تأثير السريانية على لغة القرآن


سامي الذيب
الحوار المتمدن - العدد: 5391 - 2017 / 1 / 3 - 12:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

كلمة القرآن ذاتها مأخوذة من السريانية قريانه، وتشير إلى القراءات التي تتم في الشعائر الدينية. وهناك حديث يقول بأن النبي محمد ذاته قرأ كلمة قرآن دون المدة (أو الهمزة قبل الألف)، مما يقربها من الكلمة السريانية قريانه.
.
وهناك شك بخصوص الأحرف التي تم بها كتابة النص الأصلي للقرآن: هل هي الأحرف العربية التي لم تكن كتابتها متطورة ومنتشرة في القرن السابع الميلادي، أم الأحرف السريانية التي كانت لغة الثقافة حينذاك؟
كما هناك شك في علاقة القرآن بالموقع الجغرافي الذي نعتقد انه جاء فيه. ففي منطقة مكة والمدينة لم يكن الخط العربي هو الخط المتداول، بل الخط اليمني (الخط المسند). فالخط العربي تم تطويره شمال الجزيرة العربية بين سوريا والعراق. أنظروا في هذا الخصوص خارطة مناطق كتابة اللغة العربية: https://goo.gl/AjIyMz
.
ويظهر تأثير الثقافة السريانية في كثير من كلمات القرآن، وخاصة في أسماء الأعلام المذكورة فيه، حيث فضل مؤلف أو مؤلفو القرآن اختيار الصيغة السريانية على الصيغة العبرية لهذه الأسماء مثل: سليمان، فرعون، إسحاق، إسماعيل، إسرائيل، يعقوب، نوح، زكريا، مريم، عيسى، كما في المصطلحات الدينية مثل: قرآن، كاهن، مسيح، قسيس، دين، سفرة، مثل، فرقان، طاغوت، رباني، قربان، قيامة، ملكوت، جنة، ملاك، روح القدس، نفس، وقر، آية، صلاة، صيام، كفر، ذبح، تجلي، سبح، قدس، حوب، طوبى، طوفان. وثمة كلمات كثيرة في القرآن تُظهر من خلال الإملاء التأثير السرياني مثل: حيوة (حياة)، صلوة (صلاة)، زكوة (زكاة)، مشكوة (مشكاة)، سموت (سموات)، الربوا (الربا). فهذه الكلمات ما زالت في القرآن وفقًا للإملاء السرياني، ولكن نقرأها ونرتلها بالعربية خلافًا لإملائها القرآني السرياني.
.
ويرى البعض أنه من الممكن قراءة القرآن قراءة سريانية اعتمادًا على المخطوطات القديمة التي ليس فيها نقط. فإضافة النقط إلى المصحف الحالي أخلَّت بمعناه وأحدثت لنا قرآنًا غير القرآن الأصلي. ويا حبذا لو أن أتباع هذه النظرية كتبوا لنا القرآن باللغة السريانية وترجموه لنا إلى العربية لمعرفة الفرق بين النص الأصلي الذي يتكلمون عنه والنص الحالي الذي بين أيدينا.
.
ويلاحظ هنا أن الأحرف السريانية تشبه الأحرف العربية فيما يخص ارتباطها ببعضها البعض، خلافًا للأحرف العبرية واليونانية واللاتينية التي تكتب كل حرف على حدة.
وطبعتي العربية للقرآن هي الوحيدة التي نشرت النص القوفي للقرآن دون نقط وحركات. وفيها يظهر بوضوح تأثير الكتابة السريانية
ارجعوا لها لكي تتمرنوا على قراءة المخطوطات القرآنية القديمة
ويمكنكم ان تبعثوها لمن تريدون.
طبعتي العربية للقرآن بالتسلسل التاريخي مجانا من موقعي http://goo.gl/OOyQRD وورقيا من امازون https://goo.gl/nKsJT4
.
