البضاعة اللاراسمالية والبضاعة الراسمالية٢


حسقيل قوجمان
الحوار المتمدن - العدد: 5332 - 2016 / 11 / 3 - 13:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

البضاعة اللاراسمالية والبضاعة الراسمالية٢
حين ارسلت المقال الاخير لم يكن في نيتي ان اكتب حلقة ثانية في الموضوع لان اغلب الكلام الذي جاء في المقال كان من كلام كارل ماركس المقتبس من كتاب الراسمال وليس كلام حسقيل. اقتبسته من كارل ماركس لابرهن على صحة ما جاء في مقالات سابقة كانت عرضة للتعليق والانتقاد. ولكن التعليقات جاءت رغم ذلك لتدل على ان بعض القراء لا يفهم ما يقرا. وقد برهنت سابقا على ان فاخر فاخر هو احد هؤلاء القراء الذين لا يفهمون ما يقرأون باقتباسات من عباراته. وقد انهيت حواري مع فاخر فاخر لاني شعرت بان لا فائدة ترجى من استمرار حوارنا اذ لا توجد امكانية التوصل من مواصلة الحوار الى نتائج ايجابية.
يقول فاخر فاخر "ثمة فكرة مركزية في التحليل الماركسي للإقتصاد الرأسمالي لا يدركها السيد حسقيل قوجمان
الفكرة المركزية تتمثل في أن جميع البضائع في السوق تشترك في وحدة قياس واحدة وهي وحدة ساعة/عمل."
اقتبست في المقال فقرة من كتاب الراسمال حول هذا الموضوع يعرف ماركس فيها البضاعة بان البضاعة هي "شيء خارجي". هي شيء يعني انها مادة، جزء من الطبيعة، موضع عمل الانسان المنتج. وخارجية تعني ان الانتاج لا يرتبط بجسم المنتج بل هو خارجه. ويبين ماركس ان هدف المنتج هو انتاج القيمة الاستعمالية. وان القيمة الاستعمالية التي ينتجها هي اما سلعة للاستعمال المباشر تستهلك فور انتاجها، "للمعدة"، حسب قول ماركس او انها قيمة استعمالية تكون اداة انتاج لبضائع اخرى. اذا اخذنا انتاج القمح على سبيل المثال لتفسير ذلك. فاذا اشترينا الخبز من الخباز مباشرة لاكله فهو قيمة استعمالية للاستهلاك المباشر كغذاء. اما اذا اخذنا عملية انتاج القمح بكافة مراحلها فهي في المرحلة الاولى عملية زراعة القمح. ان زراعة القمح هي انتاج قيمة استعمالية تكون اداة انتاج لسلعة اخرى، زراعة القمح عمل يبذله الفلاح لانتاج القمح ووقت (ساعة) العمل الذي تستغرقه حراثة الارض هي القيمة التبادلية للقمح المنتج. والقمح هو اداة انتاج لسلعة اخرى هي الطحين. وقيمة القمح التبادلية تنتقل اثناء انتاج الطحين الى الطحين تلقائيا اثناء انتاج سلعة الطحين الاستعمالية. فالطحين يتضمن قيمة القمح وقيمة الطحين. والطحين هو اداة انتاج لسلعة اخرى هي العجين. وفيمة القمح والطحين التبادلية تنتقل الى العجين تلقائيا اثناء انتاج القيمة الاستعمالية للعجين. والعجين هو اداة انتاج لسلعة اخرى هي الخبز وقيم السلع السابقة كلها تنتقل الى الخبز تلقائيا اثناء انتاج القيمة الاستعمالية للخبز.
