النواب الشيعة في البرلمان العراقي يشرعون قانونا لتشديد الصراعات الطائفية


بهاءالدين نوري
الحوار المتمدن - العدد: 5361 - 2016 / 12 / 4 - 23:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     


شرع النواب الشيعة باغلبية الاصوات في البرلمان العراقي مؤخرا قانونا ينص على ضم ميليشيا الحشد الشعبي ، وهي الميليشيا الطائفية من اساسها ، الى قوام الجيش العراقي ، كجزء منه . فهل ينسجم ذلك مع مصالح العراق شعبا و حكومة ؟ وهل يعزز هذا الاجراء الجيش كمؤسسة عراقية وطنية ؟ ام يجلب المزيد من التعقيدات و المتاعب الى هذه البلاد المليئة بالمشاكل ؟
للاجابة على هذه الاسئلة ينبغي أولان يعرف الجميع ان هذه الميليشيات التي تكون منها الحشد الشعبي هي شكلت كميليشيات طائفية تابعة للاحزاب الطائفية الشيعية . ولم يخف مسؤولوها هذه الحقيقة . واذا وجد أيام حكم صدام مايبرر تأسيس فيلق بدر ( وهي اسست من قبل طهران و الحقت بالمجلس الاعلى بزعامة الشهيد باقر الحكيم في ثمانيات القرن الماضي ) فان سقوط نظام صدام في 2003 خلق وضعا جديدا استوجب الاعتماد على القوات النظامية – الجيش و الشرطة – تابعة للسلطة ، واصبحت الميليشيات كلها عبئا على الشعب و عائقا أمام استتباب الأمن و بناء الديمقراطية ، بل غدت ادوات في أيدي تلك الاحزاب للصراعات الحزبية اللامشروعة من اجل فرض السيطرة هنا و هناك و جمع المال بصورة لا قانونية ، وبالتالي لأثارة قتال طائفي مدمر فجرت فيه المساجد و الحسينيات و قتل خلاله مئات العراقيين الأبرياء من السنة و الشيعة ، وهم يصلون أثناء التفجير ، و اطفال يسيرون في الاسواق أو يجلسون في المطاعم .
يضاف الى ذلك انه لاتعقل و لامنطق في ضم هذا العدد الكبير من الميليشيا الى الجيش النظامي دفعة واحدة . وكان على النواب ان يسموا الاجراء بقانون ضم جيش العراقي الى ميليشيا الحشد الشعبي ، لأن عدد أفراد تلك الميليشيات يزيد كثيرا عن عدد افراد الجيش . و يعرف مشرعو القانون هذه الحقبقة ، لكنهم انطلقوا من النزعة الطائفية المثيرة للخلافات و الصراعات . وقد صرح البعض من مشرعي القانون علنا بأنهم يريدون تكوين قوات مسلحة على الطراز الايراني ، اي تكوين الحرس الثوري بدل الجيش النظامي التقليدي ، جاهلين أو متجاهلين أن ظروف العراق تختلف عن ظروف ايران و ان ما امكن تمريره هناك يتعذر تمريره هنا بسبب تركيبة المجتمع العراقي و تأثيرات الدول المحيطة بالعراق و الدول العربية الحساسة تجاه الصراعات الشيعية – السنية .
ومن الناحية العلمية – التكتيكية لامبرر لهذا التشريع ، الذي يضر و لاينفع ، لان ضم هذا العدد الكبير من الميليشيا المتربية بعقيلة مناقضة لعقلية الضبط العسكري و الخضوع للقوانين الى صفوف الجيش النظامي انما يؤدي الى هبوط المستوى التكنيكي لذلك الجيش و تقلص كفاءاته القتالية .
ان من يعود الى الايام التي احتلت فيها عصابات الدواعش المناطق العربية السنية في العراق ، واخرها و اهمها مدينة الموصل ، يتذكر أن رئيس الوزراء السابق الطائفي المتشدد نوري المالكي هو الذي أتى بـ " بدعة " جمع الميليشيات الطائفية في كتلة اطلق عليها اسم " الحشد الشعبي " ، بعد أن انهار جيشه المكون من فلول جيش صدام ، الذي انهار دون اي قتال امام ظهور الارهابيين المسلحين . وكان على البرلمان العراقي أن يقوم بمحاسبة المالكي ، الذي جلب الكوارث على العراق بتوجهاته الطائفية و بفساده المالي القياسي و نزعاته الفردية الدكتاتورية ، مما حمل التحالف الوطني الشيعي على ان يزيحه لإنقاذ العراق من مخاطر اكبر . لكن ذوي النزعة الطائفية في البرلمان ، من ورثة المالكي ، صبوا البنزين على نيران الصراع الطائفي بقرارهم ضم الحشد الشعبي الى الجيش .
وكان على رئيس الحكومة حيدر العبادي ، بصفته مسؤولا عن حماية وحدة العراق وعن التصدي لمن يشدد الصراعات الطائفية ، الوقوف علنا و بقوة ضد هذا العمل البرلماني المثير للفتن و النزاعات الطائفية . ولايزال على العبادي أن يعلن موقفه المعارض للقانون الطائفي و أن يقدم الى البرلمان دون تأخير مشروع قانون يتضمن تحويل العراق الى دولة فيدرالية و اقامة فيدرالية مكونة من محافظات نينوى و الانبار و صلاح الدين .
ويقال ان هناك بعض النواب الاكراد و السنة العرب الذين صوتوا لهذا القانون الطائفي . واذا كان ذلك صحيحا فان من المطلوب ان تنشر اسماء هؤلاء النواب ليتعرف عليهم ناخبوهم .