متلازمات الأزمة


حمدى عبد العزيز
الحوار المتمدن - العدد: 5298 - 2016 / 9 / 28 - 18:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     


في ظل الظروف التي نعيشها علي المستوي الداخلي بما نمر به من أزمات اقتصادية وغياب علاجها علي نحو يؤسس لاقتصاد إنتاجي حقيقي يرتكز علي قاعدة انتاجية قابلة للتوسيع والتحديث والتطوير لتكون ضامناً للتشغيل والحد من الإستيراد والإعتماد علي النقد الدولاري الذي يضرب القوة الشرائية ويعصف بأحوال من لايمتلكونه ، ومن لايتعاملون به من المصريين وهم أوسع شرائح المجتمع
وتفشي الفساد في الجهاز الإداري للدولة نتيجة عقود من هيمنة تحالف الرأسمالية المصرية الوضيعة الطفيلية الطابع والمنبثقة في غالبها علي أسس نهب المال العام والتهريب والأنشطة المشبوهة والمحسوبية
وعن تغلغل ثقافة هذا التحالف وقيمه الوضيعة داخل أجهزة الدولة المصرية وأجهزتها البيروقراطية والتنفيذية والسياسية وكذلك تفشي هذا الفساد في أعصاب المجتمع المصري المتمثلة في الإدارات المحلية التنفيذية وأطراف الهياكل الإدارية والفنية للدولة والتعاونيات ومعظم تجليات الدولة في الأقاليم والتقسيمات المحلية للمدن والوزارات والهيئات مماخلق قيم موازية لها امتدادتها في عمق البناء التحتي للمجتمع المصري تعمل في تضافر وتوافق مع الثقافة الدينية السلفية المعادية لقيم التحضر والإستنارة وهي قيم التفاخر بالملكية والفهلوة والنفوذ ومعرفة أصحاب النفوذ علي حساب قيم العلم والمعرفة والإجتهاد والعمل الشريف أياً كان وضعه والتنافس الشريف من أجل المصلحة العامة وتقييم شرف العمل علي أساس الأمانة في الأداء وليس علي أساس مايترتب عليه من نفوذ ووجاهة اجتماعية وإلي ماغير ذلك من القيم التي تشكل أساساً ثقافياً مرتباً علي الأساس الطبقي السالف الإشارة إليه لتفشي ظاهرة الفساد وتغولها وتغلغلها في المجتمع المصري

وفي ظل غياب العدالة الإجتماعية تأسيساً علي ذلك وكذلك علي انكماش دور الدولة في ضبط الأسواق ودعم وإتاحة الخدمات الإجتماعية والصحية والتعليمية وتحقيق المساواة في إتاحة خدمات البنية التحتية بين العواصم والمدن الإقليمية وبين ذلك وبين أطراف المدن والريف والتنوعات الجغرافية والبيئية المتنوعة

وكذلك في ظل أزمات مجتمعية شديدة تكمن مظاهرها في تغلغل الثقافات الوهابية والسلفية بتجلياتها في المجتمع الذي تعثرت فيه جهود التنوير وتراجعت ثقافة التعامل الإيجابي مع الحياة لصالح ثقافات الهزيمة الحضارية والعشوائية وانعدام الثقة في الذات وفي الآخر وهو ماينعكس علي سلوكيات العمل والإستهلاك والتعامل مع الممتلكات العامة والتعاطي مع البيئة المحيطة والشأن العام بسلوكيات تتسم باللا مبالاة تارة والسلبية تارة ثانية والفوضوية تارة ثالثةً وعدم احترام العام تارة أخري

في ظل كل هذه الأزمات ومظاهرها
إذا لم تتغير طبيعة الحياة السياسية بحيث تتسع شرايينها وتسمح بتدفق أوسع المشاركات المتنوعة من ساكني هذا الوطن وإذا لم تلعب الدولة دوراً في هذا باعتباره أضحي مصلحة قومية ملحة لمنح الدولة حيويتها وإمكانية تجددها وبقائها عصية علي الهشاشة والفشل وأخطار التفتت والضياع

بدلاً من أن تظل الآفاق الفكرية والسياسية علي أحوالها المتجمدة والمتصلبة والمنسدة الشرايين إلي درجة الموات

موت السياسة سيفاقم أزماتنا
وسيوقف البدائل والعلاجات عن الحضور
وسيؤخر مسيرة التنوير
التي تأخرت كثيراً لدرجة أننا قد لاندرك أننا عائمون علي آبار من ثقافات الجهل والتخلف والتطرف المخصبة لجذور الإرهاب والمميتة في نفس الوقت لقيم الإيجابية الوطنية والتحضر الإنساني

باختصار الأزمات الإقتصادية والمجتمعية مضافاً إليها تعثر التنوير وموت السياسة وانسداد أفق المشاركة الشعبية خطر كبير أيضاً يهدد الدولة المصرية من داخلها

حمدي عبدالعزيز
27 سبتمبر 2016