ان هدف منتج السلعة هو انتاج القيمة الاستعمالية. والقيمة الاستعمالية موجودة في جسم المادة ولا تنفصل عنه. والمنتج لا يهدف ولا يخطط ولا يريد ان ينتج القيمة التبادلية للسلعة. ولكنه حين ينتج القيمة الاستعمالية بالعمل يبذل بعض الوقت ( يقاس بالساعة). وهذا الوقت هو الذي يشكل قيمة السلعة التبادلية ك"ساعات عمل". القيمة التبادلية للسلعة لا تضم ولو ذرة واحدة من القيمة الاستعمالية للسلعة. ولكن هذا الوقت الذي يبذله المنتج عند انتاج القيمة الاستعمالية يشكل القيمة التبادلية للسلعة بدون علم او ارادة المنتج. وهذا الوقت لا يشكل الوقت الحقيقي الذي بذله المنتج بل يقاس هذا الوقت بالوقت الضروري اجتماعيا لانتاج السلعة التي يجري انتاجها . وهذا هو الذي يمكن تسميته عمل ساعة. وبعد ان من المفروض ان فاخر قرا ذلك توصل الى ان "كارل ماركس" لا يدركه. اقول كارل ماركس لان كل كلمة قراها فاخر فاخر كتبها ماركس ولم يكتب حسقيل ولو كلمة واحدة منها. الا ان فاخر فاخر لا يجد فيها ما يعني ان البضاعة هي عمل ساعة. والمعلق والمنتقد حسب الاصول يعلق وينتقد عادة كاتب المادة التي ينتقدها وليس ابن عمه. الا ان فاخر فاخر طبعا لا يتجرأ ان يقول ذلك صراحة فيجد كبش الفداء المسكين حسقيل قوجمان. هل فهم فاخر شيئا مما قرأ؟
يقول فاخر "المنتوجات التي كان ينتجها المهنيون في عصور العبودية والاقطاع لم تكن بضاعة ليس هناك ما هو مشترك بين مختلف المنتوجات حبث قيمة العمل لا تحدد قيمة المنتج إذ ليس هناك سوق عمل"
بين ماركس ان ثمة انتاج لا يصبح سلعة، واورد يلاثة امثلة على ذلك مثل الانتاج الذي يدفعه القن الى الاقطاعي او الذي يدفعه او يتبرعه الى السلطات الدينية او الانتاج الذي يستهلكه هو ذاته. ولكن كل انتاج يصبح سلعة اذا جرى تبادله مع منتج اخر سواء لقاء نقود او مباشرة بلا نقود. ان عمليتي البيع والشراء هما اللذان يميزان كل سلعة.
كان الانتاج كله في العهد العبودي ملكا لاسياد العبيد لان الانسان نفسه كان عبدا وسلعة ملكا لاسياد العبيد شانه شان الحصان غير انه حيوان ناطق. ولكن اذا كان الحداد حتى في المجتمع العبودي ينتج سيفا او نشابا ويبيعه الى المحاربين فهو سلعة بكل ما في الكلمة من معنى. حتى في المشاعية البدائية قبل المرحلة العبودية اصبح بعض المنتجين يحوزون على انتاج يزيد على ما يحتاجون الى استعماله فيبادلونه مع منتج اخر لقاء انتاج انسان اخر وهذا سلعة بمعنى الكلمة. وليس هناك سوق عمل ينزل اليه المنتجون ليتبادلوا سلعهم.
وتعليق اخر ينص "والغريب أن قوجمان يقول أن النظام الرأسمالي لا ينتهي إلا بثورة
طيب ثورة أكتوبر وين !!؟"
سؤال عجيب. ان ثورة اكتوبر برهان ساطع على ان الراسمالية لا يمكن القضاء عليها بدون ثورة. كانت ثورة اكتوبر اول واعظم ثورة بروليارية في تاريخ الانسانية. وهي حطمت الراسمالية وقضت على نظامها في الاتحاد السوفييتي. ولكن الاتحاد السوفييتي لم يكن يسود العالم كله. فالى جانب الاتحاد السوفييتي الاشتراكي كان عالم راسمالي امبريالي في ارجاء العالم خارج الاتحاد السوفييتي. ولكن الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي لم تعد قائمة بل زالت بعد وفات ستالين وان ازالة النظام الراسمالي الامبريالي في العالم وفي روسيا الحالية ما زالت تتطلب ثورة جديدة كثورة اكتوبر.