ومن المفيد هنا ذكر ما جاء في مسند أحمد عن زيد بن ثابت الذي تعتبره المصادر الإسلامية من كتبة الوحي في زمن محمد والموكل بجمع القرآن بعد وفاته: «عن زيد بن ثابت قال لي رسول الله: تحسن السريانية إنها تأتيني كتب. قلت لا. قال: فتعلمها. فتعلمتها في سبعة عشر يومًا» . وفي حديث آخر ذكره الطبراني: «عن زيد بن ثابت، قال: قال رسول الله: إنه يأتيني كتب من الناس ولا أحب أن يقرأها كل أحد، فهل تستطيع أن تتعلم كتاب السريانية؟ قلت: نعم، فتعلمتها في سبع عشرة». ومن الصعب تصور تعلم لغة في هذا العدد القليل من الأيام رغم أنها قريبة للعربية. فقد يكون معنى هذا الحديث أن زيدًا بن ثابت كان يتكلم السريانية فتعلم كتابتها. ومن هنا يأتي الاحتمال أن النص الأصلي للقرآن قد كتب بما يعرف بالكرشوني وهي الكتابة العربية بالحروف السريانية، وهذه الكتابة اشتهرت في القرن السابع الميلادي في كتابة المخطوطات العربية. ولم تكن اللغة العربية اللغة الوحيدة التي استعمل فيها هذا الخط. فهناك كتابات كرشونية بالتركية والمالايامية (إحدى لغات جنوب الهند) والفارسية والأرمنية والكردية.
.
وبما أن اللغة السريانية لا تتضمن إلا 22 حرفًا مقابل 28 حرفًا للغة العربية، فبعض الأحرف السريانية كانت تشير إلى أكثر من حرف عربي. وقد يكون هذا مصدر القراءات المختلفة عندما تم تطوير الكتابة العربية ونقل النص القرآني من الخط السرياني إلى الخط العربي. والمطلع على الكتابة السريانية ومخطوطات القرآن القديمة يجد تقاربًا كبيرًا بينهما. ويمكن القول إن فهم القرآن بصورة صحيحة يتطلب معرفة اللغة السريانية، فقد دخلت على النص القرآني الحالي تغييرات في مرحلة النقل أدت إلى أخطاء ما زالت موجودة فيه، وكان يمكن تلافيها لو أن نساخ القرآن كانوا يجيدون اللغة السريانية. ولو أن رجال الدين المسلمين اعترفوا بمثل هذه الأخطاء لتم تصحيحها في النص الحالي بدلًا من اللجوء إلى حيل المفسرين القدامى للخروج من المأزق الذي وقعوا فيه أمام نص نُسِخ خطأً. وسوف نشير إلى تلك الأخطاء في مكانها.
.
ويرى ليكسنبيرج بأن أكثر من ربع القرآن ما زال مبهما رغم جهود الكثيرين في توضيح معانيه ، ويرى ضرورة إعادة قراءة القرآن بصورة جذرية على ضوء اللغة السريانية كما فعل في كتابه.
وقد اتبع نفس المنهج جابرييل صوما
ونشير هنا إلى كتابيهما بالإنكليزية لمن يهمه الأمر
Luxenberg, Christoph: The Syro-Aramaic Reading of the Koran, a contribution to the decoding of the language of the Koran, Verlag Hans Schiler, Berlin, 2007.
Sawma, Gabriel: The Qur an: Misinterpreted, Mistranslated, and Misread, The Aramaic Language of the Qur an, Plainsboro NJ, third re-print-, 2009.
.
النبي د. سامي الذيب
مدير مركز القانون العربي والإسلامي http://www.sami-aldeeb.com
طبعتي العربية للقرآن بالتسلسل التاريخي مجانا من موقعي http://goo.gl/OOyQRD وورقيا من امازون https://goo.gl/nKsJT4
ترجمتي الفرنسية من امازون https://goo.gl/wIXhhN
الترجمتي الإنكليزية من امازون https://goo.gl/wQ6Twq
كتبي الاخرى بعدة لغات في http://goo.gl/cE1LSC
يمكنكم التبرع لدعم ابحاثي https://www.paypal.me/aldeeb