قحطانيات13: عبد الله مطلق القحطاني


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 5350 - 2016 / 11 / 23 - 20:55
المحور: الادب والفن     

اللقطة الأولى
"إلى وقت قريب كنت أعتقد جازما أن مشكلتنا ليست في الإسلام كدين يجمع بينه وبين الدنيا كما يقال ، وكمعتقد ، وكشريعة إسلامية حدود وقصاص وقطع أطراف ورجم بالحجارة وقتل المفارق للجماعة والمرتد تطبق من بشر ، فيصيبون في التطبيق أو يخطئون !! ، بمعنى أنني كنت أرى وأعتقد أن المشكلة محصورة في سوء التطبيق عن قصد أو غير قصد ، وفي التوظيف والاستغلال للإسلام بمجمله كدين ، أو توظيف كثير من نصوصه وتشريعاته".

اللقطة الثانية
"هكذا كنت أرى مشكلة الإسلام ، وبأن الخلل ليس في أصل الإسلام قدر ما هو استغلال أو توظيف أو سوء فهم واستنباط فتخبط ثم سوء تطبيق ، ولن استرسل في بواعث وعلل مثل ذاك الاعتقاد الخاطئ بنظرتي تجاه الإسلام نفسه ، ربما بواعث نفسية داخلية لدين ومعتقد ولدت فيه ، وورثته عن الآباء والأجداد ، أو ربما عصبية وحمية للدين والمذهب ، خاصة وأنني بدوي قح ممن يعظمون ويقدسون تقاليدهم القبلية وعاداتهم البدوية أشد من موروثاتهم الإسلامية في كثير من الأحيان ، أو ربما الخوف من قول الحقيقة فيعقبه اعتقال وتنكيل ، أو تعرض لأذى من أي نوع كان ، أو ربما خشية انقطاع إعانة معاق مالية تافهة وزهيدة وحرمان علاج ودواء مجاني ، لا أعرف ربما أحد هذه ، أو ربما هي كلها مجتمعة ، ربما ، لا يمكنني الجزم بذلك البتة ، ما يعنيني هو ذاك الاعتقاد الخاطئ بأن مشكلتنا ليست في الإسلام نفسه ، بل في الاستغلال والتوظيف وسوء التطبيق".

اللقطة الثالثة
"إلا أنه مع إعادة التفكر بعمق والتأمل بروية ، ورؤية الأمر بمنظور الرجل الذي تجاوز الأربعين من عمره بسنوات ، وبعقل شخص عاش ولا زال يعيش واقع إسلامه في معقل ومهبط الوحي وموطن رسالة الإسلام ، وبالقرب من مكة المكرمة حيث بدأت رسالة الإسلام ودعوة النبي الكريم محمد ، وأيضا المدينة المنورة حيث دولة الإسلام الأولى تبعد عني أقل من ثلاث ساعات بالسيارة ، فكان علي أن أعيد النظر والتأمل ، واجمع بين الماضي والحاضر لأخرج برؤية وفكرة بل وقناعة شخصية مفادها أن مشكلتنا ليست في الشخوص قدر ما هي في النصوص ، بمعنى مع الإقرار بالاستغلال والتوظيف وسوء التطبيق إلا أن السبب الرئيس لما سلف هو النصوص ذاتها والتي أجازت هي ابتداءً مثل هذه وأكثر ، وأنها تحمل على أوجه كثيرة !!".

اللقطة الرابعة
"وأن كثيرا من النصوص الإسلامية نفسها والتشريعات كذلك والحدود الإسلامية أيضا لا يمكن لها أن تساير العصر وتتواكب وواقع معاش العالم المتحضر اليوم ، بل وان شريعة حقوق الإنسان تفوقت على الشريعة الإسلامية لمراعاة الأولى جوانب إنسانية خلت منها الشريعة الإسلامية ، لا سيما في باب العقوبات وتشريعات القوانين الخاصة بالجرائم بمختلف أنواعها وقسميها الجنائية أو الجنح على حد سواء ، بل وأنه من السذاجة بمكان أن نخلط بين مفهوم التكليف وكرامة وحقوق الإنسان ، فالحقوق في الإسلام في الواقع تكاليف وأوامر تعبدية بصورة تكريم ظاهري لا جوهر ، والحقوق حتى ما نعتقد منها أنها تكريم هو في واقع الحال استعباد وعبودية وإن أخذ صفة التعبد !! ، ولذا لم نجد دولة إسلامية واحدة قد نجحت في أي أمر واحد بالاتكال الكامل على ما ورد بشأنه من نصوص أو تشريعات إسلامية بحتة ، ولعل السعودية نفسها أوضح مثال وبكل ما يخطر على العقل والبال !!! ولن أفصل في الأخيرة للعلة المعروفة !!!!!".

