ملاحظات سريعة حول موقف بعض المتياسرين من مقاطعة انتخابات 7 أكتوبر


عبد الله الحريف
الحوار المتمدن - العدد: 5303 - 2016 / 10 / 3 - 10:31
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي     




بعض المتياسرين الثوريين جدا في الفاسبوك والعاجزين على بناء ولو أبسط تنظيم نقابي- فما بالك ببناء قوة سياسية- أعماهم حقدهم الدفين على النهج الديمقراطي إلى حد الافتراء عليه وطرح أفكار أقل ما يقال عنها أنها غريبة بل لا منطقية وعبثية( انظر مقال المسمى بيان).

لم نكن ننتظر منهم أن يتضامنوا مع النهج الديمقراطي وأن يدينوا التنكيل الذي يتعرض له مناضلوه خلال حملة المقاطعة. لكن أن يلتحقوا بجوقة من يهاجموا موقف النهج بمقاطعة الانتخابات من منطلقات تدعي، كذبا وبهتانا، الثورية، فذلك ما لم نكن نتصوره.

فهؤلاء، ولتبرير عجزهم عن القيام بحملة مقاطعة الانتخابات، لم يجدوا من أسلوب للدفاع عن تخلفهم عن التعبير في الشارع على موقف مقاطعة انتخابات 7 أكتوبر سوى الهجوم على الحملة التي يخوضها النهج الديمقراطي ويتحمل فيها تضحيات كبيرة.

فبالنسبة لهم، النهج الديمقراطي يشارك، بمقاطعته للانتخابات، في اللعبة السياسية.

غريب حقا هذا المنطق: فان ترفض وتناضل ضد الدستور اللاديمقراطي الممنوح وأن ترفض المهزلة الانتخابية جملة وتفصيلا وأن تعبأ كل أمكانياتك المتواضعة لمقاطعتها وتنزل إلى الشارع وتتحمل القمع والتضييق، فذلك بالنسبة لهؤلاء الثوريين مشاركة في اللعبة السياسية. أما موقفهم كمتفرجين، فهو الموقف الثوري الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

وبالنسبة لهم النهج الديمقراطي، لكونه حزبا قانونيا، هو جزء من اللعبة السياسية. وهم بذلك يتناسون أن النهج الديمقراطي انتزع الاعتراف القانوني بنضاله وتضامن القوى الديمقراطية معه ولم يتنازل على مبادئه ومواقفه الأساسية:

-موقفنا من القضية الصحراوية هو حق تقرير المصير للشعب الصحراوي.

-رفضنا لشعار الملكية البرلمانية ونضالنا من أجل تقرير الشعب المغربي لمصيره واختيار النظام الديمقراطي الذي يبتغيه

-نضالنا ضد الديمقراطية المخزنية والمؤسسات “الديمقراطية” الصورية والمزيفة

إن الرفاق يماثلون بشكل ميكانيكي بين القانونية والإصلاحية وبين السرية أو العلنية والثورية. والحال أن اختيار هذا الشكل أو ذاك مسألة تكتيكية وغير ثابتة ومرتبطة بالتحليل الملموس للظرف. فالتغيير هو من صنع الملايين والعمل العلني( الذي ربما يقوم به هؤلاء الرفاق) او العمل القانوني الذي انتزعناه، إذا توفر هامش من الحرية، يسمح بالارتباط بالجماهير أكثر من العمل السري. ونحن نعتقد أن، في الفترة الحالية، عملنا القانوني يخدم المهام المطروحة علينا. وهامش الحرية ليس معطى ثابتا بل هو ميدان للصراع بين القوى المناضلة، قولا وفعلا، وبين أجهزة النظام القمعية. والمناضلون الحقيقيون يسعون إلى توسيعه من خلال تواجدهم اليومي في الساحة وجرأتهم في مواجهة الآلة القمعية للنظام. ومناضلو ومناضلات النهج الديمقراطي لهم(ن) شرف التواجد في العديد من النضالات وتحمل التضحيات الناتجة عن ذلك.

كما يطرح هؤلاء الرفاق أن تنزيل موقف المقاطعة لا يكفي وأنه يحب القيام بعمل يومي نضالي مثابر وسط الجماهير الشعبية. ونحن نتفق معهم مئة في المئة. لكنهم بطرحهم ذاك يلمحون أننا لا نقوم بمثل هذا العمل. والحقيقة أننا نناضل وسط الجماهير الشعبية و لا ننتظر الحملة الانتخابية للالتحام بها. لكن نعترف أننا لا زلنا مقصرين في ذلك.

يطرح هؤلاء الرفاق أن النظام لم يلجأ إلى قمع بعض مسيرات المقاطعة ليظهر بوجه ديمقراطي وكأنهم يؤاخدون علينا ذلك. هذا الطرح يسقط لأن النظام يكشف عن حقيقته من خلال قمع مسيرات أخرى. ثم هل يجب تجنب القيام بحملة المقاطعة لكي لا نمكن النظام من تجميل وجهه القبيح؟ أم يجب أن ندخل في مواجهة مع البوليس لكي يقمعنا ويظهر النظام على حقيقته؟

إنه العبث والهذيان.