دولة تقتل كادحا في حاوية الزبالة هي دولة فاشلة


التيتي الحبيب
الحوار المتمدن - العدد: 5327 - 2016 / 10 / 29 - 20:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

نشرت وسائل التواصل الاجتماعي (الإعلام الموازي) صورة الشاب محسن فكري بمدينة الحسيمة الذي طحنته البارحة حاوية الزبالة لما أراد مقاومة حجز بضاعته المكونة من بضعة صناديق سمك كانت هي مصدر عيشه وعائلته الكادحة. صورة اختزلت لوحدها مأساة كادحي شعبنا وعلى عرض جغرافية البلد.
لفظاعة الصورة فهي لا محالة تنزع الدمعة من عين كل من فيه ذرة شهامة. الصورة أكدت وبما لا يدع مجالا للشك، بأنهم أوصلوا الشعب إلى الهاوية. الصورة أكدت بأنهم يحتقرون الكادحين ولا ضير أن يرموا في المزابل مثل النفايات. بل أصبح كادحو شعبنا نفايات لا تستحق إلا التطهير حتى لا تخدش مشاعر برجوازيتنا الطفيلية وجميع اللصوص محترفي السياسة وخدام دولتها.
الشاب المطحون في الحاوية، هو ذلك الشاب الذي رفض أن يرمي بنفسه في البحر من اجل “الحريك” إلى أوروبا. هو الشاب الذي بقي يقاوم من اجل تأمين لقمة عيشه وعائلته. أنهم شباب يعدون بالملايين، وهم اليوم يمتهنون حرفا بسيطة تجدهم ضمن الفراشة وباقي المهن البسيطة يكدحون طيلة ساعات اليوم.
هم اليوم الذين تطاولت عليهم السلطات المحلية والمركزية، فطاردتهم وحجزت بضاعتهم البسيطة. هي نفس السلطة التي كانت أيام حركة 20 فبراير تغازلهم وتوسع لهم الفضاء العام ليعرضوا بضاعتهم لتضمن حيادهم وعدم انخراطهم في حركة 20 فبراير. هي نفسها التي وهبت لهم شارع ادريس الحارثي أو شارع الشجر بالبيضاء لكي يساعدوها على منع مسيرات حركة 20 فبراير. اليوم يعتقد المخزن بان البيجيدي استطاع قتل روح حركة 20 فبراير وان الوقت مناسب لاسترداد الفضاء العام ونشر هيبة الدولة كما دافع عنها الرميد وزير العدل في حكومة البيجيدي. وهي نفس المهمة التي سيوظف فيه البيجيدي وأعوانه في القادم من الأيام.
أنها فئة واسعة من الشباب، تطالب بالحق في الشغل وفي العيش الكريم. أنهم العشرات من الشابات والشباب الذين استشهدوا من اجل هذا الحق البسط. أنهم العشرات ممن سلكوا نهج البوعزيزي شهيد تونس.
في هذه اللحظة وجب الضرب على يد من تعسف على الشاب الحسيمي، ومحاسبة كل من له علاقة بهذه المأساة. في هذه اللحظة وجب فتح الفضاء العام إمام الشباب الباحث عن الشغل وبمشاركة هذه الفئات في تنظيم المرفق بما يليق بمدننا وقرانا. وهؤلاء الشباب يختزنون طاقات هائلة من الوعي بالتنظيم وبالانضباط وبمراعاة مصالح الغير، تكفي فقط الإرادة للانفتاح عليهم وإشراكهم في كل المبادرات. وما هذه في الحقيقة إلا مبادرات أولية ومؤقتة، وليست بديلة عن خلق فرص الشغل المنتج تحترم فيه كل الحقوق التي يناضل من اجلها شعبنا وقواه الحية.
إن الكتلة الطبقية السائدة بتماديها في نهب خيرات بلادنا، وبتسليط قمعها على جميع الكادحين أغلقت باب الأمل بل أوصدت حتى إمكانية الحلم بالغد الأحسن أنها أوصلت البلاد إلى الباب المسدود وهي تعطي الرسالة للكادحين كل الكادحين إنكم نفايات لا تستحقون إلا الرمي في المزابل. أنها إذا علامة أزمة مستفحلة حد الانفجار. إن دولة البرجوازية الطفيلية وكبار الملاكين العقاريين تحفر قبرها بيدها وهي اليوم عارية إمام الكادحين لا تستطيع إن تلبي مطالبهم؛ كلما تستطيع فعله هو استعراض مسرحياتها “البايخة” حول الانتخابات المهزلة وتنصيب حكومات اللصوص والانتهازيين. ليس في استطاعتها إلا تقديم مسكنات وتشغيل مرتزقة العمل السياسي لإطفاء الحريق المهول القادم وهي من توقد شرارته الأولى.