركيا. وبعد فقرات فنية، بدأت مناقشة مادة الاجتماع التي تناولت كيف يمكن لناشطات الحركة النسوية طرح مواقفهن داخل أحزابهن والمجتمع مجددا، ارتباطا بتصاعد العنصرية وقضم المكتسبات الاجتماعية، وكذلك وجود فضاء سياسي – ثقافي يتطور لصالح حق النساء في تقرير حياتهن الشخصية، تزامنا مع تصاعد الكراهية والعنف ضدهن. والسؤال هو كيف تستطيع النساء خلق شبكة عالمية فاعلة؟
وقبل يومين من افتتاح المؤتمر ضيّفت برلين الاجتماع التنسيقي الأول بين ممثلي منتدى ساو باولو لقوى اليسار في أمريكا اللاتينية، والذي يضم 104 حزبا ومنظمة، وممثلي حزب اليسار الأوربي. وقد ناقش الطرفان على مدى يومين آفاق سياسة اليسار في أوروبا وأمريكا اللاتينية، والصراع مع قوى اليمين واليمين المتطرف في كلا القارتين، فضلا عن ملف الهجرة واللاجئين.
وفي الختام أنشد الحضور مع "فرقة عالم برلين" للاجئين، وبلغات مختلفة، النشيد الأممي. وبدت قاعة جلسات المؤتمر في هذه اللحظة وكأنها عالم مصغر.
محطات مهمة في مسيرة الحزب
تأسس حزب اليسار الأوربي في 8 ايار 2004 في روما، بمشاركة مندوبين من 15 حزبا شيوعيا ويساريا، ولم تكن كل الأطراف المشاركة في اللجنة التحضيرية قد اتخذت قرارا بالانضمام إلى الحزب. وكانت هناك منذ البداية اختلافات، بشأن تقييم تجربة الاشتراكية الفعلية السابقة في اوربا الشرقية، وبشأن مسألة العضوية الفردية. لكن الأحزاب الأساسية التي شاركت في التحضير كانت ماضية في عملية التأسيس، ومنها الحزب الشيوعي الايطالي – اعادة التأسيس، والحزب الشيوعي الفرنسي، وحزب الاشتراكية الديمقراطية (لاحقا اليسار الالماني) وغيرها.
وجاء في برنامج التأسيس: "نحن ملتزمون بقيم وتقاليد الاشتراكية والشيوعية والحركة العمالية، والحركة النسوية، وحركة الدفاع عن البيئة والتنمية المستدامة والسلام والتضامن العالمي، وحقوق الإنسان، وقيم الإنسانية ومعاداة الفاشية، والفكر التقدمي والليبرالي على الصعيدين الوطني والأممي".
وحول مهام الحزب نقرأ: "بالنسبة لنا تكمن مهام قوى اليسار السياسية في اوربا في المساهمة في إنتاج تحالف اجتماعي وسياسي واسع لإحداث تغيير سياسي جذري عن طريق تطويرنا بدائل ومقترحات ملموسة لتحويل المجتمعات الرأسمالية الحالية".
كانون الثاني 1999 : اتفاق 13 حزبا على النداء الخاص بانتخابات البرلمان الأوربي الذي تضمن تصورات هذه الأحزاب عن أوربا التي تسعى الى بنائها. وعلى إثر نتائج تلك الانتخابات ولدت مجموعة اليسار داخل البرلمان الأوربي.
آذار 2003: الاجتماع التشاوري في اليونان بهدف تنشيط عملية تأسيس حزب اليسار الأوربي. وجرى في العام نفسه استكمال الحوار حول الوثيقة الأساسية للحزب ونظامه الداخلي.
كانون الثاني 2004 : اجتماع برلين الذي أقر نداءً موجهاً الى الأحزاب اليسارية الأوربية الراغبة في تأسيس الحزب.
أيار 2004 : انعقاد المؤتمر التأسيسي للحزب في روما يومي الثامن والتاسع منه.
تشرين الأول 2005 : انعقاد المؤتمر الأول لحزب اليسار الاوربي في أثينا الذي أكد على ضرورة النضال المشترك مع القوى اليسارية الأخرى والاتحادات النقابية والمنظمات الاجتماعية من اجل أوربا يسودها السلام والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
تشرين الثاني 2007 : المؤتمر الثاني للحزب في براغ الذي اقر نداء براغ الداعي الى إحداث التغيير السياسي من اجل أوربا أخرى، على أساس أهداف الحزب المعلنة.
تشرين الثاني 2008 : انعقاد الكونغرس الانتخابي للحزب الذي أقر البرنامج الانتخابي للمشاركة في انتخابات البرلمان الأوربي التي جرت عام 2009.
حزيران 2009 : تشكيل كتلة اليسار الجديدة في البرلمان الاوربي.
كانون الأول 2010 : المؤتمر الثالث للحزب في باريس.
كانون الأول 2013 : المؤتمر الرابع للحزب في مدريد.
كانون الأول 2016 : المؤتمر الخامس والأخير في برلين.