بنية اللقطة
مثلما رأينا، قسمنا المقالة "الإسلام فشل في مواكبة العصر والسعودية نموذجًا" إلى أربع لقطات، وكل لقطة تُقْعِدُ من الهمة، تحت معنى الحماس، وتُقِيمُ الحجة، تحت معنى الاحتجاج، لتصل إلى حكم يتوقف على حكم. في اللقطة الأولى الحماس: الإسلام كدين وكمعتقد وكشريعة، الاحتجاج: التوظيف والاستغلال، الحكم: سوء التطبيق. في اللقطة الثانية الحماس: التعظيم والتقديس والعصبية والحمية، الاحتجاج: الخوف من قول الحقيقة والتعرض للأذى، الحكم: اعتقاد خاطئ بأن المشكلة ليست في الإسلام. في اللقطة الثالثة الحماس: إعادة النظر والتأمل والجمع بين الماضي والحاضر، الاحتجاج: المشكلة في الشخوص لا في النصوص، الحكم: الإقرار بالاستغلال والتوظيف وسوء التطبيق. في اللقطة الرابعة الحماس: تفوق شريعة حقوق الإنسان على الشريعة الإسلامية، الاحتجاج: جوانب إنسانية في شريعة حقوق الإنسان خلت منها الشريعة الإسلامية، الحكم: فشل الدول الإسلامية، السعودية أوضح مثال.

بنية الحكم
لبنية الحكم وظيفة المتكلم (القحطاني)، وهي وظيفة تَرَابُط بين الأحكام: سوء التطبيق في اللقطة الأولى أدى إلى الاعتقاد الخاطئ بأن المشكلة ليست في الإسلام في اللقطة الثانية، وفي اللقطة الثالثة الإقرار بالاستغلال والتوظيف وسوء التطبيق، ثم فشل الدول الإسلامية وفشل السعودية في اللقطة الرابعة. هناك اطراد في الأحكام، كل حكم يتوقف على الآخر، وكل حكم يدفع الآخر، يدفع ويدعم الآخر، لهذا لا يُلقي المتكلم كلامه جزافًا، فَهَمُّ المتكلم أن يطرح قضية بت فيها، قضية فَشَلِ الإسلام والسعودية في مواكبة العصر، وليس قضية سَيَبُتُّ فيها. وهو بذلك لا يتفرع بالسرد إلى متاهات بعيدة عن الواقع، سرده هو واقعه، ولقطته هي مداه.

تصنيف اللقطات
قام المتكلم (القحطاني) بتصنيف اللقطات، لغاية واضحة، ألا وهي إيقاف البحث في الأمر، ففشل الإسلام والسعودية، أو الإسلام في السعودية، بالنسبة له، أمر مفروغ منه، وتصنيفه حقوقيًا يعني الحفظ بلا تحقيق، وكلاميًا اللعب بالكلمات. الحماس، والاحتجاج، والحكم، كل منها عبارة عن كلمة دالة، كحماس، كاحتجاج، كحكم، باستقلال عن دلالاتها السياسية، مما يحرر مدلولاتها من معانيها المستهلكة التي تمتلئ بها المواقع والجرائد والأفواه. ولكن رجوعًا، في النص القحطاني، تتجدد سياسيًا، لأن اللقطة لديه لا تهبط إلى مستوى الابتذال الذي عودتنا عليه المقالات المستهلكة، التكرار، أو ذات الأحكام الباطلة.

يتبع قحطانيات14