قدم لي فاخر فاخر نصيحة عظيمة " عزيزي قوجمان. الكتابة في الماركسية مسؤولية كبيرة وكبيرة جداً فأرجو أن تكون على قدر المسؤولية" وهذه نصيحة كبيرة وعظيمة وصحيحة بالنسبة لكل انسان بمن فيهم فاخر فاخر.
في تعليق اخر من معلق اخر غير فاخر فاخر جاءت العبارة التالية " يؤسفني جدا ان تغيب عنك حقائق ماثلة ومشاعة غير مكتومة فان تقول مثلا : -من المستحيل ان يعيش شعب يوما واحدا بدون انتاج جميع البضائع اللازمة لمعيشته ولاستمرار حياته ولادامة وجوده- و امريكا قائدة العالم تعرف عجزا مفضوحا و دائما منذ منتصف سبعينات القرن الماضي في الميزان التجاري و اقول الميزان التجاري و ليس ميزانية الدولة حتى لا تختلط الامور و هو ما يعني ان امريكا لا تنتج ما معيشة ووجود شعبها.|"
في هذا التعليق خلط مقصود او غير مقصود بين الشعب الاميركي والحكومة الاميركية. ان الحكومة الاميركية اكبر دولة مدينة في العالم وفي التاريخ. الا ان الشعب الاميركي هو ليس الحكومة الاميركية. فالحكومات الراسمالية لا تطعم شعوبها بل تستغلها. ثمة حكومة اميركية وشعب اميركي، وهناك حكومة بريطانية وشعب بريطاني، الى اخره. الشعب الاميركي شعب عليه ان ينتج ما يعيش عليه لكي يبقى على الحياة. وقد بين ماركس ان حتى صبغ القنادر بضاعة وعليه "من المستحيل ان يعيش شعب يوما واحدا بدون انتاج جميع البضائع اللازمة لمعيشته ولاستمرار حياته ولادامة وجوده. "
وفي تعليق اشار الى ان الراسمالية قد زالت في مؤتمر رامبويه بصورة اخرى وليس كما جاء عموما. ان تغير طريقة عقد مؤتمر رامبويه لا يغير القضية, فان تغير طريقة عقد المؤتمر لا تغير مبدأ ان الراسمالية لن تزول في اي مؤتمر وان زوال الراسمالية حاليا يتطلب ثورة جديدة كثورة اكتوبر.
"الرفيق قوجمان تناقض تلك الاقتباسات اعلاه من عمارة راسمال الشامخة وانت تقول بان البنكي هو راسمالي."
ان اهم تطورات النظام الراسمالي من الراسمالية الى الامبريالية هو تطور الراسمالية الصناعية الى راسمالية مالية. وفي كتاب "تكتيكان" للينين شرح عظيم لهذا التحول. ان البنوك اصبحت في الراسمالية الامبريالية قائدة وسيدة النظام الراسمالي. ففي النظام الامبريالي تسيطر البنوك على الشركات الراسمالية وتديرها. وهذا التغير هو ما يسمى في الاقتصاد السياسي تصدير الراسمال. فبدلا من سيطرة الراسمال الصناعي في البلدان الراسمالية اصبحت الدول الامبريالية تصدر راسمالها من اجل استغلال العالم كما نراه اليوم في سيطرة الولايات المتحدة اقتصاديا وعسكريا على العالم وتعتبر نفسها شرطي العالم.
نادر طالب في الاقتصاد
"سؤالي للأفاضل الكاتب والمعلقين
يقال أن تبادل الخدمات يتم دون أن تأخذ الخدمات منزلة الصنم
فهل البضاعة اللارأسمالية وفقاً للكاتب يتم تبادلها وقد أخذت منزلة الصنم"
ان البضائع كان يجري انتاجها تبادلها طوال تاريخ الانتاج البضاعي في المجتمع الاف او ملايين السنين بدون ان يجري ما تسميه صنمية. فما هي الحاجة الى الصنمية عند تبادل البضائع؟